1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
مهدويات... كيف يدعو المصلح الموعود الناس الى دين جديد (2)
عدد المقالات : 330
حسن الهاشمي
ربما يكون السؤال غريبا في الوهلة الأولى، ولكن الغرابة ستنقشع اذا ما عرفنا انه كلما اقتربنا من زمن ظهور المصلح الموعود كلما كثر الظلم والفساد واندثرت الكثير من معالم الدين الخالدة، وحينما يبزغ نور المصلح وينتشر عطاءه المادي والمعنوي، ويحكم بين الناس بالعدل والاحسان، ويطبق أحكام الدين بشكلها الصحيح والواقعي، وقتئذ يتصور الناس ان القائم جاء بدين جديد، ولكنه في حقيقة الأمر قد أماط اللثام عن نفس دين جده المصطفى بعد ان اعتراه النسيان والهجران والتحريف والتجهيل، ومثلما بدأ غريبا في زمن الجاهلية الأولى سيعود غريبا في زمن الجاهلية الثانية، ولكن بفارق ان غربته في زمن الرسول كانت بسبب الجاهلية، أما غربته في زمن المصلح كانت بسبب الابتعاد عن الأحكام الدينية وكثرة الظلم والفساد بين الأمم.
يقول الإمام الباقر عليه السلام في هذا المضمار: (إنّ قائمنا إذا قام دعا النّاس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) الكافي للكليني: ٤ / ٣٦٦. اتضح كيف ان الاسلام بدأ برسول الله غريبا وسيعود غريبا بحفيده المهدي اضافة الى أنّه لا يراد بالأمر الجديد الأحكام الخارجة عن الإسلام والقرآن؛ لأنّ أحكام الإسلام كانت موجودة منذ زمن الرسول الأعظم، وإن كان بعضها لم تبيّن لمصالح لحدّ الآن، أو لم تصل بعد إلى مرحلة التطبيق، فلعلّ المراد بالأمر الجديد ما كان جديداً بنظر النّاس في ذلك اليوم، أو أنّ ابتعاد النّاس عن الإسلام والقرآن سيجعلهما في غربة، وعلى هذا فإنّ معظم النّاس في عصر الظهور سيكونون بعيدين عن القرآن والإسلام، ومع مجيء بقية الله سوف يظنّون أنّه جاء بأحكام جديدة.
وبعبارة أخرى ان النور عندما يبزغ في الظلام الدامس سيبدو غريبا في تلك الأجواء المتلبدة، اذ ان الغربة انتابت الجاهلية لانهيار اسسها المعوجة ومصالحها الضيقة، وان الغربة ستنتاب دولة المهدي لما لحق بها من تدليس وتزوير وتحريف وامتهان، وبطبيعة الحال ما أظهره الرسول الأعظم من تعاليم فاخرة وما سيظهره المصلح الموعود من أحكام زاخرة، فانه سيجعل أحكامهما الراقية في نظر الطواغيت والانتهازيين والظلمة والمارقين والجهلة أحكاما غريبة عليهم، ولكنها في المقابل ستكون مفرحة ومثلجة لصدور المستضعفين والأحرار في العالم، ولكن تبقى الغربة تنتاب الناس على نطاق أوسع، يستفاد ذلك من قول الإمام الصادق عليه السلام: (وهداهم إلى أمر قد دثر) الإرشاد - الشيخ المفيد - ج ٢ - ص ٣٨٣. انّهم لما كانوا بعيدين عن القرآن وأحكام الإسلام سيخفى عليهم كلّ شيء فيهديهم المصلح الموعود إلى ما قد خفي عليهم، وسيهديهم الى ما قد دثر عنهم بسبب كفرهم وابتعادهم عن الأحكام الواقعية التي نزلت على النبي الأعظم وقام بتبليغها للناس، وسيأتي حفيده المهدي ليطبقها بحذافيرها عند ظهوره المبارك.
ويؤيّد ذلك أيضاً ما نقل عن الامام الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ) البقرة: ١٩٣. قال: (لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه، فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّد الله عزّ وجلّ وحتّى لا يكون شرك) بحار الأنوار للمجلسي: ٥٢ / ٣٧٨. نعم يأتي تأويلها بالكامل في زمن الظهور المبارك للمهدي الموعود، والفرق بين مقاتلة الرسول لأعداء الدين تكون على نطاق محدود لحفظ الرسالة من كيد الفجار واستمرار الاختبار الإلهي لعباده أيهم شاكرا أو كفورا، أما مقاتلة المصلح الموعود للكافرين والمعاندين فهي على نطاق الكرة الأرضية في زمن انتهى فيه الاختبار الإلهي، وسيخضع العالم كله لدولة التوحيد الخالص الخالي من الشرك والظلم والفسوق والعصيان.
تلخّص أنّه لا يقبل في زمن المهدي عليه السلام من أحد غير الإسلام، حيث ان الاسلام هو خاتم الرسالات، مصدق لما جاءت به الرسل من قبل، لا يفرق بين أحد منهم، كلهم مرسلون من قبل الله تعالى، وكلهم يدعون الى التوحيد، وآخرهم يدعو بما دعا اليه أوسطهم وأولهم، فالإسلام جامع للأديان مهيمن عليها، وبعد نزوله على الرسول الأعظم تم نسخ الرسالات التي قبله، نعم هي مقبولة لمن تبعها في عهدها، وقد جعل الله تعالى لكل أمة شرعة ومنهاجا، ولو شاء لجعلهم أمة واحدة، ولكن ليبلوهم في ما آتاهم، أما بعد مجيء الاسلام فان الرسول قد بلغ ما أنزل اليه من ربه وحفيده المهدي يدعو بدين جده والانسانية المعذبة والمستضعفة كلهم يؤمنون بدعوته المباركة، حتى السيد المسيح حينما ينزل من السماء ويلتحق بالمصلح الموعود يؤمن بالإسلام منهجا ودستورا؛ لجامعيته وخاتميته وأفضلية الرسول والمرسل والرسالة والامامة الخاتمة على سائر الرسل والكتب الإلهية، التي هي مكملة لها وفي طولها، ولا تناقض فيما نزل من عند الله تعالى على الأنبياء منذ بدء الخليقة الى قيام الساعة.
ولأجل الاتفاق على كلمة سواء تجمع الانسانية على مبدأ التوحيد، ولأجل المسابقة في الخيرات وعدم اتباع الأهواء والشهوات، ولأجل الالتفاف حول المرجعية الواحدة التي تأخذ بيد البشرية الى مرفأ السلام والوحدة والخلاص، من أجل كل ذلك قال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران: 85. ان المصلح الموعود يعرض أحكام الاسلام على الانسانية المعذبة فيتقبلوه بقبول حسن؛ لما فيه من عناصر القوة والمنعة في تأمين العدالة وصون الكرامة وحفظ الحقوق لكافة طبقات المجتمع، وقمع كل من تسول له نفسه المساس بكرامة الانسان وقيمه وكل ما من شأنه ان يحفظ دينه واخلاقه وحقوقه المشروعة، وكل من يقف أمام المشروع الاصلاحي ويحاول هدمه لمصالح حزبية أو شخصية ضيقة فان المصلح الموعود له بالمرصاد، نعم فالإسلام بعد الرسول والامام الخاتم كسفينة نوح من ركبها نجى وفاز وارتقى ومن تخلف عنها هلك وغرق وهوى.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 10 ساعات
2025/07/05م
حسن الهاشمي لكي نحافظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، ولكي نواكب التطوّر التكنلوجي في العالم الغربي، نحن بحاجة الى إيجاد صيغة متوازنة تُراعي المنهج العلمي الحديث الذي تعتمده الجامعات الغربية، مع الحفاظ على القيم والرؤية المعرفية الإسلامية، وأبرز محاور الموائمة: 1. في المناهج: الاستفادة من المنهج... المزيد
عدد المقالات : 330
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/07/02م
الحُبُّ: نقيضُ البُغضِ والحُبُّ: الودادُ ،والمَحَبَّةُ اسمٌ للحبِّ،وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه. وَهُم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إليَّ هذا الشيء يحَبُّ حُبّاً، والحبُّ: الوِدادُ،والحَبِيبُ هو: المُحِبُّ(١) والحبُّ أيضا: هو ميلٌ قلبي إلی الإشخاص أو إلی... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/07/02م
في زمنٍ أضحت فيه القراءة الطويلة ضرباً من الترف الفكري، وغدت الورقات المكدسة على رفوف المكتبات ذكرى يتنهد لها العشاق، يبرز "المرجع الإلكتروني للمعلوماتية" كواحةٍ للمعرفة، تجمع بين دقة الموسوعات العلمية وثراء المكتبات. لكن هذه الواحة ليست مجرد ملاذٍ للباحثين، بل ومن يبحث عن المعارف بدون جهد فيرى... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء العشرون: تأمل في دالة الموجة التي تعرف أكثر مما نعرفه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/7/2025 في مقالات سابقة، اعتدنا أن نعتبر أن الدالة الموجية تصف نظامًا معينًا (وفي الواقع، جسيمًا منفردًا). لنفترض الآن أن... المزيد
تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق لعام 2024 والربع الأول من 2025 أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي أن صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق خلال عام 2024 سجل عجزًا قدره 8 مليارات دولار أمريكي، نتيجة خروج صافي استثمارات أجنبية... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء التاسع عشر: حين لا تجيب الدالة الموجية عن السؤال كله الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/7/2025 في هذا المقال، سوف نسأل: هل سمحت لنا نظرية الكم فقط بحساب نتائج تجاربنا أم أنها أيضًا أجابت عن المشكلات العميقة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com