1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
الجبر والتفويض: تحليل عقائدي وتوضيح الفهم الإسلامي الصحيح
عدد المقالات : 44
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، محمد وآله الطاهرين. إن العقيدة هي الأساس الذي يُبنى عليه إيمان الإنسان وسلوكه، فهي التي تحدد نظرته إلى نفسه، وإلى خالقه، وإلى دوره في الحياة. ومن القضايا التي أثارت جدلًا فكريًا وعقائديًا عبر التاريخ الإسلامي( قضية الجبر والتفويض) ، حيث انقسمت الفرق بين من يرى أن الإنسان جبورٌ على أفعاله، وبين من يعتقد أن الله فوض إليه أمره بالكامل. وبين هذين الاتجاهين المنحرفين، جاء منهج أهل البيت (عليهم السلام) ليؤكد على المبدأ الصحيح: "لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين". هذا البحث يتناول حقيقة هذين المبدأين، ويبين خطورة الفكر الجبري الذي يسلب الإنسان مسؤوليته، ويبرر الظلم والانحراف، وكذلك انحراف الفكر التفويضي الذي يجعل الإنسان مستقلًا عن ربه، مما ينافي التوحيد والعدل الإلهي. كما نسلط الضوء على التفسير الصحيح الذي قدمه أهل البيت (عليهم السلام)، والذي يعزز دور الإنسان في تحقيق الغاية من وجوده، وبناء المجتمع وفق المبادئ الإلهية.جاء في الروايات الشريفة عن أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الغلاة والمفوضة فقال: الغلاة كفار والمفوضة مشركون من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج إليهم (بمعنى أو تزوج منهم) أو أمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وولايتنا أهل البيت.( بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٥ - الصفحة ٣٢٨). في رواية القائم المنتظر (عليه السلام) للذي جاء يسأله عن المفوضة، قال عجل الله فرجه: كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء شئنا . هنا، انتقد الإمام المفوضة الذين يعتقدون أن الأئمة مفوض إليهم بشكل مستقل، دون الحاجة إلى مشيئة الله وإرادته. واستند الإمام إلى قوله: (إذا شاء شئنا). هذا مابينه أهل البيت عليهم السلام والإمام الحجه المنتظر عجل الله فرجه الشريف كما أشير الى إن الفكر المهدوي يتطلب فهمًا عميقًا لمسؤولية الإنسان في إصلاح نفسه ومجتمعه، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان الإنسان واعيًا بدوره الحقيقي، لا أسيرًا للجبر، ولا غافلًا بالتفويض، بل عاملًا ضمن (الأمر بين الأمرين) ، مستعينًا بالله، ومسؤولًا عن اختياراته. التفويض والجبر: مفهومهما والفرق التي تتبناهما أولًا: الجبر هو الاعتقاد بأن الإنسان مجبور على أفعاله، أي أنه لا يملك إرادة حرة، وأن كل أفعاله قد كتبها الله عليه مسبقًا دون أن يكون له أي دور في الاختيار. وفقًا لهذا المعتقد، فإن الإنسان ليس مسؤولًا عن أفعاله، سواء كانت خيرًا أو شرًا، لأنها من تقدير الله وحده. الفرق التي تؤمن بالجبر 1. (الفرقة الجبرية) : وهي التي ترى أن الإنسان لا يملك إرادة حقيقية، وأفعاله مفروضة عليه. 2. (الشاعرة) (بعضهم وليس كلهم): يقولون بالكسب، أي أن الفعل مخلوق لله، ولكن الإنسان "يكتسبه" فقط دون تأثير حقيقي منه. المؤسس الأساسي لهذا الفكر: يُنسب الفكر الجبري إلى (الجهم بن صفوان ) ، وهو الذي نشر أفكار الجبر ونفى قدرة الإنسان على الفعل، وقد تأثر به العديد من الفرق الكلامية لاحقًا. ثانيًا: التفويض التفويض هو الاعتقاد بأن الله خلق الإنسان وتركه دون أي تدخل في أفعاله، أي أن الإنسان هو من يخلق أفعاله بنفسه، وهو المسؤول المطلق عن كل ما يصدر منه، دون أي تقدير أو تدخل من الله. الفرق التي تؤمن بالتفويض 1. المعتزلة: قالوا إن الإنسان مستقل تمامًا عن الله في أفعاله، وإن الله لا يتدخل في أفعال العباد. 2. بعض طوائف القدرية: يؤمنون بأن الإنسان هو من يخلق أفعاله بنفسه، بلا تدخل إلهي. المؤسس الأساسي لهذا الفكر: يُنسب الفكر التفويضي إلى (معبد الجهني وغيلان الدمشقي) ، وهما من أوائل من قال بأن الإنسان هو خالق أفعاله تمامًا، بلا تقدير من الله. موقف الإسلام الحق من الجبر والتفويض الإسلام وفقًا لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)يرفض الجبر والتفويض، ويؤكد على الأمر بين الأمرين، أي أن الإنسان له إرادة حرة، لكنه في نفس الوقت يعيش ضمن إرادة الله وحكمته، فيكون مسؤولًا عن أفعاله، مع الاعتراف بأن الله قدّر الأمور لكنه لم يجبر أحدًا عليها. وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: "لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين" وهذا هو الميزان الحق الذي يحفظ عدل الله ومسؤولية الإنسان في آن واحد الخاتمة بعد استعراض مواقف الجبر والتفويض ومقارنتها بالمفهوم الصحيح الذي يقدمه أهل البيت (عليهم السلام)، يتضح لنا أن التفسير المهدوي لا يقتصر فقط على فهم فكرة الانتظار للإمام المهدي (عليه السلام)، بل يمتد ليشمل كيف أن الإنسان يجب أن يكون مسؤولًا عن أفعاله، وفي نفس الوقت يكون مستعينًا بالله في كل اختيار يقوم به. التفسير المهدوي كما يقدمه أهل البيت (عليهم السلام) لا يقبل الجبر الذي يلغي إرادة الإنسان، ولا التفويض الذي يترك الإنسان في حالة من الاستقلال التام عن إرادة الله. بل يشدد على التوازن بين حرية الإرادة الإنسانية واعتراف الإنسان بوجود إرادة إلهية محكمة وراء كل شيء، والتي يتعين عليه الخضوع لها في إطار من المسؤولية والتفكير العميق. إن المفهوم المهدوي يرى أن الإنسان ليس مجبرًا على أفعاله، وبالتالي فإنه مسؤولٌ عنها ولكنه في نفس الوقت ليس مستقلًا تماما عن الله، بل هو في إطار التفاعل المستمر مع إرادة الله. هذه التفاعل هو ما يصنع شخصية مهدوية صادقة ومتحملة للمسؤولية، يسعى دائمًا للإصلاح والعمل الصالح، ويعزز من دور الإنسان في بناء مجتمع يعكس القيم المهدوية في انتظار الفرج. وبناءً على هذا التفسير، نجد أن الشخصية المهدوية لا تكون سلبية أو مكتفية بالانتظار، بل هي شخصية فاعلة وواعية تسعى لتحسين الذات والمجتإن هذا المبدأ ليس مجرد طرح فكري، بل هو قاعدة أساسية لبناء الشخصية المهدوية التي تسعى للإصلاح الذاتي والاجتماعي. فالمؤمن الذي يدرك أنه ليس مجبرًا، ولكنه في ذات الوقت ليس متروكًا بلا هداية، سيكون قادرًا على تحمل مسؤوليته في بناء نفسه ومجتمعه، والاستعداد الفعلي لنصرة الإمام المهدي (عليه السلام). ومن هنا، فإن فهم العقيدة الصحيحة ليس مجرد مسألة نظرية، بل هو أساس للتحرك والعمل. فكما أن انتظار الفرج لا يكون بالجمود، كذلك لا يمكن بناء المجتمع المهدوي إلا بإدراك الإنسان لدوره الحقيقي، وسعيه المستمر نحو الكمال تحت مظلة الهداية الإلهيةمع وفقًا للمبادئ الإلهية. وإن الفهم الصحيح للمفاهيم مثل الجبر والتفويض هو خطوة أساسية في طريقنا نحو تحقيق الغاية المهدوية ، وهي أن نكون من الأنصار الحقيقيين للإمام المهدي (عليه السلام) حين يظهر. إن هذا المبدأ ليس مجرد طرح فكري، بل هو قاعدة أساسية لبناء الشخصية المهدوية التي تسعى للإصلاح الذاتي والاجتماعي. فالمؤمن الذي يدرك أنه ليس مجبرًا، ولكنه في ذات الوقت ليس متروكًا بلا هداية، سيكون قادرًا على تحمل مسؤوليته في بناء نفسه ومجتمعه، والاستعداد الفعلي. نسأل الله أن يجعلنا من الذين يساهمون في هذا الإصلاح، وأن يوفقنا للسير على هذا النهج المبارك.
خطوة إلى المهدي
الباحث الشيخ احمدالساعدي ١٦ /رمضان /١٤٤٦
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 15 ساعة
2025/07/05م
حسن الهاشمي لكي نحافظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، ولكي نواكب التطوّر التكنلوجي في العالم الغربي، نحن بحاجة الى إيجاد صيغة متوازنة تُراعي المنهج العلمي الحديث الذي تعتمده الجامعات الغربية، مع الحفاظ على القيم والرؤية المعرفية الإسلامية، وأبرز محاور الموائمة: 1. في المناهج: الاستفادة من المنهج... المزيد
عدد المقالات : 331
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
الحُبُّ: نقيضُ البُغضِ والحُبُّ: الودادُ ،والمَحَبَّةُ اسمٌ للحبِّ،وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه. وَهُم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إليَّ هذا الشيء يحَبُّ حُبّاً، والحبُّ: الوِدادُ،والحَبِيبُ هو: المُحِبُّ(١) والحبُّ أيضا: هو ميلٌ قلبي إلی الإشخاص أو إلی... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
في زمنٍ أضحت فيه القراءة الطويلة ضرباً من الترف الفكري، وغدت الورقات المكدسة على رفوف المكتبات ذكرى يتنهد لها العشاق، يبرز "المرجع الإلكتروني للمعلوماتية" كواحةٍ للمعرفة، تجمع بين دقة الموسوعات العلمية وثراء المكتبات. لكن هذه الواحة ليست مجرد ملاذٍ للباحثين، بل ومن يبحث عن المعارف بدون جهد فيرى... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء العشرون: تأمل في دالة الموجة التي تعرف أكثر مما نعرفه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/7/2025 في مقالات سابقة، اعتدنا أن نعتبر أن الدالة الموجية تصف نظامًا معينًا (وفي الواقع، جسيمًا منفردًا). لنفترض الآن أن... المزيد
تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق لعام 2024 والربع الأول من 2025 أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي أن صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق خلال عام 2024 سجل عجزًا قدره 8 مليارات دولار أمريكي، نتيجة خروج صافي استثمارات أجنبية... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء التاسع عشر: حين لا تجيب الدالة الموجية عن السؤال كله الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/7/2025 في هذا المقال، سوف نسأل: هل سمحت لنا نظرية الكم فقط بحساب نتائج تجاربنا أم أنها أيضًا أجابت عن المشكلات العميقة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com