في البدء لابد من القول بعدم وجود إشتراطات و قواعد حرفية لكتابة المقال ، وطبعاً لا نقصد المقال الكلاسيكي المكتوب بإسلوب خبري تقريري ممل غالباً ، بل نبحث نحن اليوم عن كتابة مرنة أقرب للنص الأدبي بما تضمِّنه من أصالةٍ وخيال وعاطفةٍ وجمال تسكبُ في قالبٍ بيانيٍّ أسلوبيٍّ رائق ، فهي ليست رياضيات مقننة بقيود حازمة وقواعد صارمة ، لأنها تخضع في النهاية للتذوق البحت .
لكن لا بد من توافر عناصر أساسية للمقال نعرض لها بإيجاز : -
1- العنوان :
العنوان هو صنارتك لصيد القُرّاء وطُعمك لاستهوائهم ، فالقارئ الحاذق لن يهدر وقته في قراءة نصٍ لم يثره عنوانه ولم يشغل له فكر ، فلهذا يفضل الابتعاد عن العناوين السطحية ، أو تلك التي تختزل المقال اختزالاً كاملاً بحيث تغنيك عن قراءة النص ، بل من الجيد أن يكون مركزاً وموجزاً ولا يخلو من الإثارة والإدهاش ، كما يمكن أن نجعل العنوان استفاهمياً او تعجبياً .
2- المقدمة :
هي حجر زاوية المقال ، وتطرح فيها الفكرة الرئيسة للمقال، التي دعت الكاتب للكتابة في موضوعه ، والممهدة للدخول بتفصيلاته لاحقاً . ويفضل فيها الإبتعاد عن الإسهاب والإطناب غير المبررين ، وإيجاز الفكرة العامة بإسلوبٍ شيق يثير نهم المتابعة والاستقصاء .
ونقول للكتّاب والمدونين الإلكترونيين خاصةً : انتم أمام قارئ حديٍّ وقاسٍ جداً ، وعلى عجلةٍ من أمره ؛ ففي أول خمسة أسطرٍ من المقالة سيحدد القاريء هل سيكمل مقالتك ام سيغلق الصفحة بكل بساطة .
3- عرض الفكرة :
عرض الفكرة كما هي بكل سطحيةٍ وتقليديةٍ يضمن للكاتب فشلاً ذريعاً ، وللحؤول دون ذلك ينصح بتعميق الفكرة وإتيانها من جوانبها المخفية ، مثل تفسير نفسي لسلوك معين ، أو استقراء استدلالي لبحثٍ معين ، او استشراف مستقبلي لما سيؤول إليه حدثٌ ما ، او تحليل ، او رؤيا .. وهكذا .
4- الخاتمة :
ختام المقال هو الانطباع الأخير الذي يرسخ في ذهن القاريء ، وله الكلمة الفصل في ما سيحوز عليه المقال من قبولٍ أو رفضٍ لدى القاريء.
من الأخطاء التقليدية الشائعة الإتيان بقطعة خطابية تشتمل على الوعظ او الدعاء كخاتمةٍ للمقال ، مهما كان مضمون المقالة او نوعها فالوعظ والإرشاد والضراعة والدعاء يفضل الإتيان به في المقالات الإسلامية الإرشادية او الخطب الدينية كخطب الجمعة مثلاً ..
أما إذا كانت الكتابة في غير تلك المضامين فيفضل ان يكون الختام ذكياً ، مدهشاً بقدر المقدمة ، ويمكن إستخدام جمل ذات إيقاع وترنم ، او جملة ساخرة ، أو ذكر مفارقة ، او إستفهام ، او تعجب ، او استنتاج مبكر ، شريطةَ ان يكون كلُ هذا مشتقٌ مما سبق ذكره في المقال وناتجٌ عن مضامينه .
كما اتقدم لكاتب هذه السطور وأصحاب اليراعات الفتية بجملة نصائح للإفادة منها في تطوير مواهبهم الكتابية وصولاً الى تجربة مكتملة الأدوات إن شاء الله .. منها :
- المداومة على القراءة ، والمطالعة المتنوعة :
لنحاول ان لا ننقطع عن القراءة البتة ، وليكن العود سريعاً الى واحة الكتب إن عرض لنا جفاءٌ وحدثت قطيعة تحول دون الإطلاع والاستزادة ، فالقراءة زادنا ووقودنا في الكتابة ، وهي التي تثرينا بخزينٍ من المفردات اللغوية والمعلومات المعرفية . كما يحبذ أن تكون القراءة متنوعة وواعية ، أي لا يكون فيها الكِتاب محض رقمٍ مضاف لقائمةِ مقروآتنا .
- الإلمام قدر الإمكان بقواعد اللغة العربية وعلامات الترقيم
- القراءة النقدية للنص ، وعدم الاستعجال بالنشر :
علينا بقراءة النص مراراً قبل منحه الضوء الأخضر للانتقال الى أيادي المتصفحين وعيون القرّاء ، ولنقرأ بعين الناقد المتفحص ، فربما نجد في مقالنا العديد من الهنات التي تستوجب الوقوف عليها حذفاً أو تعديلاً أو تشذيباً ، ولذا يقول أرباب النقد إنّ أول ناقدٍ للنص هو كاتبه ، وفعلاً فالنقد يبدأ أثناء الكتابة نفسها .
- التواصلية واستمرارية الكتابة :
وإلا سيصيب أقلامنا الفتور ، ويصعب علينا اجترار خزين المقروآت فتؤول للاندثار والنسيان ، فالمران المستمر على الكتابة يبقي نبع يراعك ثرّاً دفاقاً ، وإلا سيطمره الإهمال والكسل .
- المشاركة في المؤتمرات والندوات الثقافية :
حيث تتيح لنا الاحتكاك بالتجارب الرصينة ، والوقوف على المستجدات ، ما ينعكس إرتقاءً وتكاملاً على التجربة الذاتية .







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN