أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2016
9844
التاريخ: 22-3-2016
2768
التاريخ: 14-3-2018
1851
التاريخ: 18-4-2017
3974
|
يُعرف الركن المادي لجريمة الرشوة بأنه: "سلوك إجرامي بارتكاب فعل جرمـه القانون، أو الامتناع عن فعل أمر به القانون (1) . فلا جريمة دون الركن المادي، إذ يمثل مظهرها الخارجي، المتحقق في صورة الاعتداء على المصلحة المحمية قانوناً، والركن المـــادي يقــوم علـى ثلاثة عناصـر هـي: النشاط الإجرامي، والنتيجة الجرمية، وصلة السببية(2). وبما أن جريمة الرشوة من الجرائم الشكلية - في أغلب صورها – فلا مجال الدراسة الصلة السببية، لأن هذه الصلة تستند إلى عنصرين هما سلوك جرمي ونتيجة مادية، وبانعدام النتيجة المادية، تنتفي أهمية بحث الصلة السببية. وتتمثل عناصر الركن المادي لجريمة الرشوة بالأمور التالية:
أولاً: النشاط الإجرامي الذي يرتكبه المرتشي (وهو الطلب أو القبول). ثانياً: موضوع النشاط الإجرامي المنفعة أو الفائدة. ثالثاً: مقابل النشاط الإجرام (العمل الوظيفي) (3).
بناءً لما تقدّم منقسم هذا الموضوع إلى فقرتين، نتناول في الفقرة الأولى النشاط الإجرامي، وفي الفقرة الثانية موضوع النشاط الجرمي (المنفعة أو الفائدة).
الفقرة الأولى
النشاط الإجرامي
لقد حدد المشرعان اللبناني والعراقي، صورتين للنشاط الإجرامي، فيكفي قيام الموظف العام بإحدى هاتين الصورتين حتى يعتبر مرتكباً لجريمة الرشوة، وهما: الطلب أو القبول وهناك بعض التشريعات كالتشريع المصري (المادة 103 عقوبات الذي أضاف صورة أخرى أخذ بها واعتبرها ضمن النشاط الجرمي، وهي التي تتحقق بتسليم المنفعة ودخولها فعلاً في حيازة المرتشي، وقد تكون الحيازة حقيقية أو رمزية، كأخذ شيك بالمبلغ المتفق عليه. ونجد أن المشرع العراقي أشار إلى هذه الصورة من النشاط الإجرامي ضمنا (في الفقرة الثانية من المادة (307) عندما جرم جريمة المكافأة اللاحقة، وكذلك في المادة (312) بفقرتيها عند تجريمه المستفيد من الرشوة. بينما يتمثل نشاط الراشي بصورة إيجابية - عند عرض الرشوة أو الوعد بها - أو بصورة سلبية عند قبول طلب المرتشي والإذعان له وتتحقق جريمة الرشوة التامة عند اتفاق الراشي مع المرتشي على ما طلبه الأخير، أو على ما عرضه الأول.
1- الطلب أو الالتماس للمنفعة ( وفق القانون اللبناني ) : نعني بالطلب: التعبير عن إرادة منفردة من جانب الموظف العام تكون متجهة إلى الحصول على منفعة نظير العمل المطلوب أداؤه (4). وإن مجرد طلب الرشوة أو قبولها يكفي لقيامها دون أن تتوقف على تنفيذ الوعد بالمنفعة (5) . وأكد الاجتهاد أن مجرد طلب المرتشي للعطية أو المنفعة لتسوية الأمور مع جهات في الدولة يحقق جريمة الرشوة متى توافرت باقي أركانها، ولو لم يلق قبولاً من صاحب المصلحة، بل حتى لو رفض الأخير، وسارع بإبلاغ السلطات المختصة. لكن يشترط في الطلب 1- أن يكون جدياً أي أن يعبر عن إرادة الموظف الجادة في الحصول على المنفعة (محل الرشوة، أما إذا صدر الطلب بدافع الهزل، فلا تقع جريمة الرشوة. 2- أن يصل الطلب إلى علم صاحب الحاجة، سواء تم ذلك بصورة مباشرة من قبل الموظف العام، أم غير مباشرة (عبـر وسـيـط عـن المرتشي)، فيكفي لقيام الجريمة علم صاحب الحاجة بطلب الموظف المرتشي للمنفعة، ولو لم يوافق عليه، بل حتى لو سارع بإبلاغ السلطات المختصة. أما لو صدر الطلب من الموظف المرتشي، ولم يصل إلى علم صاحب الحاجة - لأي سبب كان – فإن الجريمة تقف عند مرحلة الشروع (المحاولة)(6). وساوت نصوص التجريم بين طلب الموظف العام الرشوة لمصلحته أو لمصلحة غيره، وذلك لكون الفعل الجرمي - الإتجار بالوظيفة - قد حصل، ولو آلـت المنفعة إلى غيره. وسواء أكان الطلب صريحاً (كتابة أو إشارة أو شفاهه) أو ضمنياً، يرى الاجتهاد أن التماس الموظف المنفعة من صاحب المصلحة من أجل التغاضي عن تنظيم محضر مخالفة، يُعد طلباً صريحاً وواضحاً يعاقب عليه القانون(7).
2- قبول المنفعة أو قبول الوعد بها : يُقصد بالقبول: تعبير الموظف عن موافقته على تلقي المنفعة المعروضة عليه من صاحب الحاجة (أو الوسيط) أو قبول الوعد بها. وقد يكون القبول صراحة أو ضمناً ، شفاهه أو كتابة أو إشارة ويستوي أن يكون قبول المنفعة لمصلحة الموظف نفسه، أو لمصلحة غيره (8). ولا يشترط لإتمام جريمة الرشوة في صورة الارتشاء أن يقبض الموظف بالفعل أجرة العمل المطلوب منه بل إنها تتوفر بمجرد قبول الموظف لما يعرضه الراشي ولو كان الدفع مؤجلاً)، فالعبرة في تجريم الرشوة ليست بالحصول على المنفعة، بل في إقدام الموظف على الإتجار بأعمال وظيفته الذي يتحق ولو لم يأخذ العطية في الحال، وذلك طالما قبل من الراشي وعداً بتقديمها إليه في وقت لاحق (9). أما في حال عدم قبول الموظف للعرض، فلا مسؤولية عليه، وبالمقابل، تترتب المسؤولية الجزائية بحق الراشي عن جريمة خاصة سميت بجريمة عرض الرشوة، وقد أفرد لها المشرع حكماً خاصاً في مواد خاصة(10). ويشترط في القبول: 1- أن يكون جاداً وحقيقياً أما إذا كان قبول المرتشي في معرض الهزل (أو أنه تظاهر بالقبول لضبط الراشي متلبساً)، فلا يسأل عـن جريمة الرشوة لانتفاء القصد الجرمي. 2- أن يسبقه إيجـاب مـن جـانـب صـاحب المصلحة، وذلك بالتقاء قبول الموظف بإيجاب صاحب المصلحة، عندئذ ينعقد الاتفاق، وتقع جريمة الرشوة حتى لو تراجع الأخير عما عرضه (11).
وفي معرض ما سبق، يتبادر إلى الذهن السؤال الاتي: ما حكم الموظف الذي يطلب الرشوة أو يقبل عرض الراشي أول الأمر، ثم يعدل عن ذلك في النهاية؟ وهل هناك شروع (محاولة) في جريمة الرشوة؟
إذا طلب الموظف الرشوة ( أو قبل عرضها أو قبل الوعد بها)، تقع جريمة الرشوة التامة، ويقع عليه العقاب، ولا يجدي نفعاً عدوله بعد ذلك، ولا تنتفي بحقه المسؤولية الجزائية، لا سيما وأن المشرع لم يشمله بالإعفاء من العقوبة، حتى لو عدل عن جريمته، لكن يمكن اعتبار العدول في هذه الحالة سبباً مخففاً ويترك أمر البت فيه السلطة القاضي التقديرية.
أما عن إمكانية الشروع (المحاولة) في جريمة الرشوة، فقد ثار خلاف فـي الفـقـه حـول الشروع في جريمة المرتشي فهل الشروع متصور في جريمة المرتشي وقد ثار هذا التساؤل في حالة ما إذا أوفد الموظف وسيطاً إلى صاحب الحاجة لطلب الرشوة وتوقف النشاط عند هذا الحد أي لم تنتقل رغبة الموظف في طلب الرشوة الى صاحب الحاجة فانقسم الفقه بصدد حالة الطلب الى قسمين (12) : فيذهب الرأي الأول إلى عدم تصور الشروع في جريمة المرتشي بعد تجريم مجرد الطلب ويبرر أنصار هذا المذهب رأيهم بأن الوسيط يعتبر ممثلاً للمرتشي ويترتب على ذلك أن طلب الموظف في المثال السابق لم يتم ولا يُعد شروعاً في الجريمة إذ أن الركن المادي فـي الشـروع وهو الفعل التنفيذي الذي يؤدي مباشرة إلى تمام الجريمة وهو منعدم هنا، ومن ثم لا جريمة في الأمر وأن ما وقع لا يتعدى كونه مجرد كشف عن نية إجرامية لدى الموظف والقانون لا يعاقب على النيات (13) . أما الرأي الثاني فيذهب إلى أن الشروع متصور في حالة الطلب وهو يعتبر كافي لقيام الجريمة في صورتها التامة في كل فعل يعتبر بدءاً في تنفيذه ولذلك فان الموظف في المثال السالف الذكر قد بدأ بالجريمة وإن كانت لم تتم إذا اعتد بالطلب إلا إذا وصل الى علم صاحب الحاجة فيكون فعل الموظف قد وقف عند حد البدء بالتنفيذ المكون للشروع ويتحقق الشروع حسب هذا الرأي أيضاً في حالة الموظف الذي يكتب ما يطلبه من عطية في رسالة نظير القيام بعمل ما ويضبط عند تسليمه الرسالة لصاحب المصلحة وقبل أن يفتحها فالموظف يعتبر في هذه الحالة شارعاً في الرشوة (14).
ونحن نؤيد الرأي الثاني وذلك لان هذا الرأي يعطي للوظيفة العامة حماية أكبر للحفاظ على كرامتها، إذ أن المشرع قد قصد من تجريم الرشوة الحفاظ على كيان وهيكل الوظيفة العامة فهذا الخرق في نزاهة الوظيفة العامة يتحقق في حالة إذا طلب الموظف في رسالة مثلا هدية أو عطية أو ميزة وضبطت هذه الرسالة قبل أن تصل الى صاحب الحاجة، وكذلك إذا أرسل وسيطاً ولم يقم الوسيط بتنفيذ ما أمره الموظف المرتشي، ففي هذه الحالة قام الموظف بالاتجار بوظيفته ولكن هذا الفعل أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الموظف فيها لذا فإن فعله توقف عند حد الشروع في الجريمة وليس من الصحيح أن لا يعاقب على هذا الفعل الخطر على اعتبار أن القانون لا يعاقب على النيات الإجرامية وهذا الموظف قد خرج عمله عن حد التفكير الى مرحلة البدء بتنفيذ الفعل المادي المكون للجريمة (15) . أما في حالة القبول، أي قبول المرتشي الرشوة فهل يتصور في هذه الحالة شروعا في جريمة المرتشي فهذه الحالة أثارت خلاف في الفقه والقضاء حول تحديد ما يعد من الأفعال شروعاً فيها وما يعتبر مجرد عمل تحضيري ويتبع ذلك تعيين الوقت الذي تتم فيه الجريمة (16). فالرأي الأول يذهب إلى أن الجريمة تتم بمجرد العرض والقبول، فمتى عرض الراشي العطية أو الميزة أو المنفعة وقبلها المرتشي على أن يؤدي عملا من أعمال وظيفته أو يمتنع عنه، ولا عبرة بعد ذلك بالتنفيذ فهو أمر زائد وأثر من آثار الجريمة ولا عبرة به في تكييفها سواء قام المرتشي بما طلب منه أداؤه أو الامتناع عنه أو عدل عن ذلك بإرادته أو لأسباب خارجة عنها فلا يعتد بذلك من ناحية اعتبار الجريمة تامة. أما الرأي الثاني فيرى أن الجريمة لا تتم الا بتنفيذ العمل المطلوب أدائه أو الامتناع عنه، فإذا انتفى التنفيذ نتيجة لعدول الموظف باختياره وإرادته، فلا عقاب أما إن كان قد تخلف التنفيذ السبب لا دخل لإرادة الموظف فيه فليس هناك إلا شروع في جريمة الرشوة (17). ونحن نؤيد الرأي الأول، وذلك لأن جريمة المرتشي تتحقق بمجرد قبوله الرشوة ولا يهم بعد ذلك سواء قام المرتشي بما طلب منه أو لم يقم. فالرأي الثاني يضيف ركناً جديداً لتمام الجريمـة وهـو التنفيذ. ففي حالة عدول الموظف باختياره وإرادته، فإن هذا العدول لا يعتد به وذلك لأن الجريمة تعتبر قد تمت بمجرد القبول ولا يهم بعد ذلك سواء قام الموظف بالعمل أو الامتناع عن العمل أو لم يقم به.
أما موقف المشرع العراقي فلم يضع نصاً خاصاً لمعالجة حالة الشروع في الرشوة مـن جانب الموظف، وإنما ترك ذلك للقواعد العامة الخاصة بالشروع.
أما على مستوى الركن المادي لجريمة التزوير يتضح من خلال نص المادة 286 من قانون العقوبات العراقي أن جريمة التزوير تتحقق من خلال نشاط الجاني الممثل بتغير للحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي حددها القانون تغيراً من شأنه احداث ضرر.
يتمثل نشاط الجاني في جريمة تزوير المحررات بفعل تغير الحقيقة وأيضاً طريقة التغيير المتمثلة بالطرق القانونية.
فتغيير الحقيقة بالمعنى العام هو إبدالها بما يغايرها فإذا لم يكن هناك تغير للحقيقة فلا جريمة ولا عقاب، فتحرير سند وختمه أو إمضائه باسم الغير لا يعد تزوير اذا وقع بعلم او بتفويض من هذا الغير (18). كما أنه لا يشترط ان تكون جميع البيانات الواردة في المستند مغايرة للحقيقة فيكفي لتحقيق التزوير ان تكون بعض البيانات قد تم تغييرها أو شطبها أو تحويرها ولو كان بعض الآخر صحيحاً كما لا يشترط أن يكون تغيير الحقيقة بحيث لا يمكن اكتشافه بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهد لكشفه او كان مخفياً لا تقـان المــزور لعملية تغير الحقيقة(19).
خلاصة ذلك أن قيام الفاعل بإعدام ذاتية المستند لا يعد تزويراً كأن يمحو الفاعل الكتابة التي كانت بصورة كاملة في المحرر او شطبها كلها أو وضع مادة عليها بحيث تصبح غير مقروءة او غير صالحة للاحتجاج بها، ومن أحكام التزوير أن جريمة التزوير لا تتحقق اذا حصل التغيير في المستند بعلم او بتفويض من قبل صاحب المستند، كما لو قام شخص بتحرير سند او ختمه او امضائه باسم الغير وبعلم او تفويض هذا الغير (20). بالإضافة إلى ذلك لا يكفي الاعتبار المستند مزوراً أن تكون الحقيقة قد تغيرت فيه بطريقة ما، وأنما يجب ان يكون التغيير قد حصل بوسيلة من الوسائل المبينة في القانون وقد اراد المشرع العراقي أن يحصر الدائرة التي يعتبر فيهـا تغيير الحقيقة تزويراً معاقباً من خلال نص المادة (287) على طرق التزوير المادية والمعنوية.
الفقرة الثانية
موضوع النشاط الجرمي (المنفعة أو الفائدة)
نعني بالمنفعة أو الفائدة أنها كل مقابل - سواء أكان مادياً أم معنوياً - ليس للموظف أو الطرف الثالث حق فيه، وهي الدافع الذي يحفز المرتشي على ارتكاب الفعل المجرم (21) . ولم يأت المشرعان اللبناني والعراقي بتعريف محدد للمنفعة، مقتصرا في هذا الصدد على ذكر عبارات عامة ، فضفاضة تجرم كل ما يشبع حاجة الموظف، فقد أشارت إلى المنفعة بعبارة عامة باعتبارها "مزية غير مستحقة (22). وتختلف المنفعة بشكلها وطبيعتها، فقد تكون ذات طبيعة مالية، ولا ينصرف هذا اللفظ إلى النقود فقط بل يمكن أن يكون شيكاً أو مجوهرات أو غيرهما أو قد تكون ذات طبيعة عينية، كأن يمنح الموظف امتياز أدبياً، أو علمياً، أو ترقية له، أو لأحد أفراد عائلته، كما قد تأخذ مفاهيم وتفسيرات عدة، فقد يطلق عليها هدية أو منفعة (35 عقوبات لبناني)، أو يطلق عليها عطية أو مزية (307) عقوبات عراقي). ويجوز أن تكون المنفعة مشروعة أو غير مشروعة، كمواد مخدرة، أو شيك بدون رصيد أو لقاء جنسياً يُهيأ للمرتشي، وعليه فقد اعتبر البعض أن المواقعة الجنسية أو ما سمي حسب رأي القاضي إياد محسن ضمد" بالرشوة الناعمة"، أو ما أطلق عليها في الأوساط القانونية والقضائية بـ "الرشوة الجنسية (23)، بالنسبة إلى الموظف تعتبر منفعة بالمعنى الذي يحقق الرشوة، وذلك كون نصوص التشريع قد اتسعت لتشمل كل منفعة مادية أو غير مادية، مشروعة كانت أو غير مشروعة(24). هذا ، وقررت محكمة النقض المصرية إن كون الرشوة قد دفعت من مال حرام لا يفقدها شيئا من أركانها (25) . ولا يوجد نص قانوني في لبنان أو العراق يشير إلى ما يفيد تطلب أي قدر من المنفعة، كما أنه لا اشتراط للملاءمة بين قيمة المنفعة، أو العطية، وما يحصل عليه الراشي، أو صاحب الحاجـة مـن منفعة مقابل الرشوة.
ولكن يشترط أن تكون المنفعة على قدر مناسب لكي تصلح أن تكون مقابل الرشوة، فإن تدني قيمتها قد يصل إلى الحد الذي تنتفي عنه صفة الرشوة، مثال ذلك: تقديم صاحب الحاجة سيجارة إلى الموظف المعني الذي لا يعتبر رشوة (26). ويعود لمحكمة الموضوع ضمن سلطتها التقديرية، تحديد مدى توافر صفة المقابل فيما قدمه صاحب الحاجة إلى الموظف المتهم بالرشوة .
أمـا على مستوى جريمة التزوير أن موضوع النشاط الجرمـي هـو مستند رسمي أو عادي يعمد الفاعل إلى تغيير حقيقة فيه، وهذا ما نصت عليه المادة (286) من قانون العقوبات العراقي، أما إذا كان تغير الحقيقة قد حصل بقول أو فعل دون إجراء كتابة فليس هناك جريمة تزوير. وفي المقابل قد تقع جريمة اخرى دون كتابة أو تغيير في مستند كشهادة الزور او اليمين الكاذبة المواد (259-258) من قانون العقوبات العراقي. أيضاً قد تحصل جريمة التزوير من خلال تقليد الأختام بحسب المادة (274) من قانون العقوبات العراقي.
كما يقصد بالعمل الوظيفي، كل عمل يباشره الموظف أو يستطيع مباشرته بحكم وظيفته أي بمعنى آخر هو كل عمل يدخل في الاختصاص القانوني للوظيفة العامة التي يتقلدها (27). ولا بد من أن يكون هنالك غرض معين يبتغيه الفاعل في أي مـن الجرائم التي يرتكبها وهو بصدد وظيفته، سواء كان الفعل يشكل جريمة رشوة حيث يبتغي الفاعل مصلحة معينة، ويطلب من الموظف تحقيقها مقابل تقديم منفعة معينة، أو قبول طلب الموظف فهذا ما يميز الرشوة عن الهدية؛ فالهدية هي ما يعطي من دون مقابل (فهي تمليك المنفعة بلا عوض ) ، فإذا أعطيت الهدية لقاء الاتفاق على عمل يؤديه الموظف اعتبرت رشوة. ومقابل الرشوة قد يكون صريحاً ظاهراً أو ضمنياً مستتراً، وكذلك يجوز أن يكون غير مشروع في ذاته (28) . إلا أنه لا يشترط أن يقوم الموظف بتنفيذ العمل المطلوب منه فعلا، فالأداء هو غاية الرشوة – وليس ركنـاً فـي جريمة الرشوة - فالمشرع العراقي نص صراحة في المادة (309) على أنه تسري أحكام المادتين السابقتين ولو كان الموظف أو المكلف بخدمة عامة يقصد عدم القيام بالعمل، أو عدم الامتناع عنه وعدم الإخلال بواجبات وظيفته". وبالتالي، نص علـى إمكان تحقق جريمة الرشوة، وترتب المسؤولية الجزائية عنها، حتى ولو كان يقصد القيام بالعمل لصاحب المصلحة، بل وتصرف على نقيضه، بينما اكتفى المشرع اللبناني بالإشارة (ضمناً) إلى أن جريمة الرشوة تتحقق بمجرد صدور فعـل الطلب أو القبول من قبل الموظف المرتشي من دون اشتراط القيام بالعمل المطلوب منه.
أما على مستوى جريمة الاختلاس فحيازة المال هي الهدف الذي يعمل عليه الجاني، بغاية تملكه. وقد يختلف الحال في جريمة التزوير أن جريمة التزوير طالما هي تطال مستند رسمي أو عادي، فأن غاية الفاعل يحددها المستند محل التزوير كأن يعمل الجاني إلى تزوير وصية قام بها مورثة لأحد الاشخاص بهدف منع تنفيذها.
أن موضوع الأخلال الجسيم بالموجبات الوظيفية، والتي يترتب عليه في مجمل الأحيان نتائج غير محمودة لا تستقل به الإدارة فقط، والتقصير بالموجبات الوظيفية يمثل القاعدة الأساسية والمبدأ الأصيل لتوقيع المسؤولية على الموظف المقصر في تنفيذ واجباته على الوجه الذي بينها له القانون.
_______________
1- المادة (28) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
2- سمير عالية وهيثم سمير عالية الوسيط في شرح قانون العقوبات "القسم العام"، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2020، ص 238
3- سمير عالية وهيثم سمير عالية الوسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام"، المرجع السابق، ص 238.
4- محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم الخاص وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية"، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 2018 ، ص 39
5- سمير عالية الموسوعة الجزائية الحديثة للقضاء العالي 1950-2005، مرجع سابق، ص 2012
6- محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم، قانون العقوبات (القسم الخاص)، الطبعة الثانية المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1999، ص 438
7- قرار محكمة التمييز الجزائية اللبنانية رقم 75 الغرفة الخامسة تاريخ 1973/3/13. عفيف شمس الدين، المصنف في قانون العقوبات تصنيف للاجتهادات الصادرة بين 1950-1995، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 1996، ص 224.
8- جمال إبراهيم الحيدري، الوافي في القسم العام من قانون العقوبات، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية، بغداد، 2016، ص 94.
9- علي جعفر، قانون العقوبات القسم الخاص، المؤسسة الجامعية للدراسة والنشر، بيروت، 2006، ص 36
10- سمير عالية الموسوعة الجزائية الحديثة للقضاء العالي 1950-2005 المجلد الثالث، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2017 ، ص 2012 .
11- فيلومين يواكيم نصر، قانون العقوبات الخاص جرائم وعقوبات دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس 2013 ، ص .550
12- ماهر عبد شويش الدرة، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاص المكتبة القانونية، بغداد، دون تاريخ نشر ، ص 67.
13- حسن صادق المرصفاوي، شرح قانون العقوبات الكويتي القسم الخاص"، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع، بيروت، 1970، ص 29.
14- محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم الخاص وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية"، مرجع سابق، ص 58
15- رمسيس بهنام قانون العقوبات القسم الخاص، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص 338-337
16- صلاح الدين عبد الوهاب، جرائم الرشوة في التشريع المصري، دار الفكر العربي، القاهرة 1957، ص 59. أما إذا سكت ولم يبد تصريح بالقبول سيما وأنه ما قام بـه مـن عمـل لا ينطوي على مخالفة للقانون أو الإخلال بوظيفته فسكوت الموظف لا يعتبر دليلاً على القبول ولا شروعاً
17- صلاح الدين عبد الوهاب، جرائم الرشوة في التشريع المصري، دار الفكر العربي، القاهرة 1957 ، ص 60.
18- واثبة داوود السعدي، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاص جامعة بغداد 1988 ، ص24.
19- جمال إبراهيم الحيدري، الوافي في القسم العام من قانون العقوبات، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية، بغداد، 2016 ، ص 35.
20- جمال ابراهيم الحيدري، الوافي في القسم العام من قانون العقوبات، مرجع سابق، ص 35 وما بعدها.
21- حسام ساريج جريمة الرشوة الاقتصادية أطروحة دكتوراه جامعة دمشق، كلية الحقوق دمشق 2007، ص 218
22- على خلاف المشرع المصري الذي عرف المنفعة في المادة (107) من قانون العقوبات المصري بأنها " يكون من قبيل الوعد أو العطية، كل فائدة يحصل عليها المرتشي... أياً كان اسمها أو نوعها، وسواء كانت هذه المنفعة مادية أو غير مادية.
23- إياد محسن ضمد، رشوة ناعمة مقال منشور في جريدة القضاء، العدد 41، السنة الرابعة بغداد، آذار 2019، ص 5.
24- محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم الخاص وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية"، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 2018 ، ص 42.
25- قرار محكمة النقض المصرية رقم 162 تاريخ ،1997 منشور في مجموعة أحكام النقض، القاهرة، 1998، ص 802
26- محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم الخاص وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية، مرجع سابق، ص 42
27- علي الربيعي جريمة الرشوة بين الشريعة والقانون " دراسة مقارنة، مؤسسة مصر، مرتض الكتاب العراقي، بغداد، 2009، ص 111
28- سمير عالية الموسوعة الجزائية الحديثة للقضاء العالي 1950-2005 المجلد الثالث، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2017 ، ص 2018-2017
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
شعبة الخطابة النسوية تطلق فعّاليات النسخة السادسة من رابطة خطيبات المنبر الحسيني
|
|
|