المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) حجّة الله يوم القيامة
2024-04-26
امساك الاوز
2024-04-26
محتويات المعبد المجازي.
2024-04-26
سني مس مربي الأمير وزمس.
2024-04-26
الموظف نفرحبو طحان آمون.
2024-04-26
الموظف نب وعي مدير بيت الإله أوزير
2024-04-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


هل يسري اجمال المخصص الى العام؟  
  
1507   08:35 صباحاً   التاريخ: 1-9-2016
المؤلف : السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
الكتاب أو المصدر : أجود التقريرات
الجزء والصفحة : ص 455-480.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016 1404
التاريخ: 29-8-2016 1114
التاريخ: 26-8-2016 1399
التاريخ: 25-6-2020 1228

إذا كان المخصص مجملا فهل يسري اجماله الى العام فيه تفصيل وقبل الخوض في تحقيق الحال لابد من التنبيه على امر وهو انه قد تكرر في كلماتهم ان المخصص المنفصل لا يوجب تعنون العام بشيء والمراد بذلك هو بيان الفرق بين المخصص المتصل والمخصص المنفصل بأن التخصيص إذا كان بمتصل فلفظ العام في الكلام وان كان مفيد التمام معناه بالدلالة التصورية الا ان اتصال المخصص به يوجب قصر الدلالة التصديقية على غير موارد التخصيص فيقال في مثل اكرام العلماء الا فساقهم ان المولى اراد اكرام العلماء بشرط ان لا يكونوا فاسقين واما إذا كان التخصيص بمنفصل فظهور العام المنعقد في ظرفه لا يرتفع بورود التخصيص عليه لان الشيء لا ينقلب عما وقع عليه غاية الامر انه ينتهي بورود المخصص امد كشف العام عن ارادة العموم واقعا ضرورة ان ورود المخصص يكشف لا محالة عن عدم ارادة ذلك الظاهر لبا فيختص الحكم بغير موارد التخصيص (وبعبارة اخرى) المخصص المتصل يمنع انعقاد الظهور للعام الا في المعنى الخاص واما المخصص المنفصل فهو لا يمنع ولا يرفع ظهور العام في العموم وانما يكون رافعا لحجيته في موارد التخصيص وكاشفا عن قصر الحكم بحسب مقام الثبوت على غيرها (واما ما) في بعض العبارات من ان المخصص المنفصل كالمخصص المتصل في انه يوجب تعنون العام بغير عنوان الخاص فقد اريد به ما ذكرناه من ان المخصص المنفصل يكشف عن قصر الحكم على غير موارد التخصيص فلا منافاة بين التعبيرين فان من قال ان المخصص المنفصل لا يوجب تعنون العام اراد به انه لا يصادم ظهوره ومن قال انه يعنونه اراد به انه يكشف عن قصر الحكم في مقام الثبوت على غير موارد التخصيص فلا تشتبه.

(إذا عرفت ذلك) فنقول المخصص اما ان يكون متصلا أو يكون منفصلا وعلى كل تقدير فاما ان يكون اجماله لدورانه بين الاقل والاكثر أو لدورانه بين المتباينين (اما المخصص المتصل) فالحق ان اجماله  يسري إلى العام مطلقا فان القرينة المتصلة وان لم تصادم الدلالة التصورية اللازمة لسماع اللفظ عند العالم بالوضع الا انها كما عرفت تصادم الدلالة التصديقية اعني بها دلالة الكلام على ما يريده المتكلم به فيدل التخصيص المتصل على ان ما اراده المتكلم انما هو خصوص المقيد من اول الامر وعليه فإذا كانت القرينة مجملة فيما اريد بها لدورانه بين المتباينين أو لدورانه بين الاقل والاكثر كان ما اراده المتكلم من مجموع كلامه بعد ضم بعضه إلى بعضه الاخر مرددا عند السامع فلا ينعقد لكلامه ظهور فيما اراده فيكون مجملا لا محاله (واما المخصص المنفصل) فقد عرفت انه لا يوجب ارتفاع الدلالة التصديقية من العام غاية الامر انه يكون كاشفا عن قصر المراد الواقعي على غير موارد التخصيص فلا يبقى مجال للزوم اتباع العام على اطلاقه فإذا قال المولى اكرم العلماء مثلا ولم يذكر في الكلام قرينة متصلة انعقد لكلامه ظهور في العموم وبمقتضى ادلة حجية الظهور يكون هذا الظهور متبعا و كاشفا عن ان مراد المولى هو اكرام كل عالم فاسقا كان ام عادلا لكنه إذا دل دليل منفصل على عدم وجوب اكرام فساق العلماء كان هذا الدليل كاشفا عن ان مراد المولى واقعا لم يكن هو اكرام مطلق العالم بل خصوص ما لم يكن فاسقا فتكون القرينة المنفصلة كاشفة عما اراده المولى واقعا وعليه فإذا كان المخصص المنفصل مجملا لدورانه بين المتباينين سرى اجماله إلى العام قهرا ضرورة انه يدل على تقييد مراد المولى واقعا بشيء غير معين فيكون موجبا لإجماله كالمخصص المتصل غاية الامران المخصص المتصل يوجب ارتفاع نفس الظهور في العموم والمخصص المنفصل يوجب ارتفاع حجيته وعلى كل تقدير يكون المراد الواقعي مرددا وغير متعين لا محالة وهذا بخلاف ما إذا كان اجمال المخصص لدورانه بين الاقل والاكثر فان اجماله لا  يسري إلى العام بل يكون العام متبعا في غير ما علم خروجه من حكم افراده فان المفروض ان العام كان ظاهرا في تمام افراده والقدر الذي خرج من حكمه وقيد به المراد الواقعي هو ما اريد من المخصص قطعا واما مالا يقين بخروجه مما يحتمل شمول المخصص له فالخاص بما انه لا ظهور له فيه لا يكون هادما لظهور العام فيه ورافعا لكشفه عن المراد الواقعي فيبقى ظهوره فيه بلا معارض (والحاصل) ان اصالة الظهور لا تكون في الحجية بأضعف من الاصول العملية فكما ان دليل حرمة اكرام العالم الفاسق إذا تردد الامر فيه بين أن يكون المراد بلفظ الفاسق فيه خصوص مرتكب الكبيرة أو الاعم منه ومن مرتكب الصغيرة لا يكون مانعا من اجراء اصالة البراءة عن اكرام مرتكب الصغيرة كذلك لا يكون ذلك الدليل مانعا من التمسك بعموم دليل وجوب اكرام العلماء المفروض شموله لمرتكبي الصغائر من العلماء ايضا.

(فان قلت) ان دليل حرمة اكرام العالم الفاسق وان لم يكن رافعا لظهور دليل وجوب اكرام العلماء الا انه لا محالة يوجب تقيد المراد الواقعي بغير الفاسق وبما ان المفروض اجمال مفهوم الفاسق لتردده بين الاقل والاكثر يكون من يجب اكرامه من العلماء بحسب المراد الواقعي مرددا بين الاقل والاكثر ايضا فلا يكون حينئذ فرق بين المخصص المتصل والمنفصل الا فيما ذكر من ان الاول رافع للظهور من اول الامر دون الثاني واما بالنسبة إلى التقييد المراد الواقعي فكل منهما يوجب اجماله بالضرورة واما ما ذكر من جريان الاصول العملية عند دوران دليل الحرمة بين الاقل والاكثر في المقدار الزايد على المتيقن فانما هو من جهة ان موضوع الاصول العملية هو عدم العلم وهو موجود عند الدوران المذكور وجدانا وهذا بخلاف الاصول اللفظية فانها انما تعتبر لأجل كشفها عن المراد الواقعي فإذا كان مرددا بين الاقل والاكثر لتردد المخصص واجماله لم يبق موضوع للتمسك بها وهذا هو الفارق بين الاصول اللفظية والعملية. (قلت) قد ذكرنا سابقا ان الاحكام انما تتعلق بالمفاهيم باعتبار كونها مرآة للحقائق التي تطابقها في الخارج لا بما هي مفاهيم وعليه فإذا كان دليل وجوب اكرام العالم عاما بالنسبة إلى كل انقسام يمكن ان يفرض في مفهوم العالم ككونه مرتكب الكبيرة وغيره وكونه مرتكب الصغيرة وغيره إلى غير ذلك من الانقسامات فبإزاء كل انقسام يفرض في العام تكون فيه جهة اطلاق لا ترفع اليد عنها الا بدليل فإذا ورد مخصص منفصل مردد بين الاقل والاكثر كدليل حرمة اكرام العالم الفاسق كان اللازم هو رفع اليد عن اطلاق دليل العام بالإضافة إلى مرتكب الكبيرة المعلوم ارادته من الخاص واما مرتكب الصغيرة فلم يعلم دخوله في مفهوم الفاسق المقيد للعام بما انه حاك عن مطابقه في الخارج فلا يكون هناك موجب لرفع اليد عن ظهور العام في شموله له فالإطلاق من هذه الجهة بلا معارض لقصور دليل المخصص عن التقييد بعدم كون العالم مرتكب الصغيرة على الفرض (وبالجملة) ان ظهور دليل العام في وجوب اكرام العالم المرتكب للصغيرة محفوظ بعد ورود المخصص المنفصل ايضا على الفرض واما حجيته فالمانع منها منحصر بما يدل على عدم وجوب اكرامه الكاشف عن تقيد المراد الواقعي بعدمه والمفروض انه لا دليل عليه لإجمال المخصص فيبقى ظهور العام فيه بلا معارض فيكون رفع اليد عنه بلا موجب واما الشك في شمول دليل المخصص لمرتكب الصغيرة من جهة اجمال مفهوم الفاسق فهو وان كان موجودا الا انه لا يترتب عليه اثر ضرورة ان ما هو من انقسامات العام اعني به انقسام العام في المثال إلى مرتكب الصغيرة وغيره يكون الاطلاق بالإضافة إليه حجة بلا مزاحم واما ما ليس من انقسا ماته ككون لفظ الفاسق موضوعا لخصوص مرتكب الكبيرة أو للأعم منه ومن مرتكب الصغيرة فلا يكون الشك فيه بنفسه موضوعا لأثر عملي فالشك فيما وضع له لفظ الفاسق مثلا وان كان بعد باقيا على حاله الا ان الاثر انما هو مترتب على ما يراد بلفظ الفاسق في مقام الاستعمال وبما ان المفروض انه لم يعلم ارادة الاعم من مرتكب الصغيرة بلفظ الفاسق الوارد في دليل حرمة اكرام العالم الفاسق يكون ظهور العام الشامل له بأطلاقه باقيا على حاله من غير مزاحم له (واما ما ذكر) من ان حجية الاصول اللفظية انما هي من جهة الكشف عن المراد الواقعي فهو وان كان صحيحا الا ان جريانها يختص بموارد الشك كالأصول العملية غاية الامر ان الشك في الاصول العملية اخذ موضوعا في لسان ادلتها واما في الاصول اللفظية فهو مورد لجريانها وهذا ليس بفارق بعد اشتراكهما في عدم الجريان الا في موارد الشك.

 

 بقي هناك امور:

(الاول) انه إذا دل دليل على حرمة اكرام زيد مثلا واحتمل أن يكون المراد به زيد العالم أو غيره فدار الامر بين التخصص والتخصيص في دليل العام فهل يكون عموم اكرام العلماء حينئذ دالا على وجوب اكرام زيد العالم ومبنيا لكون المراد من دليل الحرمة غير زيد العالم (ربما يقال) بان العلم الاجمالي بحرمة اكرام زيد المردد بين العالم وغيره موجب لترك اكرامهما ولا يكون عموم العام موجبا لانحلال العلم الاجمالي فان دليل العموم انما هو بمنزلة الكبرى الكلية غير المتكفلة ببيان حال الافراد وليس حال حال البينة القائمة على ان زيدا العالم يجب اكرامه الموجبة لانحلال العلم يقينا فانها متكفلة ببيان حال الفرد فتكون موجبة للانحلال لا محالة واما دليل العالم فبما انه لا نظر له إلى خصوص فرد لا يكون موجبا لانحلال العلم الاجمالي فيسقط العموم عن الحجية بالإضافة إلى زيد العالم ايضا (ولكنه لا يخفى) ان دليل العام وان لم يكن متكفلا ببيان حكم خصوص فرد من الافراد ابتداء الا انه لا محالة يثبت له الحكم بعد انضمام الصغرى إلى الكبرى الكلية المستفادة من دليل العالم فإذا ثبت له حكم وجوبي بمقتضى العموم ارتفعت عند الحرمة بالملازمة فتتعين الحرمة في الطرف الاخر بالملازمة والمثبت من الاصول اللفظية لكونها ناظرة إلى الواقع يكون متبعا بلا كلام فيكون دليل العام كقيام البينة موجبا لانحلال العلم الاجمالي لما ثبت في محله من ان الانحلال كما يتحقق بأثبات الحكم المعلوم بالإجمال في طرف كذلك يتحقق بنفيه عن ذلك الطرف وبما ان دليل العام ينفى الحرمة عن احد طرفي العلم الاجمالي يوجب انحلاله واختصاص الحكم بالحرمة بالطرف الاخر. (الثاني) إذا تردد امر فرد بين دخوله في افراد المخصص وعدمه لا من جهة اجمال مفهوم المخصص بل من جهة شبهة خارجية ففي جواز التمسك بالعموم حينئذ وعدمه خلاف ربما ينسب إلى المشهور والاشهر جوازه لأجل فتواهم بالضمان فيما إذا دار امر اليد بين ان يكون يد ضمان وعدمه بل ربما ينسب إلى العلامة الأنصاري (قدس سره) التمسك بعمومات ادلة انفعال الماء في الحكم بنجاسة الماء المردد امره بين كونه قليلا قابلا للانفعال وكونه كثيرا معتصما بنفسه وسيأتى الكلام في صحة نسبة ذلك إلى المشهور وعدمها انشاء الله تعالى (وكيف كان) فالحق هو عدم جواز التمسك بعموم العام عند الشك من جهة الشبهة الخارجية سواء في ذلك القضية الحقيقية والقضية الخارجية (اما القضية الحقيقية) فلما عرفت من ان شأن اداة العموم فيها انما هو تسرية الحكم إلى كل قسم من الاقسام التي يمكن انقسام مدخول الاداة بالإضافة إليها مثلا العالم يمكن ان يكون نحويا وان يكون غير نحوى كما يمكن ان يكون عادلا وان يكون غير عادل وهكذا بالإضافة إلى بقية الخصوصيات التي بها ينقسم مفهوم العالم إلى اقسام كثيرة فإذا ورد الدليل على وجوب اكرام كل عالم كانت اداة العموم مفيدة لسراية الحكم إلى كل قسم من هذه الاقسام لكنه إذا ثبت بدليل اخر تخصيص ذلك العام كما إذا ورد في الدليل انه لا يجب اكرام العالم الفاسق فهذا الدليل وان لم يكن موجبا لرفع ظهور العام في العموم لان المفروض تمامية دلالته التصديقية بعدم اتيان المتكلم في كلامه بما يوجب تخصيص ذلك العالم إلا انه يوجب تقييد المراد الواقعي بكشفه عن ان المتكلم لم يبين اولا الا بعض مراده وقد وكل بيان تمام مراده إلى دليل اخر منفصل لحكمة دعته إلى ذلك فإذا انكشف كون المراد الواقعي معنونا بعنوان خاص وسقطت حجية ظهور العام بالإضافة إلى افراد المخصص لم يبق مجال توهم التمسك به لإثبات الحكم لما لا يعلم انه من افراد المعنون بذلك العنوان الخاص فكما لا يصح التمسك بعموم الدليل المزبور لإثبات وجوب اكرام من شك في كونه عالما فان دليل العام غير متكفل بإحراز من يكون عالما في الخارج بل هو متكفل بإثبات الحكم عند تحقق موضوعه المقدر وجوده كذلك لا يصح التمسك به لإثبات الحكم للعالم المحتمل فسقه بعد ورود التخصيص عليه بمثل لا تكرم فساق العلماء وتقييد المراد الواقعي بغير الفاسق لان اثبات الحكم لشيء خارجا انما هو فرع احراز تحقق تمام موضوعه وبما ان المفروض في محل البحث ان تحقق تمام الموضوع مشكوك فيه في الخارج لا يمكن التمسك بعموم العام لإثبات الحكم للفرد المشكوك فيه (واما القضية الخارجية) فلان غاية ما يمكن ان يتمسك به لجواز التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية فيها هو ان المتكلم في موارد القضايا الخارجية هو الذي تكفل بإحراز انطباق عنوان العام على المصاديق الخارجية فيكون ظهور كلامه متبعا في غير ما علم خروجه وجه من حكم العام بالعلم بدخوله في عنوان الخاص (ولكنه يندفع) بانا لانشك في ان نحو استعمال العام في القضايا الخارجية لا يباين نحوه في القضايا الحقيقية في ان عنوان العام انما يؤخذ في موضوع الحكم في مقام الاثبات مرآة إلى افراده الخارجية أو المقدرة وانما الفرق بينهما هو ان العام في القضايا الحقيقية مع كونه مرآة لأفراده المقدر وجودها في الخارج يكون له دخل ثبوتا في ثبوت الحكم للأفراد فيكون العام وسطا في الثبوت وهذا بخلاف القضايا الخارجية فان عنوان العام لا يكون فيها دخيلا في ثبوت الحكم اصلا وانما يكون ثبوت الحكم للأفراد بملاك آخر يقتضيه لكن هذا الفرق لا يكون فارقا فيما نحن بصدده من كون عنوان العام مأخوذا مرآة لأفراده الخارجية أو المقدرة فإذا كان الاستعمال فيهما على نهج واحد فبورود دليل التخصيص بمثل لا تكرم ادعائي يستكشف ان المتكلم لم يكن محرزا لحال الافراد من هذه الجهة وانما وكل احرازه إلى نفس المخاطب فيكون دليل التخصيص مقيدا للمراد الواقعي في المثال المزبور بغير الاعداء فلا يمكن التمسك بالعموم عند عدم احراز القيد كما كان الحال كذلك في القضايا الحقيقية بعينها ومما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك بعموم الحكم ايضا في الشبهات المصداقية فان عموم الحكم انما يتبع عموم موضوعه وبما ان صدق موضوعه بعد تخصيصه على الفرد المحتمل كونه من افراد المخصص يكون مشكوكا فيه لا يمكن التمسك بعموم الحكم ايضا.

(فان قلت) إذا كان موضوع دليل التخصيص في القضية اللفظية مثل كلمة هؤلاء ودار امرها بين ان تكون اشارة إلى خمسة افراد من افراد العام أو أكثر منها مثلا فلا اشكال في ان مقتضى القاعدة حينئذ هو التمسك بالعموم في غير ما علم وقوع الاشارة عليه من الافراد وعليه فماذا يكون فارقا بينه وبين ما هو محل الكلام في الشبهة المصداقية.

(قلت) الفارق هو ان الشك إذا كان ناشئا من وقوع الاشارة على الخمسة أو الاكثر فلا محالة كان ما هو المراد من الخاص مرددا بين الاقل والاكثر من جهة اجمال المفهوم ولا شبهة في ان مقتضى القاعدة فيه هو التمسك بعموم العام نعم إذا علم وقوع الاشارة على جماعة معينة معنونة بعنوان الجهال مثلا كما إذا قال لا تكرم هؤلاء الجهال مشيرا به إلى جماعة بعينها ثم دار الامر في فرد بين دخوله فيها وخروجه عنها لم يمكن التمسك فيه بالعموم وكان حاله حال القيام بعينه.

(ثم انه) ربما يتمسك لجواز التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية بقاعدة المقتضى والمانع بتقريب ان عنوان العام انما هو من قبيل المقتضى لثبوت الحكم لكل واحد من الافراد المتحققة في الخارج وعنوان الخاص انما هو من قبيل المانع له فإذا احرز المقتضى وشك في وجود المانع فلا بد من الاخذ بالمقتضى والحكم بوجود مقتضاه (ويرد عليه) مضافا إلى عنوان المخصص لا ينحصر في كونه من قبيل المانع دائما بل ربما يكون من قبيل الشرط أو الجزء كما في قوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور (1) أو بفاتحة الكتاب ان قاعدة المقتضى والمانع مما لم يدل عليها دليل شرعي أو عقلي فكيف يمكن التمسك بها في اثبات قاعدة اصولية أو فرعية (واما ما) ربما يقال في وجه الجواز من ان عموم العام حجة فيما لا يكون هناك حجة أقوى على خلافه وبما ان دليل المخصص لا يكون حجة في الافراد التي لم يحرز دخولها تحت عنوان موضوعه تبقى حجية العام فيها بلا معارض بل ربما تقاس اصالة العموم بالأصول العملية التي لا اشكال في جريانها في الشبهات المصداقية فلتكن اصالة العموم مثلها ايضا (فمدفوع) بان دليل المخصص بعد تقييده للعام بغير افراد الخاص الواقعية وثبوت هذا التقييد عند المخاطب يوجب ارتفاع حجية دليل العام الا في المقيد بغير عنوان الخاص وبما ان صدق المقيد بعد ثبوت التقييد على مورد الشبهة يكون مشكوكا فيه لا يمكن التمسك فيه بعموم العام قطعا واما قياس الاصل اللفظي بالأصول العملية فيبطله ان حجية الاصل العملي في مورد الشبهة المصداقية انما هي لأجل ان تمام موضوعه هو الشك وهو متحقق في مورد الشبهة وجدانا وهذا بخلاف الاصل اللفظي فان حجيته انما هي من جهة كشفه عن المراد الواقعي ومن البديهي ان ورود التخصيص وتقييده للمراد الواقعي لا يبقى محلا لكشف عموم العام عن المراد الواقعي الا في غير افراد الخاص فلا يكون العموم حجة الا في المقدار الباقي بعد التخصيص وبما ان المفروض عدم تكفل دليل العام بكشف حال الافراد من جهة دخولها في عنوان الخاص وعدمه لا يمكن التمسك به في الافراد المشتبهة يقينا (واما نسبة) التمسك بالعموم في موارد الشبهة المصداقية إلى المشهور من جهة ذهابهم إلى الضمان فيما إذا دار الامر بين كون اليد عادية وكونه غير عادية (فتحقيق الحال) فيها هو ان مسألة جواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية وعدمه لم تكن محررة في كلام المشهور ولم يعلم ان وجه ذهابهم إلى الضمان هو ماذا فقد ذهب بعضهم إلى انه من جهة تجويزهم التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية وذهب آخر إلى انه من جهة التمسك بقاعدة المقتضى والمانع نظرا إلى ان اليد مقتضية للضمان وكونها يد امانة مانعة من ذلك فإذا شك في وجود المانع بعد احراز المقتضى حكم بعد مه وذهب ثالث إلى انه من جهة صحة جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية حتى فيما اخذت في موضوع الحكم على نحو مفاد ليس الناقصة نظرا منه إلى ان موضوع الضمان هو الاستيلاء على مال الغير المتصف بكونه مقارنا لعدم رضاه فإذا احرز الاستيلاء بالوجدان يجرى استصحاب عدم رضا المالك فيثبت الضمان وهذه التوجيهات كلها من باب التظني والتخرص على الغيب لان المتحقق الثابت من المشهور انما هو مجرد الفتوى بالضمان واما كون مستندهم في هذه الفتوى هو احد هذه الامور المذكورة فلا شاهد له في كلماتهم اصلا مضافا إلى انه لم يظهر من المشهور في غير المقام العمل بأحد هذه المباني مع انها غير صحيحة في انفسها اما قاعدة المقتضى والمانع واستصحاب العدم الازلي فيما كان العدم مأخوذا في الموضوع نعتا فلما سيجيئ في محله من عدم الدليل عليهما واما التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية فلما عرفت آنفا من عدم جوازه بل انه لا يمكن جعل المستند في هذه الفتوى هو تجويز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية لان الكلام في جواز التمسك بالعموم في موارد الشبهة المصداقية انما هو فيما إذا كان ظهور العام منعقدا في العموم وارتفعت حجيته بدليل مخصص منفصل واما موارد انعقاد الظهور من اول الامر في الخاص فلا يعقل التمسك فيها بالعموم في مورد الشك قطعا وعليه فإذا كان موضوع الحكم بالضمان مقيدا من اول الامر بكون اليد عادية لما قيل من اخذ معنى الغلبة والاستيلاء قهرا في معنى لفظ الاخذ كما هو ليس ببعيد لم يمكن التمسك بعموم دليل على اليد ما اخذت عند الشك في كون اليد عادية (والذي يمكن) ان يصحح به فتوى المشهور بالضمان في الموارد المشتبهة وان من يدعى عدم الضمان هو المدعى دون الاخر هو التمسك بالأصل واحراز موضوع الضمان بضم الوجدان إليه كما ربما يستفاد من بعض كلمات المحقق الثاني (وتوضيحه) ان موضوع الحكم إذا كان مركبا في لسان الدليل فهو اما أن يكون مركبا من عرض ما و محله ولا بد من اخذه حينئذ بنحو مفاد كان الناقصة واما ان يكون مركبا من العرض وجوهر غير محله أو من عرضين ولو في محل واحد أو جوهرين وفي غير القسم الاول اما أن لا يكون الموضوع المأخوذ في لسان الدليل مركبا من الجزئين موضوعا للحكم واقعا وانما يكون موضوعه في الحقيقة عنوانا بسيطا منتزعا عن كيفية وجودهما في الخارج كعنوان التقارن أو التقدم أو التأخر واما أن يكون الموضوع في الواقع ايضا هو نفس وجود الجزئين في الخارج من دون اعتبار امر آخر.

(اما القسم الاول) اعني به ما كان مركبا من العرض ومحله فلا يمكن فيه احراز الموضوع بضم الوجدان إلى الاصل الا في ما إذا كان الوجود أو العدم بوصف كونه نعتا مسبوقا بالعلم بتحققه سابقا واما في غير ذلك فلا إذا لمفروض فيه انه لا حالة سابقة لنفس الوجود أو العدم المأخوذ نعتا ليستصحب واما العدم المحمولي فهو وان كانت له حالة سابقة لا محالة وكان قابلا للتعبد به بقاء الا ان المفروض انه لا اثر له شرعا وانما الاثر مترتب على العدم النعتي (2) واثباته باستصحاب العدم الازلي المحمولي لا يتم الاعلى القول بالأصل المثبت.

(واما بقية الاقسام) فان كان موضوع الحكم فيها في الحقيقة ونفس الامر هو العنوان البسيط المنتزع من الجزئين المأخوذين في الموضوع في ظاهر القضية لم يكن ايضا احرازه بجريان الاصل في نفس الجزء الاعلى القول بالأصل المثبت والوجه في ذلك ظاهر (وعليه يتفرع) ما افاده العلامة الأنصاري (قدس سره) من عدم انعقاد الجماعة بركوع المأموم عند الشك في بقاء الامام راكعا فانه يبتنى على ان يكون موضوع الحكم ومحقق الجماعة هو العنوان البسيط المنتزع عن ركوع المأموم حال ركوع الامام ومن الواضح ان استصحاب بقاء الامام راكعا إلى زمان ركوع المأموم لا يثبت تحقق هذا الموضوع الاعلى القول بالأصل المثبت (واما) إذا كان موضوع الحكم هو نفس تحقق الجزئين في زمان واحد من دون أن يكون اخذ هما في الموضوع كناية عن تحقق عنوان بسيط منتزع منهما فلا اشكال في امكان احراز موضوع الحكم بضم الوجدان إلى الاصل (وعليه يتفرع) ما افاده العلامة الأنصاري (قدس سره) ايضا في بعض تحقيقاته من انه إذا علم تاريخ ركوع المأموم وشك في بقاء الامام راكعا امكن الحكم بانعقاد الجماعة وهذا مبتن على أن يكون موضوع الحكم ومحقق الجماعة هو نفس تحقق الركوعين في زمان واحد من دون اخذ عنوان بسيط آخر يكون هو الموضوع في الحقيقة للحكم.

(إذا عرفت ذلك) فنقول لا اشكال في ان موضوع ضمان اليد انما هو الاستيلاء على مال الغير من دون رضاه كما لا اشكال في ان الاستيلاء عرض قائم بالمستولى كما ان الرضا وعد مه من اعراض المالك وكل من هذين العرضين بالإضافة إلى محله وان كان من قبيل مفاد كان الناقصة الا انه بالإضافة إلى العرض الاخر ليس كذلك وبما انه لم يجعل موضوع الضمان في دليله الانفس تحقق العرضيين المزبورين في الخارج في زمان واحد اعني بهما الاستيلاء على مال الغير وعدم رضاه بذلك يمكن احرازه بضم الوجدان إلى الاصل فإذا كان الاستيلاء على مال الغير محرزا وجدانا وشك في رضا المالك امكن احراز عد مه بالأصل فيتم موضوع الضمان بضم الوجدان إلى الاصل فقول مدعى الضمان موافق للأصل فيكون هو المنكر كما ان قول مدعى عدمه مخالف للأصل فيكون هو المدعى فيحتاج في اثبات مدعاه إلى اقامة البينة نعم لو كان موضوع الضمان امرا بسيطا منتزعا من اجتماع الامرين المزبورين لما امكن الحكم بالضمان الا على القول بالأصل المثبت لكن الامر ليس كذلك لان موضوع الضمان في ظاهر دليله انما هو نفس الامرين المزبورين دون العنوان البسيط المنتزع منهما فيحتاج اثبات كونه عنوانا بسيطا إلى دلالة دليل آخر عليه وهو مفقود على الفرض فتحصل ان دعوى الملازمة بين القول بالضمان في موارد الشك في كون اليد عادية والقول بجواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية بينة الفساد خصوصا على ما ذكرناه من ان كون اليد عادية مأخوذ في موضوع الضمان من اول الامر تذييل لا يخفى انه كما لا يمكن التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية كذلك لا يمكن احراز دخول الفرد المشتبه في افراد العام بإجراء الاصل في العدم الازلي خلافا لما ذهب إليه (3) المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من امكان ذلك حيث قال ان الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل لما كان غير معنون بعنوان خاص بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص كان احراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي في غالب الموارد ممكنا إلى ان قال مثلا إذا شك ان امرأة تكون قرشية فهي وان كانت إذا وجدت اما قرشية أو غيرها فلا اصل يحرز انها قرشية أو غيرها الا ان اصالة عدم تحقق الانتساب بينها وبين قريش يجدى في تنقيح انها ممن لا تحيض الا إلى خمسين انتهى ويرد عليه ان الباقي تحت العام بعد التخصيص إذا كان هي المرأة التي لا يكون الانتساب إلى قريش موجودا معها على نحو مفاد ليس التامة فالتمسك بالأصل المذكور لأدراج الفرد المشتبه كونها من قريش في الافراد الباقية وان كان صحيحا الا ان الواقع ليس كذلك لان الباقي تحت العام حسب ظهور دليله انما هي المرأة التي لا تكون قرشية على نحو مفاد ليس الناقصة (4) وعليه فالتمسك بأصالة العدم لإثبات حكم العام للفرد المشكوك فيه غير صحيح وذلك لان العدم النعتي الذي هو موضوع الحكم لا حالة سابقة له على الفرض ليجري فيه الاصل واما العدم المحمولي الازلي فهو وان كان مجرى للأصل في نفسه الا انه لا يثبت به العدم النعتي الذي هو المأخوذ في الموضوع الاعلى القول بالأصل المثبت.

وتوضيح ذلك انما هو برسم مقدمات:

(الاولى) ان التخصيص سواء كان بالمنفصل ام بالمتصل استثناء كان المتصل أم غيره انما يوجب تقييد عنوان العام بغير عنوان المخصص فإذا كان المخصص امرا وجوديا كان الباقي تحت العام معنونا بعنوان عدمي وان كان المخصص امرا عدميا كان الباقي معنونا بعنوان وجودي (والسر في ذلك) هو ما تقدم من ان موضوع كل حكم أو متعلقه بالإضافة إلى كل خصوصية يمكن ان ينقسم باعتبار وجودها وعدمها إلى قسمين مع قطع النظر عن ثبوت الحكم له لا بد من ان يعتبر في مقام الحكم عليه مطلقا بالإضافة إلى وجود تلك الخصوصية أو مقيدا بوجود تلك الخصوصية أو بعدمها لأنه يستحيل الاهمال في موارد التقسيمات الاولية مثلا العالم في نفسه ومع قطع النظر عن ثبوت الحكم له ينقسم إلى عادل وغيره فإذا ثبت له حكم من قيل المولى الملتفت إلى هذا التقسيم فهو لا يخلو من ان يثبت له مطلقا وغير مقيد بوجود العدالة أو بعدمها ومن ان يثبت له مقيدا بأحد القيدين إذ لا يعقل ان يكون الحاكم في مقام جعل حكمه جاهلا بموضوع حكمه و غير ملاحظ له على نحو الاطلاق أو التقييد من دون فرق في ذلك بين الخصوصيات التي هي من قبيل العوارض والطواري والخصوصيات التي هي من قبيل المقارنات الخارجية (وعليه) فإذا فرضنا خروج قسم من الاقسام من حكم العام فاما ان يكون الباقي تحته بعد التخصيص مقيدا بنقيض الخارج فيكون دليل المخصص رافعا لإطلاقه فهو المطلوب واما ان يبقى على اطلاقه بعد التخصيص ايضا فيلزم التهافت والتناقض بين مدلولي دليل العام ودليل التخصيص (نعم هناك) فرق بين المخصص المتصل والمخصص المنفصل فان التقييد في المخصص المتصل انما هو بحسب الدلالة التصديقية إذ المفروض في موارد التخصيص بالمتصل انه لا ينعقد الظهور للكلام الا في الخاص من اول الامر وهذا بخلاف التقييد في موارد التخصيص بالمتفصل فان التقييد فيها انما يكون بالإضافة إلى المراد الواقعي لا بالنسبة إلى ما يستفاد من الكلام لفرض تمامية الظهور في العموم لكن هذا المقدار من الفرق لا يكون بفارق في المقام بعد اشتراكهما في تقييد المراد الواقعي. الثانية ان العنوان الخاص إذا كان من قبيل الاوصاف القائمة بعنوان العام سواء كان ذلك العنوان الخاص من العناوين المتأصلة ام من العناوين الانتزاعية فلا محالة يكون موضوع الحكم بعد التخصيص مركبا من المعروض وعرضه القائم به اعني به مفاد ليس من الناقصة (5)المعبر عنه في كلام العلامة الأنصاري (قدس سره) بالعدم النعتي (والسر في ذلك) هو ان انقسام العام باعتبار اوصافه ونعوته القائمة به انما هو في مرتبة سابقة على انقسامه باعتبار مقارناته فإذا كان دليل التخصيص كاشفا عن تقييد ما ورافعا لإطلاقه بمقتضى المقدمة الاولى فلابد من ان يكون هذا التقييد بلحاظ الانقسام الاولى اعني به الانقسام باعتبار اوصافه ونعوته فيرجع التقييد إلى التقييد بما هو مفاد ليس الناقصة إذ التقييد لو كان راجعا إلى التقييد بعدم مقارنته لوصفه القائم به على نحو مفاد ليس التامة ليكون الموضوع في الحقيقة مركبا من عنوان العام وعدم عرضه المحمولي فاما ان يكون ذلك مع بقاء الاطلاق بالإضافة إلى جهة كون العدم نعتا ليرجع استثناء الفساق من العلماء في قضية اكرم العلماء الا فساقهم إلى تقييد العلماء بان لا يكون معهم فسق سواء كانوا فاسقين ام لا أو يكون ذلك مع التقييد من جهة كون العدم نعتا ايضا ليرجع مفاد القضية المزبورة إلى وجوب اكرام العلماء المعتبر فيهم ان لا يكونوا فاسقين وان لا يكون معهم فسق وكلا الوجهين باطل

اما الاول فلانه غير معقول لوضوح التدافع بين الاطلاق من جهة كون العدم نعتا والتقييد بالعدم المحمولي

واما الثاني فلانه مستلزم للغوية التقييد بالعدم المحمولي لكفاية التقييد بالعدم النعتي عنه وهذا هو الميزان الكلى فيما إذا كان الموضوع مركبا من العرض ومحله (6) فان اللازم فيه ان يكون التقييد بلحاظ مفاد كان الناقصة أو ليس الناقصة الثالثة ان تقابل الوجود النعتي الذي هو مفاد كان الناقصة ونفس المعنى الاشتقاقي (7) المعبر عنه بالعرضي المحمول مع العدم النعتي الذي هو مفاد ليس الناقصة انما هو من قبيل تقابل العدم والملكة الذي يشترط فيه وجود الموضوع ويمكن فيه ارتفاع المتقابلين بارتفاع موضوعهما القابل للاتصاف بهما إذ الموضوع بعد وجوده هو الذي يوجد فيه الوصف فيكون الوجود نعتا أو لا يوجد فيه ذلك فيكون العدم نعتا واما الموضوع قبل وجوده فهو غير قابل لان يعرضه الوجود النعتي أو العدم  النعتي وهذا بخلاف التقابل بين نفس وجود العرض الذي هو نفس معنى المبدء وغير قابل لان يحمل على الذات المعبر عنه بالوجود المحمولي وما هو مفاد كان التامة وعدم ذلك العرض المعبر عنه بالعدم المحمولي وما هو مفاد ليس التامة فانه من قبيل تقابل الايجاب والسلب الذي لا يمكن فيه ارتفاع المتقابلين لكونهما معروضين لنفس الماهية المعراة عن كل شيء وعليه فكما لا يعقل تحقق الوجود  النعتي قبل وجود موضوعه كذلك لا يعقل تحقق العدم  النعتي المقابل له إذا عرفت هذه المقدمات تعرف ان خروج الخارج عن تحت العام وهو عنوان القرشية في المثال يستلزم تقييد الباقي بنقيض هذا العنوان بمقتضى المقدمة الاولى و انه لا بد (8) من أن يكون هذا التقييد على نحو مفاد ليس الناقصة بمقتضى المقدمة الثانية و انه يستحيل تحقق هذا العنوان المأخوذ في الموضوع قبل وجود موضوعه بمقتضى المقدمة الثالثة فلا يمكن احراز قيد موضوع حكم العام بأصالة العدم الازلي فان المستصحب اما ان يكون هو العدم  النعتي المأخوذ في الموضوع فهو مشكوك فيه من اول الامر ولا حالة سابقة له كما اعترف هو (قدس سره) بذلك واما ان يكون هو العدم المحمولي الملازم للعدم  النعتي بقاء فلا يمكن احراز تمام الموضوع باستصحاب العدم المحمولي الا على القول بالأصل المثبت.

(وعلى ما ذكرناه) يتفرع منع جريان اصالة العدم في المشكوك فيه من اللباس بناء على كون المانعية المجعولة معتبرة في نفس الصلاة ومن قيودها فان الصلاة من اول وجودها اما ان تكون مقترنة بالمانع أو بعدمه فلا حالة سابقة ليمكن استصحابها ويحكم به بتحقق متعلق التكليف بضم الوجدان إلى الاصل واما العدم الازلي فهو وان كان متحققا سابقا الا انك قد عرفت ان استصحابه لا يجدى في المقام الاعلى القول بحجية الاصل المثبت (واما إذا كانت) المانعية المجعولة معتبرة في ناحية اللباس وكانت من قيوده فتارة يكون الشك في وجود المانع لأجل الشك في كون نفس اللباس من غير المأكول واخرى لأجل الشك في عروض اجزاء غير المأكول على اللباس المأخوذ من غير مالا يؤكل لحمه اما القسم الاول فلا تجرى فيه الاصل لما ذكرناه من ان العدم  النعتي لا حالة سابقة له (9) واما العدم المحمولي فهو وان كان له حالة سابقه الا ان استصحابه لا يجدى لإحراز العدم  النعتي على ما هو الصحيح من عدم حجية الاصل المثبت واما القسم الثاني فجريان الاستصحاب فيه بمكان من الامكان وبضمه إلى الوجدان يحرز تحقق تمام متعلق التكليف في الخارج (كما ان المانعية المجعولة) إذا كانت معتبرة في طرف المصلى نظير اعتبار الطهارة والاستقبال فيه جرى الاصل في احراز القيد فيما إذا كان عدم لبس المكلف لغير المأكول مسبوقا بالحالة السابقة.

(وبالجملة) إذا لم يكن الموضوع مركبا من العرض ومحله فلا اشكال في امكان احراز الموضوع بضم الوجدان إلى الاصل وان كان مجرى الاصل هو العدم الازلي فيما إذا لم يكن هناك عنوان وجودي بسيط اخذ في الموضوع على ما مرت الاشارة إليه واما إذا كان الموضوع مركبا من العرض ومحله فلا بد في جريان الاصل من تحقق العدم (10) والوجود النعتيين قبل زمان الشك ليتم الموضوع بجريان الاصل فيه وضمه إلى الوجدان واما اجزاء الاصل في العدم الازلي فلا يجدى في احراز تمام الموضوع الاعلى القول بالأصل المثبت (ثم انه يرد) على سائر ما افاده صاحب الكفاية (قدس سره) في المقام امور:

(الاول) ان جعله التخصيص بالمتصل إذا كان بالاستثناء كالمخصص المنفصل في عدم كونه موجبا لتعنون العام بعنوان خاص غير صحيح فان المخصص المتصل انما يوجب انعقاد الظهور التصديقي في غير عنوان الخاص لا محالة كما اعترف هو (قدس سره) ايضا بذلك وعليه بنى سراية اجمال المخصص المتصل إلى العام ومعه كيف يعقل (11) ان يقال ان العام بعد تخصيصه بالمتصل لا يكون معنويا بعنوان خاص.

(الثاني) ان ما افاده (قدس سره) بحسب ظاهر كلامه من ان العام يكون معنونا بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص يناقض (12) ما افاده في صدر كلامه من ان العام بعد التخصيص لا يكون معنونا بعنوان خاص مضافا إلى انه في نفسه لا يرجع إلى معنى محصل إذ العام لا يكون معنونا بأحد العناوين الباقية تحته بعد التخصيص وانما يكون شمول الحكم لكل فرد لأجل عدم تقييد العام بقيد لا انه يكون مقيدا بكل من العناوين الوجودية ونقيضها.

(الثالث) ان عدوله (قدس سره) من اجراء اصالة العدم في نفس عنوان القرشية المأخوذ في لسان الدليل إلى اجراء اصالة العدم في العنوان الانتزاعي اعني به عنوان الانتساب إلى قريش لا وجه (13) له فان المراد من عدم الانتساب المستصحب ان كان هو العدم  النعتي فحاله حال عدم القرشية في عدم الحالة السابقة له فلا يمكن استصحابه وان كان المراد منه هو العدم المحمولي فلو بنينا على كفاية استصحابه في احراز تمام الموضوع واغمضنا النظر عما تقدم من انه لا يمكن اثبات العدم  النعتي المأخوذ في لسان الدليل بإجراء الاصل في العدم المحمولي لامكن جريان الاصل في نفس عنوان القرشية بان يقال ان قرشية المرئة التي يشك في كونها من قريش قبل وجودها كانت مسبوقة بالعدم فيستصحب ذلك ويضم الوجدان إلى الاصل يتم الموضوع فلا حاجة حينئذ إلى اجراء الاستصحاب في العنوان الانتزاعي اعني به عنوان الانتساب إلى قريش وكيف كان فقد عرفت عدم كفاية اجراء الاصل في العدم الازلي في احراز تمام الموضوع إذا كان العدم المأخوذ فيه مأخوذا فيه على وجه النعتية ومفاد ليس الناقصة (واما توهم) صحة اجراء الاصل في نفس العدم  النعتي في المقام بتوهم ان مرتبة العرض متأخرة عن مرتبة موضوعه فالمرأة في مرتبة سابقة على عروض القرشية لها غير متصفة بكونها قرشية على نحو مفاد ليس الناقصة فيستصحب ذلك العدم في ظرف الشك (فغريب) إذا للازم في جريان الاستصحاب في العدم  النعتي هو اتصاف الموضوع به خارجا ولو آنا ما فسبق رتبة الموضوع على رتبة عرضه مع عدم انفكاكهما آنا ما في الوجود الخارجي لا يصحح جريان الاستصحاب فالمرأة حين ما وجدت في الخارج وجدت قرشية أو غير قرشية فلم يحرز كونها متصفة بعدم القرشية في الخارج ولو آنا ما ليمكن التعبد ببقائه في ظرف الشك في كونها قرشية فتدبر في اطراف ما ذكرناه فانه حقيق بذلك.

بقى الكلام فيما افاده المحقق العلامة الأنصاري (قدس سره )وتبعه جملة من المتأخرين عنه من جواز التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية إذا كان المخصص لبيا غير لفظي وهذا الكلام على اطلاقه لا يسعنا تصديقه فان المخصص اللبي إذا كان حكما عقليا ضروريا بان كان صارفا لظهور الكلام وموجبا لعدم انعقاد الظهور الا في الخاص من اول الامر فحكمه حكم القرينة المتصلة اللفظية فكما لا يمكن التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية معها كذلك لا يجوز التمسك بالعموم معه واما إذا كان حكما عقليا نظريا أو اجماعا بحيث لم يكن صالحا لصرف ظهور العام من اول الامر فحكمه حكم المخصص المنفصل اللفظي إذ كما ان المخصص اللفظي بعد تقدمه على عموم العام يكشف عن تقيد المراد الواقعي وعدم كون موضوع الحكم الواقعي مطلقا فلا يمكن التمسك به عند عدم احراز تمام موضوعه لأجل الشك في وجود القيد كذلك المخصص اللبي يكشف عن المقيد المزبور فلا يمكن التمسك بالعموم عند عدم احراز تمام موضوعه فان الاعتبار في عدم جواز التمسك بالعموم انما هو بالمنكشف اعني به تقيد موضوع الحكم لبالا بخصوصية الكاشف من كونه لفظيا أو عقليا.

(فالتحقيق) ان يقال ان ما يسمى بالمخصص العقلي ان كان بمعنى ما يوجب تقييد موضوع الحكم وتضييقه نظير تقييد الرجل في قوله عليه السلام فانظروا إلى رجل قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا (الخ) بكونه عادلا لقيام الاجماع على ذلك فحاله حال المخصص اللفظي في عدم جواز التمسك بالعموم معه في الافراد المشكوك فيها لما عرفت من ان المخصص اللبي إذا كان عقليا ضروريا فحكمه حكم القرينة المتصلة وإذا كان عقليا نظريا أو اجماعا فحكمه حكم القرينة المنفصلة وعلى كل تقدير فلا يمكن التمسك بالعموم بعد تقييد موضوع الحكم واقعا (واما إذا كان) المراد من المخصص اللبي ادراك العقل ما هو ملاك حكم الشارع واقعا اما بنفسه او لأجل قيام الاجماع على ذلك من دون ان يتقيد موضوع الحكم به لعدم صلوح تقيد موضوع الحكم بما هو ملاكه فلا اشكال (14) في جواز التمسك العموم حينئذ وكشفه بطريق الان عن وجود الملاك في تمام الافراد فإذا شك في وجود الملاك في فرد كان عموم الحكم كاشفا عن وجود الملاك فيه ورافعا للشك من هذه الجهة كما انه إذا علم بعدم الملاك في فرد كان ذلك الفرد خارجا من باب التخصيص الأفرادي فيكون سكوت المولى عن حكم ذلك الفرد اما لأجل مصلحة مقتضية له كما في المولى الحقيقي أو لجهله بعدم الملاك فيه كما ربما يتفق ذلك في الموالي العرفية وعلى كل تقدير فلا يكون حكم العقل ولو كان ضروريا موجبا لتقييد موضوع الحكم وتضييقه لما عرفت من عدم صلوح الملاك لكونه قيدا للموضوع وهذا نظير قوله عليه السلام لعن الله بنى امية قاطبة مع حكم العقل (15) بان ملاك لعنهم انما هو بغضهم لأهل البيت (سلام الله عليهم) فالمؤمن منهم على تقدير وجوده لا يشمله اللعن المزبور فإذا شك في ايمان فرد منهم جاز التمسك بالعموم ويحكم عليه حينئذ بانه غير مؤمن والا لما جاز لعنه (والسر في جواز التمسك) بالعموم في هذا الفرض هو ان ملاكات الاحكام انما يكون احرازها وظيفة لنفس المولى (16) دون العبد فبعموم الحكم يستكشف انه احرز وجود الملاك في تمام الافراد فيتمسك به في ظرف الشك نعم إذا علم عدم وجود الملاك في فرد فلابد فيه من الحكم بخروجه تخصيصا افراديا ومن حمل سكوت المولى عنه اما على المصلحة فيه أو على غفلته عن عدم وجود الملاك فيه كما تقدم وهذا بخلاف ما إذا كان حكم العقل في موارد التخصيص اللبي موجبا لتقييد موضوع الحكم بقيد فانه لا يجوز في هذا الفرض التمسك بالعموم عند الشك في تحقق موضوع الحكم لأجل الشك في تحقق قيده لان احراز تحقق الموضوع بذاته وبقيده انما هو من وظائف العبد دون المولى فلا يكون في كلام المولى تعرض لبيان حال الافراد الخارجية من حيث اشتمالها على خصوصيات الموضوع وعدمه فلا معنى للتمسك بعموم كلامه عند الشك في كون فرد خاص واجدا لما اعتبر قيدا في موضوع الحكم.

(هذا كله) فيما إذا احرز احد الامرين اعني بهما كون ما ادرك العقل دوران حكم العام مداره من قبيل قيود الموضوع وغير صالح لان يكون ملاكا للحكم وكونه من قبيل ملاكات الاحكام وغير صالح لان يكون قيدا للموضوع و اما فيما إذا لم يحرز ذلك وكان ذلك الامر الذي ادرك العقل دوران حكم العام مداره قابلا (17) لكلا الوجهين من دون ان يكون هناك ما يعين احدهما كما إذا قال المولى اكرم جيراني وعلم من الخارج انه لا يريد اكرام اعدائه ولكن لم يعلم ان عدم العداوة هل هو ملاك لوجوب الاكرام أو انه قيد اخذ في موضوع الوجوب فهل يمكن التمسك بالعموم حينئذ فيحرز به ان الفرد الذي يشك في كونه عدوا للمولى ليس بعدو له (الحق فيه التفصيل) فانه إذا كان حكم العقل ضروريا بحيث يمكن للمولى الاتكال عليه في مقام البيان لم يصح التمسك بالعموم حينئذ لان حكم العقل الضروري بما انه من قبيل القرينة المتصلة يحتمل معه كون القيد مأخوذا في موضوع الحكم وقد وكل المولى احراز القيد إلى نفس العبد فيكون المقام من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح للقرينة فيسقط ظهوره في الاطلاق لا محالة فلا يمكن التمسك به في الفرد المشكوك فيه كما هو الحال في موارد التقييد اللفظي إذ لا فرق في ذلك بين احتمال اعتماد المولى على القرينة اللفظية واحتمال اعتماده على القرينة العقلية واما في ما إذا كان حكم العقل نظريا أو كان المخصص اجماعا صح التمسك بالعموم في موارد الشبهة المصداقية لان ظهور الكلام في الاطلاق قد انعقد على الفرض ولا حجة على التقييد لترفع اليد بها على ظهور الكلام في العموم فلابد من الاخذ بظهوره والحكم بثبوت حكم العام في موارد الشبهة المصداقية (والوجه في ذلك) هو ان حكم العقل في المقام أو قيام الاجماع على دوران حكم العام مدار شيء لا دلالة له على تقييد الموضوع بذلك الشيء على الفرض فليس في المقام الا مجرد احتمال تقيد الموضوع بقيد في الواقع و ظهور كلام المولى في عدم تقيده به فلا بد من الاخذ بظهوره في الاطلاق ومعه يحكم بأن كل فرد من الجيران في المثال حتى الفرد المحتمل عداوته للمولى محكوم عليه بوجوب الاكرام وبأن اكرامه واجد للملاك الذي دعا المولى إلى ايجابه نعم يخرج عن الحكم المزبور من علمت عداوته خروجا افراديا فيكون سكوت المولى عنه اما لأجل مصلحة فيه أو للغفلة عن ذلك كما في القسم الثاني بعينه (وبالجملة) المخصص اللبي ان كان كاشفا عن تقيد موضوع العام بشيء منع ذلك من التمسك بعموم العام في الفرد المشتبه كما كان الامر كذلك في المخصص اللفظي سواء في ذلك كون المخصص اللبي اجماعا وكونه دليلا عقليا كان الحكم العقلي ضروريا ام كان نظريا وان كان المخصص اللبي كاشفا عن ملاك الحكم وعلته من دون تقييد في ناحية الموضوع صح التمسك معه بعموم العام في الافراد المشتبهة وكان العموم كاشفا عن وجود الملاك فيها من دون فرق في ذلك ايضا بين افراد المخصص اللبي كما عرفت واما إذا لم يكشف المخصص اللبي عن شيء من الامرين المزبورين فتردد امر ما دل المخصص على دوران الحكم مداره بين كونه ملاكا للحكم وكونه قيدا لموضوعه فان كان حكم العقل ضروريا يمكن ان يتكل عليه المولى كان حكمه حكم القسم الاول فلا يصح معه التمسك بعموم العام في موارد الشبهة المصداقية وان كان حكمه بالتخصيص حكما نظريا أو كان دليل التخصيص اجماعا كان حكمه حكم القسم الثاني فيتمسك معه بالعموم في تلك الموارد.

 

__________________
(1)- التحقيق ان مثل هذه التراكيب خارجة عن محل الكلام في المقام فان محل الكلام انما هو ما إذا اورد حكم تكليفي أو وضعي على عام قد خرج عنه بعض مصاديقه ومن الواضح انه ليس الامر في التراكيب المزبورة كذلك لان المستفاد منها حسب المتفاهم العرفي هو الحكم بعدم امكان تحقق موضوع القضية خارجا عقلا أو شرعا الا عند اقترانها بما هو مذكور في المستثنى فالمستفاد من قضية لا صلاة الا بطهور انه لا يمكن تحقق الصلاة في الخارج الا عند اقترانها بالطهور فدعوى ظهور القضية في كون عنوان الخاص من قبيل المانع بالإضافة إلى الحكم الثابت للعام غير شاملة لا مثال هذه التراكيب فلا يرد عليها النقض بها .

 (2)- سيظهر لك فيما بعد انشاء الله تعالى ان اخذ الموضوع مركبا من العرض ومحله وان كان يستلزم اخذ العرض بوصف كونه نعتا قيدا للموضوع الا انه مع ذلك يصح التمسك باستصحاب العدم الازلي لنفى الحكم الثابت للموضوع المركب نعم إذا كان عدم الفرض مأخوذا في الموضوع على نحو النعتية بان اخذ في الموضوع اتصاف الذات بعدم عرض ما لم يصح التمسك معه باستصحاب العدم الازلي وتمام الكلام في محله .

(3)- التحقيق ان ما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) هو الصحيح وستعرف ما يدل على ذلك بعيد هذا انشاء الله تعالى .

(4)- التحقيق ان استثناء عنوان وجودي من العام لا يستلزم اخذ عدم الخاص قيدا في العام على نحو مفاد ليس الناقصة فيكون الباقي تحت العام في مفروض المثال المرئة التي لا تكون متصفة بكونها من قريش لا المرئة المتصفة بأن لا تكون من قريش وعليه فلا مانع من التمسك بأصالة عدم اتصاف المرأة المحتمل كونها من قريش بكونها قرشية للحكم عليها بانها تحيض إلى خمسين وانتظر لذلك مزيد توضيح بعيد هذا انشاء الله تعالى .

 

(5)- قد اشرنا فيما تقدم إلى ان كون عنوان الخاص من قبيل الاوصاف لا يقتضى تقيد العام بكو نه متصفا بعدم ذلك الوصف ليترتب عليه تركب موضوع الحكم الثابت للعام من العرض اعني به العدم  النعتي ومحله بل غاية ما يترتب على التخصيص بعنوان وجودي هو تقيد العام بعدم كونه متصفا بذلك الوصف الوجودي وتوضيح ذلك بان يقال انه لا شبهة في ان وجود الاعراض في انفسها عين وجودها لموضوعاتها لان حقيقة وجود العرض سنخ حقيقة متقومة بالموضوع في قبال وجود الجوهر الذي هو في ذاته غنى عن الموضوع وغير متقوم به وعليه فإذا اخذ عرض ما في موضوع حكم من الاحكام فاما أن يكون مأخوذا فيه اينما وجد ومن غير تقيده بموضوع خاص واما أن يكون مأخوذا فيه بشرط وجوده في موضوع خاص فان كان مأخوذا فيه على الوجه الاول لزم ترتب الحكم على مطلق وجوده الساري في جميع افراده فإذا فرض اخذ العدالة في موضوع وجوب اكرام العالم لزم الحكم بوجوب اكرام العالم ولو كان المتصف بالعدالة غيره لكن هذا الفرض خارج عما هو محل الكلام في المقام واما إذا كان العرض مأخوذا في موضوع الحكم على النحو الثاني فلا يترتب الحكم الاعلى خصوص وجوده في ذلك الموضوع الخاص الذي هو في ذاته وجود نعتي لما عرفت من ان وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه فوجود العدالة في زيد مثلا هو بعينه ثبوت العدالة لزيد المعبر عنه باتصاف زيد بالعدالة وما هو مفاد كان الناقصة ففى مثل ذلك لا يمكن احراز وجود موضوع الحكم بضم الوجدان إلى الاصل الا فيما كان العرض بوصف كونه نعتا مسبوقا بالحالة السابقة واما في غير ذلك فلا مجال لجريان الاستصحاب وترتيب آثار الوجود  النعتي الاعلى القول بالأصل المثبت فالأثر المترتب على عدالة زيد مثلا انما يحكم بتحققه بضم الوجدان إلى الاصل فيما إذا علم باتصاف زيد بالعدالة قبل زمان الشك في اتصافه بها واما مع عد مه فلا يمكن احراز عدالته باستصحاب وجود طبيعي العدالة ولو مع العلم بعدم اتصاف غير زيد بها في الخارج الاعلى القول بالأصل المثبت (هذا كله) في الاصل الجاري لإثبات وجود الموضوع واما الاصل الجاري لإثبات عدمه فلا مانع من جريا نه في الفرض المزبور ولو مع الشك في اتصاف الموضوع بذلك الوصف الوجودي من اول الامر والسر في ذلك ان وجود العرض بذلته وان كان محتاجا إلى وجود موضوعه الا ان عدم العرض غير محتاج إلى وجود الموضوع اصلا ضرورة ان الافتقار إلى وجود الموضوع انما هو من لوازم وجود العرض دون عدمه فعدالة زيد مثلا وان كانت بحيث إذا وجدت في الخارج كانت في الموضوع الا ان عدم عدالته ليس كذلك بل هو امر ازلي كان متحققا قبل تحقق موضوعه فإذا تحقق زيد في الخارج ولم يمكن متصفا بالعدالة كان عدم عدالته المعبر عنه بعدم اتصافه بالعدالة باقيا على ما كان عليه في الازل نعم ربما يعتبر في موضوع الحكم اتصافه بعدم شيء بنحو الموجبة المعدولة وهذا الاعتبار وان كان محتاجا إلى العناية والمؤنة إذ العدم بما هو عدم لا يكون وصفا لشيء فانه بطلان محض فلابد في اخذه نعتا من اعتبار خصوصية في الموضوع ملازمة لذلك العدم الا أنه على تقدير تحقق هذا الاعتبار يتوقف جريان الاستصحاب في مورده لإحراز تمام الموضوع بضم الوجدان إلى الاصل على العلم باتصاف ذلك الموضوع بذلك العدم قبل زمان الشك في اتصافه به ولا يكفى في صحة جريانه العلم بعدم اتصافه بوجود ذلك الشيء قبل ذلك لان استصحاب عدم الاتصاف بالوصف الوجودي وان كان في نفسه لا مانع من جريانه الا انه لا يترتب عليه احراز موضوع الحكم في محل الكلام لان المفروض ان العدم المأخوذ فيه انما أخذ على وجه الناعتية المعبر عنه بمفاد ليس الناقصة ومن الواضح ان اثبات العدم  النعتي باستصحاب العدم المحمولي من اوضح انحاء الاصل المثبت الذى لا نقول بحجيته وبالجملة إذا اخذ وجود عرض ما في موضوع حكم شرعي فهو وان كان لا بد من كونه مأخوذا فيه على وجه النعتية ومفاد كان الناقصة فلا يمكن احراز ذلك الموضوع بضم الوجدان إلى الاصل فيما لم يكن العرض بوصف كو نه نعتا مسبوقا بالحالة السابقة الا أن ذلك لا يستدعي اخذ عدم ذلك العرض نعتا في موضوع عدم ذلك الحكم وارتفاعه ضرورة ان الحكم الثابت للموضوع المقيد بما هو مفاد كان الناقصة انما يكون ارتفاعه بعدم اتصاف الذات بذلك القيد على نحو مفاد السالبة المحصلة من دون ان يتوقف ذلك على اتصاف الذات بعدم ذلك القيد على نحو مفاد ليس الناقصة فمفاد قضية المرئة تحيض إلى خمسين الا القرشية وان كان هو اعتبار وصف القرشية على وجه النعتية في موضوع الحكم بتحيض القرشية بعد الخمسين الا انه لا يستدعى اخذ عدم القرشية في موضوع عدم الحكم بتحيض المرأة بعد الخمسين على وجه النعية اعني به مفاد ليس الناقصة وانما يستدعى اخذ عدم قرشية في ذلك الموضوع على نحو السالبة المحصلة فكل مرأة لا تكون متصفة بالقرشية بساقية تحت العام وانما الخارج خصوص المتصفة بالقرشية لا ان الباقي بعد التخصيص هي المرأة المتصفة بعدم القرشية فإذا شك في كون امرأة قرشية لم يكن مانع من التمسك باستصحاب عدم القرشية الثابت لها قبل تولد تلك المرأة في الخارج (وان شئت) قلت ان قرشية المرأة ونفسها كانتا معدومتين في الخارج فإذا احرز وجود نفسها وشك معه في وجود اتصافها بالقرشية استصحب عدم اتصافها بها فيثبت بذلك انها غير متصفة بالقرشية فيترتب عليه الحكم بانها لا تحيض الا إلى خمسين (فتحصل) من جميع ما ذكرناه ان دعوى استلزام التخصيص بعنوان وجودي اخذ عدم ذلك العنوان في طرف العام على وجه النعتية كما اصر عليها شيخنا الاستاد قدس سره هي التي اوجبت المنع من جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية عند الشك في دخول فرد في عنوان الخاص وعد مه فيما إذا كان التخصيص بالاستثناء أو يخصص منفصل وانت يعد ما عرفت من ان التخصيص بعنوان وجودي في هذين الموردين لا يستلزم الا اخذ عدم ذلك العنوان في طرف العام على نحو التقيد بعدم اتصاف الذات بذلك الوصف لا على نحو التقيد بالاتصاف بعد مه انه لا مجال لإنكار جريان الاستصحاب في موارد الشك في الاتصاف بذلك الوصف الوجودي فيحرز بذلك موضوع العام بضم الوجدان إلى الاصل فافهم ذلك وتدبر جيدا وقد فصل بعض الاعاظم من الاساطين قدس الله تعالى اسرارهم في المقام تفصيلا قد تعرضنا له ولما يرد عليه في رسالة اللباس المشكوك فيه وقد اطلنا الكلام في تحقيق الحال في المقام واوضحنا المقصود فيها بما لا مزيد عليه فراجع

(6) - قد عرفت ان تركب الموضوع من العرض ومحله وان كان يستلزم اخذ العرض فيه على وجه النعتية اعني به مفاد كان الناقصة الا ان تركبه من الذات وعدم ثبوت عرض ماله لا يستدعى اخذ عدم ذلك العرض في العرض في الموضوع على نحو مفاد ليس الناقصة بل ان ذلك يحتاج إلى اعمال عناية ومؤنة والا فطبع اخذ عدم عرض ما في موضوع الحكم لا يقتضى الا اخذه فيه على نحو السالبة المحصلة دون الموجبة المعدولة واما ما افاده شيخنا الاستاد قدس سره برهانا على ما ذهب إليه من لزوم اخذ العدم ايضا على نحو الناعتية فيرد عليه أو لا انه على تقدير تماميته يستلزم انكار امكان احراز جميع الموضوعات المركبة بضم الوجدان إلى الاصل الجاري في نفس الحد الجزئين ولا يختص ذلك بالموضوع المركب من العرض ومحله مع انه قدس سره لا يلتزم به بيان الملازمة ان انقسام كل جزء من اجزاء المركب بمقارنته للجزء الاخر وعدمها بما انه من الانقسامات الاولية يكون في مرتبة سابقة على وجود الجزء الاخر في نفسه فإذا ثبت هناك تقييد في الجملة فان كان التقييد راجعا إلى تقييد كل جزء باتصافه بكونه مقارنا للجزء الاخر لم يكن احرازه بجريان الاصل في نفس وجود احد الجزئين مع احراز الاخر بالوجدان الاعلى القول بحجية الاصل المثبت وان كان التقييد راجعا إلى تقييد كل جزء بنفس وجود الجزء الاخر فان كان ذلك مع اعتبار التقييد بالاتصاف بالمقارنة لزم اللغوية كما انه مع فرض الاطلاق فيه بالإضافة إلى الاتصاف بالمقارنة وعد مه يلزمه التدافع بينه وبين التقييد المزبور وثانيا ان تقييد موضوع الحكم أو متعلقه بما هو ملازم لأمر آخر خارجا لا يبقى معه مجال لتقييده بذلك الامر أو اطلاقه بالإضافة إليه فإذا قيدت الصلاة بأن تكون إلى القبلة امتنع تقييدها بعدم كونها إلى دبر القبلة واطلاقها بالإضافة إليه وعليه فتقييد العام في مفروض الكلام بعدم كونه متصفا بعنوان الخاص كالقرشية في المثال لا يبقى مجالا لتقييده باتصافه بعدم ذلك العنوان الخاص ولا لإطلاقه بالإضافة إليه فكما ان تقييد المرأة مثلا باتصافها بعدم القرشية يغنى عن التقييد بعدم اتصافها بالقرشية كذلك التقييد بعدم اتصافها بالقرشية يغنى عن التقييد باتصافها بعدم القرشية ضرورة انه مع وجود المرأة في الخارج كان كل من الامرين المزبورين ملازما لوجود الاخر لا محالة فلا يبقى مع التقييد بأحدهما مجال للإطلاق والتقييد بالإضافة إلى الاخر نعم انما يثمر التقييد بعدم الاتصاف في صحة جريان الاستصحاب في نفس العدم واحراز تمام الموضوع بضمه إلى الوجدان كما هو الحال في بقية موارد تركب الموضوع من جزئين أو الاكثر واما إذا قيد الموضوع بالاتصاف بالعدم فلا يمكن احرازه بجريان الاصل في نفس العدم كما عرفت

 (7)- لا يخفى ما في التعبير عن الوجود  النعتي وما هو مفاد كان الناقصة بالمعنى الاشتقاقي المعبر عنه بالعرضي المحمول من المسامحة الواضحة وذلك لان الوجود  النعتي انما هو وجود العرض لموضوعه اعني به وجود العرض بما هو عرض في قبال وجود العرض في نفسه مع الغاء جهة عروضه في مرحلة اللحاظ وعليه فلا يكون المعنى الاشتقاقي المعبر عنه بالعرضي المحمول متحدا مع الوجود  النعتي كما هو ظاهر نعم ان ما افيد من ان التقابل بين مفاد كان الناقصة ومفاد ليس الناقصة انما هو من تقابل العدم والملكة مما لا ينبغى الريب فيه الا ان الشأن انما هو في اثبات ان العدم المأخوذ في موضوع الحكم الثابت للعام بعد ورود التخصيص عليه باستثناء أو بدليل منفصل انما هو العدم  النعتي وقد عرفت ان ذلك غير صحيح وانما الصحيح هو كون العدم المأخوذ فيه مأخوذا فيه على نحو العدم المحمولي وعلى نحو السالبة المحصلة دون الموجبة المعدولة

 (8)- قد عرفت انه لا ملزم للالتزام بذلك بل التقييد انما يكون بلحاظ عدم الاتصاف بالعرض الوجودي لا بلحاظ الاتصاف بعدمه وعليه فلا مانع من جريان الاستصحاب في المقام لإحراز تمام الموضوع بضم الوجدان إلى الاصل وكذلك في ما إذا شك في كون الملبوس من اجزاء ما لا يؤكل لحمه بناء على كون القيد مأخوذا في نفس الصلاة أو في ناحية اللباس.

(9) - لا يخفى ان استصحاب العدم المحمولي وان كان يكفى في احراز تمام الموضوع بضمه إلى الوجدان في المقام وغيره على ما عرفت الا انه غير محتاج إليه فيما إذا شك في كون نفس اللباس مما لا يؤكل لحمه لإمكان ان يتمسك في مورده باستصحاب العدم  النعتي بان يقال ان ما يشك في كونه جزء من الحيوان غير المأكول لحمه بما انه كان موجودا في الخارج متصورا بصورة ما من الصور النوعية ولم يكن جزء من شيء من الحيوانات يرجع الشك في كونه من اجزاء مالا يؤكل لحمه بعد ذلك إلى الشك في عروض هذا الوصف له بعد ان لم يكن متصفا به في الخارج فيستصحب بقائه على ما كان عليه من عدم كونه جزء لما لا يؤكل لحمه ولا يعارض ذلك بأصالة عدم كونه جزء من الحيوان المأكول لحمه بناء على ان المعتبر في صحة الصلاة انما هو عدم وقوعها في غير المأكول كما هو الصحيح وهذا نظير ما إذا علم بانقلاب الخل إلى طبيعة اخرى مرددة بين الخمر وغيرها من المائعات المحللة فان استصحاب عدم انقلابه إلى الخمر يترتب عليه جواز شر به ولا يعارض ذلك باستصحاب عدم انقلابه إلى غير الخمر مما يحتمل انقلابه إليه.

(10)- قد عرفت ان ذلك انما يتم في ما إذا اخذ وجود العرض قيدا في موضوع الحكم دون ما إذا اخذ عد مه قيدا فيه وقد ظهر الفرض بينهما بما ذكرناه فيما تقدم.

 (11)- غرض المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بما ذكره هو ان العام بعد تخصيصه بالاستثناء لا بتعنون بعنوان خاص بان يعتبر اتصافه بوصف وجودي أو عدمي لان غاية ما يترتب على الاستثناء انما هو اعتبار عدم اتصاف العام بالوصف الوجودي المأخوذ في ناحية الخاص وعليه فلا يرد عليه ما افيد في المتن من منافاة ذلك لما بنى عليه (قدس سره) من استلزام التخصيص بالمتصل لانعقاد الظهور التصديقي في الكلام في غير الخاص ومن سراية اجمال المخصص إلى العام كما هو ظاهر.

 (12)- غرض المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بما افاده هو بيان ان كل عنوان وجودي أو عدمي فرض تحققه في طرف العام فهو لا ينافى ثبوت الحكم له الا العنوان المأخوذ في طرف الخاص فالقيد المأخوذ في طرف الماء منحصر بعدم كونه متصفا بعنوان الخاص واما غيره من العناوين الوجودية و العدمية فلا يضر وجود شيء منها ولا عدمه بثبوت حكم العام اصلا وعليه فلا مناقضة بين صدر كلامه (قدس سره) وذيله بوجه من الوجوه وبالجملة ان ما افاده المحقق المزبور (قدس سره) في المقام هو بعينه ما اخترناه وشيدنا اساسه وبنيانه.

(13)- لا يخفى ان مفهوم القرشية ومفهوم الانتساب إلى قريش امر واحد والمستفاد من احد اللفظين عين ما هو المستفاد من اللفظ الاخر وانما الاختلاف في التعبير فقط فلا فرق بين قولنا الاصل عدم قرشية المرأة المحتمل كونها من قريش وقولنا الاصل عدم انتساب تلك المرأة إلى قريش وعليه فليس في كلام المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) عدول من اجراء الاصل في نفس العنوان المتأصل إلى اجرائه في العنوان الانتزاعي ليستشكل فيه بما افيد في المتن .

(14) - التحقيق في المقام هو بان يقال ان القضية المتكفلة بأثبات حكم للعام ان كانت من قبيل القضايا الحقيقية التي يكون تطبيق موضوع الحكم فيها على افراده موكولا بنظر المكلف واحرازه فلا محالة يكون احراز عدم اشتمال فرد على ملاك الحكم كاشفا عن وجود خصوصية في ذلك الفرد قد اخذ عدم الاشتمال على تلك الخصوصية قيدا في موضوع الحكم الثابت للعام فان كانت تلك الخصوصية محرزة عند المكلف مفهوما وشك في وجودها في فرد آخر لم يمكن التمسك بالعموم لإثبات الحكم له للشك في وجود تمام موضوعه على الفرض كما إذا لم تكن تلك الخصوصية محرزة عند المكلف مفهوما وتردد امرها بين امرين أو الاكثر فلا محالة يستلزم ذلك علما اجماليا بتقيد موضوع العالم بقيد مردد بين امرين أو امور فيكون دليل العام حينئذ في حكم المجمل على ما مر وعلى كل حال لا يمكن التمسك به في موارد احتمال انطباق ما علم تخصيص العام به على فرد في الخارج مثلا إذا ورد دليل على وجوب اكرام العلماء الشامل للعادل منهم والفاسق وللنحوي منهم وغيره ثم علم بعدم تحقق ملاك وجوب الاكرام في زيد العالم فان كان ذلك من جهة العلم بكون اتصافه بالفسق مثلا مانعا من تحقق ملاك وجوب الاكرام فيه فلا محالة يستلزم ذلك العلم بتقييد موضوع وجوب الاكرام بعدم كونه فاسقا فلا يجوز التمسك بالعموم لإثبات وجوب اكرام عالم آخر فيشك في فسقه واما إذا احتمل كون المانع من تحقق الملاك فيه كلا من صفتي الفسق والنحوية الموجودتين فيه فلا محالة يستلزم ذلك العلم بتقييد موضوع وجوب الاكرام بعدم اتصافه بأحد الوصفين على الاجمال فلا يجوز التمسك به لإثبات وجوب اكرام العالم الفاسق أو النحوي نعم إذا احتمل ان المانع من تحقق الملاك المزبور هو اجتماع الوصفين أو مع اضافة وصف آخر اليهما من الصفات المتصف بها زيد في الخارج اقتصر في تخصيص العام حينئذ على القدر المتيقن ويتمسك في غيره بأصالة العموم كما كان هو الحال بعينه فيما دار امر المخصص اللفظي بين الاقل والاكثر فتلخص انه لا فرق بين المخصص اللفظي واللبي في شيء من الاحكام المزبورة فيما إذا كانت القضية المتكفلة بإثبات الحكم للعام من القضايا الحقيقية التي يكون تطبيق الموضوع على افراده موكولا فيها بنظر نفس المكلف واما فيما إذا كانت القضية خارجيه فان كان المخصص فيما لفظيا لم يمكن ايضا التمسك بالعموم في موارد الشبهة المصداقية لان التخصيص اللفظي يكون قرينة على ان المولى وكل احراز انطباق موضوع حكمه إلى نفس المكلف فلا يصح التمسك بعموم كلا مه مع العلم بتقيد موضوع حكمه بقيد لم يحرز تحققه في الخارج واما إذا كان المخصص عقليا فان كان ذلك من قبيل الاحكام العقلية الضرورية التي يصح ان يتكل عليها المتكلم في مقام البيان كان حاله حال القرينة المتصلة وان كان من قبيل الاحكام النظرية أو من قبيل الاجماع ونحوه صح التمسك بالعموم في مورد الشبهة المصداقية واحرز بذلك ان الفرد المشكوك فيه غير داخل في عنوان الخاص والسر في ذلك هو ان ظهور كلام المولى في العموم كاشف عن انه بنفسه احرز انطباق موضوع حكمه على جميع الافراد ولم يكل ذلك إلى المكلف فلا محاله يكون هذا الظهور حجة على المكلف في الموارد المشكوك فيها فيحمل سكوت المولى عن البيان فيما علم فقدان فرد للقيد الدخيل في موضوع حكمه على وجود مصلحة مقتضية لسكوته عنه أو على غفلته من ذلك كما في الموالي العرفية وبما ذكرناه يظهر الخلل فيما افاده شيخنا الاستاد (قدس سره)في المقام فتدبر جيدا.

 (15)- لا يخفى ان بعض اهل البيت سلام الله عليهم أو عد مه انما هو من الاحوال الطارية على المكلف التي ينقسم المكلف بالإضافة إليها إلى قسمين ومن الواضح ان مثل ذلك يستحيل ان يكون ملاكا للحكم بل الحكم بالإضافة إليه لابد من أن يكون مطلقا أو مقيدا بوجوده أو بعدمه واما الملاك المقتضى لاستحباب اللعن فهو منحصر بما يترتب على اللعن من المصلحة في الخارج فلو لا ما ذكرناه من ان القضية الخارجية إذا لم يكن احراز القيد فيها موكولا إلى نظر المكلف جاز التمسك فيها بالعموم في الشبهات المصداقية لما امكن التمسك بعموم قوله عليه السلام لعن الله بنى امية قاطبة لإثبات جواز لعن الفرد المشكوك في ايمانه لكن القضية المشتملة على اللعن بما انها خارجية ضرورة انها متكفلة بصدور لعن بنى امية من نفس الامام (سلام الله عليه) يستكشف منها بدليل الان عدم وجود المؤمن في بنى امية بأجمعهم فلو علم بوجود مؤمن فيهم اتفاقا كان ذلك خارجا بالدليل فيتمسك في غيره بالعموم.

 (16)- احراز اشتمال متعلق الحكم على الملاك وان كان وظيفة الحاكم الا انك قد عرفت ان العلم بعد اشتمال فرد على ملاك الحكم لا ينفك عن العلم بكون عدم الخصوصية الموجودة في ذلك الفرد الملازمة لعدم الملاك مأخوذ في موضوع الحكم ومعه لا يمكن التمسك بالعموم فيما إذا لم يحرز انطباق موضوع الحكم بتمامه على الموجود الخارجي نعم إذا كانت القضية خارجية ولم يكن انطباق الموضوع فيها على مصاديقه موكولا إلى نظر المكلف صح التمسك بالعموم في المصاديق المشتبهة على ما مر.

 (17)- لا يخفى انه يوجد مورد يشك فيه في كون ما ادركه العقل من قبيل قيود الموضوع أو من قبيل الملاك المقتضى لجعل الحكم على موضوعه لأنك قد عرفت ان كل ما يمكن ان ينقسم موضوع الحكم بالإضافة إليه إلى قسمين يستحيل ان يكون من قبيل ملاكات الاحكام بل لا بد من ان يكون موضوع الحكم بالإضافة إليه مطلقا أو مقيدا بوجوده أو بعد مه كما ان كل ما يكون مترتبا على فعل المكلف في الخارج من المصالح والمفاسد يستحيل كونه قيد الموضوع الحكم وانما هو متمحض في كونه ملاكا ومقتضيا لجعل الحكم على موضوعه وعليه فلا مجال للتفصيل الذي افاده شيخنا الاستاد قدس سره في المقام. 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحسيني الثاني عشر في جامعة بغداد تعلن مجموعة من التوصيات
السيد الصافي يزور قسم التربية والتعليم ويؤكد على دعم العملية التربوية للارتقاء بها
لمنتسبي العتبة العباسية قسم التطوير ينظم ورشة عن مهارات الاتصال والتواصل الفعال
في جامعة بغداد.. المؤتمر الحسيني الثاني عشر يشهد جلسات بحثية وحوارية