من الطبيعي أن يكون لمدينة الكاظمية المقدسة السبق والصدارة في إحياء مراسم العزاء بمناسبة ذكرى استشهاد سيد الأنبياء والمرسلين محمد "صلى الله عليه وآله وسلم"، لذا حرص خدّام الإمامين الجوادين حضور تلك المجالس وكان من بينها العزاء الحسيني المُقام في دار الحاج علاء السعدي، واستضيف خلالها فضيلة الشيخ شهاب العامري ليتحف الحضور بمجموعة من بحوثه الأخلاقية والتربوية، وكان من بينها بحث بعنوان: (الأسرة الصالحة قرة العين)، مستشهداً بقوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)، مبيناً مفهوم " قرة العين"، موضحاً إنهما عنصري الاستقرار والبهجة، وذكر في عنصر الاستقرار، إذ أن هناك للإنسان وجودان وجودٌ فردي وهو وجود ذاته المحدود، ووجود اجتماعي وهو وجود أسرته، وهو الوجود الذي ينبغي أن نخشى عليه، لأن الذرية الصالحة إذا نشأت على التدين والصلاح فإنها تستطيع أن تواصل مشوار الحياة بالتخطيط الواعي.
وأشار إلى المحور الثاني للآية الكريمة : (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)، ذكر فيها أمرين معنى قوله " إماماً " مبيّناً لفظ الإمام لهُ معنيان، فالإمام بالمعنى الأخص هو من ينكشف له عالم الملكوت، أما بالمعنى الأعم فهو من يقتدي به الناس في منهج معين فهو إمام سواء كان إمام هدىً أم إمام ضلال، والمقصود هنا في الآية ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) أي الطموح لأمر آخر وهو أن تكون أسرهم قدوة للأسر الأخرى.
في الوقت ذاته شدّد الشيخ العامري على أن يكون البناء الأسري بناءً رصيناً، ولا نسمح أن تنشأ في أجواء الوهن والضعف والتحلل والنظرة المادية الدنيوية للأمور، بل أن تكون قدوة للأسر الأخرى، فأسرة لما لها من صفات ومبادئ وسيرة ناصعةٍ حسنةٍ تكون قبلة للأسر الأخرى وهذا ما يوجب أن يسعى إليه كلّ إنسان مؤمن للوصول نحو مدارج الكمال.