المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



تأثير الطعام الحرام على القلب  
  
217   09:53 صباحاً   التاريخ: 2025-04-19
المؤلف : السيد حسين نجيب محمد
الكتاب أو المصدر : الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص69ــ72
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

يعتبر الطعام الحرام من أكثر الأشياء التي تسبب المرض الروحي والعقلي والجسدي كما يُسبّب الشقاء والبلاء، ولذا جاء التحذير الكثير من أخطاره.

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: ((ليس بوَلي لي من أكل مال المؤمن حراماً))(1).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال: ((لا يدخل الجنَّة من نبت لحمه من السحت، النار أولى به))(2).

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام): ((إنَّ الحرام لا ينمى، وإن نمى لم يُبارك فيه، وإن أنفقه لم يؤجر عليه، وما خلفه كان زاده إلى النَّار))(3).

تأثير الطعام الحرام على القلب

جاء في وصية الإمام علي (عليه السلام) لكميل بن زياد: ((إنَّ اللسان يبوح من القلب، والقلب يقوم بالغذاء، فانظر فيما تغذّي قلبك وجسمك، فإن لم يكن ذلك حلالاً لم يقبل الله تسبيحك ولا شكرك))(4).

وفي هذا الكلمة الرائعة تصريح واضح بأن الإنسان هو ما يأكل، وأن حياة الإنسان قائمة بالغذاء، فإن لم يكن حلالاً فإنَّ الله تعالى لا يقبل ما يخرج من لسانه حتى ولو كان صلاة وذكراً وعبادة.

ومن هنا فقد ذم الله تعالى القلوب التي تتغذى على الحرام فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41].

فأكل السحت - وهو المال الحرام - يسوِّد القلب ويميته.

وفي سياق كلام الإمام الحسين (عليه السلام)، عندما وجه خطابه في يوم عاشوراء إلى عسكر عمر بن سعد ناصحاً إيَّاهم دون أن يترك نصحه فيهم أدنى تأثير نأتي على قوله: ((مُلئت بطونكم من الحرام))(5).

والذي يثبت صحة ما ذكرناه أيضاً .

من الشواهد على هذا الموضوع أيضاً ما انساق على لسان السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من عبارات في خطبة ألقتها في الشام في مجلس يزيد بن معاوية حيث أشارت إلى هذه القضية قائلة:

((وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من الشهداء ونصب الحرب لسيد الأنبياء ...))(6).

ومما يؤيد ما ذكرناه ما جرى مع شريك بن عبد الله، وكان عالماً زاهداً في منتهى درجات الفضل والورع، حيث دخل على الخليفة العباسي المهدي يوماً فاقترح عليه المهدي أن يشغل منصب قاضي القضاة في بغداد. فرفض شريك اقتراحه نظراً لعدالته وورعه وعلمه بجبروت المهدي وظلمه هو ورجاله.

ولما رأى منه المهدي ذلك أمره أن يعلم أبناءه، لكن شريكاً رفض هذا الاقتراح أيضاً لعزوفه عن معاشرة الملوك وأبنائهم ومنادمتهم.

عند ذلك طلب إليه المهدي أن يتقبل دعوته لتناول الغداء معه ليفيض على مجلسه بنصائحه فتقبل شريك دعوته مرغماً، وبعد تناول الطعام توجه طاهي قصر الخلافة إلى المهدي فقال:

((ليس يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبداً)).

لقد صدق ظن الطاهي إذ دبت مفسدة هذه الأكلة من طعام الحرام في نفس شريك الذي تقدم بعد فترة إلى الخليفة باقتراح تسلمه منصب القضاء وتوليه شؤون تعليم أبنائه.

ذات مرة أراد شريك تسلم راتبه في مستهل الشهر فماطل متصدي الأمر عن دفع راتبه وأخذ يؤجل الدفع كل يوم لتاليه.. احتج شريك على تصرفه فقال له مسؤول الشؤون المالية بامتعاض أنَّه ما باعه قمحاً ليبدر منه مثل هذا الإلحاح لاستلام راتبه. أجابه شريك أنه باع هذه الوزارة ما هو أعظم شأناً من القمح فقد باعها دينه باستناده في قضائه إلى ما يخالف تعاليم ربه.

آل أمر شريك وعاقبة فعاله ليلعنه الإمام الصادق (عليه السلام) ويسأل الله أن يخلع لحمه عن جسده في يوم القيامة بأمشاط من النار(7).

____________________________

(1) بحار الأنوار، المجلد 101، ص 296، ح17.

(2) مجموعة ورَّام، ابن أبي فراس، المجلد 1، ص 16؛ بحار الأنوار، المجلد 67،

ص 285، ح 8.

(3) جامع السعادات، النراقي، ج 2، ص128.

(4) موسوعة الإمام علي (عليه السلام)، ج 6، ص 58.

(5) تحف العقول، ابن شعبة، ص 240.

(6) الملهوف، ابن طاووس، ص 109، طبعة قم؛ الاحتجاج، الطبرسي، المجلد 1، ص 34؛ بحار الأنوار المجلسي، المجلد 45، ص 134، ح1.

(7) التكامل في الإسلام أحمد أمين المجلد الأول، ص230، بتصرف. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.