المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7459 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
واضع علم الاعجاز
2024-05-03
برامج تسمين افراخ الرومي لانتاج اللحم
2024-05-03
ونواقض الوضوء وبدائله
2024-05-02
معنى مثقال ذرة
2024-05-02
معنى الجار ذي القربى
2024-05-02
{واللاتي‏ تخافون نشوزهن}
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


عدم الفرق في جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب مشكوك الحدوث في الزمان اللاحق رأسا  
  
825   10:41 صباحاً   التاريخ: 1-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج4. ص.197
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016 555
التاريخ: 880
التاريخ: 23-8-2016 607
التاريخ: 23-8-2016 1277

لا فرق في جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب مشكوك الحدوث في الزمان اللاحق رأسا كالشك في الطهارة بعد العلم بالحدث وبالعكس، وبين ان يكون مشكوك الحدوث في جزء من الزمان ومن حيث ظرفه مع الجزم بأصل حدوثه في الجملة، كالشك في تقدم حدوث الشيء وتأخره (فكما) يجري الاستصحاب في الاول يجري ايضا في الثاني (فلو علم) يوم الجمعة بموت زيد وشك في ان حدوثه فيه أو فيما قبله يجري فيه استصحاب العدم في الازمنة المشكوك حدوثه فيها إلى زمان اليقين بأصل الحدوث اجمالا، ويترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على عدم حدوثه فيها، ولا يضر به احتمال انطباق زمان الحدوث الاجمالي على الازمنة السابقة المتصلة بزمان علمه، لان ذلك لا يخرجه عن المشكوكية واقعا بعد عدم سراية اليقين الاجمالي من متعلقه الذي هو العنوان الاجمالي إلى المحتملات التفصيلية (نعم) لا يثبت بمثله حدوثه في الزمان المتأخر لانه من المثبت الذي نفينا اعتباره في التنبيه السابق، الا بدعوى ان الحدوث هو الوجود المسبوق بالعدم، فإذا احرز وجود الشيء في زمان وثبت بالأصل عدمه قبل ذلك الزمان يتحقق مفهوم الحدوث، لاندراجه في الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان وبعضها بالأصل، ولكنه ضعيف جدا (نعم) لا يجري فيه اصالة عدم حدوثه في الزمان المتأخر الذي هو زمان العلم بحدوث الحادث، اما فيه، أو فيما قبله، لا بالنسبة إلى طبيعي الحدوث:

ولا بالنسبة إلى شخص الحدوث المحتمل تحققه في زمان العلم (والاول) ظاهر للجزم بانتقاض عدم الطبيعي في ذلك الزمان بيقين آخر (وكذلك الثاني) لان الشك المتصور فيه انما هو من حيث حده المنتزع عن سبق وجوده بالعدم، والا فاصل وجوده في الزمان المتأخر معلوم تفصيلا (ومن الواضح) ان الحد المزبور لم يكن معلوم العدم سابقا حتى يجري فيه الاصل، وعلى فرض اليقين به لا يصلح ذلك امر الاستصحاب لوضوح ان اليقين به كذلك ملازم مع اليقين بوجوده سابقا فكيف يمكن ان يجري فه الاستصحاب (وحينئد) فتبقى اصالة عدم حدوثه إلى زمان العلم بلا معارض (هذا) إذا كان الحادث على فرض حدوثه في زمان مقطوع البقاء، كالموت والحيوة بحيث اخذ حدوثاته في الازمنة المتعددة على نحو البدلية (واما) إذا كان الحادث من الامور الآنية التي يمكن ان يفرض له حدوثات عرضية وعلم اجمالا بتحقق احدها فيجري فيه ايض اصالة العدم بالنسبة إلى كل واحد من الحدوثات لتحقق اركانه فيها، غاية الامر العلم الاجمالي بتحقق احدها موجب لتعارض تلك الاصول، وذلك في فرض اقتضاء جريان الجميع طرح تكليف الزامي لا مطلقا كما هو ظاهر (هذا كله) إذا كان الاثر الشرعي مترتبا على الحادث بلحاظ اضافته إلى اجزاء الزمان. (واما إذا كان) الاثر الشرعي مترتبا عليه بلحاظ اضافته إلى حادث آخر من حيث التقدم أو التقارن أو التأخر، ففي جريان الاستصحاب فيه خلاف بين الاعلام (وحيث) ان للفرض شقوق وصور عديدة فلا بأس بالتعرض لها وبيان احكامها (فنقول): ان كل حادث اضيف إلى حادث آخر بالقياس إلى اجزاء الزمان (اما) ان يكون متقدما عليه أو متأخرا عنه، أو مقارنا معه في الزمان (ثم العنوان) الذي يكون موضوعا للأثر، اما ان يكون نفس تلك العناوين اعني تقديم الشيء أو تأخره أو تقارنه للشيء الآخر بنحو مفاد كان أو ليس التامة كالموت المتقدم للاب على موت الابن وبالعكس.

(واما) ان يكون هو الشيء المتصف بكونه متقدما على الحادث الآخر أو متأخرا عنه أو مقارنا معه بنحو مفاد كان أو ليس الناقصة .

(واما) ان يكون هو الشيء في ظرف تقدمه أو تأخره أو تقارنه لحادث آخر بحيث اخذ تلك الازمنة ظرفا محضا لموضوع الاثر، أو قيدا ووصفا له (وكذلك) حال الحادث الآخر بالإضافة إلى هذا الحادث (فانه) يكون له هذه الاقسام بعينها (فهذه) اقسام متصورة في مفروض البحث للعنوان الذى يكون موضوعا للأثر.

(واما) حكم هذه الاقسام :

اما القسم الاول منها، فان قلنا في مثل هذه الاضافات ان لها حظا خارجي عند وجود طرفيها غير متوقفة على الاعتبار بحيث كان الخارج ظرفا لنفسها ولول لوجودها كما هو التحقيق، فلا شبهة في جريان اصالة العدم في كل من التقدم والتأخر والتقارن بنحو مفاد ليس التامة، لكونها من الخارجيات المسبوقة بالعدم ازلا، غاية الامر بالعلم الاجمالي بانقلاب احد هذه الاعدام المستصحبة يسقط الجميع بالمعارضة عند استلزام جريانه فيها طرح تكليف الزامي، وذلك في فرض ترتب الاثر الملزم على كل واحد من عنوان التقدم والتأخر والتقارن أو لحادث آخر كذلك (والا) فمع فرض كون الاثر المهم لخصوص عنوان التقدم أو التأخر أو التقارن، لا لكل واحد منهما، ولا لحادث آخر كذلك، فلا معارضة في البين (واما لو قلنا) ان هذه الاضافات من خارجات المحمول التي لاحظ لنفسه افي الخارج وان الخارج موطن منشاء انتزاعها من الحدوثات الزمانية الخاصة بلا جهة زائدة فيها، فلا مجال لجريان اصالة العدم فيها، لعدم كونها بنفسها من الخارجيات المسبوقة بالعدم، بل لابد حينئذ من جعل محط اصل العدم في منشاء انتزاعه الذي هو الحدوثات الخاصة الزمانية، لأنها هي التي تقوم بها المصلحة والمفسدة وتكون موضوعة للأثر، فيجري استصحاب الحادث بحسب اجزاء الزمان المتقدم على الحادث الآخر والمقارن له دون المتأخر عنه للعلم الاجمالي حينئذ بانقلابه بالنقيض اما مقدما وام مقارنا واما مؤخرا (وبذلك) لا يبقى مجال توهم المعارضة بين تلك الاصول، إذ هي فرع جريان اصالة عدم الحادث في الزمان المتأخر (والا) مع عدم جريانه فيه للعلم المزبور تنتفي المعارضة بين الاصول (ولا مجال) في هذا الفرض لجريان اصالة عدم الحدوث المتأخر بلحاظ بقاء وصف التأخر، إذ ذلك فرع خارجية مثل هذه الاضافات، الا فمع عدم خارجيتها كما هو المفروض فلا يكون محط الاصل الا شخص الحدوث الخاص بخصوصيته الذاتية، والمفروض انتقاض العدم الخاص المتيقن في ضمن اليقين بعدم الجامع بين الحدوثات باليقين بالوجود كما ذكرناه في اصالة عدم الحدوث بالقياس إلى اجزاء الزمان (واما عدم) شخص الحدوث الخاص في هذا الزمان فهو ايضا مما لا يجري فيه الاصل، لما ذكرنا من ان الشك المتصور فيه انما هو بلحاظ حده المنتزع عن سبقه بالعدم، لا بلحاظ اصل وجوده، لكونه معلوما بالتفصيل، وهذا المعنى مع انه غير متيقن سابقا لا يصلح امر الاستصحاب بلحاظ ان اليقين به كذلك ملازم لليقين بوجوده سابقا (وحينئذ) فإلقاء المعارضة بين الاصول الجارية في اعدام الحدوثات الخاصة الموصوفة بالتقدم والتأخر والتقارن مبني على جعل هذه الاضافات من الخارجيات غير المتوقفة على الاعتبار الزائدة على الحدوثات الخاصة الزمانية (والا) فعلى مسلك جعلها من الاعتبارات المنتزعة التي لا يكون الخارج الا ظرفا لمنشاء انتزاعها من الحدوثات الخاصة الزمانية، فلا يتم المعارضة بين الاصول، الا بفرض كون الشيء من الامور الآنية التي يتصور فيه حدوثات متعددة عرضية، إذ حينئذ بالعلم الاجمالي بتحقق احدها تتحقق المعارضة بين الاصول الجارية في اعدام الحدوثات الخاصة الزمانية، وذلك في فرض اقتضاء جريان الاصل في الجميع طرح تكليف ملزم (والا فلا) لم تقرر غير مرة من عدم مانعية مجرد العلم الاجمالي عن جريان الاصول في اطرافه (وعليه) فلا مجال لما في الكفاية من القاء المعارضة بين تلك الاصول مع بنائه على اعتبارية تلك الاوصاف وكونها من خارجات المحمول المنتزعة من الذوات الخاصة، خصوصا مع تمثيله في المقام بمثل موت المتوارثين الذي ليست حدوثاته الا بدلية، وقد عرفت انه على هذ المبنى لا يكون مجرى الاصل الا الحدوثات الخاصة الزمانية التي هي المناشئ لهذه الاعتبارات لكونها هي الموضوع للآثار الخاصة، وان مجرى الاصل لا يكون الا عدم الحادث بلحاظ اجزاء الزمان المتقدم على الحادث الآخر أو التقارن دون تأخره عنه (ومن التأمل) فيما ذكرنا انقدح حال القسم الثاني وهو ما كان الاثر مترتبا على اتصاف الذات بهذه الصفات بنحو مفاد كان أو ليس الناقصة، فانه على مبنى اعتبارية هذه الاضافات على وجه لا يكون الخارج ظرفا لها، بل لمناشئها اي الوجودات الخاصة بحدودها الذاتية وخصوصياتها الواقعية لا مجال لجريان الاستصحاب في اعدام اتصاف الذوات بهذه الاوصاف بنحو السلب المحصل، بلحاظ ان الذوات الخاصة بالخصوصيات الذاتية التي هي موضوع الاثر حقيقة غير صالحة للانفكاك عن ذاتياتها حتى في عالم تقررها فلا يمكن سلب ذاتياتها في عالم من العوالم ولو قبل وجوداتها (لان) ما يمكن سلبه عن الشيء ولو قبل وجوده انما هي اللوازم الزائدة عن حقيقة الشيء اللاحقة لوجوده، دون اللوازم الذاتية الثابتة للشيء في عالم تقرره (ومن هنا) لا يجرى الاصل العدم في لوازم الماهية لأنها لا تنفك عنها ولو قبل وجودها فلا يكون لها حالة سابقة (واما على المختار) في امثال هذه النسب والاضافات من كونها امورا خارجية، كالفوقية والتحتية مسبوقة بنفسها بالاعدام الازلية زائدا عن عدم طرفيها فعليه وان لم يكن مجال لاستصحاب وجود المتصف بالتقدم والتقارن أو بعدمهما، لعدم اليقين بالحالة السابقة (ولكن) في طرف العدم لا بأس باستصحاب عدم اتصاف الحادث بالتقدم أو التقارن ولو قبل وجوده بنحو القضية السالبة المحصلة، فيقال في الشيء، الكذائي انه قبل وجوده لم يكن متصفا بكذا فشك في اتصافه به حال وجوده والاصل بقائه على ما كان، فإذا كان الاثر مترتبا على الذات المتصفة بكذا بحيث كان لحيث الاتصاف المزبور دخل في ترتبه، فلا محالة يكفي في نفي الاثر نفي اتصاف الذات بالوصف ولو قبل وجودها (لان) نقيض اتصاف الشيء بشيء عدم اتصافه به لا اتصافه بعدمه بنحو القضية المعدولة كي يقتضى وجود الموصوف خارجا كالقضايا الموجبة ويكون الاصل المزبور مثبتا بالنسبة إليه (وحينئذ) فبعد كفاية مجرد نقيض الاثر المترتب على النقيض في استصحاب كل طرف من النقيضين بلا احتياج إلى ترتب الاثر على نفس المستصحب، فلا قصور في استصحاب عدم اتصاف الذات بالوصف ولو قبل وجودها بنحو السلب المحصل لنفي الاثر المترتب على الذات المتصفة، وبذلك نلتزم بجريان استصحاب العدم بمفاد ليس الناقصة فيما هو من نظائره من مثل القرشية ونحوها (نعم) انما يثمر هذا الاستصحاب فيما إذا اعتبر قيدية الوصف في صقع ذات الموضوع السابق في لحاظ العقل على وجودهما بنحو قابل لحمل الوجود على المقيد بالوصف تارة، والعدم اخرى، كما في القضايا التصورية، حيث ان من نتائج التقييد في هذه المرحلة قابلية حيث التقيد ايضا تبعا للذات للاتصاف بالوجود والعدم المستتبع لاعتبار نقيضه مادامت الذات محفوظة في عالم تقررها (ولازم) ذلك توسعة نقيض التقيد والاتصاف بل القيد بما هو قيد على نحو يصدق مع السلب بانتفاء الموضوع ايضا بل انحصاره بخصوص السلب بانتفاء المحمول، فيجرى فيه استصحاب العدم بكل من مفاد ليس التامة والناقصة، من غير فرق في ذلك بين ان يكون الوصف ملحوظا بما هو شيء في حيال ذاته، أو بما هو نعت لموصوفه وقائم به خارجا، فان مجرد كون الوصف نعتا لموصوفه ومتأخرا عن وجوده خارجا لا يقتضى تأخر قيديته المساوق لاعتبار تقييد الموصوف به كي يمنع عن جريان استصحاب عدمه (والا) لاقتضى المنع عنه ولو مع لحاظ الوصف في حيال ذاته المعبر عن وجوده بالجود المقارن وعن عدمه بالعدم المقارن (وحينئذ) فبعد فرض اعتبار قيدية الوصف في صقع ذات الموصوف بنحو القضية التصورية السابق في لحاظ العقل على مرتبة وجودهما، فلا محالة عند الشك في اتصاف الموضوع حين وجوده بالوصف، تجري اصالة العدم في اتصافه ولو قبل وجوده، كجريانه في ذات القيد والوصف بما هو قيد بنحو السلب المحصل بكل من مفاد ليس التامة والناقصة لتحقق اركانه من اليقين السابق والشك اللاحق، فيقال: ان الذات الكذائية قبل وجودها لم تكن متصفة بكذا فشك في اتصافها به حين وجودها والاصل بقائها على ما كانت (والوجه) فيه ما عرفت من ان من لوازم اعتبار التقييد في هذه المرتبة قابلية حيث التقيد ايضا تبعا للذات للاتصاف بالوجود والعدم ولازمه توسعة دائرة نقيض التقيد المزبور بنحو يصدق مع السلب بانتفاء الموضوع بل انحصار نقيضه بالسلب بانتقاء المحمول (هذا) إذا اعتبر قيدية الوصف في مرتبة ذات الموصوف السابق في لحاظ العقل على مرتبة وجوده.

(واما) إذا اعتبر قيديته للذات في المرتبة المتأخرة عن وجودها بنحو القضية التصديقية بحيث اخذ في الموصوف في مقام اعتبار التقييد صفة الموجودية للذات، كما إذا اخذ الموضوع في طي القضية الشرطية مشروطا بالوجود ثم قيد بقيد وجودي أو عدمي بمثل قوله ان وجد زيد وكان راكبا فكذا، ففي مثله لامجال جريان استصحاب العدم الثابت في حال عدم الموصوف، لا في حيث الاتصاف، ولا في ذات القيد والوصف بما هو قيد (لوضوح) ان اعتبار قيدية الوصف في المرتبة المزبورة يقتضى خروج مرتبة ذات الموضوع عن صقع التقيد، إذ صقع التقيد حينئذ انما هو في ظرف وجود الذات على نحو القضية التصديقية بنحو يرى حيث التقيد في المرتبة المتأخرة عن وجود الذات، ومع خروج مرتبة الذات عن صقع التقيد لا يكاد يصدق نقيض التقيد ولا القيد في ظرف عدم الموضوع، لان نقيض كل شيء ما كان في مرتبة وجوده، فإذا كان صقع التقيد في المرتبة المتأخرة عن وجود الموضوع فلا يكون نقيضه إلا العدم في هذه المرتبة دون العدم في مرتبة الذات، (ولأجله) يتضيق دائرة القيد بما هو قيد ايضا وجود أو عدما بما يكون في المرتبة المتأخرة عن وجود الموضوع (ومن الواضح) حينئذ انه لا مجال في مثله لجريان استصحاب العدم الازلي، لان ما كان نقيضا لموضوع الاثر وهو العدم في ظرف وجود الموضوع لا يكون موردا لليقين السابق بالثبوت حتى يجرى فيه الاستصحاب، وما كان موردا لليقين بالثبوت انما هو القضية السالبة بانتفاء الموضوع، وهى من جهة عدم كونه نقيضا لموضوع الاثر لا يجري فيها الاستصحاب، كما ان ابقائها تعبدا إلى زمان وجود الموضوع لا يثبت العدم الخاص الذي هو نقيض موضوع الاثر الا بالملازمة العقلية التي لا نقول به (بل ان تأملت) ترى عدم اجداء الاصل المزبور ولو على القول المثبت، لمكان عدم الملازمة بين بقاء المستصحب اعني العدم المحفوظ في المرتبة السابقة على وجود الموضوع، وبين العدم الخاص المتأخر عن وجود الموضوع، إذ في مثله لا يكاد يجدي اصالة عدمه الثابت في مرتبة الذات لإثبات العدم الخاص المتأخر عن وجود الموضوع ولو على القول بالمثبت (وحينئذ) فعلى كل تقدير لا يجري استصحاب العدم في الفرض المزبور (من غير فرق) بين ان يكون الوصف ملحوظا في عالم اعتبار القيدية نعتا للموضوع المعبر عنه بالوجود النعتي وعن عدمه بالعدم النعتي، وبين ان يكون ملحوظا بما هو في حيال ذاته المعبر عنه بالوجود المقارن وعن عدمه بالعدم المقارن.

(وبما ذكرنا) انقدح ما هو المناط في جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية في نحو هذه القضايا التوصيفية وعدم جريانه: وانه يختلف باختلاف مرحلة اعتبار صقع القيدية للوصف المأخوذ في موضوع الاثر، (فمناط) جريان الاستصحاب فيها انما يكون باعتبار القيدية في ظاهر الخطاب في صقع الذات السابق في لحاظ العقل على مرحلة وجودهما بنحو قابل لحمل الوجود على المقيد بالوصف، تارة، والعدم اخرى، كما في موارد اخذ الذات بمعناه التصوري في طي التقييد (كما ان مناط) عدم جريانه انما هو باعتبار القيدية في المرتبة المتأخرة عن وجود الذات (لم عرفت) من ان من نتائج اعتبار القيدية في هذه المرتبة، خروج مرتبة الذات بالمرة عن صقع التقييد الموجب لخروج العدم الثابت في مرتبة الذات عن كونه نقيضا لموضوع الاثر، فلا يجرى فيه استصحاب العدم الازلي (من غير فرق) في الصورتين بين ان يكون الوصف ملحوظا في عالم القيدية بما هو في حيال ذاته أو بما هو نعتا لموضوعه (لا ان) المناط فيه وجودا بمجرد لحاظ الوصف في حيال ذاته، وعدما بلحاظه نعتا لموضوعه وقائما به كم توهم، لما عرفت من ان مجرد لحاظ الوصف شيئا في حيال ذاته لا يقتضى جريان اصالة العدم فيه بنحو السلب المحصل لإمكان اعتبار القيدية حينئذ في الصقع المتأخر عن وجود الموضوع، كما ان مجرد لحاظه نعتا لموصوفه وقائما به لا يقتضى المنع عن استصحاب عدمه الثابت حال عدم الموضوع، لا مكان اعتبار التقييد في مرتبة ذات الموضوع السابقة في لحاظ العقل على وجودهما بلا لحاظ تقدم وجود الموصوف في مقام اعتبار التقييد في مرحلة الموضوعية للأثر كما هو ظاهر (وتنقيح الكلام) بازيد من ذلك موكول إلى محل آخر (فان) المقصود في المقام مجرد الاشارة إلى بيان مجرى الاستصحاب العدم الازلي، وانه انما يكون بلحاظ اعتبار التقييد في مرحلة الموضوعية للأثر في صقع الذات، لا بلحاظ مرحلة الاتصاف الخارجي وانما اطلنا الكلام فيه حرصا لدفع بعض الشبهات عن الاذهان الصافية.

(ثم ان) ما ذكرنا من جريان اصالة العدم بالسلب المحصل من نحو اصالة عدم اتصاف المرئة بالقرشية وعدم اتصاف الحادث حين وجوده بعنوان التقدم والتأخر والتقارن بالقياس إلى حادث آخر، انما هو إذا كان الاثر لسلب الاتصاف لا للمعنى المتصف بالعدم بنحو القضية المعدولة (والا فعلى) فرض ان موضوع الاثر هو الامر المتصف العدم في زمان الآخر، فلا مجري فيه للأصل لعدم اليقين بالحالة السابقة من ارتباط الموضوع واتصافه بالعدم، إذا الوجود من الاول غير معلوم الاتصاف بالعدم المذكور لانه، ام وجد متأخرا عن زمان وجود الآخر، أو متقدما عليه، أو مقارنا له، واصالة عدم اتصافه بالتقدم أو التقارن أو التأخر بنحو السلب المحصل الراجع إلى سلب الاتصاف لا يثبت الموضوع المتصف بالسلب الذي هو مفاد المعدولة الا على القول بالمثبت، ومجرد وحدة منشاء هذه المفاهيم في الخارج غير كاف في جريان الاستصحاب في بعضها بلحاظ الاثر المترتب على بعض آخر كما هو ظاهر.

(ثم ان ذلك) كله في فرض ترتب الاثر على وجود احد الحادثين بلحاظ اضافته إلى الحادث الآخر بكل من عنوان التقدم، والتأخر أو التقارن، وقد عرفت انه على المختار في مثل تلك الاضافات من كونها بنفسها امورا خارجية وصفات زائدة على الذوات الخارجية مسبوقة باعدامها الازلية، لا قصور في جريان اصالة العدم فيها بمفاد ليس التامة والناقصة وترتب نقيض الاثر المرتب على النقيض عليه ما لم يكن معارضا بجريانه في الحادث الآخر أو فيه بعنوان آخر (واما) لو كان الاثر لعدم احدهم في زمان وجود الآخر بحيث يكون زمان الآخر ظرفا لما هو موضوع الاثر، كإسلام الوارث وموت المورث، وكبيع الراهن ورجوع المرتهن عن اذنه وقد شك في تقدم احد الحادثين على الآخر وتأخره عنه أو تقارنه (فتارة) يعلم بتاريخ احدهما المعين ويشك في تاريخ الآخر في انه قبله أو بعده أو مقارن له (واخرى) يكون كل منهما مجعول التاريخ (فعلى الاول) لا قصور في جريان استصحاب العدم في مجهول التاريخ في الازمنة المشكوك حدوثه فيه إلى زمان يقطع فيه بوجوده، ففي المثال المتقدم لو علم بموت المورث في يوم الخميس مثلا وشك في إسلام الوارث في انه قبل يوم الخميس الذي هو زمان موت المورث يجري الاصل في المجهول فيترتب عليه آثار عدم اسلامه إلى زمان موت مورثه التي منها عدم ارثه منه، حيث انه يثبت به بضم وجدان موت المورث في الزمان المعين اجتماع عدم إسلام الوارث وموت المورث في الزمان (وكذلك) الامر فيما لو انعكس الفرض بان علم بإسلام الوارث في يوم معين ويشك في موت المورث في انه قبله أو فيه أو بعده، فانه باستصحاب عدم موته أو حيوته إلى زمان إسلام الوارث يثبت موضوع التوارث الذي هو اجتماع الإسلام وحيوة المورث في الزمان.

(هذا) إذا كان الاثر لمجرد عدم احد الحادثين في زمان الآخر (واما) إذا كان الاثر لوجود احدهما المتصف بالعدم في زمان الآخر، فلا يجري فيه اصالة بالعدم لعدم اليقين بالحالة السابقة، وعدم اثمار استصحاب ذات عدم الامر الكذائي إلى زمان الحادث الآخر لأثبات ارتباط الموجود واتصافه بالعدم، لان غاية ما يثبت به هو ان زمان وجود الحادث المعلوم، زمان عدم الآخر، واين ذلك واثبات موضوع الاثر الذي هو الذات المتصف بالعدم في زمان الاخر (والى ذلك) نظر المحقق الخراساني (قدس سره) في تفصيله بين ان يكون الاثر للحادث المتصف بالعدم في زمان كذا، وبين ان يكون الاثر لذات عدم احدهما في زمان الآخر (هذا) في مجهول التاريخ.

(واما) في معلوم التاريخ منهما فلا مجرى فيه للاستصحاب، لانتفاء الشك اللاحق بالنسبة إليه فانه قبل يوم الخميس الذي هو ظرف حدوث الإسلام مثلا كان إسلام الوارث معلوم العدم وفي يوم الخميس كان معلوم التحقق فلا يتصور الشك فيه فيزمان كي يجري فيه استصحاب العدم (وقد يتوهم) ان المعلوم انما هو وجوده بالإضافة إلى اجزاء الزمان، واما بالإضافة إلى زمان الواقعي لحدوث الآخر، فحدوثه مشكوك فيه فيستصحب عدمه بهذا الاعتبار، فيعارض مع الاصل الجاري في مجهول التاريخ (واجيب عنه) بانه ان اريد لحاظه بالإضافة إليه على وجه يكون زمان الآخر ظرفا محضا لوجوده على وجه الاجمال فهو عبارة اخرى عن لحاظه بالإضافة إلى اجزاء الزمان، وقد عرفت انه مع العلم بتاريخ حدوثه لاشك في وجوده حتى يستصحب (وان اريد) لحاظه بالإضافة إليه على وجه يكون زمان الآخر قيدا ووصفا لوجوده فلا حالة له سابقا حتى يستصحب، ولذا يمنع عن استصحاب وجود المتصف بالتقدم أو بعدمه لمكان عدم الحالة السابقة (اقول):

ولا يخفى ان مجرد كون زمان الآخر ظرف له لا يمنع عن استصحابه بعد صدق الشك في بقاء عدمه بالإضافة إلى زمان وجود الآخر واقعا، فانه يصح ان يقال في معلوم التاريخ: ان بقاء عدمه في زمان الواقعي لوجود الآخر مشكوك (واما) على التقيدية وان لم يجر فيه الاستصحاب لمكان عدم الحالة السابقة، الا انه لا بأس بجريان الاستصحاب لسلب اتصاف المعلوم به ولو قبل وجوده، لما ذكرنا من ان الاثر إذا كان للذات المتصف بكذا، كان لحيث الاتصاف دخل في ترتبه، فيكفي في نفي الاثر المترتب على الذات المتصف نفي اتصافها به ولو قبل الموجود إلى حين وجودها، فيترتب عليه نقيض اثر النقيض الكافي هذا المقدار في باب الاستصحاب. (فالاولى) في دفع الشبهة ان يقال: ان عدم جريان الاصل ولو على الظرفية في معلوم التاريخ بلحاظ زمان الواقعي لوجود الآخر انما هو لأجل عدم احراز مقارنة الابقاء التعبدي مع زمان وجود الآخر، لان معنى ابقاء شيء وجودا أو عدما إلى زمان الواقعي لوجود غيره، هو ابقائه إلى زمان يقطع فيه بكونه ذاك الزمان الواقعي لوجود الآخر، والا فبدون اليقين به لا يمكن تطبيق كبرى الاثر على المورد (وحينئذ) مع تردد زمان وجود الآخر بين زمانين لا يكاد يمكن الجزم بالتطبيق الا بفرض جر عدم المعلوم في جميع محتملات ازمنة وجود مجهول التاريخ، وهو غير ممكن (لان) من محتملات زمان وجوده زمان اليقين بارتفاع المستصحب وانقلابه بالنقيض، فلا يمكن جر عدمه إلى هذا الزمان، ومع عدم جره كذلك كان البقاء التعبدي فيه مشكوك المقارنة مع زمان وجود الغير، ومع الشك المزبور لا يثمر الاصل في ترتيب اثر البقاء المقارن لزمان وجود الغير (هذ كله) إذا كان احدهما المعين معلوم التاريخ والآخر مجهولة. (واما إذا كانا) مجهولي التاريخ، فالذي يظهر من جماعة منهم العلامة الأنصاري (قدس سره) جريان الاستصحاب فيهم ذاتا، غاية الامر سقوطهما بالمعارضة في فرض ترتب الاثر المهم على كل منهما كما في الامثلة المتقدمة من مثال موت المتوارثين الوالد والولد غير مقترنين والشك في المتقدم والمتأخر، أو موت المورث واسلام الوارث كذلك ونحوهما من الامثلة التي اوردها الشيخ قدس سره.

(ولكن التحقيق) خلافه وانه ل مجرى للاستصحاب في واحد منهما ولو بلا معارض (وذلك) لا لما افاده المحقق الخراساني من شبهة الانفصال باليقين بالانتقاض (بل لما اشرنا) إليه آنفا من عدم إجدائه في التطبيق على موضوع الاثر في فرض امكان جر المستصحب، وعدم امكان جره في فرض احراز التطبيق (ولتوضيح) المرام نفرض الازمنة في الامثلة المذكورة ثلاثة ايام (الاول) يوم الخميس الذي هو زمان اليقين بعدم موت المورث وعدم إسلام الوارث فيه (الثاني) يوم الجمعة الذي هو زمان الشك في حدوث موت المورث واسلام الوارث فيه (الثالث) يوم السبت الذي هو زمان اليقين بحدوث كل من موت المورث واسلام الوارث بنحو الاجمال مرددا كل منهما بان يكون حدوثه فيه أو في زمان سابق عليه وهو يوم الجمعة (بعد ذلك) نقول: ان شأن الاستصحاب بعد ان كان جر المستصحب وامتداده إلى زمان الشك، لا إلى زمان اليقين بالانتقاض (فتارة) يكون منشاء الشك في بقاء شيء وجودا أو عدما إلى زمان وجود غيره، من جهة الشك في اصل بقائه في الازمنة المتأخرة عن زمان اليقين به، مع الجزم بان الزمان المتأخر، الذي حكم فيه بامتداد المستصحب وبقائه فيه هو زمان وجود الآخر، كما في فرض العلم بتاريخ احدهما المعين، فانه لو حكم ببقاء مجهول التاريخ إلى ذلك الزمان يجزم بمقارنة بقائه التعبدي لزمان وجود الآخر (واخرى) يكون منشاء الشك فيه من جهة الشك في مقارنة البقاء التعبدي لزمان وجود الغير (وبعبارة) اخرى يكون الشك فيه من جهة الشك في كون الزمان الذي حكم ببقاء المستصحب فيه هو زمان وجود غيره بلحاظ تردد زمانه بين الزمانين، حيث انه بذلك يشك في مقارنة بقائه التعبدي في زمان مع زمان وجود غيره (فان كان) الشك في بقاء المستصحب إلى زمان وجود غيره ممحض بالجهة الاولى، فلا قصور في جريان الاستصحاب، فيستصحب في المثال عدم كل من إسلام الوارث وموث المورث إلى زمان وجود الآخر ويترتب على كل منهما اثره في فرض الجزم بالمقارنة مع زمان وجود الآخر (واما) ان كان الشك من الجهتين أو من الجهة الاخيرة، فلا يجري الاستصحاب في واحد منهما ولو بلا معارض (لوضوح) ان شأن الاستصحاب انما هو مجرد الغاء الشك من جهة خصوص امتداد المستصحب إلى الازمنة المتأخرة عن زمان اليقين به، لا الغاء الشك فيه من جهة اقتران حيثية بقائه ولو تعبدا في زمان مع زمان وجود غيره (وحينئذ) فمع تردد الزمان الذي هو ظرف وجود الآخر بين الزمانين، زمان الشك في وجود بديله الذي هو الزمان الثاني، وزمان يقينه الذي هو الزمان الثالث، يكون الشك في مقارنة البقاء التعبدي للمستصحب مع زمان وجود الآخر على حاله، فلو اريد من الابقاء ابقائه إلى الزمان الثاني، فلا يجزم حينئذ بتطبيق كبرى الاثر على المورد، الا بفرض جر المستصحب في جميع محتملات ازمنة وجود الآخر التي منها الزمان الثالث، وهو ايضا غير ممكن، لان الزمان الثالث زمان انتقاض اليقين بكل منهما بيقين آخر، فكيف يمكن جر المستصحب إلى الزمان الذي هو زمان انتقاض يقينه بيقين آخر (ومجرد) كونه زمان الشك في حدوثه أو حدوث غيره لا يجدي في امكان الجر إلى هذا الزمان بعد كونه زمان انتقاض يقينه كما هو واضح. (وحيث اتضح ذلك) نقول: ان المقام من هذا القبيل، ففي المثال المزبور يكون منشاء الشك في حيوة الوارث أو اسلامه إلى زمان موت مورثه كلا الامرين اعني الشك في اصل بقاء حيوة الوارث أو عدم اسلامه في الزمان الثاني الذي فرضناه يوم الجمعة، والشك في حيثية مقارنة بقاء المستصحب ولو تعبدا فيه لزمان موت المورث بلحاظ تردد حدوثه بين الزمانين (ولقد) عرفت عدم جريان الاستصحاب في مثله على وجه يجدي في ترتيب الاثر المترتب على البقاء المقارن لزمان وجود الغير، لان ما يمكن جره بالاستصحاب انما هو جر عدم إسلام الوارث أو حيوته إلى الزمان المتأخر عن زمان يقينه اعني الزمان الثاني، ومثله لا يثمر في تطبيق كبرى الاثر على المورد، لعدم احراز كون البقاء التعبدي مقارنا مع زمان وجود الغير، وعدم تكفل دليل الاستصحاب الا لإلغاء الشك من جهة خصوص الامتداد دون غيره، وما يثمر في التطبيق انما هو جر المستصحب إلى الزمان الثالث الذي فرضناه يوم السبت وهو غير ممكن لان زمان الثالث زمان انتقاض اليقين بكل واحد منهما بيقين آخر، فكيف يمكن جر المستصحب إلى مثل هذا الزمان الذي هو زمان انتقاض يقينه.

 (لا يقال) ذلك انما يكون إذا قيس استصحاب عدم احد الامرين بالنسبة إلى الازمنة التفصيلية (واما) لو قيس ذلك بالنسبة إلى الزمان الواقعي الاجمالي لوجود الآخر، فلا قصور في استصحاب بقاء كل منهما إلى زمان الواقعي لوجود بديله، إذ يصدق على كل منهما بالإضافة إليه الشك في البقاء إلى ذاك الزمان، فيستصحب في المثال عدم إسلام الوارث إلى زمان موت مورثه وبالعكس (غاية) الامر يتعارض الاستصحابان (فانه يقال): ان اريد من استصحاب عدم إسلام الوارث أو حيوة مورثه إلى الزمان الاجمالي، جره إلى زمان يشك فيه في انطباق المجمل عليه فهو غير مثمر في تطبيق كبرى الاثر على المورد، لعدم تكفل دليل الاصل لإلغاء الشك من هذه الجهة (وان اريد) جره إلى زمان يقطع فيه بانطباق الزمان الاجمالي عليه بنحو الاجمال، فهو وان كان مثمرا في التطبيق، ولكنه يحتاج إلى جره في جميع محتملاته من الازمنة التي منها الزمان الثالث، وهو غير ممكن، وبدون جره كذلك لا يحرز كون البقاء التعبدي مقارنا مع زمان وجوده غيره (مع انه) لو كان هذا المقدار كافيا في جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ، فلم لا يلتزم بكفايته في جريانه في معلوم التاريخ في الفرض المقدم، فانه يصدق عليه ايضا بالإضافة إلى زمان الواقعي في مجهول التاريخ الشك في بقاء عدمه إلى زمان الواقعي لوجود الآخر (ومن المعلوم) انه لا يكون الوجه فيه الا ما ذكرناه، فتدبر فيما قلناه بعين الانصاف فانه دقيق وبالقبول حقيق. (ثم ان للمحقق الخراساني قدس سره) تقريبا آخرا في منع جريان الاصل في مجهولي التاريخ من جهة شبهة الانفصال باليقين الناقض الموجب لكون التمسك بعموم لا تنقض من باب التمسك بالعام مع الشك في انطباق عنوانه على المورد (وملخص) ما افاد في تقريب الشبهة بتوضيح منا هو ان في فرض العلم بحدوث الحادثين كإسلام الوارث وموت المورث والشك في المتقدم منهما والمتأخر، لابد من فرض الازمنة التفصيلية ثلاثة بفرض الزمان الاول زمان اليقين بعدمهما، والزمان الثاني زمان العلم بحدوث احدهما فيه اجمالا، اما إسلام الوارث، واما موت مورثه، والزمان الثالث زمان اليقين بتحقق الإسلام والموت فيه مع اليقين الاجمالي بكونه ظرفا لحدوث احدهما، اما إسلام الوارث، واما موت مورثه (وهناك) زمانان اجماليان ايضا:

(احدهما) زمان إسلام الوارث المحتمل الانطباق على كل من الزمان الثاني والثالث على البدل، والثاني زمان موت مورثه المحتمل الانطباق ايضا على كل واحد من الزمانين على البدل بحيث لو انطبق احدهما على الزمان الثاني، كان الآخر منطبقا على الزمان الثالث، حسب العلم بتقدم زمان حدوث احدهما على زمان حدوث الآخر (وحينئذ) فبعد احتمال كون الزمان الثاني اعني يوم الجمعة مثلا ظرفا لحدوث الإسلام أو الموت، لا مجال لاستصحاب عدم إسلام الوارث المعلوم يوم الخميس إلى زمان موت مورثه، لاحتمال ان يكون زمان موت المورث يوم السبت الذي هو الزمان الثالث ويكون زمان الإسلام يوم الجمعة الذي هو زمان انتقاض يقينه باليقين بالخلاف، ومع هذا الاحتمال لا يمكن جر المستصحب من زمان يقينه إلى زمان الآخر المحتمل كونه بعد زمان اليقين بارتفاعه، وهكذا في استصحاب عدم موت المورث إلى زمان إسلام الوارث، فانه مع احتمال كون زمان الإسلام بعد زمان موت المورث يحتمل انتقاض يقينه باليقين بالخلاف (وبعد تذيل) بعض اخبار الباب بقوله: ولكن انقضه بيقين آخر الذي هو من القيود المتصلة بالكلام، لابد في التمسك بعموم دليل الاستصحاب من احراز تطبيق عنوانه بقيوده على المورد، فمع الشك في مثل هذا القيد يشك في تطبيق عنوانه، وفي مثله لا مجال للتمسك بعموم لا تنقض حتى بناء على جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية للمخصصات المنفصلة (هذا ملخص) المقال في تقرير الشبهة المزبورة.

(ولكن) فيه ان الناقض لليقين السابق ليس الا اليقين بارتفاع المتيقن، لا نفس ارتفاعه واقعا ولم يتخلل بين اليقين بعدم حدوث كل من الحادثين والشك في الحدوث يقين آخر بالحدوث ليوجب عدم اتصال زمان الشك بالحدوث في كل منهما باليقين به .

(واما) اليقين الاجمالي بارتفاع المستصحب في احد الزمانين، اما الزمان الثاني، أو الثالث فهو غير قابل للفصل بين اليقين بالمستصحب والشك في بقائه في زمان وجود الغير الا في فرض قابلية انطباقه على الزمان الثاني الذي هو احد طرفي العلم ولكنه من المستحيل جدا (لما عرفت) غير مرة من ان قوام العلم والشك بل جميع الصفات الوجدانية كالإرادة والكراهة والتمني والترجي وغيرها انما هو بنفس العناوين والصور الذهنية بما هي ملحوظة كونها خارجية بلا سراية منها إلى المعنون الخارجي، لان الخارج انم هو ظرف اتصافها بالمعلومية، لا ظرف عروضها بشهادة انه قد لا يكون للمعنون وجود خارجي اصلا كما في موارد تخلف العلم عن الواقع، فمعروض العلم في جميع موارد العلوم الاجمالية عبارة عن عنوان وصورة اجمالية مبائنة مع ما هو معروض الشك والترديد، حيث ان معروضه عبارة عن صور تفصيلية كهذا الاناء وذاك الاناء الآخر مثلا بعنوانهم التفصيلي مع وقوف كل من الوصفين في عالم عروضهما على نفس معروضه من الصور الذهنية، من غير ان يكون وحدة المنشاء والمعنون الخارجي لهما موجبا لسراية احد الوصفين من معروضه إلى معروض الآخر، بشهادة اجتماع اليقين الاجمالي مع الشك التفصيلي بكل واحد من الاطراف، مع وضوح المضادة بين الوصفين (وبعد) ذلك نقول: انه بعد استحالة انطباق المعلوم بالإجمال بما هو معلوم على طرفيه، فلا يعقل احتمال الفصل باليقين بارتفاع المستصحب في احد الزمانين بين زمان اليقين بعدم المستصحب وزمان الذي يراد جر المستصحب إليه، فان المفروض ان الزمان الفاصل بين زمان اليقين بالمستصحب سابق وزمان وجود غيره الذي يراد جره إليه بالاستصحاب ليس الا ما هو طرف العلم الاجمالي بين الزمانين وهو الزمان الثاني، ومع استحالة قابلية انطباق المعلوم بوصف معلوميته على هذا الزمان الذي هو طرف العلم الاجمالي، كيف يحتمل الفصل باليقين الناقض بين زمان اليقين بالمستصحب وزمان الذي يراد جره إليه ليكون التمسك بدليل الاستصحاب في المقام تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية للعام المزبور، بلحاظ الشك في قيده المتصل به.

(نعم) ما هو محتمل الفصل باليقين الناقض انما هو في عالم الاتصاف والانطباق خارجا، حيث يحتمل انطباق ما هو المعلوم بالإجمال في موطن الخارج على ما انطبق عليه معروض الشك، ولكنه مع عدم كونه فصلا باليقين حقيقة الا على توهم مرفوض وهو سراية العلم من معروضه الذهني إلى موطن الخارج، لا يمنع هذا المقدار عن جريان استصحاب العدم في كل من الحادثين (والا) لاقتضى المنع عن جريانه في مجهول التاريخ منهما ايضا بلحاظ ان حدوثه بعد ان كان مرددا بين ما قبل معلوم التاريخ وما بعده كان زمان الشك بعدمه وهو زمان حدوث معلوم التاريخ غير محرز الاتصال بزمان يقينه لاحتمال انفصاله عنه بانطباق زمان اليقين بالإجمال بحدوثه على ذلك الزمان، بل وكذلك في جميع فروض العلوم الاجمالية (وحينئذ) فلولا ما ذكرناه من الوجه للمنع عن جريان استصحاب العدم في مجهولي التاريخ من لزوم احراز مقارنة زمان بقاء المستصحب ولو تعبدا مع زمان وجود غيره، وعدم صلاحية جريان الاستصحاب إلى الزمان الثاني لرفع الشك في المقارنة المزبورة، وعدم جريانه إلى الزمان الثالث الذي هو زمان اليقين بوجود الغير لكونه زمان اليقين بارتفاع المستصحب، لما يمنع عنه، شبهة الفصل المزبور.

(ثم لا فرق) فيما ذكرنا من عدم صلاحية العلم الاجمالي بالارتفاع في الزمان الاجمالي للفاصلية بين ان يكون المعلوم بالإجمال من الاول مجملا مرددا بين امرين كأحد الانائين أو الثوبين في العلم الاجمالي بنجاسة احدهما، وبين ان يكون من الاول عنوانا تفصيليا كإناء، زيد أو الاناء الشرقي، فطرء عليه الاجمال والترديد من جهة اشتباهه بغيره، كما لو علم بنجاسة اناء زيد بخصوصه وطهارة غيره ثم اشتبه بالأناء الآخر، أو علم بنجاسة الاناء الشرقي وطهارة الاناء الغربي فاشتبه احدهما بالآخر، فانه مع تقوم الصفات الوجدانية التي منها العلم والشك بالصور الذهنية ولولا بما يلتفت إلى ذهنيتها، بل بما انها ترى خارجية، يكون معروض العلم الاجمالي بما هو معروضه في جميع تلك الفروض عبارة عن صورة اجمالية مبائنة مع الصورة التي هي معروض الشك ذهنا بنحو يستحيل اتحادهما في عالم المعروضية للشك واليقين وان كانتا متحدتين وجود خارجا، كاستحالة سراية كل من الوصفين من معروضه إلى معروض الآخر، أو سرايتهما إلى موطن الخارج (لا يعقل) الفصل باليقين الناقض في شيء من هذه الفروض كى يمنع عن جريان الاستصحاب (نعم) ما هو محتمل الفصل باليقين في جميع هذه الفروض انما هو في عالم الاتصاف والانطباق خارجا، حيث يحتمل انطباق ما هو معروض اليقين في الخارج على م انطبق عليه معروض الشك (ولكنه) مع عدم كونه فصلا باليقين حقيقة، لا يمنع هذ المقدار عن جريان الاستصحاب (والا) لاقتضي المنع عن جريانه في كل علم اجمالي بالنسبة إلى طرفه ولو كان المعلوم بالإجمال من الاول عنوانا عرضيا كعنوان احدهم (وعليه) فما عن بعض الاعلام من تشقيق تلك الفروض وتسليم احتمال الفصل باليقين الناقض المانع عن الاستصحاب فيما كان من قبيل الاناء الشرقي المتميز عن الاناء الغربي، اما بفرض الترديد والاجمال مقارنا للعلم، كالعلم بإصابة المطر لما هو في الطرف الشرقي، واما بطرو الاجمال والترديد بعد ما علم بإصابة المطر له، وعدم تسليمه فيما كان المعلوم بالإجمال من الاول عنوانا عرضيا كالعلم بإصابة المطر لاحد الانائين اما الشرقي أو الغربي، منظور فيه (نعم) لا بأس بذلك في عالم الاتصاف والانطباق الخارجي، ولكنه لا يختص بالأمثلة المزبورة بل يجري في جميع موارد العلم الاجمالي ولو كان المعلوم بالإجمال من الاول عنوانا عرضيا كعنوان احدهما (وحينئذ) فالعمدة في المنع عن جريان مثل هذا الاستصحاب ما ذكرناه، والا فلا قصور في الاستصحاب إذ لا يمنع عنه الا المعارضة بجريانه في الآخر في فرض ترتب الاثر على كل منهما.

(بقى الكلام) (في تعاقب الحادثين المتضادين) مع الشك في المتقدم منهم والمتأخر من حيث جريان الاستصحاب فيهما وعدمه، كالطهارة والنجاسة، والطهارة والحدث في المسألة المعروفة (وفيه) ايضا تجري الشقوق السابقة من الجهل بتاريخهما، تارة وباحدهما، اخرى (والمقصود) بالكلام في المقام هو الاستصحاب الوجودي دون العدمي (كما ان) المقصود هو استصحاب وجود كل منهم في حد نفسه، لا بلحاظ كونه إلى زمان وجود الآخر أو عدمه (فنقول): انه لو علم بالطهارة والحدث وشك في المتقدم والمتأخر منهما فمع الجهل بتاريخهما، قد يظهر من الشيخ (قدس سره) بل نسب إلى المشهور جريان الاستصحاب في كل من الطهارة والحدث وتساقطهما بالتعارض (واورد) عليه المحقق الخراساني (قدس سره) بما تقدم من شبهة الفصل باليقين الناقض لاحتمال انفصال زمان الشك في بقاء الطهارة عن زمان اليقين بها بزمان اليقين بالحدث بان يكون الطهارة في الساعة الاولى والحدث في الساعة الثانية وكذلك الامر بالعكس (ولقد) تقدم الجواب عنه بما لا مزيد عليه.

(والتحقيق) في المقام عدم جريان الاستصحاب فيهما ايضا ولو مع قطع النظر عن التعارض (لعدم اتصال) زمان الشك فيه بزمان اليقين بتقريبات (ولتوضيح) المرام نقول: انه حفظا لموضوع الاستصحاب الذي هو الشك في وجود ما انطبق عليه البقاء لابد من فرض الازمنة فيه ثلاث ساعات مثلا، الاولى والثانية زمان اليقين الاجمالي بتحقق كل من الحادثين الطهارة والحدث، والثالثة زمان الشك في بقاء كل منهما، والا فلو فرض انه ما مضى الا الزمانان اللذان علم بحدوث الطهارة والحدث فيهما وشك في المتقدم والمتأخر منهما، فلا مجال لتوهم جريان الاستصحاب فيهما لعدم تصور الشك في البقاء حينئذ، لان في الزمان الاول لا يقين بحدوث الطهارة، ولا بالحدث، وفي الزمان الثاني وان علم بحدوثهما ولكن امر كل واحد منهما فيه مردد بين الحدوث والارتفاع، فلا يتصور الشك في البقاء في واحد منهما، وهذا بخلاف فرض الازمنة ثلاثة، حيث ان في الزمان الثالث يتصور الشك في البقاء في كل واحد منهما، فكان موضوع الاستصحاب الذي هو الشك في وجود ما ينطبق عليه البقاء محرزا (وبعد ذلك) نقول: ان عدم جريان الاستصحاب في المتضادين المجهولين تاريخهما لوجوه.

(الاول) ان المستفاد من ادلة الباب بمقتضى لزوم وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة موضوعا، اعتبار اتصال زمان الشك في بقاء المستصحب بزمان اليقين بوجوده بحيث يصدق الشك في البقاء على الحادث في الزمان المشكوك فيه وليس هنا كذلك (لان) ما حدث وهو الطهارة في المثال بعد ان كان زمانه زمانا اجماليا مرددا بين زمان الاول والثاني، فقهرا يكون زمانه المتصل لحدوثه ايضا مرددا بين زمان الثاني والثالث، وهكذا في طرف الحدث، ففي الزمان الثالث لم يحرز اتصاله بزمان اليقين، لان الطهارة ان كانت واقعة في الساعة الاولى ففي الساعة الثانية كانت مرتفعة قطعا فيكون الزمان الثالث الذي هو زمان الشك في البقاء منفصلا عنه، وان كانت واقعة في الساعة الثانية، فزمان الثالث وان كان متصلا بزمان حدوثهما، الا انه على هذا التقدير لا يكون الزمان الثالث زمان الشك في البقاء والارتفاع للقطع حينئذ ببقاء الطهارة فيه (وان شئت قلت) بانتفاء الشك في البقاء في الزمان الثالث بالنسبة إلى كل واحد من الطهارة والحدث، لانه على تقدير يقطع بارتفاعه، وعلى تقدير يقطع ببقائه، فان ما يتصور من الشك في البقاء فيه انما هو من جهة الشك في الحدوث المتصل به لا من جهة الشك في نفس بقاء ما هو الحادث فارغا عن حدوثه المتصل به، وموضوع الاستصحاب صرفا أو انصرافا انما كان هو الثاني لا الاول، ولا مطلق الشك في البقاء ولو كان من جهة الشك في الحدوث في الآن المتصل به (وحينئذ) فلا ينتقض ما ذكرناه بموارد الشكوك البدوية (فانه) لو علم بالطهارة في ساعة فشك في بقائها في الساعة الاخرى كان زمان الشك في البقاء متصلا بزمان اليقين بحدوثها حيث يحتمل ملازمة حدوثها في الساعة الاولى لبقائها في الساعة الثانية ويحتمل عدم ملازمة حدوثها للبقاء، وشأن الاستصحاب ابقاء ما شك في بقائها في الزمان المتصل بالحدوث. (الثاني) انه لا شبهة في ان الشك الذي هو موضوع الاستصحاب هو الشك في بقاء المستصحب وارتفاعه في الزمان المتصل بزمان اليقين بحدوثه، بحيث يحتمل ملازمة حدوثه في الزمان الاول مع بقائه في الزمان الثاني، ويحتمل عدم ملازمته وانفكاك وجوده في الزمان الثاني عن حدوثه في الزمان الاول (ومثل) هذ المعنى لاشك في تحققه في الشكوك البدوية (بخلاف المقام) فانه لا يتصور فيه احتمال بقاء المستصحب وارتفاعه في الزمان الثالث الذي اريد جر المستصحب إليه (فانه على تقدير) ان يكون حدوث الطهارة في الساعة الاولى، يقطع بارتفاعها في الساعة الثانية بحدوث ضده الذي هو الحدث، فلا يحتمل فيها البقاء في الساعة الثالثة (وعلى تقدير) ان يكون حدوثها في الساعة الثانية يقطع ببقائها في الساعة الثالثة، فلا يحتمل انفكاك حدوثه عن بقائه في الزمان الثالث، وهكذا بالنسبة إلى الحدث، ومع انتفاء الشك في البقاء والارتفاع لا يجري فيه الاستصحاب.

(واما) ما يرى من الشك في البقاء والارتفاع بالنسبة إلى كل من الطهارة والحدث، فقد عرفت رجوعه في الحقيقة إلى الشك في زمان حدوثه المتصل به، لا انه من جهة الشك في انقطاع ما هو الحادث فارغا عن حدوثه في الزمان المتصل به كما هو ظاهر.

(الثالث) ان المنصرف من دليل الاستصحاب هو ان يكون زمان الذي اريد جر المستصحب إليه على نحو لو تقهقرنا منه إلى ما قبله من الازمنة لعثرنا على زمان اليقين بوجود المستصحب، كما في جميع موارد الاستصحابات الجارية في الشكوك البدوية (وليس المقام) من هذا القبيل، فان في كل من الطهارة والحدث لو تقهقرنا من زمان الشك الذي هو الساعة الثالثة لم نعثر على زمان اليقين بوجود المستصحب، بل الذي نعثر عليه فيما قبله من الازمنة انما هو زمان اليقين بعدم حدوث المستصحب من الطهارة أو الحدث (لان) كلا من الساعة الثانية، والاولى إذا لاحظنا فيه المستصحب طهارة أو حدثا يرى كونها ظرفا للشك في وجوده إلى ان ينتهى إلى الزمان الخارج عن دائرة العلم الاجمالي الذي هو زمان اليقين بعدم كل منهما (وحيث) انه لم نعثر في تقهقرنا على زمان تفصيلي نعلم فيه بالطهارة أو الحدث، امتنع الاستصحاب لانصراف الدليل عنه (هذا بالنسبة) إلى الازمنة التفصيلية (واما بالنسبة) إلى الزمان الاجمالي المشار إليه بكونه بعد زمان اليقين بحدوث المستصحب، فاتصاله بزمان اليقين وان كان متحققا بنحو الاجمال، ولا مانع من هذه الجهة من استصحاب كل من الطهارة والحدث إلى الزمان الثاني الاجمالي المتصل بزمان اليقين بالحدوث في كل منهما، ولكنه انما يثمر إذا لم يحتج إلى التطبيق على الازمنة التفصيلية كما لو كان الاثر لمجرد بقاء الطهارة أو الحدث في زمان ما اجمالا، والا فعلى فرض الاحتياج إلى التطبيق على الازمنة التفصيلية بلحاظ ترتب الاثر المهم من نحو صحة الصلاة على ثبوت الطهارة في زمان تفصيلي (فلا مجال) لهذا الاستصحاب، لعدم اثماره في التطبيق على واحد من الازمنة بخصوصه، بل عدم صحته (لما عرفت) من ان الزمان الثاني الذي هو طرف العلم لا يحتمل فيه البقاء لكونه مرددا بين زمان الحدوث والارتفاع (والزمان) الثالث وان احتمل فيه البقاء لكن لا يحتمل فيه الارتفاع، لكونه على تقدير مقطوع البقاء، وعلى تقدير آخر مقطوع الارتفاع فيه (هذا).

(وقال الاستاذ (قدس سره) ان المحقق الخراساني (قدس سره) في سالف الزمان في مجلس بحثه قرر شبهة الانفصال بمثل ما ذكرناه) (ولكنه) قررها في الكفاية من جهة شبهة الفصل باليقين الناقض.

(اشكال ودفع) اما الاشكال فقد يورد على ما ذكرنا من شبهة عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين بوجود المستصحب، بان لازم اعتبار الاتصال بالمعنى المزبور في صحة الاستصحاب عدم جريانه حتى في الشك البدوي في الرافع الوارد على المعلوم بالإجمال من حيث الزمان، كما لو علم اجمالا بطهارته اما في الساعة الاولى أو الثانية وشك بشبهة بدوية في حدوث حدث بعده في الزمان الاخير الذي هو طرف العلم على فرض حدوث المعلوم في الزمان الاول أو مطلقا، حيث انه بمقتضى البيان المزبور لا يجري استصحاب الطهارة، لا في الزمان الثاني الذي هو طرف العلم بحدوث الطهارة لكونها مرددة فيه بين الحدوث والارتفاع، ولا في الزمان الثالث، لعدم احراز الاتصال بالمعنى المزبور، إذ لو انتقلنا من زمان الشك إلى الوراء متقهقرا لم نعثر الا على زمان اليقين بعدم المستصحب، لان كل واحدة من الساعة الاولى والثانية التي هي قبل زمان الشك إذا لوحظت يرى كونها زمان الشك في حدوث المستصحب من حيث احتمال حدوث المعلوم بالإجمال من حيث الزمان فيه أو فيما قبله أو ما بعده، مع انه لا يظن التزامه من احد.

(واما الدفع) ففيه اولا ان بنائهم على جريان الاستصحاب في مثله ليس باعتبار الازمنة التفصيلية كي يصير نقضا على ما ذكرنا، بل هو باعتبار جريانه في الازمنة الاجمالية لحدوث المستصحب المستتبع لليقين في الزمان الثاني التفصيلي الذي هو طرف العلم الاجمالي، اما بالطهارة الواقعية أو التعبدية (ومن الواضح) عدم جريان هذا التقريب في فرض العلم بحدوث الحدث مع الشك في تقدمه على الطهارة وتأخره عنه (وثانيا) يمكن دعوى جريان الاستصحاب التقديري في مفروض النقض، فانه على تقدير عدم حدوثها في الزمان الاخير الذي هو طرف العلم يشك في بقائه فيه فيستصحب ولازمه العلم الاجمالي في زمان الآخر بوجود طهارة واقعية أو ظاهرية (وهذا) التقريب غير جار في المقام ايضا (إذ في) فرض العلم بالناقض والشك في المتقدم والمتأخر يكون امر كل واحد من الطهارة والحدث في الزمان الثاني مرددا بين الحدوث والارتفاع، لا في البقاء والارتفاع (ودعوى) ان الاستصحاب التقديري في مفروض النقض انما يجري في فرض كون موضوع حرمة النقض هو نفس الشيء بوجوده الواقعي ولولا بما هو معلوم، والا فعلى فرض دخل اليقين في موضوع حرمة النقض فلا يجري الاستصحاب، لعدم اليقين الفعلي حينئذ بوجود المستصحب (مدفوع) بان ما هو غير متحقق فعلا انما هو اليقين المطلق، لا مطلق اليقين به ولو منوطا، ولا شبهة في تحقق اليقين الفعلي المنوط فيه (فانه) في فرض عدم حدوث المستصحب في الزمان الثاني الذي هو طرف العلم يصدق انه كان على يقين فعلي بوجوده غايته منوطا بالتقدير المزبور، وهذا المقدار من اليقين المنوط يكفى في تحقق موضوع حرمة النقض فتدبر (فتلخص) مما ذكرنا انه لا مجال لجريان الاستصحاب في واحد من الحالتين المتضادتين ولو مع قطع النظر عن المعارضة (هذا كله) في صورة الجهل بتاريخ الحالتين المتضادتين.

(واما صورة) العلم بتاريخ احديهما، فعلى تقرير شبهة الانفصال بما افاده المحقق الخراساني قدس من احتمال الفصل بالانتقاض باليقين لا يجري الاستصحاب في هذا الفرض ايضا لا في مجهولة ولا في معلومة .

(واما) بناء على تقريرها بما ذكرناه من اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين بوجود المستصحب فيمكن التفصيل بينهم بجريان الاستصحاب في معلومه دون مجهولة لعدم الاتصال فيه.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك