Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الجبر والتفويض: تحليل عقائدي وتوضيح الفهم الإسلامي الصحيح

منذ 8 شهور
في 2025/03/21م
عدد المشاهدات :1967
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، محمد وآله الطاهرين. إن العقيدة هي الأساس الذي يُبنى عليه إيمان الإنسان وسلوكه، فهي التي تحدد نظرته إلى نفسه، وإلى خالقه، وإلى دوره في الحياة. ومن القضايا التي أثارت جدلًا فكريًا وعقائديًا عبر التاريخ الإسلامي( قضية الجبر والتفويض) ، حيث انقسمت الفرق بين من يرى أن الإنسان جبورٌ على أفعاله، وبين من يعتقد أن الله فوض إليه أمره بالكامل. وبين هذين الاتجاهين المنحرفين، جاء منهج أهل البيت (عليهم السلام) ليؤكد على المبدأ الصحيح: "لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين". هذا البحث يتناول حقيقة هذين المبدأين، ويبين خطورة الفكر الجبري الذي يسلب الإنسان مسؤوليته، ويبرر الظلم والانحراف، وكذلك انحراف الفكر التفويضي الذي يجعل الإنسان مستقلًا عن ربه، مما ينافي التوحيد والعدل الإلهي. كما نسلط الضوء على التفسير الصحيح الذي قدمه أهل البيت (عليهم السلام)، والذي يعزز دور الإنسان في تحقيق الغاية من وجوده، وبناء المجتمع وفق المبادئ الإلهية.جاء في الروايات الشريفة عن أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الغلاة والمفوضة فقال: الغلاة كفار والمفوضة مشركون من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج إليهم (بمعنى أو تزوج منهم) أو أمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وولايتنا أهل البيت.( بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٥ - الصفحة ٣٢٨). في رواية القائم المنتظر (عليه السلام) للذي جاء يسأله عن المفوضة، قال عجل الله فرجه: كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء شئنا . هنا، انتقد الإمام المفوضة الذين يعتقدون أن الأئمة مفوض إليهم بشكل مستقل، دون الحاجة إلى مشيئة الله وإرادته. واستند الإمام إلى قوله: (إذا شاء شئنا). هذا مابينه أهل البيت عليهم السلام والإمام الحجه المنتظر عجل الله فرجه الشريف كما أشير الى إن الفكر المهدوي يتطلب فهمًا عميقًا لمسؤولية الإنسان في إصلاح نفسه ومجتمعه، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان الإنسان واعيًا بدوره الحقيقي، لا أسيرًا للجبر، ولا غافلًا بالتفويض، بل عاملًا ضمن (الأمر بين الأمرين) ، مستعينًا بالله، ومسؤولًا عن اختياراته. التفويض والجبر: مفهومهما والفرق التي تتبناهما أولًا: الجبر هو الاعتقاد بأن الإنسان مجبور على أفعاله، أي أنه لا يملك إرادة حرة، وأن كل أفعاله قد كتبها الله عليه مسبقًا دون أن يكون له أي دور في الاختيار. وفقًا لهذا المعتقد، فإن الإنسان ليس مسؤولًا عن أفعاله، سواء كانت خيرًا أو شرًا، لأنها من تقدير الله وحده. الفرق التي تؤمن بالجبر 1. (الفرقة الجبرية) : وهي التي ترى أن الإنسان لا يملك إرادة حقيقية، وأفعاله مفروضة عليه. 2. (الشاعرة) (بعضهم وليس كلهم): يقولون بالكسب، أي أن الفعل مخلوق لله، ولكن الإنسان "يكتسبه" فقط دون تأثير حقيقي منه. المؤسس الأساسي لهذا الفكر: يُنسب الفكر الجبري إلى (الجهم بن صفوان ) ، وهو الذي نشر أفكار الجبر ونفى قدرة الإنسان على الفعل، وقد تأثر به العديد من الفرق الكلامية لاحقًا. ثانيًا: التفويض التفويض هو الاعتقاد بأن الله خلق الإنسان وتركه دون أي تدخل في أفعاله، أي أن الإنسان هو من يخلق أفعاله بنفسه، وهو المسؤول المطلق عن كل ما يصدر منه، دون أي تقدير أو تدخل من الله. الفرق التي تؤمن بالتفويض 1. المعتزلة: قالوا إن الإنسان مستقل تمامًا عن الله في أفعاله، وإن الله لا يتدخل في أفعال العباد. 2. بعض طوائف القدرية: يؤمنون بأن الإنسان هو من يخلق أفعاله بنفسه، بلا تدخل إلهي. المؤسس الأساسي لهذا الفكر: يُنسب الفكر التفويضي إلى (معبد الجهني وغيلان الدمشقي) ، وهما من أوائل من قال بأن الإنسان هو خالق أفعاله تمامًا، بلا تقدير من الله. موقف الإسلام الحق من الجبر والتفويض الإسلام وفقًا لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)يرفض الجبر والتفويض، ويؤكد على الأمر بين الأمرين، أي أن الإنسان له إرادة حرة، لكنه في نفس الوقت يعيش ضمن إرادة الله وحكمته، فيكون مسؤولًا عن أفعاله، مع الاعتراف بأن الله قدّر الأمور لكنه لم يجبر أحدًا عليها. وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: "لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين" وهذا هو الميزان الحق الذي يحفظ عدل الله ومسؤولية الإنسان في آن واحد الخاتمة بعد استعراض مواقف الجبر والتفويض ومقارنتها بالمفهوم الصحيح الذي يقدمه أهل البيت (عليهم السلام)، يتضح لنا أن التفسير المهدوي لا يقتصر فقط على فهم فكرة الانتظار للإمام المهدي (عليه السلام)، بل يمتد ليشمل كيف أن الإنسان يجب أن يكون مسؤولًا عن أفعاله، وفي نفس الوقت يكون مستعينًا بالله في كل اختيار يقوم به. التفسير المهدوي كما يقدمه أهل البيت (عليهم السلام) لا يقبل الجبر الذي يلغي إرادة الإنسان، ولا التفويض الذي يترك الإنسان في حالة من الاستقلال التام عن إرادة الله. بل يشدد على التوازن بين حرية الإرادة الإنسانية واعتراف الإنسان بوجود إرادة إلهية محكمة وراء كل شيء، والتي يتعين عليه الخضوع لها في إطار من المسؤولية والتفكير العميق. إن المفهوم المهدوي يرى أن الإنسان ليس مجبرًا على أفعاله، وبالتالي فإنه مسؤولٌ عنها ولكنه في نفس الوقت ليس مستقلًا تماما عن الله، بل هو في إطار التفاعل المستمر مع إرادة الله. هذه التفاعل هو ما يصنع شخصية مهدوية صادقة ومتحملة للمسؤولية، يسعى دائمًا للإصلاح والعمل الصالح، ويعزز من دور الإنسان في بناء مجتمع يعكس القيم المهدوية في انتظار الفرج. وبناءً على هذا التفسير، نجد أن الشخصية المهدوية لا تكون سلبية أو مكتفية بالانتظار، بل هي شخصية فاعلة وواعية تسعى لتحسين الذات والمجتإن هذا المبدأ ليس مجرد طرح فكري، بل هو قاعدة أساسية لبناء الشخصية المهدوية التي تسعى للإصلاح الذاتي والاجتماعي. فالمؤمن الذي يدرك أنه ليس مجبرًا، ولكنه في ذات الوقت ليس متروكًا بلا هداية، سيكون قادرًا على تحمل مسؤوليته في بناء نفسه ومجتمعه، والاستعداد الفعلي لنصرة الإمام المهدي (عليه السلام). ومن هنا، فإن فهم العقيدة الصحيحة ليس مجرد مسألة نظرية، بل هو أساس للتحرك والعمل. فكما أن انتظار الفرج لا يكون بالجمود، كذلك لا يمكن بناء المجتمع المهدوي إلا بإدراك الإنسان لدوره الحقيقي، وسعيه المستمر نحو الكمال تحت مظلة الهداية الإلهيةمع وفقًا للمبادئ الإلهية. وإن الفهم الصحيح للمفاهيم مثل الجبر والتفويض هو خطوة أساسية في طريقنا نحو تحقيق الغاية المهدوية ، وهي أن نكون من الأنصار الحقيقيين للإمام المهدي (عليه السلام) حين يظهر. إن هذا المبدأ ليس مجرد طرح فكري، بل هو قاعدة أساسية لبناء الشخصية المهدوية التي تسعى للإصلاح الذاتي والاجتماعي. فالمؤمن الذي يدرك أنه ليس مجبرًا، ولكنه في ذات الوقت ليس متروكًا بلا هداية، سيكون قادرًا على تحمل مسؤوليته في بناء نفسه ومجتمعه، والاستعداد الفعلي. نسأل الله أن يجعلنا من الذين يساهمون في هذا الإصلاح، وأن يوفقنا للسير على هذا النهج المبارك.
خطوة إلى المهدي
الباحث الشيخ احمدالساعدي ١٦ /رمضان /١٤٤٦

اعضاء معجبون بهذا

الانقسام الاجتماعي في العراق من التناحر إلى الوحدة الإيمانية رؤية قرآنية
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
إن العراق، ذلك البلد المبارك الذي ازدان بضياء النهرين وتراث الأنبياء، ظلّ عبر تاريخه الحديث يعاني من آفة التناحر والانقسام، حتى كادت نيران الفرقة أن تلتهم أخضرَه ويابسَه. ولئن تعددت مظاهر هذا الانقسام بين حزبيةٍ طاغية، وعشائريةٍ متجذرة، وطائفيةٍ مميتة، فإن المنهج القرآني يظلّ المنار الوضاء الذي... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى.... المزيد
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...


منذ 1 اسبوع
2025/11/03
عندما نقرا تاريخ الكرة الاسيوية ونحدد فترة معينة يمكن من خلالها معرفة من هم كبار...
منذ 1 اسبوع
2025/11/02
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثالث والسبعون: عودة الميكانيكا البوهمية: لماذا...
منذ اسبوعين
2025/10/31
عندما نفكّر اليوم في القنبلة النووية تنبثق أمامنا صورة طاقة هائلة تُطلق في لحظات...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )