النمّام هو عدو خفيّ، يتسلّل بين المجالس بلسانٍ مزيّن وكلامٍ منمّق، لكنه في الحقيقة ينفث سمّاً قاتلاً يفسد القلوب ويمزّق الروابط. قد تراه يبتسم، لكنه يحمل في صدره نوايا سوداء، فلا يرضى أن يرى الودّ صافياً بين الناس، فيسعى بالكلمة الملتوية والحديث المبتور ليزرع الشك والبغضاء.
النميمة ليست مجرد خطأ عابر، بل هي جريمة أخلاقية تهدم المجتمعات بصمت. فكم من صديقين فرّق بينهما النمام وكم من رحمٍ تقطّع بسبب همسه الخبيث إن أثره لا يقف عند حدود الأفراد، بل يتعدّاهم ليصيب الأسر والعشائر بل وحتى الأمم، لأنه يغذي الكراهية ويقتل الثقة.
لقد لعن الله النمام في كتابه العزيز بقوله: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله أن النمّام لا يدخل الجنة، لأنه ينشر الفساد ولا يريد الإصلاح. فهو أسوأ من الساحر، لأن الساحر قد يفرّق بين اثنين، أما النمام فيفرّق بين الكثيرين بكلمة واحدة.
والحكيم منّا هو من يغلق أذنه عن سماع النمام، ويغلق لسانه عن ترديد ما يسمع، ويحفظ قلبه من فتنة الكلمة الزائفة. وإذا جاءه النمام بحديث، ردّه بالخير، وأطفأ شرّه بالصمت، فإن النميمة لا تعيش إلا إذا وجدت من يسمعها ويصدّقها.
فلنكن جميعاً دعاةً للخير، نحمل الكلمة الطيبة التي تجمع ولا تفرّق، وننشر الصدق الذي يبني ولا يهدم، ونحذر أن نكون أدوات بيد النمام، لأن مشاركته في نميمته تعني أننا صرنا شركاء في إثمه ووزره.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN