أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-12
735
التاريخ: 2024-02-17
1006
التاريخ: 2024-03-21
696
التاريخ: 2024-08-20
233
|
وقد استمر ملوك الأسرة الثانية عشرة يستغلون محاجر «وادي الحمامات»، وكانت الحملات قد بدأت ترسَل إلى «بنت» منذ عهد الأسرة الحادية عشرة كما سبق ذكر ذلك، وقد كانت تبتدئ رحلتها من ميناء «ساوو» (وادي جاسوس). أما المحاصيل التي كانت تأتي من «بنت» فقد ذُكرت بالاسم مرات عدة في النقوش، وليس من المحتمل أنه كانت توجد علاقات تجارية حرة بين تجار مصر، وتجار بلاد العطور؛ وذلك لأن السفن كانت مِلك الفرعون. أما رؤساء الحملات البحرية فكانوا يلقَّبون بحاملي أختام الفرعون (وكلاء)، يرافقهم جنود الفرعون. وقد وصلت إلينا قصة خرافية من هذا العصر، وهي تصوِّر لنا إلى أي حد كانت هذه الحملات تؤثر في مخيلة الشعب. على أن الممالك الأخرى المجاورة لمصر عندما رأوا غزو مصر لبلاد النوبة تراجعوا عن تنفيذ مشروعاتهم ضد مصر تمامًا؛ وذلك لأنه منذ عهد الانحطاط الذي جاء بين عهدي الدولتين القديمة والوسطى أخذ الأقوام الذين على حدود مصر يستغلون ضعف البلاد ويغيرون عليها، ولكن عندما رأوا أن مصر قد أصبحت ثانية في يد فراعنة أقوياء كان همهم تنظيم ملكهم وعلاقتهم بالأصقاع المتاخمة، فأخذوا ينكمشون في بلادهم. وقد قامت على وجه التحقيق حروب بين مصر و«لوبيا» رغم أن المعلومات تعوزنا في هذا الصدد، ولكن من المؤكد أن (A. Z. Vol. 35, PP. 112 ff.; Lange und Schafer, “Grab und Denkstein”, No. 20539 b. 16 ff)، «أمنمحات الأول» قد أدبهم. هذا ونعلم أن «الواحة الخارجة» كانت تابعة لأمير «طيبة»؛ وذلك لأن طريق القوافل كان يبتدئ من «العرابة المدفونة» إليها، أما في شبه جزيرة «سينا» فقد أخذ المصريون يستغلون المناجم. وفي عهد «أمنمحات الثاني» فُتح منجم جديد وأُعيد استعمال آخر في «سرابة الخادم» شمالي «وادي مغارة« (Weill, Rec. PP. 159 ff.; Petrie, “Sinai”)، أما عن المناوشات التي قامت بين المصريين والبدو فقد انتهت، وكذلك عادت العلاقات بين مصر وجارتها في الشمال الشرقي في «سوريا» و«فلسطين» على أحسن ما يكون من ود وصفاء بسرعة مدهشة. وقد كان هؤلاء الأعداء من طراز خاص؛ إذ كان في مقدورهم أن يهددوا الأمن على الحدود، ولكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا قادرين على المقاومة، وقد وصفوا وصفًا دقيقًا لا مثيل له في الدقة في تحذيرات «مري كارع» فاستمع لما يقول: «والعامو (الأسيويون) التعساء بلادهم التي يعيشون فيها لا تسكن؛ إذ لا ماء فيها ولا شجر يكثر، وطرقها وعرة، لما يتخللها من الجبال، فهم لا يسكنون في مكان معين، بل دائمًا يرخي الواحد منهم لساقيه العنان، وهم دائمًا في حرب منذ زمن «حور» فهم لا يَهزمون ولا يُهزمون، وهم لا يعلنون يوم هجومهم. فمثلهم في هذا كمثل من يقوم بمؤامرة؛ ولذلك كان أكبر ضمان ضد جار كهذا، أن يقيم الإنسان المعاقل والحاميات على الحدود. وقد فطن لذلك المصريون منذ عهد ما قبل التاريخ، فأقاموا الجدران والحصون؛ ولذلك لما جاءت الأسرة الثانية عشرة وجدنا مراقبة شديدة عند الحدود الشرقية المصرية حيث يحمي الطريق المسمى «طريق حور» بقلعة «سارو»؛ حيث الطريق الذي يؤدي إلى الصحراء بوساطة «وادي طليمات» قد سُدَّ «بجدار الأمير»، ولكن سلطان الفرعون كان يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير في داخل بلاد «سوريا»، وقد كانت توجد بعوث تروح وتجيء بين البلاط المصري وهذه البلاد، وقد كانت المحاصيل الأسيوية ترد إلى مصر، وكان «أمنمحات الأول» يملك على النيل، مثل سلفه «سنفرو»، أسطولًا من السفن المصنوعة من خشب الأرز المصدَّر بلا شك من «جبيل» (ببلوص)، وقد كان البدو «سوتيو»، وهم الرماة على ما يظهر يأتون غالبًا إلى مصر يحملون متاجرهم، وحتى عندما يكونون في ضيق في وطنهم، فإنهم يسعون في الإقامة في مراعي وادي النيل، وبهذه الطريقة كان قد وفد في السنة السادسة من حكم «سنوسرت الثاني» رئيس الأجانب «إبشا»، ومعه عشيرته التي كانت تتألف من 37 عامو (كنعانيين) الصحراء «شسو» من رجال ونساء وأطفال (L. D. II, Pl. 133; Newberry, “B. H.” 1, 28, 30, 31, 38)، وظهرت فيهم الملامح السامية بوضوح، وقد مثل أمام «خنوم حتب الثاني» صاحب «منعات خوفو» سيد إقليم الصحراء حاملًا له هدية من الكحل، ومما لا شك فيه أنه كان يرجو من وراء ذلك أن يحصل على تصريح بالإقامة في إقليمه، على أننا نعرف كيف كانت تسير الأمور من قصة «سنوهيت» التي سبق الكلام عنها. وبلاد «رتنو العليا» التي وصفها لنا «سنوهيت» في صورة حية هي إقليم «فلسطين» الجبلي الذي كان على اتصال بمصر كثيرًا، ولدينا لوحة مهشمة جدًّا عثر عليها في مناجم «سينا»، ويرجع تاريخها إلى السنوات الأخيرة من عهد الأسرة الثانية عشرة، وهي تعدد لنا أسماء الذين أرسلوا في بعوث إلى ملك بلاد «رتنو«(Weill, “Rec. Insch, Sinai”, P. 186). وقد كانت «آسيا» كذلك ميدانًا للحروب، غير أنه مما لا شك فيه أن سيطرة كل من «أمنمحات الأول» و«سنوسرت الأول» لم تمتد قط كما نعلم من قصة «سنوهيت» أكثر من إخضاع شبه جزيرة «سينا»، وكذلك عندما يحدثنا «منتو حتب» وزير «سنوسرت الأول» أنه أخضع الأسيويين، وجعل سكان الرمال يلزمون السكينة والسود يجنحون إلى السلم، فإن ذلك لا يكفي لأن يجعلنا نفكر في أنه كانت تقوم هناك حرب حقيقية.
(Lange & Schafer Grãb No. 20539). وكذلك تحدِّثنا الآثار كثيرًا عن إماء أتينَ من آسيا، ولكن هؤلاء أيضًا يمكن أن يكنَّ قد اشتُرِين أو اغتصِبن من العدو في الهجمات التي كانت تقوم بين الفريقين (Muller, “Asien Und Europa,” P. 391; Griffith, Kahun Papyri, 35). ومن جهة أخرى نعلم يقينًا من نقش للضابط «سبك خو»، في عهد «سنوسرت الثالث» أنه قام بحملة إلى فلسطين (Garstang, “El-Aŕabah,” P. 4; Breasted, A. R. I, Par. 676). وقد سار بجيشه نحو الشمال ليخضع الأسيويين «مونتو ساتت» وعسكر في إقليم يسمى «سكمم»، أو «زكمم». وهذا الاسم لا بد أنه اسم جمع كنعاني ومعناه سكان «زخم» وتقع وسط «فلسطين «. وعندئذ هُزم «زكمم» كما هُزمت في الوقت نفسه الخاسئ «رتنو»، على أن «سبك خو» لم يخبرنا بشيء أكثر من هذا؛ اللهم إلا شيئًا عن شجاعته، وذلك أنه في طريق رجعته هاجمه «العامو» على غرة، أما عن حوادث الحرب نفسها فلا نعلم عنها شيئًا قط، على أنه قد يكون من الصعب جدًّا أن يعتقد الإنسان أن هذه الحملة كانت الوحيدة التي قام بها المصريون ضد إقليم سوريا، وهم في هذه النقطة لم يفعلوا شيئًا أكثر من أنهم اقتفوا أثر الدولة القديمة؛ ولذلك فإن ظهورهم بمظهر أسياد على كل الأجانب لم يكن ليرتكن على غير أساس؛ إذ نرى «سنوسرت الثالث» ممثلًا على صدرية من الذهب مرصعة بالأحجار الثمينة، وجدت في مقبرة ابنته بدهشور، فيظهر عليها حسب الطراز القديم في صورة أسد برأس صغير تحميه إلهة العقاب، وهو يطرح أرضًا أسيويين وزنوجًا، وكذلك نشاهد على حلي من نفس النوع، الفرعون «أمنمحات الثالث» قابضًا على ناصية بدوي من الأسيويين ورافعًا سيفه المقوَّس ليقطع رأسه...
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|