من دعاء يوم دحو الارض (فاتِقِ كُلِّ رَتْق). جاء في المعاجم: طَحْو: (اسم)، طَحْو: مصدر طحا، طَحَاه طَحْواً وطُحُوّاً: بسطه، وطَحَى الشيء يَطْحِيه طَحْياً: بَسَطَه أَيضاً، الأَزهري: الطَّحْو كالدَّحْو، وهو البَسْطُ، وفيه لغتان طَحَا يَطْحُو وطَحَى يَطْحَى. والطَّاحِي: المُنْبَسِطُ،"والأرضِ وما طَحاها" (الشمس 6) قال الفراء: طَحاها ودَحاها واحدٌ. جاء الطحو بمعنى أفراش الآرض بالهواء الجوي من الأبخرة المتصعدة بتلامس الماء النازل مع جسم الأرض المنصهر لحين تيبست وصلبت.
جاء في المعاجم: الفَتْق: خلاف الرَّتْق، فَتَقَهُ يَفْتُقُه ويَفْتِقُه فَتْقاً شقه؛ قال ترى جَوَابها بالشحم مَفْتُوق إِنما أَراد مفتوقة فأَوقع الواحد موقع الجماعة. وأَفْتَقَ السحابُ إِذا انفرج. وصبح فَتِيقٌ: مُشرق. جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ" (الانبياء 30) ان القرآن كتاب دين يهدي الإنسان إلى سعادته في دنياه وآخرته، وليس كتاب نظريات في الفلسفة والعلم والفلك وغيره، وان كل آية من آيات القرآن الكونية أوالتاريخية كقصص الأنبياء فان الغرض منها أن نتعظ ونعتبر، أونسترشد بها إلى وجود اللَّه، فنؤمن به وبعظمته، ومن الآيات الكونية هذه الآية التي نحن بصددها، وقد ذكر فيها سبحانه شيئين: الأول ان المجموعة الشمسية، وهي الشمس والأرض والمريخ والمشتري وزحل وعطارد وغيرها كلها كانت متلاصقة متلاحمة كالشئ الواحد، ثم فصل اللَّه بعضها عن بعض، وجعل كلا منها كوكبا مستقلا. وأقر العلماء الجدد نظرية انفصال الأرض عن الشمس، ولكنهم اختلفوا في التفاصيل، وسكت القرآن عن كيفية الفتق والانفصال، ونحن نسكت عما سكت اللَّه عنه.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "والأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاها" (النازعات 30) أي بعد خلق السماء بسطها من الدحو وهو البسط قال ابن عباس إن الله تعالى دحا الأرض بعد السماء وإن كانت الأرض خلقت قبل السماء وكانت ربوة مجتمعة تحت الكعبة فبسطها وقال مجاهد والسدي معناه والأرض مع ذلك دحاها كما قال عتل بعد ذلك زنيم أي مع ذلك "أخرج منها" أي من الأرض "ماءها" والمعنى فجر الأنهار والبحار والعيون عن ابن عباس "ومرعيها" مما يأكل الناس والأنعام بين سبحانه بذلك جميع المنافع المتعلقة بالأرض من المياه التي بها حياة كل شيء من الحيوانات والأشجار والثمار والحبوب والعيون عن ابن عباس وبها يحصل جميع الأرزاق والنبات التي تصلح للمواشي فهي ترعاه بأن تأكله في موضعه.
جاء في الألوكة الثقافية عن فتق الرتق حقيقة مولد الزمان والمكان من آيات الله في السماء والأرض للدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة: وفي مسألة مولد الكون نجد القرآن الكريم جاء بالفصل في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" (الانبياء 30)، وفي الآية استفهامان: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا" و "أَفَلَا يُؤْمِنُونَ وخبران: "أَنَّ السماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا"، و "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، وسبحان مَن هذا كلامه في آية واحدة بيَّن الحق تعالى أن أساس السماوات والأرض رتقٌ قد فُتِق، وأن أساس الحياة الماء، والرتق عكس الفتق، والرتق هو الضم والجمع، والفتق هو الفصل والانتشار والتباعد، ولقد فسرت الآية على وجوه عدة أهمها ثلاثة وجوه: 1- السماوات والأرض كانتا شيئًا واحدًا، ملتزمتين، ففصل الله بينهما، وجعل السماوات سبعًا والأرضين سبعًا. 2- كانت السماوات مُؤلفة من طبقة واحدة، ففتقهما الله وجعلها سبع سماوات، وكذلك الأرضين كانت مُرتتقة طبقة واحدة، ففتقها الله وجعلها سبعًا. 3- السماوات كانت رتقًا لا تمطر، والأرض كانت رتقًا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات. والمدهش أن التفسيرين الأول والثاني هما ما يتحاجُّ به فريقان من علماء الكون اليوم على النحو الذي سيتضح فيما بعد، فحقيقة النص القرآني عن نشأة الكون أو إن شئت الأكوان هي: "فَتْق الرتق"، وفحوى النص العلمي هي الانفجار الأعظم (البج بانج)، والتي يكاد يعرفها العلماء والعامة من الناس اليوم، والمفهوم العلمي السائد أن الكون انبثق من مُفْردة صفرية الأبعاد، لا نهائية الكثافة، لا نهائية التكور، وانفجرت النقطة انفجارًا غير عادي، أدَّى إلى تكوين الكون عبر مليارات السنين. وهنا أناقش السؤال التالي: هل رأوْا " فتق الرتق" أقول هنا: إن الرؤية إما أن تكون بالعين فتتعدى إلى مفعول واحد، وإما أن تكون الرؤية بمعنى العلم، فتتعدى إلى مفعولين (مختار الصحاح)، ويقال: رأى في الفكر رأيًا، والرؤية في الآية لا يمكن أن تكون بالعين؛ لأن الحدث المراد رؤيته مر عليه ما يزيد عن عشرة مليارات من السنين، ولم يكن هناك بشر على الإطلاق، وهنا يتجلى وجه من أروع وجوع الإعجاز، وهو إخبار الله بفتق الرتق، ثم يأتي العلماء يحققون تلك الرؤية بالعلم، عن طريق مشاهدة ظواهر الكون، وعن طريق الاستنتاج.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN