جاء في کتاب الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ للشيخ علي موسى الكعبي: عن معنى الصمد: ذهب المشبهة إلى أن معنى الصمد هو المصمت الذي لا جوف له، وذلك لا يكون إلاّ من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها، واللّه جلّ ذكره متعال عن ذلك، ليس كمثله شيء، وهو أعظم وأجلّ من أن تقع الأوهام على صفته، أو تدرك كنه عظمته. من هنا أكّد الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام على أن معنى الصمد هو أن اللّه سبحانه يعبده كل شيء، ويصمد إليه كل شيء . وقال عليه السلام: (الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناهٍ). أي هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والإنس إليه يصمدون في الحوائج، وإليه يلجأون عند الشدائد، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء، ليدفع عنهم الشدائد. وورد عنه عليه السلام تفسير لحروف كلمة الصمد، ينسجم مع المعنى الذي يؤكده في وحدانية الخالق، وأزلية ملكه ودوامه، وعجز حواس وأوهام الخلق عن درك ماهيته وكيفيته. قال وهب بن وهب القرشي: سمعت الصادق عليه السلام يقول: (قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر عليه السلام فسألوه عن مسائل فأجابهم، ثم سألوه عن الصمد، فقال: تفسيره فيه، الصمد خمسة أحرف: فالألف دليل على إنّيته، وهو قوله عزّوجلّ: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ" (ال عمران 18) وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس، واللام دليل على إلهيته بأنه هو اللّه.
وعن وجه الحاجة إلى الإمام يقول الشيخ الكعبي في كتابه: لتأكيد ضرورة النبوة والإمامة، ذكر الإمام الباقر عليه السلام العلّة التي من أجلها يحتاج إلى النبي والإمام، وهي تحقيق صلاح العالم وأمان أهل الأرض. عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: (قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام: لأي شيء يحتاج إلى النبي والإمام فقال: لبقاء العالم على صلاحه، وذلك أن اللّه عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام، قال اللّه عزّوجلّ: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ" (الانفال 33) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون. يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن اللّه عزوجل طاعتهم بطاعته، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْءَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون، وهم المؤيدون الموفّقون المسدّدون، بهم يرزق اللّه عباده، وبهم تعمر بلاده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم يخرج بركات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي، ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم، صلوات اللّه عليهم أجمعين). وقد شخص عليه السلام في هذا الحديث أيضاً هوية الأئمة مفترضي الطاعة من قبل اللّه عزّوجلّ.
وعن التمسك بالأئمة وطاعتهم يقول الشيخ علي موسى الكعبي: تحدّث الإمام أبو جعفر عليه السلام عن حقوق أهل البيت الواجبة على الأُمّة، والتي تسالم الحكام على الاعتداء عليها وتجاوزها، ومن ذلك فرض طاعتهم ومولاتهم والتمسّك بهديهم ومودّتهم. عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه، وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى، الطاعة للإمام بعد معرفته، ثم قال: إن اللّه تبارك وتعالى يقول: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً" (النساء 80)). وعن أبي بصير أنه سأل الإمام الباقر عليه السلام عن قول اللّه تعالى: "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْءَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59)، فقال: (نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام. قلت: إنّ الناس يقولون: فما منعه أن يسمّي علياً وأهل بيته في كتابه فقال أبو جعفر عليه السلام: قولوا لهم: إنّ اللّه أنزل على رسوله الصلاة ولم يسمّ ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول اللّه هو الذي فسّر ذلك، وأنزل الحجّ فلم ينزل طوفوا سبعاً حتى فسّر ذلك لهم رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، وأنزل: "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْءَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) فنزلت في علي والحسن والحسين، وقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: أوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي، اني سألت اللّه أن لا يفرّق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض، فأعطاني ذلك). وجاء في حديث جابر الجعفي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: (وطاعتنا فريضة). وقال عليه السلام موضحاً أن التمسك بهم هو سبيل النجاة، والتخلف عنهم هو سبيل الغواية والضلال: (نحن صراط اللّه المستقيم، نحن رحمة اللّه للمؤمنين، بنا يفتح اللّه، وبنا يختم اللّه، من تمسّك بنا نجا، ومن تخلّف عنا غوى). ومثلما ذكر حقوق الإمام على الرعية، تحدث عن حق الرعية على الإمام. عن أبي حمزة الثمالي، قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الإمام على الناس قال: حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا. قلت: فما حقهم عليهم قال: يقسم بينهم بالسوية، ويعدل في الرعية، فإذا كان ذلك في الناس، فلا يبالي من أخذ هاهنا وهاهنا).
وعن إخلاص الموالاة لهم عليهم السلام يقول الشيخ الكعبي في كتابه الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ: وحيث أن الإمامة منصب خطير، به تقام الفرائض وتنتظم الأمور، صارت الولاية أحد أركان الإسلام، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه). وعن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية. قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل فقال: الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن). وقال أبو جعفر عليه السلام: (من سره أن لا يكون بينه وبين اللّه حجاب حتى ينظر الى اللّه وينظر اللّه إليه، فليتول آل محمد ويبرأ من عدوهم، ويأتم بالإمام منهم). وعن الفضيل، قال: نظر أبو جعفر عليه السلام إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: (هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا بها، ثم ينفروا الينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم، ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ" (ابراهيم 37)). وفي قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة 119). جاء عن الإمام الباقر عليه السلام في هذه الآية قوله: (كونوا مع آل محمد). وقال عليه السلام: (من سرّه أن لا يكون بينه وبين اللّه حجاب حتى ينظر إلى اللّه وينظر اللّه إليه، فليتول آل محمد ويبرأ من عدوهم، ويأتم بالإمام منهم، فإنه إذا كان كذلك نظر اللّه إليه ونظر إلى اللّه).
وعن مودتهم عليهم السلام يقول الشيخ علي موسى الكعبي: لا يختلف اثنان أن مودة أهل البيت: عقيدة مستمدة من كتاب اللّه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ومبدأ رسالي ينطوي على آثار مهمة في حياة الفرد والمجتمع، من هنا حرص الإمام الباقر عليه السلام على نفض غبار التناسي والنسيان عن ذاكرة الأُمّة، وإزالة تراكمات الحكام الذين عملوا على تبديل ذلك الودّ المفروض بالقتل والقمع والإرهاب والترويع والبغض والنصب، فذكّرهم بضرورة من ضرورات الدين، وحق من حقوق أهل البيت الثابتة لهم لطهارتهم وعصمتهم وقربهم من ربهم، مبيناً أن حبهم من الإيمان، بل هو أصل الإيمان. قال عليه السلام: (حبنا إيمان، وبغضنا كفر). وقال عليه السلام: (إنّما حبنا أهل البيت شيء يكتبه اللّه في قلب العبد، فمن كتبه اللّه في قلبه لم يستطع أحد أن يمحوه، أما سمعت اللّه يقول: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِْيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ" (المجادلة 22) فحبنا أهل البيت من أصل الإيمان).







وائل الوائلي
منذ 5 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN