1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
موسى بن جعفر حجة الله على خلقه، لكن الملك عقيم
عدد المقالات : 179
جميل ظاهري

الحديث عن الامام السابع من أئمة أهل البيت موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام أجمعين، هو حديث متعدد الجوانب، ومتشعب الأغراض حيث خاض فيه الباحثون والكتاب كثيراً، فكانوا كمن يغترف غرفة من بحر، أو يحصي حبات الرمل في القفر، فمناقبه أجل من أن توصف أو تحصى، وقد اعترف بها القريب والبعيد، والموالي والمعادي، و سنقتصر في حديثنا هذا على سياسة السلطة العباسية القمعية التعسفية التي مارستها ضده، وما تعرض له من اضطهاد وظلم وسجن حتى استشهاده بالسم في سجن هارون العباسي.
قضى الامام موسى الكاظم عليه السلام الذي نعيش هذه الأيام ذكرى استشهاده الأليم، عمره الشريف في حركة العلم في جميع حاجات الناس آنذاك، واجه خلالها ايضاً التيارات المنحرفة التي حاولت أن تفرض نفسها على الواقع الاسلامي لتبتعد به عن خط الاسلام المحمدي الأصيل، فكان(ع) يبرز الرأي الصحيح في كل خلاف فكري على مستوى القضايا العقيدية والشرعية وكافة المفاهيم الاسلامية، وكان في كل مواقفه ناصحا للمسلمين في شؤونهم الخاصة والعامة وشتى مجالات حياتهم.
تزامنت مدة أمام الامام الكاظم (عليه السلام) مع فترة صعود الدولة العباسية وانطلاقتها.. فترة تتّسم بالقوة والعنفوان والصعوبة والقساوة جراء الممارسات الجائرة للسلطة وعلى رأسها المنصور العباسي الأمر الذي أوقع الشيعة في حال اضطراب ادعاء الامامة زوراً من قبل أحد أبناء الامام الصادق (ع) وهو "عبد الله الأفطح" وصار له أتباع عرفوا بـ"الفطحية"، كما كان هناك "الاسماعيلية" الذين اعتقدوا بإمامة إسماعيل الابن الأكبر للامام الصادق (ع) مع أنه توفي في حياة أبيه.. لكن هذه البلبلة ساعدت في الحفاظ على سلامة الامام موسى الكاظم (ع)، حيث اشتبه الأمر على الحكام العباسيين فلم يتمكنوا من تحديد إمام الشيعة ليضيقوا عليه أو يقتلوه.
عمل الامام الكاظم (ع) جاهداً على تصحيح المسار العقائدى للأمة عبر مناظرته للملحدين والمنحرفين ك"المجسمة" الذين يعتقدون ان الله عزوجل جسم و بقية الفرق المنحرفة في موضوع الامامة، وغيرها من الانحرافات التى خلقها بعض علماء السوء ووعاظ السلاطين مثل ـن "القرآن غير مخلوق".. كل ذلك بالدليل والمنطق ما أربك حكام بني العباس وعبثوا جاهدين على التخلص منه عبر اغتياله حيث تعرض سلام الله عليه لعدة محاولات قتل ودس السم من قبل أعتى الظلمة والجبابرة خلال حياته المليئة بالمتاعب والمصاعب والمصائب الجمة وهم: ابو جعفر المنصور الدوانيقي، ومحمد المهدي العباسي، وموسى الهادي العباسي واخيراً هارون الرشيد بعد أن دبرت أمه الخيزران مع يحيى البرمكى "رئيس وزراء هارون فيما بعد" عملية اغتيال موسى الهادى (أخو هارون) فاستولى هارون على الملك، وعاش كاقرانه السابقين في الفسق والفجور والظلم والجور لكنه ضرب الرقم القياسى فى قتل العلويين واستئصالهم فكان يوصى عماله بذلك بلاذنب أو خطأ بل لمجرد الحقد الدفين لأهل البيت (ع) وكان أول مافعله عندما استلم الملك بان امر باخراج جميع الطالبين من بغداد الى المدينة كرهاً لهم ومقتاً.
استمرت المواجهة بين الامام الكاظم (ع) المعارض لسياسة هارون والمستهتر بأموال المسلمين ودمائهم، فكانت الحملات الاعلامية وفتاوى الامام (ع) لا تتوقف ضد الطاغوت وظلمه، فكثرت الوشاية عليه (ع) من بعض المرتزقة المتملقين لينتهي الأمر في آخر المطاف بسجن الامام الكاظم (ع) فى سجن البصرة لايفتح عليه الا للطهور وإدخال الطعام، فكان (ع) يحيى الليالى كلها بالذكر والعبادة، وبعد فترة طلب والي البصرة من هارون ان ينقل الامام (ع) الى بغداد وإلا أطلق سراحه لانه ما رآى من الامام إلا العبادة والبكاء، فحمل (ع) مقيداً بالحديد الى بغداد وأودع فى سجن "الفضل بن الربيع"، ولم يزل ينقل من سجن الى سجن طيلة 14 عاماً حتى انتهى به الأمر الى سجن "السندي بن شاهك" وكان أشد السجون عليه وأضيقها وأظلمها وكان "السندي" اللعين قد قيد الامام (ع) بالحديد وهو داخل السجن.
ثم بعث هارون رطباً مسموماً وأمر ان يقدم الى الامام (ع)، فقام "السندي" باجبار الامام الكاظم (ع) على الاكل من هذا الرطب، فأكل منه وبعد لحظات أخذ السم يجرى فى جسمه الشريف وهو يعانى أشد المعاناة من ألم السم فبقي متألماً ثلاثة أيام بعدها انتقل الى رحمة ربه، فالسلام والصلاة على سيدنا الامام الكاظم (ع) شهيد السجون، في 25 من شهر رجب سنة 183 هـ ودفن في مدينة الكاظمية المقدسة شمالي بغداد.
رغم أن الامام موسى بن جعفرعلية السلام لم يكن يعترف بشرعية خلافة هارون، إلاَّ أنه كان يلتقيه ويحاوره ويناظره، وكان هارون لا يملك إلا أن يعظمه، وهذا ما أشار إليه الحاكم العباسي "المأمون"، الذي قيل له: من أين تعلمت التشيّع فقال: لقد تعلمته من أبي هارون، وذكر ما لقيه الامام الكاظم (ع) من تعظيم عند استقبال هارون له، ما أدى الى اعتراض المأمون على أبيه لجهله بالامام.
نقل "المأمون العباسي" كنت عند أبي "هارون" في احد الايام وتعجبت كثيراً من إكبار أبي لموسى بن جعفر وتقديره له. فقلت لأبي: يا "أمير المؤمنين"، من هذا الرجل الذي أعظمه وأجللته، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه ثم أمرتنا بأخذ الركاب له
قال: هذا إمام الناس، وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده فقلت: يا أمير المؤمنين، أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك
فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مني ومن الخلق جميعاً، والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإن الملك عقيم (كتاب - قادتنا كيف نعرفهم ج6، ص305، وعيون أخبار الرضا ج1ص91و93، وبحار الأنوار ج48 ص129ـ131، وكامل الزيارات باب 3 ص18، ومشارق أنوار اليقين ص94، وقادتنا كيف نعرفهم ج6، ص305).
من وصايا الامام الكاظم عليه السلام وحكمه:
1- أوصى بعض ولده: يا بني إياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها. وإياك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها.
2- إياك الكسل والضجر فإنهما يمنعانك حظك من الدنيا والآخرة.
3- إعمل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موقعه، وإن لم يكن من أهله كنت من أهله.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 15 ساعة
2025/07/05م
حسن الهاشمي لكي نحافظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، ولكي نواكب التطوّر التكنلوجي في العالم الغربي، نحن بحاجة الى إيجاد صيغة متوازنة تُراعي المنهج العلمي الحديث الذي تعتمده الجامعات الغربية، مع الحفاظ على القيم والرؤية المعرفية الإسلامية، وأبرز محاور الموائمة: 1. في المناهج: الاستفادة من المنهج... المزيد
عدد المقالات : 331
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
الحُبُّ: نقيضُ البُغضِ والحُبُّ: الودادُ ،والمَحَبَّةُ اسمٌ للحبِّ،وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه. وَهُم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إليَّ هذا الشيء يحَبُّ حُبّاً، والحبُّ: الوِدادُ،والحَبِيبُ هو: المُحِبُّ(١) والحبُّ أيضا: هو ميلٌ قلبي إلی الإشخاص أو إلی... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
في زمنٍ أضحت فيه القراءة الطويلة ضرباً من الترف الفكري، وغدت الورقات المكدسة على رفوف المكتبات ذكرى يتنهد لها العشاق، يبرز "المرجع الإلكتروني للمعلوماتية" كواحةٍ للمعرفة، تجمع بين دقة الموسوعات العلمية وثراء المكتبات. لكن هذه الواحة ليست مجرد ملاذٍ للباحثين، بل ومن يبحث عن المعارف بدون جهد فيرى... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء العشرون: تأمل في دالة الموجة التي تعرف أكثر مما نعرفه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/7/2025 في مقالات سابقة، اعتدنا أن نعتبر أن الدالة الموجية تصف نظامًا معينًا (وفي الواقع، جسيمًا منفردًا). لنفترض الآن أن... المزيد
تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق لعام 2024 والربع الأول من 2025 أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي أن صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق خلال عام 2024 سجل عجزًا قدره 8 مليارات دولار أمريكي، نتيجة خروج صافي استثمارات أجنبية... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء التاسع عشر: حين لا تجيب الدالة الموجية عن السؤال كله الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/7/2025 في هذا المقال، سوف نسأل: هل سمحت لنا نظرية الكم فقط بحساب نتائج تجاربنا أم أنها أيضًا أجابت عن المشكلات العميقة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com