ثمة عوامل مختلفة في البيئة المائية تحدّد كيفية توزع الجزيئات العضوية بين أن تكون في المحلول أو ممتصزة sorbed على الغروانات الصلبة الموجودة في المحلول.

• المكونات المعدنية  : تتضمن السطوح التي تشارك في الامتصاز سطوح أجناس لاعضوية من قبيل الأكاسيد المائية والمعدنيات الصلصالية التي تحتوي على مجموعات هدروكسيل تمتد في المحلول المائي من الوجه المعدني. ويُعتبر تركيب من قوى فان در فالس وقوى تجاذب استقطابي محرضة dipole-dipole force induced وقوى تجاذب استقطابي dipolipole for، وروابط هدروجينية (وقد أوردناها تبعا لترتيب تزايد شداتها مسؤولاً عن ربط الأجناس بالسطح.

وحيثما كان ثمة ارتباط نوعي، اعتبر احتفاظ السطوح المعدنية بالجزيئات العضوية الصغيرة هاماً. لكن الامتصاز يتصف في معظم الحالات بالضعف الشديد لأن ثمة تجاذباً قوياً بين المعدنيات والماء، ولأن الاحتفاظ بالمادة المنحلة يجب أن يتضمن في نفس الوقت إزاحة جزيئات الماء من السطح.

• المكونات العضوية: السطوح التي هي أكثر جذباً للعضويات الطبيعية هي تلك الخاصة بالجزيئات العضوية الطبيعية الكبيرة الموجودة في المواد الصلبة المعلقة والرسوبيات. وقد رأينا في الفصل الثاني عشر أن المادة العضوية تتضمن مواد دبالية تُشتق من مصادر نباتية أو من متعضيات مكروية. وتمتلك هذه المادة خواص استقطابية بسبب تفاعلاتها المتضمنة للأكسجين إلا أن ثمة في المادة الدُّبالية، الهامة أيضاً في السياق الحالي، مناطق هدروكربونية رئيسية متموضعة ضمن الجزيء حيث لا تواجه المادة المنحلة غير المستقطبة سوى منافسة ضعيفة من جزيئات الماء المرتبطة سطحياً. لذا فإن الجزيئات المنحلة الصغيرة النفورة من الماء يمكن أن تنحل بكفاءة ضمن الوسط الداخلي غير المائي. بهذا المعنى تصبح القوى الجاذبة أكثر من مجرد قوى سطحية، وتكون السيرورة أقرب إلى الامتصاص منها إلى الامتزاز. ولذا يكون المصطلح العام امتصاز (sorption) أكثر ملاءمة هنا.

ينبغي أن نتذكر أيضاً أن المادة البالية نفسها يمكن أن تكون مرتبطة بأطوار معدنية على شكل أغشية. ونظرا إلى انسداد السطح المعدني بذلك الغشاء وعدم تفاعله مباشرة مع مواد منحلة أخرى، فإن ذلك يؤكد أهمية تلك المادة العضوية في الامتصاز الشكل (8.12). ويُحتفظ بالمادة الدُّبالية على السطح بروابط هدروجينية بين مجموعات السطح التي من قبيل -SiOH والذرات الجاذبة للإلكترونات الموجودة في الجزيء العضوي، الذي لولا ذلك لكان نفوراً من الماء.

ونتيجة لذلك، فإن المادة العضوية، الموجودة في الرسوبيات (أكانت معلقة أو راسبة) وفي التربة بنسبة تساوي ما لا يزيد على 1%، يمكن أن تهيمن على خواص الامتصاز الخاصة بالأجناس العضوية الصغيرة المحايدة، وتجعل إسهامات الجزء المعدني مهملاً.