يعد المناخ من انشط العوامل التي تؤثر في تكوين التربة وأثبتت الدراسات الحديثة ان المناخ يلعب دوراً لا يقل عن دور الصخور الأصلية في تكوين التربة واعطائها صفاتها المميزة. ويتضح ذلك من الارتباط الوثيق بين الأقاليم المناخية وأقاليم الترب في العالم. التي تتميز بوجود تشابه كبير بينهما بصرف النظر عن الصخور الأساسية المكونة لهذه الترب. يعتبر المناخ واحدا من أهم العوامل المؤثرة في تكوين التربة ، حيث أنه العامل الرئيسي الذي يؤثر في المفتتات الصخرية والمعدنية المشتقة من الصخر الأصلي ، ولكل عنصر من عناصر المناخ دور خاص في تكوين التربة، ولكن مع ذلك فإن العناصر كلها تعمل مجتمعة وتؤدى بمرور الوقت إلى انفصال الأجزاء التي تكون التربة من الصخر الأصلي ، ومع مرور الوقت تكتسب التربة صفات جديدة تبعدها تماما عن صفات الصخر الأصلي وتتأثر التربة خلال جميع مراحل تكونها بالعوامل المناخية بشكل مباشر وتتأثر بالعوامل النباتية والحيوانية وتتأثر بالمناخ أيضا بشكل غير مباشر إضافة الى التأثيرات الجانبية الأخرى كالطبوغرافية وعوامل الانحدار والصرف التي تتأثر هي أيضا بالعوامل وتؤثر بالتربة بعد ذلك. فنجد أن النوع الواحد من الصخور يعطى أنواعا متعددة من التربة إذا ما تعرض كل منها لظروف مناخية مختلفة اعتمادا على النطاقات المناخية التي تكونت بها ، وليس على أساس الصخور الأصلية التي استمدت منها هذه التربة ، ويؤثر المناخ في النشاطات الحيوية والكيميائية في التربة بما في ذلك أنواع ومعدلات التجوية فالتفتت الطبيعي على سبيل المثال هو النمط السائد من التجوية في المناخ الجاف البارد ، وتشجع درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة على التحلل والتفتت الكيميائي وبالإضافة إلى ذلك فإن معظم نشاطات التربة الأخرى تتطلب ظروفًا دافئة ورطبة وتهدأ هذه النشاطات أو حتى تتوقف في الطقس البارد. ولذلك فإن التربة في المناخ الجاف تجنح لأن تكون أكثر ضحالة وأقل تطورًا عن تلك الموجودة في أقاليم دافئة ورطبة. وتؤثر مياه الأمطار والثلوج الذائبة وزحف الجليد في الصخور الأصلية مما يؤدي الى تهشمها وتفتيتها بعد أن تقوم عملية التجوية الكيمياوية بعملية تحلل الصخور كمرحلة أولى كما ان المياه هذه تتسرب الى داخل الترب لتتفاعل مع المعادن والعناصر الأخرى الموجودة في الصخر الأصلي مكونة مركبات كيمياوية جديدة تؤدي الى تحلل الصخور واذابة بعض المعادن التي تتسرب مع المياه الى الطبقات السفلى من التربة مجردة الطبقة العليا من الكثير من المعادن والأملاح وتعمل المياه أحيانا على ترسيب الأملاح في الطبقة العليا من التربة عند تبخرها في الأقاليم الجافة وشبه الجافة او تعمل على إعادة بعض هذه الأملاح او المعادن الى سطح التربة او قريبة الى السطح عندما ترتفع مع المياه بواسطة الخاصية الشعرية. لذا فإن توفر المياه أو عدمه يعتبر من العوامل المهمة والمؤثرة في تكوين التربة واعطائها خصائصها المميزة اذ ان الأمطار الغزيرة تعمل على غسل التربة (Sool leaching) وتجردها من أملاح وموادها المعدنية والعضوية منها أو ترسبها في الطبقات السفلى من التربة عند تسربها ومن ثم تصبح الطبقة السطحية خشنة القوام. وسقوط الأمطار الفصلية تأثيرها الكبير على عملية غسل التربة اذ ان الأمطار الصيفية تكون قليلة الفاعلية بسبب امتصاص النبات لكميات كبيرة من المياه مما يؤثر في فعاليتها. اما الأمطار الشتوية فيزداد تأثيرها على التربة نظراً لقلة حاجة النبات للمياه في هذا الفصل. ويعتبر عاملا الحرارة والاشعاع الشمسي من العوامل المناخية المهمة في تأثيرها على تكوين التربة نظراً لما تسببه الحرارة في زيادة سرعة التحلل الكيمياوي للتربة اذ انه يتضاعف إذا ازدادت درجة الحرارة عن (10م) وكذلك يزداد نشاط الفعاليات النباتية والحيوانية كلما اقتربت درجة الحرارة من الوسط الحراري المناسب لها. هذا مع العلم بأن التحلل الفيزيائي للتربة يزداد بزيادة التباين بين درجات الحرارة. كما تؤثر حرارة التربة على نسبة تبخر ماء التربة وبالتالي يؤدي أحياناً الى تشكيل الندى الذي قد يؤدي تبرده الشديد الى تجمد ماء التربة في الفراغات. اما الاشعاع الشمسي فقد قدر ان النبات لا يستعمل أكثر من 1 منه والواصل الى الأرض. وقدر ان نسبة منه تتراوح بين 27 و31 تستهلك في عملية التبخر و2 فقط تستخدم في تسخين التربة وهذا طبعاً يتوقف على الغطاء النباتي. كما يتوقف على لون التربة نظراً لان ذلك يحدد مدى استجابتها لامتصاص الاشعاع الحراري او فقدانه ومع أنه لا يوجد أي عنصر مناخي إلا وله إسهام في تكوين التربة ، ومع ذلك فإن أهم عناصر المناخ المؤثرة في تكوين التربة هي الحرارة والمطر ، ومع ذلك فإن اختلاف درجات الحرارة والرطوبة والضغط الجوي والرياح ، تساعد على وجود اختلافات في شدة ونوعية عمليات تكوين التربة ، ومن الملاحظ أن علماء التربة يعبرون عن المناخ أما بالأرقام أو بالألفاظ كان يقال أن درجة الحرارة ٤٠ درجة مئوية أو حرارة مرتفعة أو شديدة أو أن المطر ١٠٠ سم أو يقال مطر غزير أو متوسط أو نادر وهكذا ، ونجد أن الإشعاع الشمسي له دور هام في حياة الكائنات الحية التي تحيا في التربة أو تموت وتتحلل فيها ، وهو العامل الأساسي في عملية التبخر من المحتوى المائي للتربة وفي التفاعلات الكيميائية التي تحدث بها ، وتعتبر درجة الحرارة أيضا عاملا أساسيا في تكوين التربة على أساس أنها العامل المؤثر في التجربة الميكانيكية ، أو ما لها من تأثير قوي على نمو الكائنات الحية ، وعلى قدرة التربة على استخلاص الازوت من الهواء .اما تأثير قوي على نمو الكائنات الحية، وعلى قدرة التربة على استخلاص الأزوت من الهواء، وكذلك تؤثر في تبخير الماء من التربة وبالتالي ترسيب الأملاح على سطحها، أو على تجفيف سطحها وتفتيته مما يساعد الرياح على إزالة ما يغطيه من أتربة ورمال ناعمة. ويتم قياس درجات الحرارة في التربة بترمومترات خاصة، ويلاحظ أن درجة حرارة التربة السطحية مرتبطة بدرجة حرارة الهواء الملاصق لها، ويتناقص هذا الارتباط كلما تعمقنا فيها، ولهذا يظهر غالبا فارق كبير بين درجة حرارة التربة السطحية ودرجة حرارة التربة السفلية، كما نجد أن درجة حرارة التربة السطحية تتغير ما بين الصيف والشتاء فهي باردة شتاءا ومرتفعة صيفا. بينما لا يطرأ أي تغير على درجة حرارة التربة السفلية. كما تعتبر الرطوبة من أهم العناصر المناخية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في تكوين التربة ، على الرغم من أنها لا تقوم بدورها منفردة، فمع زيادة كمية المطر تزداد سرعة تكوين التربة ، كما أن المياه ضرورة لعملية التجوية الكيميائية للمواد المعدنية حيث يزداد معدل تكون الصلصال بالتربة مع زيادة محتواها المائي ، وتؤدى زيادة تبلل التربة المستمر إلى تراكم المياه فوقها مما يعمل على ذوبان ما بها من أملاح قابلة للذوبان ، وبالتالي نقل هذه الأملاح للتسرب نحو التربة السفلية ، مما يؤدى إلى تكوين طبقة ملحية متماسكة تزداد تماسكها بمرور الوقت حتى تتصلب فتكون طبقة غير منفذة مما يحول دون انصراف مياه التربة إلى أسفل فتصبح تربة رديئة الصرف ومتدهورة ، وتعرف عملية نقل الأملاح إلى التربة السفلية بعملية غسل التربة Leaching والتي تسهم في تكوين أنواع مختلفة من التربة على حساب كثرة الأمطار وتوزيعها الفصلي ودرجة الأقاليم التي توجد بها. بينما تؤدى قلة الأمطار في الأقاليم الجافة إلى جفاف التربة ، وإلى ارتفاع مياهها إلى السطح عن طريق الخاصية الشعرية ، حيث لا تتبخر تاركة ما بها من أملاح على السطح أو تحته مباشرة ، ومع توالى هذه العملية تزداد ملحة التربة السطحية حتى تظهر فوق سطحها طبقة ملحية رقيقة ، وبمثل هذه الطريقة تنشأ الملاحات والسبخات الملحية المنتشرة في الأجزاء المنخفضة في كثير من الأقاليم الجافة ، وكذلك يظهر دور المطر كعامل من عوامل التعرية ، حيث أن سقوطه بغزارة على جوانب المنحدرات الخالية من الغطاء النباتي ، يساعد على انزلاق التربة وإزالتها باستمرار ، فلا يتكون قطاع التربة على المنحدرات كما وأن الرياح عامل له دور في تكوين التربة باعتبارها عامل من عوامل التعرية ، حيث يقوم بتذرية التربة الناعمة في المناطق الجافة ونقلها فينكشف الصخر الذى تتركز عليه أو تبقى طبقة حصوية وبالتالي يختفي قطاع التربة تماما ، أما ما تقوم الرياح بترسيبه مما تنقله من رمال وأتربة فإنه تربة اللوس الشهيرة والتي تغطى مساحات واسعة وبسمك كبير في شمال الصين ووسط أمريكا الشمالية .
وتبعا لاختلاف درجات الحرارة والرطوبة تنشا أنواع مختلفة من التربة ، ففي ظروف المناخ الحار الجاف تتكون التربة الصحراوية الحارة Desert Soil وذلك نتيجة لحدوث التجوية الميكانيكية بسبب اشتداد الحرارة وقلة أو انعدام المطر ، بينما تنشأ تربة الصحارى الجليدية أو الصحاري الباردة في المناخ البارد الجاف وتحت ظروف المناخ الحار الرطب حيث ترتفع درجات الحرارة وتغزر الأمطار وتنشط عمليات التجوية الكيميائية كما يحدث في المناطق الاستوائية و تنشأ تربة اللاترايت الحمراء Red Laterite والتي يعود لونها الأحمر إلى تراكم أكاسيد الحديد على السطح ، بينما في ظروف المناخ البارد الرطب حيث تتوفر الرطوبة والأمطار مع انخفاض الحرارة كما هو في الحال في المناطق الباردة التي تنمو فيها غابات الصنوبر والأشجار المخروطية والتي تضيف إلى سطح التربة كميات كبيرة من المواد العضوية ، والتي تعمل الأمطار على غسلها إلى الجزء السفلى فتتكون تربة البودزول Podzol الغنية بالمادة العضوية في الطبقة السطحية ، بينما يتم غسل المواد الدقيقة من الطبقة الوسطى ، وتتراكم المواد الدقيقة في الطبقة السفلى أما في المناخ شبه الجاف حيث تتناوب فترات الجفاف والحرارة مع فترات من الرطوبة وانخفاض الحرارة ، فعند توافر الرطوبة يتم غسل الأملاح القابلة للذوبان من السطح ونقلها إلى الطبقة السفلى وذلك في فصل المطر ، أما في فصل الجفاف ومع ارتفاع الحرارة وقلة الرطوبة تزيد معدلات التبخر من المحتوى المائي في التربة فتعود المياه إلى السطح بالخاصية الشعرية فتتبخر وتترك الأملاح على السطح لتكون تربة قلوية وملحية Saline and alkaline Soil .