أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-23
887
التاريخ: 2023-06-27
1274
التاريخ: 2024-06-13
728
التاريخ: 2024-07-13
653
|
لقد أطلقنا حتى الآن اسم «تحنو» على أهل هذه السلالة التي ما زلنا نتحدث عنها حتى الآن، والواقع أن هذه التسمية ليست صحيحة، والصحيح أنها تُسمى «حاتيوعا»، أما كلمة «تحنو» فهي في الأصل اسم الإقليم الذي يسكنه هؤلاء القوم، ولا أدل على ذلك من المثلين القديمين اللذين ذكرناهما فيما سلف وجاء فيهما ذكر قوم «حاتيوعا»، هذا ونجد فضلًا عن ذلك أثرًا من عهد الملك «منتوحتب» أحد ملوك الأسرة الحادية عشرة جاء فيه ذكر هذه البلاد إلى جانب قومي «النوبيين» و«الآسيويين»، وكذلك جاء ذكرهم في قصة «سنوهيت» بأنهم الذين يسكنون بلاد «تحنو«(1) والآن يجب علينا أن نحدد موقع بلاد «تحنو»، ولا نزاع في أنها تقع غربي مصر، ويُذكر اسم هذه البلاد عادة عندما نسرد أسماء البلاد التي تقع غربي مصر منذ أقدم العصور، وكذلك عندما نذكر جيران مصر فإنها كذلك تذكر بموقعها الغربي منها، وقد ذكرنا في متني «تحتمس الثالث» و«أمنحتب الثالث» أنه تقع في الجنوب بلاد السودان، وفي الشرق بلاد آسيا، وفي الغرب من مصر بلاد «تحنو»، وهذه الأمثلة يمكن مضاعفتها في الأزمان التي تلت عهد هذه المتون، وكذلك نجد أن نقوش «سحورع» قد ذكرت لنا موقع بلاد «تحنو» بأنها في غربي مصر، ومع ذلك فإنه في استطاعتنا تحديد موقع بلاد «تحنو» على صورة أدق، فهذا الاسم يطلق غالبًا على المكان الذي كان يُجلب منه النطرون المستعمل في مصر القديمة لتحضير طلاء أشكال الخزف (2) والزجاج، بيد أن هذه البقعة الصحراوية ليس فيها من الخيرات ما يصلح لسكنى عدد عظيم من الناس، وكذلك يُلاحَظ أن تصوير الأشجار ضمن الغنائم التي ظفر بها الملك كما شاهدناه في لوحتي الملك «وازي» والملك «نعرمر» يوحي إلينا بأن أرض «تحنو» لا تشمل بلادًا صحراوية وحسب، بل تشمل كذلك بقاعًا خصبة في غربي وادي النيل، وعلى ذلك لا يسع المرء إلا أن يفكر في وجود واحة في هذه الجهة قد تكون هي واحة «الفيوم»، وقد أكد لنا ذلك الأستاذ «بسنج»، إذ شاهد في نقش من عهد الفرعون «منتوحتب» أحد رؤساء «تحنو» معلقًا في حزامه صور سمك، ومن ثم استنبط أن «الفيوم» هي موطنه، ونعلم فضلًا عن ذلك أن الإله «سبك» (التمساح) منذ القدم كان يُقدَّس في «الفيوم»، وكذلك نجد أن الإله «سبك» في متن يرجع تاريخه إلى عهد الملك «طهراقا» يمثل بلاد «تحنو» كما أن الإله «ددون» كان يمثل بلاد «النوبة» والإله «سبدو» يمثل بلاد آسيا، و«حور» يمثل مصر.
ونشاهد الإله «سبك» نفسه مرات عدة ممثلًا بوصفه سيد بلاد «باش»، وهي كما تحدثنا نقوش الملك «سحورع» جزء من بلاد «تحنو»، وكذلك جاء ذكره في متون الأهرام بأنه «سبك» سيد «باش»، ثم ذكر بعد ذلك مباشرة أهل «أععوا» العظام جدًّا الذين في مقدمة «تحنو«(3)، وكذلك ذُكر اسم «سبك» في «كتاب الموتى» بوصفه سيد «باش» مرات عدة (4)، وقد تكلم الأستاذ «زيته» بإسهاب عن موقع بلاد «باش» بوصفها غربي مصر، وبعد مناقشة طويلة قال إنه يجب علينا أن نقرر من المادة التي أوردناها هنا — ما دام ليس هناك ما يناقضها وبخاصة نقوش الأسرة الخامسة — أن بلاد «تحنو» تقع في إقليم «وادي النطرون» و«الفيوم» وأن قوم «تحنو» استوطنوه (5).
وهذا الرأي الذي استعرضناه عن موقع بلاد «تحنو» هو ما أدلى به الأثري «هولشر «(6) غير أن الأستاذ «جاردنر» قد تناول موضوع موقع بلاد «تحنو» بالبحث من جديد (7)، وسنورد فيما يلي رأيه لنستخلص من الرأيين نتيجة تقرب من الحقيقة إذا أمكن:
إن كلمة «تحنى أو تحنو» هذه هي اسم عريق في القدم عُثر عليه على لوحة تُنسب للملك «وازي»، وكذلك على أسطوانة لخلفه «نعرمر» وقد كانت كلمة «تحنو» أو «تيحنو» اسمًا يُطلق على سكان البلاد الذين يسمون «حاتيوعا» وهذا اللفظ كان يطلق على الأمراء المصريين، وهؤلاء القوم الذين نشاهد أزواجهم ورؤساءهم وأولادهم ممثلين على كثير من معابد الدولة القديمة سمر الوجوه كالمصريين، ويعلقون ذيولًا مثل التي كان يعلقها فراعنة مصر، ويحلون جباههم بخصلة شعر صوِّرت في هيئة الصل الذي كان يحلي به الفرعون جبينه، وهذا أمر يدعو إلى العجب والدهشة، وكذلك كانوا يرتدون قرابًا يضعون فيه عضو التناسل، وكان قدماء المصريين يلبسونه في عصور ما قبل التاريخ، وهذه الخصائص كانت تميزهم عن قوم «تمحو» (اللوبيين)، ويظهر أنه كانت بينهم وبين المصريين قرابة وثيقة، ويُلاحظ على لوحة الملك «وازي» أن اسم «تحنو» قد وُضع بين عدد من الأشجار. ويعتقد الأستاذ «نيوبري» أنه شجر زيتون. ومما له أهمية في هذا الصدد وجود نوع من الزيت قد ذُكر باسم «حاتت تحنو» أي «زيت من الدرجة الأولى». وقد كتبت هنا كلمة «تحنو» كما كتب بها اسم هذه البلاد. وقد برهن الأستاذ «نيوبري» على أن شجرة الزيتون تُعد من الأشجار المتوطنة في الشمال الغربي من أفريقية.
وعلى الرغم من أن ملاحظات الأستاذ «نيوبري» لم تساعدنا على تحديد موقع بلاد «تحنو» بالضبط، فإن رأيه القائل بأنها تقع مباشرة في الغرب من الشمال الغربي للدلتا يتفق مع الحقائق التي نعرفها، ففي الحملة التي قام بها الملك «سنوسرت الأول» على أرض «تمحو» نلحظ أنه قد أحضر معه أسرى — هؤلاء الذين هم في أرض «تحنو» — هذا فضلًا عن إحضاره ماشية كان من المستحيل أن تجد ما يلزمها من طعام إلا في أراضٍ على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. هذا ولدينا عدَّة معبودات تربط بلاد «تحنو» بغرب الدلتا، منها الإله «تحنوى» أي «صاحب تحنو» فإنه يوجد ضمن آلهة آخرين من آلهة الوجه البحري، ويمكن توحيده بالإله «حور تحنو» الذي ذُكر في مناسبات مماثلة في كتاب «نافيل» المسمى «قاعة العيد «(8).
وقد وحد الأستاذ «كيس» هذا الإله بالإله «حور تحنو» صاحب الذراع العالية، وقد ذُكر مرات عدَّة في عهد الدولة القديمة، وكذلك نجد الإلهة «نايت» صاحبة «تحنو» قد ذُكرت مرة. ولا بد لنا من أن نفحص هنا بعض الحقائق التي دعت «زيته» وتبعه فيها «هولشر» إلى القول بأن «الفيوم» يمكن أن تكون في الأزمان القديمة ضمن بلاد «تحنو»، فقد دوَّن في مناظر المعبد الجنازي للملك «سحورع» كلمة «باش» وهي المعروفة كثيرًا في النقوش المصرية بلفظة «باخو» أيضًا. وهذا الاسم على الرغم من أنه أطلق فيما بعد على جبل يُعرف بأنه الأفق الشرقي لمصر كان في الأصل جبلًا في الغرب، وكان إله «باخو» هو الإله «سبك» الذي يمثل في صورة تمساح.
ولم تكن عبادة الإله «سبك» قاصرة على «الفيوم»؛ إذ نجد في قائمة مقاطعات القطر المصري الكبرى أنها تصف إله المقاطعة الرابعة من مقاطعات الوجه البحري، وكذلك نرى الإله «سبك» بوصفه ابن الإلهة «نايت» كان يُعبد في المقاطعة الصاوية — نسبة إلى صا الحجر— ومع ذلك فإنه على الرغم من العلاقات الوثيقة التي نجدها بين آلهة الدلتا المختلفين وبين بلاد «تحنو» لا نجد لدينا براهين قاطعة تدل على امتدادها بعيدًا جهة الجنوب.
ونشاهد في نقوش «سحورع» أن الأسرى من بلاد «تحنو» كانوا يقدمون للفرعون بوساطة إله الغرب وبوساطة الإله «عش» سيد «تحنو». وكل ما يمكن استنباطه مما سبق هو أن تحنو تقع في غربي مصر. ومما يلفت النظر في هذه النقوش أنه قد احتفل بالاستيلاء على الغنائم العظيمة التي تشمل ثيرانًا وحميرًا وماعزًا وغنمًا، وأن الماعز كانت غير مذكورة في اللوحة التي كانت من عهد الملك «وازي». وما يستنبط من كل الحقائق السابقة هو أن «تحنو» الدولة القديمة وما فيها من آلهة من الوجه البحري، وكذلك ما فيها من أسماء مصرية الأصل، وملابس رؤسائها التي تتفق تمامًا مع كل مظاهر الملابس المصرية، يدل على أن بلادهم كانت تشمل التخوم الغربية للدلتا، أو كانت تقع على حدودها تمامًا.
والمصادر الخاصة «بالتحنو» في الدولة الوسطى قد فصل فيها القول الأثري «هولشر«(9) أما عن غزوات كل من الفرعونين «مرنبتاح» و«رعمسيس الثالث» — وسأتحدث عنها فيما بعد — فنلاحظ أن كلمة «تحنو» وعبارة «قوم تحنو» أو «أرض تحنو» قد استعملت كلها غالبًا في معنى تقليدي مبهم، ولكن لما كانت نقوش الكرنك العظيمة التي تركها لنا الفرعون «مرنبتاح» تقول إن أمير «لوبيا» قد انقض على أرض «تحنو» فإنه من الممكن أن نعد التعبير يدل على أن هذا الإقليم ما زال هو الملاصق للدلتا مباشرة من جهة الغرب، وفي هذه الفترة كان سكان «تحنو» يُعدون أجانب بالنسبة لمصر، ومن المحتمل أنهم كانوا دائمًا يعدون من أصل لوبي ذوي بشرة بيضاء، ويتكلمون لغة بربرية.
...............................................
1- راجع: Bissing, Denkm. Taf 33 Aa; and Sinuhe, Gardiner Notes pp. 10 and 153, and JEA 22, p. 35.
2- راجع: Lucas, Ancient Egyptian materials & Industries p. 106.
3- راجع: Sethe, Pyramiden Texte L. 456 a.
4- راجع: Naville, Totenbuch kap. 125 Schlussrede.
5- راجع: Hölscher, Ibid. p. 21 f.
6- راجع: Gardiner, Onomastica I. p. 116 ff.
7- راجع: Gardiner, Onomastica I. p. 116 ff.
8- راجع: Naville, Festival Hall pl. 7, 20.
9- راجع: Hölscher, Ibid p. 19.
|
|
تأثير القهوة على الصحة.. ماذا تقول الدراسات الحديثة؟
|
|
|
|
|
تعطل منصات شركة "ميتا" لدى آلاف المستخدمين
|
|
|
|
|
ضمن برنامج الطالب الفعّال قسم الشؤون الفكرية ينظم محاضرات لطلبة المدارس في ذي قار
|
|
|