1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
مفهوم (الفاحشة، الفحشاء، الفواحش) في القرآن الكريم (ح 6)
عدد المقالات : 789
يدخل الشيطان بخطوات واعدة هادئة "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا" (البقرة 268) ويقوم باغواء الانسان المؤمن لحرفه عن الصراط المستقيم "قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ" (الاعراف 16) ليصبح الشيطان سلطان الغاوين "إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ" (الحجر 42). غالبا الشيطان ينجح في الاغواء لانه لديه خبرة طويلة و صبر مع بني ادم، ومن اساليبه التزيين "تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ" (النحل 63) والعمل الصالح لا يحتاج الى تزيين اما القبيح لكنه يخالف فطرة الانسان فان الشيطان يزين العمل السئ. جاء في كتاب مصباح المنهاج / التجارة للسيد محمد سعيد الحكيم: الكذب: وأما الكذب في الوعد ـ بأن يخلف في وعده ـ فالظاهر جوازه، والنذر واليمين. وهو المناسب لكثير من الاستعمالات الشرعية والعرفية. ولاسيما ما تضمن منها ذكر الوفاء به، لأن الوفاء بالشيء فرع صيرورته في العهدة. نعم الظاهر شيوع استعماله في مطلق الإخبار بالأمر المستقبل وإن لم يكن من أفعال الواعد التي من شأنه أن يلتزم بها، كما في قوله تعالى: "الشَّيطَانُ يَعِدُكُم الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ" (البقرة 268)، وغير ذلك مما تضمن نسبة الوعد لغير الله تعالى مع كون الموعود به من أفعاله سبحانه. ولعله يبتني على التوسع بلحاظ المعنى الأول. ولذا لا يبعد اختصاص الاستعمالات المذكورة بصورة إصرار المخبر على وقوع الأمر الذي يخبره به وتبنيه لذلك، وعدم الاكتفاء بمجرد الإخبار بالأمر المستقبل من دون ذلك، حيث يقرب تشبيه الإصرار والتبني المقارن له بالتزام الإنسان بالشيء على نفسه وتعهده بفعله الذي هو قوام المعنى الأول، مع كون المعنى الحقيقي الأصلي للوعد هو الأول، كما يناسبه ما يأتي في المقام الثالث من نصوص الوفاء بالوعد، وغيرها من الاستعمالات الكثيرة المبتنية على أن الوعد موضوع للوفاء. وكيف كان فالوعد بالمعنى الأول يتقوم بالتزام الواعد بالأمر الموعود به على نفسه، بحيث يكون مقتضى التزامه المذكور تحقيق الأمر الموعود به. ولذا لا يتعلق إلا بما يكون مقدوراً له، وراجعاً بالآخرة إليه. سواء كان إبراز الالتزام المذكور بطريق الإخبار عن الأمر المستقبل، كما لو قال: أزورك غداً، أم بطريق التعهد والالتزام بالأمر المستقبل ابتداء، كما لو قال: لك عليّ أن أزورك غداً.

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل جلاله "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" النور 21 نهى سبحانه عن اتباع الشيطان، فقال: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان" أي: آثاره وطرقه التي تؤدي إلى مرضاته. وقيل: وساوسه "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" هذا بيان سبب المنع من اتباعه "ولولا فضل الله عليكم ورحمته" بأن لطف لكم وأمركم بما تصيرون به أزكياء، ونهاكم عما تصيرون بتركه أزكياء "ما زكى منكم من أحد أبدا" أي: ما صار منكم أحد زكيا ومن في "من أحد" مزيدة. وقيل: معناه ما ظهر منكم أحد من وسوسة الشيطان، وما صلح. "ولكن الله يزكي من يشاء" أي: يطهر بلطفه من يشاء، وهو من له لطف يفعله سبحانه به ليزكو عنده "والله سميع عليم" يفعل المصالح والألطاف بالمكلفين، لأنه يسمع أصواتهم وأقوالهم، ويعلم أحوالهم وأفعالهم. وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه يريد من خلقه خلاف ما يريده الشيطان، لأنه إذا ذم سبحانه الأمر بالفحشاء والمنكر، فخالق الفحشاء والمنكر ومريدهما أولى بالذم، تعالى وتقدس عن ذلك. وفيها دلالة على أن أحدا لا يصلح إلا بلطفه.

عن التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" النحل 90 "وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ" والفحشاء: كل ما اشتد قبحه من قول أو فعل. وخصها بعضهم بالزنا. والمنكر: كل ما أنكره الشرع بالنهى عنه، فيعم جميع المعاصي والرذائل والدناءات على اختلاف أنواعها. والبغي: هو تجاوز الحد في كل شيء يقال: بغى فلان على غيره، إذا ظلمه وتطاول عليه. وأصله من بغى الجرح إذا ترامى إليه الفساد أى: كما أمركم سبحانه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، فإنه تعالى ينهاكم عن كل قبيح وعن كل منكر، وعن كل تجاوز لما شرعه الله عز وجل. وذلك لأن هذه الرذائل ما شاعت في أمة إلا وكانت عاقبتها خسرا، وأمرها فرطا، والفطرة البشرية النقية تأبى الوقوع أو الاقتراب من هذه الرذائل، لأنها تتنافى مع العقول السليمة، ومع الطباع القويمة. ومهما روج الذين لم ينبتوا نباتا حسنا لتلك الرذائل، فإن النفوس الطاهرة، تلفظها بعيدا عنها، كما يلفظ الجسم الأشياء الغريبة التي تصل إليه. ثم ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله: يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أى: ينبهكم سبحانه أكمل تنبيه وأحكمه إلى ما يصلحكم عن طريق اتباع ما أمركم به وما نهاكم عنه، لعلكم بذلك تحسنون التذكر لما ينفعكم، وتعملون بمقتضى ما علمكم سبحانه. قوله عز وجل "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ العنكبوت 45 قوله: "إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ" تعليل للأمر بالمحافظة على إقامة الصلاة بخشوع وإخلاص. أى: داوم أيها الرسول الكريم على إقامة الصلاة بالطريقة التي يحبها الله تعالى، فإن من شأن الصلاة التي يؤديها المسلم في أوقاتها بخشوع وإخلاص، أن تنهى مؤديها عن ارتكاب الفحشاء وهي كل ما قبح قوله وفعله، وعن المنكر وهو كل ما تنكره الشرائع والعقول السليمة. قال الجمل: (ومعنى نهيها عنهما، أنها سبب الانتهاء عنهما، لأنها مناجاة لله تعالى، فلا بد أن تكون مع إقبال تام على طاعته، وإعراض كلى عن معاصيه. قال ابن مسعود: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصى الله، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر، لم يزدد من الله إلا بعدا. وروى عن أنس رضى الله عنه أن فتى من الأنصار، كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتى الفواحش، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن صلاته ستنهاه، فلم يلبث أن تاب وحسن حاله). والخلاصة: أن من شأن الصلاة المصحوبة بالإخلاص والخشوع وبإتمام سننها وآدابها، أن تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فإن وجدت إنسانا يؤدى الصلاة، ولكنه مع ذلك يرتكب. بعض المعاصي، فأقول لك: إن الذنب ليس ذنب الصلاة، وإنما الذنب ذنب هذا المرتكب للمعاصي، لأنه لم يؤد الصلاة أداء مصحوبا بالخشوع والإخلاص وإنما أداها دون أن يتأثر بها قلبه.. ولعلها تنهاه في يوم من الأيام ببركة مداومته عليها، كما جاء في الحديث الشريف: (إن الصلاة ستنهاه).

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله سبحانه "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" يوسف 24 علم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام الدحض وأنه جاهد نفسه مجاهدة أولي القوة والعزم ناظرا في دليل التحريم ووجه القبح حتى استحق من الله الثناء فيما أنزل من كتب الأولين ثم في القرآن الذي هو حجة على سائر كتبه ومصدق لها، ولم يقتصر إلا على استيفاء قصته، وضرب سورة كاملة عليها ليجعل له لسان صدق في الآخرين كما جعله لجده الخليل إبراهيم عليه السلام. وليقتدي به الصالحون إلى آخر الدهر في العفة وطيب الإزار والتثبت في مواقع العثار. فأخزى الله أولئك في إيرادهم ما يؤدي إلى أن يكون إنزال الله السورة التي هي أحسن القصص في القرآن العربي المبين ليقتدى بنبي من أنبياء الله في القعود بين شعب الزانية وفي حل تكته للوقوع عليها، وفي أن ينهاه ربه ثلاث مرات، ويصاح به من عنده ثلاث صيحات بقوارع القرآن وبالتوبيخ العظيم وبالوعيد الشديد وبالتشبيه بالطائر الذي سقط ريشه حين سفد غير أنثاه وهو جاثم في مربضه لا يتحلحل ولا ينتهي ولا يتنبه حتى يتداركه الله بجبريل وبإجباره، ولوأن أوقح الزناة وأشطرهم وأحدهم حدقة أجلحهم وجها لقي بأدنى ما لقي به مما ذكروا لما بقي له عرق ينبض ولا عضويتحرك فيا له من مذهب ما أفحشه ومن ضلال ما أبينه. انتهى. وما أحسن ما قال بعض أهل التفسير في ذم أصحاب هذا القول إنهم يتهمونه عليه السلام في هذه الواقعة وقد شهد ببراءته وطهارته كل من لها تعلق ما بها فالله سبحانه يشهد بذلك إذ يقول:"إنه من عبادنا المخلصين" والشاهد الذي شهد له من أهلها إذ قال: "إن كان قميصه قد من قبل" إلى آخر الآيتين، والعزيز إذ قال لامرأته. "إنه من كيدكن" وامرأة العزيز إذ قالت: "الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين" والنسوة إذ قلن: "حاش لله ما علمنا عليه من سوء" ويوسف ينفي ذلك عن نفسه وقد سماه الله صديقا إذ قال: "إني لم أخنه بالغيب". وعمدة السبب في تعاطيهم هذا القول أمران: أحدهما: إفراطهم في الركون إلى الآثار وقبول الحديث كيفما كان وإن خالف صريح العقل ومحكم الكتاب فلعبت بأحلامهم الإسرائيليات وما يلحق بها من الأخبار الموضوعة المدسوسة، وأنستهم كل حق وحقيقة وصرفتهم عن المعارف الحقيقية. ولذلك تراهم لا يرون لمعارف الدين محتدا وراء الحس، ولا للمقامات المعنوية الإنسانية كالنبوة والولاية والعصمة والإخلاص أصلا إلا الوضع والاعتبار نظائر المقامات الوهمية الاعتبارية الدائرة في مجتمع الإنسان الاعتباري التي ليست لها وراء التسمية والمواضعة حقيقة تتكىء عليها وتطمئن إليها. فيقيسون نفوس الأنبياء الكرام على سائر النفوس العامية التي تنقلب بين الأهواء وبلغت بها الجهالة والخساسة فإن ارتقت فإنما ترتقي إلى منزلة التقوى ورجاء الثواب وخوف العقاب تصيب كثيرا وتخطىء وإن لحقت بها عصمة إلهية في مورد أوموارد فإنما هي قوة حاجزة بين الإنسان والمعصية لا تعمل عملها إلا بإبطال سائر الأسباب والقوى التي جهز بها الإنسان وإلجاء الإنسان واضطراره إلى فعل الجميل واقتراف الحسنة، ولا جمال لفعل ولا حسن لعمل ولا مدح لإنسان مع الإلجاء والاضطرار وللكلام تتمة سنوردها في بحث يختص به.

وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" الأنعام 151 كل ما تجاوز الحد في القبح فهو فحش، ومنه الزنا واللواط والظلم والتهتك والتبرج، والكذب والغيبة والنميمة واللؤم والحسد، وأعظم الفواحش كلها الإلحاد والشرك باللَّه، وعقوق الوالدين، وقتل النفس المحترمة، وأكل مال اليتيم، وإنما أفرد اللَّه هذه بالذكر، مع انها تدخل في الفواحش للتنبيه إلى انها قد بلغت الغاية والنهاية من القبح والفحش، سواء اقترفت سرا أم علانية، وعن ابن عباس ان أهل الجاهلية كانوا يكرهون الزنا علانية، ويفعلونه سرا، فنهاهم اللَّه عنه في الحالين. وعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله انه قال: الا أخبركم بأبعدكم مني شبها قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: الفاحش المتفحش البذيء البخيل المختال الحقود الحسود القاسي القلب البعيد عن كل خير يرجى غير مأمون من كل شر يتقى. قوله سبحانه "وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا" النساء 22 حرّم اللَّه سبحانه الزواج بأصناف من النساء، والمحرمات منهن على قسمين: محرمات على التأبيد، أي إن السبب الموجب للتحريم غير قابل للزوال كالبنوة والأخوة والعمومة والخؤولة. ومحرمات تحريما مؤقتا، أي إن سبب التحريم قابل للزوال، مثل كون المرأة زوجة للغير، أو أختا للزوجة، والتفصيل فيما يلي: "ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ". كان الرجل يتزوج امرأة أبيه بعد موته إذا لم تكن أما له، بل إن أمية جد أبي سفيان طلق امرأته وزوجها من ابنه، وهو حي، فنهى الإسلام عن ذلك، وتشدد فيه، واعتبره فاحشة ومقتا وساء سبيلا. واتفق الفقهاء والمفسرون على إن التحريم يشمل زوجات الأجداد للأب والأم، وان هذا التحريم يتحقق بمجرد العقد، سواء أحصل الدخول، أم لم يحصل، واختلفوا فيما لو زنى الأب بامرأة: هل تحرم على ابنه قال الإمامية والحنفية والحنابلة: تحرم عليه. وقال الشافعية: لا تحرم. وعن مالك روايتان.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ" الأعراف 33 المحرمات الإلهية: لقد شاهدنا مرارا أنّ القرآن الكريم كلّما تحدث عن أمر مباح أو لازم، تحدث فورا عن ما يقابله، من الأمور القبيحة والمحرمات، ليكمّل كلّ واحد منهما الآخر. وهنا أيضا تحدّث عقيب السماح بالتمتع والاستفادة من المواهب الإلهية وإباحة كل ما هو زينة وجمال ـ عن المحرمات على نحو العموم، ثمّ أشار بصورة خاصّة إلى عدة نقاط مهمّة. ففي البداية تحدث عن تحريم الفواحش وقال: يا أيّها النّبي "قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ". و (الفواحش) جمع (فاحشة) وتعني الأعمال القبيحة البالغة في القبح والسوء لا جميع الذنوب، ولعلّ التأكيد على هذا المطلب (ما ظهر منها وما بطن) هو لأجل أنّ العرب الجاهليين كانوا لا يستقبحون عمل الزنا إذا أتي به سرّا، ويحرّمونه إذا كان ظاهرا مكشوفا. ثمّ إنّه عمّم الموضوع، وأشار إلى جميع الذنوب وقال (والإثم) أي كل إثم. والإثمّ في الأصل يعني كل عمل مضرّ، وكل ما يوجب انحطاط مقام الإنسان وتردّي منزلته، ويمنعه ويحرمه من نيل الثواب والأجر الحسن. وعلى هذا يدخل كل نوع من أنواع الذنوب في المفهوم الواسع للإثم. ولكن بعض المفسّرين أخذوا الإثمّ هنا فقط بمعنى (الخمر) واستدلوا لذلك بالشعر المعروف. شربت الإثمّ حتى ضلّ عقلي كذاك الإثمّ يصنع بالعقول. ولكنّ الظاهر أنّ هذا المعنى ليس هو تمام مفهوم الكلمة، بل أحد مصاديقه. ومرّة أخرى يشير بصورة خاصّة إلى عدد من كبريات المعاصي والآثام، فيقول: "وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ" أي كل نوع من أنواع الظلم، والتجاوز على حقوق الآخرين. و (البغي) يعني السعي والمحاولة لتحصيل شيء، ولكن يراد منه غالبا الجهود المبذولة لغصب حقوق الآخرين، ولهذا يكون مفهومه في الغالب مساويا لمفهوم الظلم. ومن الواضح أنّ وصف (البغي) في الآية المبحوثة بوصف (غير الحق) من قبيل التوضيح والتأكيد على معنى (البغي). ثمّ أشار تعالى إلى مسألة الشرك وقال: "وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً" فهو أيضا محرّم عليكم. ومن الواضح أنّ جملة "ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً" للتأكيد، ولإلفات النظر إلى حقيقة أنّ المشركين لا يملكون أي دليل منطقي وأي برهان معقول، وكلمة (السلطان) تعني كل دليل وبرهان يوجب تسلّط الإنسان وانتصاره على من يخالفه. وآخر ما يؤكّد عليه من المحرمات هو نسبة شيء لم يستند إلى علم الله "وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ". ولقد بحثنا حول القول على الله بغير علم عند تفسير الآية (28) من نفس هذه السورة أيضا. ولقد أكّد في الآيات القرآنية والأحاديث الإسلامية على هذه المسألة كثيرا، ومنع المسلمون بشدة عن قول ما لا يعلمون إلى درجة أنّه روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماوات والأرض). ولو أنّنا أمعنا النظر ودققنا جيدا في أوضاع المجتمعات البشرية، والمصائب والمتاعب التي تعاني منها تلكم المجتمعات، لعرفنا أنّ القسط الأكبر من هذا الشقاء ناشئ من بث الشائعات، والقول بغير علم، والشهادة بغير الحق، وإبداء وجهات نظر لا تستند إلى برهان أو دليل.
يوجد في القرآن الكريم كلمات لها أكثر من معنى وتتداخل معانيها مع كلمات اخرى. فمثلا كلمة الفاحشة تعني الزنا والقتل وغير ذلك من المعاني. فكل زنا فاحشة ولا تقربو الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا وليس كل فاحشة زنا فقد تعني الفاحشة القتل وقطع الطريق قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والزنا أعم من البغاء فكل بغاء زنا وليس كل زنا بغاء. فالبغاء زنا مكشوف واضح أو تحت الاكراه ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء. كل مجموعة من هذه الحلقات تتطرق الى مصطلح الزنا أو الفاحشة أو البغاء.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
موسوعة "مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة": المؤلّفون: اشترك في تأليفها جمعٌ من الباحثين والمحققين من أهل الخبرة في قضايا السيرة الحسينية، فكانت ثمرة جهد علمي جماعي، نُسجت فصوله على امتداد ستة أجزاء محورية، خُتمت بمجلد سابع يضم الفهارس التفصيلية، من إعداد السيد هاني الرضويان. محتواها... المزيد
عدد المقالات : 128
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
ـ من أنت ـ أبو وهب بن عمرو الصيرفي الكوفي ـ ماهي مهنتك ـ قاض ـ أين تسكن ـ أسكن في بغداد،في محلة الكرخ ـ لماذا حملت القصبة ودرت في الأسواق مدعيا الجنون ـ آه... ذلك أفضل وأسلم من أن أشترك في معاداة محمد وآل محمد،وأسهم في إصدار فتوی باغتيـ.ال الإمام موسی بن جعفر ـ من طلب منك ذلك ـ هارون الرشيـ.د أراد أن... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
يوم الجمعة المصادف 20 حزيران-2025 يوم تاريخي الصراع الاسلامي الصهيوني حيث قامت الجمهورية الاسلامية الايرانية باذلال واهانة الكيان الصهيوني المدعوم من أمريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وباقي الشلة الغربية انها اهانة غير مسبوقة جعلت المراقبين الغربيين في حيرة من أمرهم وهم يتساءلون: يا ترى كيف تكون... المزيد
عدد المقالات : 10
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/09م
ظمأ وعشق ( قصة مبعوث الحسين مسلم بن عقيل ) *( رسائل ومبعوث) لَحِقَ الأمَّةَ عارٌ بعد تسلّم يزيد الخلافة ممَّا دعا أهل الكوفة الى إرسال الرسائل المتكررة لابن بنت رسول الله في المدينة أرسلوا له الدعوة يحملونه المسؤولية أَمام الله والأمَّة إنْ تأخر عن إنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم. تمهل الإمامُ... المزيد
عدد المقالات : 381
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 اسابيع
2025/06/02م
بقلم زيد علي كريم الكفلي جلست وحدي في غرفتي الصغيرة وجلس معي طيرا توقف عن الطيران... شاهدت بصيص شعاع نور أنار ظلامي أخذت أتأمله طويلا... سمعت صوته يحوم في أزقة أفكاري إلى متى وأنت تجلس في هذا الظلام بحثت عنه في كل الظلمات... في وراء النجمات... في أوراق الزمن الماضي... رأيت صورته المعلقة على جدران قلبي... المزيد
عدد المقالات : 85
علمية
وهي عبارة عن موجات مائية عملاقة يُمْكِنُ أن تنتقل بسرعة عبر المحيطات ، وهوامشها الساحلية يترتب عليها تأثيرات بيئية كبيرة في المناطق التي تحدث فيها، إن ظاهرة الأمواج المائية العملاقة Tsunami الشاملة التي حدثت في عام ١٩٤٦ في المحيط الهادي ، والحدوث... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء السابع عشر: الإلكترون الذي يعزف نغمة طاقته الخاصة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 27/6/2025 في عام 1911، اقترح دي برولي أنه إذا كانت الموجات يمكن أن تمتلك خصائص جسيمية، فمن المعقول أيضًا أن تمتلك الجسيمات خواص... المزيد
في الثالث عشر من يونيو عام 1903، جلس العالمُ ساكنًا، لكنه لم يكن صامتًا، كانت قاعة الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم مزدانة بعبق المجد الحقيقي، إذ وقف الحاضرون على أقدامهم تحيةً لامرأة لم يعرفوا لها مثيلًا: ماري سكلودوفسكا كوري، العالمة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com