توجد نظرتان لواقعة الطف وهما:
النظرة الأولى أن الواقعة كانت بشرية بمعنى أن التخطيط لها بشري والامام الحسين خطط لها وفق قناعاته المادية لكي يستولي على السلطة واثر هذا في عدم نظرته الموضوعية للأحداث فلم يقيّم الظروف المحيطة بشكل موضوعي ولموقفه الحدي الانفعالي من خصومه عامة ومن يزيد خاصة أثر كبير في حساباته بل هو قد اغتر بوعود اهل الكوفة وانخدع بنصيحة عبد الله بن الزبير له بالخروج.
فخلاصة النظرة الاولى ان الحسين ع خرج طالبا للسلطة فقط، الا انه فشل لخطئه في تقييم الاوضاع فخانوه القوم وقتلوه وانتهى مشروعه..
أما النظرة الثانية فترى ان التخطيط لواقعة الطف الهي والله تعالى عهد للامام بتنفيذ مشروع ينتهي باستشهاده فقام الامام الحسين بهذا الدور على اتم وجه وادى تكليفه بصورة ممتازة وحقق الاهداف المرادة ونجح وكان عاقبته الفتح المبين، ومن اشار عليه بعدم الخروج لقراءتهم للاحداث خفي عليهم وجه الحكمة كما خفي عمن سبقهم في صلح الحديبية مع النبي الاعظم وفي صلح الامام الحسن مع معاوية فأنكروا عليهم الصلح الى غير ذلك من الامور المجهولة والناس اعداء ما جهلوا ..
نحن الشيعة نتبنى التفسير الثاني للواقعة لإيماننا بعصمة الإمام الحسين ع
ومع ذلك فالنصوص مستفيضة عن النبي والأئمة مما يؤكد التفسير الثاني ويعضده بالأدلة ومن النصوص المؤيدة ما جاء في الكافي لثقة الاسلام الكليني الجزء الاول ص280 عن ابي عبد الله الصادق ع (إن الله عز وجل أنزل على نبيه ص كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك ... فدفعه النبي ص إلى أمير المؤمنين ع وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين ع خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن ع ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين ع، ففك خاتما فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله عز وجل، ففعل ثم دفعه إلى علي بن الحسين ...)
الى غيرها من النصوص، ولهذا فلا نرى صوابية النظرة الثانية فقط بل نرى ان التفسير الاول ظلم سيد الشهداء واستهان بنهضته لتفسيره المبني على تجاهل كثير من الحقائق الثابتة تاريخيا وليس ذلك تعصبا منا بل استفاضت الاحاديث عن النبي واوصيائه بمقتل سيد الشهداء وكثير من الاخبار جاءت قبل وقوع الفاجعة وذلك واضح عند الرجوع لمصادر الحديث والتاريخ وكل هذا يضاف له ان الناس كانت متوقعة للحادثة كما جاء في مقتل الحسين للخوارزمي ج1، الفتوح لابن اعثم ج4، البحار للمجلسي ج44، أن النبي ص خطب في الناس واخبرهم بمقتل الامام الحسين فضج الناس بالبكاء فقال ص: أتبكون ولا تنصرونه.
وغيرها من النصوص الواردة في محلها والواضحة للمتتبع بمصداقية وشفافية.
ولم يقتصر النبي واهل بيته ع عن الاخبار باصل الواقعة بل زادوا بالتفاصيل ايضا كتحديد مكان قتله وزمانه وتحديد قاتله وذكر المشاركين في ذلك .
هذا كله بغض النظر عن كلام سيد الشهداء وتوقعه بعاقبته تصريحا لا تلميحا فصرح بانه سيقتل وفي كل مكان تتهيأ الفرصة يخبر من معه ان مصيرهم القتل والسبي بل زادت النصوص الواردة على الحث لنصرة الامام الحسين خذلانه كما جاء في المصادر تاريخ دمشق ج14، الاصابة ج1، اسد الغابة ج1، البداية والنهاية ج8، امتاع الاسماع ج12و14، ينابيع المودة ج3، وبحار الانوار ج18، وغيرها.
كل هذه الشواهد وغيرها الكثير الكثير يكشف انه ع اقدم على ذلك عالما بمصيره مأمورا بنهضته، وهذا يعني ربانية واقعة الطف فسلام على صاحبها وجده وابيه وامه واخيه وصحبه وبنيه ورزقنا الله زيارتهم دنيويا وشفاعتهم اخرويا.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN