المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16498 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الـجن والانس}
2024-05-27
بلعم بن باعوراء
2024-05-27
{واذ اخذ ربك من بني‏ آدم من ظهورهم ذريتهم}
2024-05-27
سبك نخت مدير بيت (آمون)
2024-05-27
نفر سخرو المشرف على خبز قاعة القربان.
2024-05-27
نخت الأمين على الأسلحة في السفينة الملكية (خع أم ماعت)
2024-05-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


إقامة الصلوات والمحافظة عليها  
  
868   05:21 مساءً   التاريخ: 2023-06-26
المؤلف : محمد بن علي الاسترابادي
الكتاب أو المصدر : آيات الأحكام
الجزء والصفحة : ص114 - 135
القسم : القرآن الكريم وعلومه / آيات الأحكام / العبادات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-28 1830
التاريخ: 2023-09-11 680
التاريخ: 2023-03-27 1367
التاريخ: 25-11-2014 2022

يقول تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون:9]

بأن يقيموها في أوقاتها ولا يضيّعوها ، فذكر الصلاة أولاً وآخراً مختلفان ليس بتكرار: وُصِفوا أوّلاً بالخشوع في صلاتهم ، وآخراً بالمحافظة عليها ، وفي الكشاف [1] وذلك أن لا يسهوا عنها ويؤدّوها في أوقاتها ويقيموا أركانها ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها ، وبما ينبغي أن تتمّ به أوصافها ، وأيضاً فقد وحدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة ، أيّ صلاة كانت وجمعت آخرا ليفاد المحافظة على إعدادها ، في الصلوات الخمس والوتر والسنن المرتّبة مع كلّ صلاة وصلاة الجمعة والعيدين والجنازة والاستسقاء والكسوف والخسوف وصلاة الضحى والتهجّد وصلاة التسبيح وغيرها من النوافل هذا.

واعلم أنّ الصلاة المذكورة كلها مرغّب فيها إلّا صلاة الضحى ، فإنّها بدعة عندنا وقول المجمع إنّما أعاد ذكر الصلاة تنبيهاً على عظم قدرها وعلوّ رتبتها ، يريد أنه ينبه على ذلك ، إذ حينئذ صفتان من هذه الصفات العظيمة الموجبة لإرث الفردوس والخلود فيها باعتبارها ، فكأنها تقتضي ذلك ، وتوجبه من جهتين.

وفي البيضاوي [2] وفي تقدير الأوصاف بأمر الصلاة وفتحها به تعظيم لشأنها ، وهذا جهة أخرى فتأمّلها.

ثم إنّ في الصحيح عن الفضيل [3] قال سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عن قوله عزوجل : {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34] قال هي الفريضة ، قلت {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] قال هي النافلة ، ويؤيده ظاهر روايات أخر ، بل ظاهر قوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فان ظاهرها في الفرائض وقد دلّت عليه الرواية أيضا وأيضا فإنه أقرب عرفاً من جميع النوافل والفرائض لمزيد اختصاص الفرائض ، وتفارقها وتبادرها عند الإطلاق كثيرا.

وظاهر البغويّ في المعالم أنّ المراد بالخشوع والمحافظة كليهما في الفرائض ، حيث قال : كرّر ذكر الصلاة ليبيّن أنّ المحافظة عليها واجبة كما أنّ الخشوع فيها واجب.

وبالجملة فيهما ترغيب وتحريص على الصلاة كما وكيفاً، جنانا وأركاناً، وشيخنا دام ظله [4] فهم من كلام الكشاف أنّ المحافظة لا بدّ أن يكون جميعها بخلاف الخشوع ، فإنّه يكفي في الواحدة أيّها كانت ، والظاهر أنّه لا يريد ذلك بل إنه لا نظر فيه إلى النوع والشخص ، بل إلى الجنس فقط ، نعم على القول بإرادة الفرائض مطلقا أو اليوميّة يمكن الاكتفاء بها أمّا بغيرها فلا ولا بواحدة نوعا أو شخصا.

{أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10-11]

أى من كان بهذه الصفات واجتمعت فيه هذه الخلال ، هم الوارثون يوم القيامة منازل أهل النار من الجنّة ، فقد روي [5] عن النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) قال: «ما منكم من أحد إلّا وله منزل في الجنّة ، ومنزل في النار ، فان مات ودخل النار ورث أهل الجنّة منزله» وقيل : معنى الميراث هنا أنّهم يصيرون إلى الجنة بعد الأحوال المتقدّمة ، وينتهي أمرهم إليها كالميراث الذي يصير الوارث إليه ، والفردوس اسم من أسماء الجنّة وقيل اسم لرياض الجنّة : المجمع.

وفي الكشاف : أي أولئك الجامعون بهذه الأوصاف الوارثون الأحقّاء بأن يسموا وراثا من دون من عداهم ، ثمّ ترجم الوارثين بقوله (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) فجاء بفخامة وجزالة لإرثهم لا يخفى على الناظر ، ومعنى الإرث ما مرّ في سورة مريم ، أنّث الفردوس علي تأويل الجنّة وهو البستان الواسع الجامع لأنواع الثمر.

وروي [6] أنّ الله عزوجل بنى جنّة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل خلالها المسك الأذفر وفي رواية لبنة من مسك ، وغرس فيها من جيّد الفاكهة وجيّد الريحان ، وقد قال في سورة مريم «نورث» استعارة أي نبقي على الوارث مال الموروث ولأنّ الأتقياء يلقون ربّهم يوم القيامة ، وقد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية، وهي الجنّة ، وإذا أدخلهم الجنّة فقد أورثهم من تقواهم كما يورث الوارث المال من مال الموروث.

وقيل أورثوا من الجنّة المساكن الّتي كانت لأهل النار لو أطاعوا ثمّ اعلم أنّ ظاهر العطف يقتضي أن يكون «أولئك» إشارة إلى المؤمنين الموصوفين بهذه الصفات ، ولو بعض ببعض ، لكن قد يتوهّم أنّ الظاهر شرعا أنّ الاتصاف بواحد منها غير كاف ، فلا بدّ من الحمل على إرادة الاتّصاف بالجميع ، وفيه نظر ، لأنّ الاتصاف بالجميع ، أيضا غير كاف ، إلّا بشرائط ، فلا مانع من الحمل على الظاهر ، واعتبار ما علم من الشرع اعتباره فليتأمّل.

يقول تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 78-79]

معنى إقامة الصلاة تعديل أركانها ، وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها ، من أقام العود إذا قوّمه ، أو الدوام عليها والمحافظة ، كما قال عزّ وعلا {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون:9] من قامت السوق إذا نفقت وأقامها ، قال :

أقامت غزالة سوق الضراب

 

لأهل العراقين حولا قميطا [7]

لأنها إذا حوفظ عليها ، كانت كالشيء النافق الذي يتوجّه إليه الرغبات ويتنافس فيه المحصّلون ، وإذا عطلت وأضيعت كانت كالشيء الكاسد الذي لا يرغب فيه.

أو التجلد والتشمّر لآدابها ، وأن لا يكون في مؤدّيها فتور ولا توان ، من قولهم قام بالأمر وقامت الحرب على ساقها ، أو أداؤها ، فعبّر عن الأداء بالإقامة ، لأنّ القيام بعض أركانها كما عبّر عنه بالقنوت وبالركوع وبالسجود ، وقالوا سبّح إذا صلّى لوجود التسبيح فيها ، قاله في الكشاف ، ويبعد الأوّل لفوتها حينئذ بتفويت بعض آدابها أو سننها ، ولهذا اقتصر الطبرسيّ في الجوامع فيه على تعديل أركانها ولم يرد بالأركان المعروف عندنا كما لا يخفى.

وقال المقداد في الكنز : تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في أفعالها ، وكأنه أراد ما لا بدّ منه فيها ، وحينئذ فلا يبعد أن يكون إقامتها بمعنى أدائها أي الإتيان بها بجميع شرائطها وواجباتها على ما اعتبر فيها من أقام العود إذا قوّمه أو قام بالأمر لا لما قاله كما لا يخفى.

وأما الثاني فعنه أنّ المحافظة كما ذكر في قوله {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 9] يتضمّن المداومة ، فلا احتياج إليها ، ولكن كأنه أراد بها التصريح بمغايرته ومقابلته للاوّل ، وربّما يوهم كون عطفها على التفسير ، وأنّ المراد المواظبة ، لهذا قال المقداد وقيل : المواظبة ، وبهذا المعنى يجوز كونه من أقام العود إذا قوّمه كما أنّ بالمعنى الأوّل يجوز أخذه من قامت السوق أيضا.

واللام للتوقيت مثلها في لثلاث خلون ونحوها ، وفي المجمع : قال قوم دلوك الشمس زوالها وهو المرويّ عن أبى جعفر وأبي عبد الله (عليهما‌ السلام) وفي البيضاوي : لزوالها ، ويدلّ عليه قوله (عليه‌ السلام) أتاني جبرئيل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر [8] ، وقيل لغروبها.

وفي المعالم بعد نقل القول بكونه غروبها عن قائليه : وقال ابن عباس وابن عمر وجابر : هو زوال الشمس ، وهو قول عطا وقتادة ومجاهد والحسن وأكثر التابعين ، ومعنى اللفظ يجمعهما ، لأن أصل الدلوك الميل ، والشمس تميل إذا زالت أو غربت ، والحمل على الزوال أولى لكثرة القائلين ، ولأنّا إذا حملناه عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها.

وفي المجمع : وقيل : غسق الليل بدوّ الليل عن ابن عباس ، وقيل : هو انتصاف الليل عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما‌ السلام).

هذا وهو الصحيح ، وعليه يحمل القول بأنّه شدّة ظلمته ، وعليه تتمّ دلالة الآية على أوقات الصلوات الخمس كما في رواية عبيد بن زرارة [9] عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) في قوله (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال : إن الله عزوجل افترض أربع صلوات وصحيحة زرارة [10] قال : سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عمّا فرض الله من الصلاة فقال خمس صلوات في الليل والنهار ، قلت : هل سماهنّ الله وبيّنهنّ في كتابه؟ قال : نعم قال الله تبارك وتعالى لنبيّه (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ودلوكها زوالها ، ففي ما بين دلوك الشمس إلى غسق اللّيل أربع صلوات سمّاهنّ وبيّنهنّ وغسق الليل انتصافه ، ثمّ قال (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) فهذه الخامسة الحديث.

وأمّا لو قلنا أنّ غسق الليل ظلمته عند ارتفاع الشفق ، وهو وقت صلاة العشاء عندهم ، كما في الكشاف والبيضاوي ، أو أوّل ظهور ظلمته كما في المعالم ، ونقله المجمع عن ابن عباس فيبقى وقت العشاء أو المغرب أيضا خارجا كما هو ظاهر إلى فلا تدلّ عليها ، فقول القاضي: والآية جامعة للصلوات الخمس ان فسّر الدلوك بالزوال ولصلوات الليل وحدها ان فسر بالغروب ، محلّ نظر ، وكذلك قول المعالم فتأمل ، ولهذا قيل : المراد بالصلاة صلاة المغرب وقوله {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78] بيان لمبدء الوقت ومنتهاه ، واستدلّ به على أنّ الوقت يمتدّ الى غروب الشفق ، ونقله القاضي أيضا.

ثم لا يخفى أنّ ظاهر الآية [11] توسعة أوقات الصلوات الأربع وامتدادها الى الغسق ، وكون الجميع وقتا في الجملة ، فلا بأس بالاستدلال به على ما هو المشهور ودلّت الروايات أنّ آخر وقت العشاء نصف اللّيل ففيها إيماء إلى كون الظهر هي الصلاة الأولى، لأنّ الانتهاء يستدعي ابتداء هو الدلوك ، وقرآن الفجر صلاته ، والعطف على الصلاة ، وأهل البصرة على أنّ النصب على الإغراء أي عليك بصلات الفجر.

وفي الكشاف سمّيت قرآنا وهي القراءة لأنّها ركن كما سمّيت ركوعا وسجودا وقنوتا ، وهي حجّة على ابن عليّة والأصمّ في زعمهما أنّ القراءة ليست بركن انتهى.

وفيه أنّه إن أراد بقوله كما سمّيت بيان مجرّد أنّ الركنيّة تصلح علاقة ووجها للتجوّز ، فهو بنفسه أوضح من هذا ، ويبقى قوله سمّيت قرآنا لأنها ركن وأنها حجّة عليهما ، دعوى بلا ثبت في المقام ، وهو غير مناسب به.

على أنّ قوله وقنوتا حيث لم يكن القنوت عندهم فرضا بل سنّة في بعض الصلوات أو مستحبّا يدلّ على جواز كون التسمية لغير الركنيّة أيضا ، فلا يتعين كونها للركنية ، فلا يتمّ حينئذ الاحتجاج عليهما ، فايراده في هذا السلك لم يكن مناسبا بل مضرا ، ولذلك لم يورده القاضي ، وإن أراد به بيان أنّ كونها ركنا هو الوجه فقوله قنوتاً حينئذ أبعد من المقام وأضرّ بالمرام كما لا يخفى ، اللهم إلّا أن يحمل القنوت على القيام هذا.

على أنّ الدعوى من أصله موضع نظر لأنّ هذا التجوز يكفي فيه كون القراءة جزءا في الجملة وغير ذلك من الملابسات فيحتمل وجوه كثيرة ، كأن يكون لأنّ القراءة مع الجهر بها مستغرقة لجميع ركعاتها دون باقي الصلوات ، أو لوجوبها كذلك لا يجزي عنها غيرها ، بخلاف باقي الصلوات ، أو لأنّ القراءة فيها أهمّ مرغب فيها أكثر منها في غيرها ولذلك كانت أطول الصلوات قراءة أو لأن قراءتها على ما ينبغي فيها من الطول كأنها تغلب باقي أجزائها ، فغلّب في الاسم تنبيها عليه وترغيبا فيه ، فلا تتعيّن الركنيّة لذلك ، على أنّ بعض ما ذكرنا منفردا أو منضمّا ربما كان أظهر في المقام وأنسب من أن يكون لكونها ركنا ، لو كان محقّقا ، فكيف إذا كان محلّ النزاع يستدلّ عليه بذلك.

هذا مع ما قيل : إنّ هذا ليس بشيء لأنّ التسمية لغوية ، وكونها ركنا أو غير ركن شرعيّة ، والجزئية في الجملة معنى معروف لغة كافية فيها ، فيكون لذلك لا للركنية ، وإن كان فيه نظرا. وفي القاضي : سميت قرآنا لأنه ركن كما سميّت ركوعا وسجوداً ، واستدلّ به على وجوب القراءة فيها ، ولا دليل فيه لجواز أن يكون التجوّز لكونها مندوبة فيها ، نعم لو فسّر بالقراءة في صلاة الفجر دلّ الأمر بإقامتها على الوجوب فيها نصا وفي غيرها قياسا انتهى.

وتوجيه الكلام في المقام في الاستدلال على الوجوب والركنيّة أن يقال: إنه قد أمر بالصلاة معبراً عنها بالقرآن باعتبار اشتمالها على القراءة ، فيلزم الأمر بالقراءة ضمنا ، فيكون واجبة وأيضا فيلزم عدم الإتيان بالمأمور به مع عدمها ، فلا يجزي ، ولا نريد بالركنية هنا إلّا هذا المقدار.

نعم لا يمتنع أن يثبت الاجزاء مع تركها سهوا بدليل ، لكن إذا لم يكن تعين ذلك ، وحينئذ فربما اتّضح كون التسمية لأنها ركن بمعنى أنّه لو لم يكن ركنا لما صحّ الأمر بإقامتها معبرا عنها بذلك ، لما قلنا ، لا لأنّ ظاهر اعتبار الاشتمال على طريق اللزوم في الواقع ، وإلّا لما صحّ تعلّق الأمر به على الوجه المفيد لركنيّة هذا وبعد التأمّل فيما قدّمنا لا يخفى مواضع النظر من هذا والله أعلم.

{إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] في الكافي والتهذيب بإسنادهما عن إسحاق بن عمار [12] قال : قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام) أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟

قال : مع طلوع الفجر إنّ الله تعالى يقول (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعني صلاة الفجر : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، فاذا صلّى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرّتين أثبتته ملائكة الليل وملائكة النهار.

وهذا صريح في أن كونه مشهودا مشروط بفعلها أول الوقت ، وإليه ذهب شيخنا المحقق لكنّ الرواية ضعيفة [13] السند وما فيها من دلالة الآية أيضا على ذلك إن قلنا به أمكن استفادة الوجوب من تعلّق الأمر بالمدلول ، فلا يتمّ حينئذ إلّا على القول بأنّ وقت الفضيلة وقت الاختيار ، اللهمّ إلّا أن يقال المراد أنّ مراعاة القرب لهذه النسبة أولى ، وفيه نظر لا يخفى.

في القاضي : مشهودا تشهده ملائكة الليل والنهار ، أو شواهد القدرة من تبديل الظلمة بالضياء والنوم الذي هو أخ الموت بالانتباه ، أو كثير من المصلّين أو من حقّه أن يشهده الجمّ الغفير ، وكذا في الكشاف إلّا «شواهد القدرة».

{وَمِنَ اللَّيْلِ} [الإسراء: 79] وعليك بعض الليل {فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: 79] التهجّد ترك الهجود أي النوم للصلاة ، ويقال أيضا في النوم تهجّد ، وعن المبرد [14] التهجّد عند أهل اللغة السهر للصلاة أو لذكر الله، وضمير به إما للقرآن كما في القاضي أو لمن الليل بمعنى فيه {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] عبادة زائدة لك على الصلاة، وضع نافلة موضع تهجداً، لأنّ التهجد عبادة زائدة، فكأن التهجد والنافلة يجمعهما معنى واحد، او المعنى ان التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة فريضة عليك خاصة دون غيرك، لأنه تطوع لهم.

الكشاف : أو فضلة لك لاختصاص وجوبه بك. القاضي : روي أنّها فرضت عليه ولم تفرض على غيره ، فكانت فضيلة له ذكره ابن عباس ، وأشار [15] إليه أبو عبد الله (عليه‌ السلام) كذا ذكره الراونديّ وقيل : معناه نافلة لك ولغيرك ، وخصّ بالخطاب لما في ذلك من صلاح الأمة في الاقتداء به ، ودعاء الخير إلى الاستنان بسنّته.

وفي المعالم إنّ صلاة الليل كانت واجبة على النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) والأمة لقوله (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) ثمّ نزل فصار الوجوب منسوخا في الأمة بالصلوات الخمس وبقي الاستحباب ، وبقي الوجوب في حق النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) ، وذهب قوم إلى أنّ الوجوب صار منسوخا في حقّه كما في الأمة فصارت نافلة وهو قول قتادة ومجاهد ، لأنّ الله تعالى قال (نافِلَةً لَكَ) ولم يقل عليك.

فان قيل: فما معنى التخصيص وهي زيادة في حق كافة المسلمين كما في حقه (عليه‌ السلام) قيل: التخصيص من حيث إنّ نوافل العباد كفّارة لذنوبهم ، والنبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، فكانت نوافله لا تعمل في كفارة الذنوب ، فتبقى له زيادة في رفع الدرجات.

ثمّ بإسناده عن المغيرة بن شعبة [16] قال : صلّى رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) حتّى انتفخت قدماه ، فقيل له أتتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ فقال : أفلا أكون عبدا شكورا.

{مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] نصب على الظرف إمّا بإضمار أي: عسى أن يبعثك يوم القيامة فيقيمك مقاما محمودا ، أو بتضمّن يبعثك معنى يقيمك ، ويجوز أن يكون حالا بمعنى أن يبعثك ذا مقام محمود ، ومعنى المقام المحمود الذي يحمده القائم فيه ، وكلّ من رآه وعرفه ، وهو مطلق في كلّ ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات.

وقيل: المراد الشفاعة ، وهي نوع واحد ممّا يتناوله وعن ابن عباس مقاما يحمدك فيه الأوّلون والآخرون ، وتشرف فيه على جميع الخلائق : تسئل فتعطى ، وتشفع فتشفّع ، ليس أحد إلّا وهو تحت لوائك.

وعن أبي هريرة [17] عن النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي ، كذا في {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] (طَرَفَيِ النَّهارِ) غدوة وعشيّة ، والانتصاب على الظرف {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] [18] ساعات منه قريبة من آخر النهار وهو جمع زلفة كظلم جمع ظلمة ، من أزلفه إذا قرّبه وازدلف إليه ، وصلاة الغدوة الفجر ، وصلاة العشيّة الظهر والعصر ، لأنّ ما بعد الزوال عشيّ ، وصلاة الزلف المغرب والعشاء : الكشاف ، وهو قول مجاهد والزجّاج ، وعن ابن عباس والحسن والجبائي أنّ طرفي النهار وقت صلاة الفجر والمغرب ، وهو مرويّ عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) ثمّ بناء هذا القول ظاهرا على أنّ النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشفق ، أو أن بين الفجرين خارج فالنهار من طلوع الشمس إلى غروبها فتأمل.

وعلى كلّ حال فكأنّ ترك الظهر والعصر لظهور أنّهما صلاتا النهار.

قيل : والتقدير أقم الصلاة طرفي النهار مع الصلاتين المفروضتين ، وقيل : إنّهما ذكرا على التبع للطرف الأخير لأنّهما بعد الزوال ، فهما أقرب إليه ، وقد قال {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78] ودلوكها زوالها.

وقيل وقت صلاة الفجر والعصر ، لأنّ طرف الشيء من الشيء ، وصلاة المغرب ليست من النهار ، وعلى كلّ تقدير دلالة الآية على توسعته لأوقات تلك الصلوات ظاهرة.

وقرئ «وزلفا» بضمتين [19] وزلفا بسكون اللام ، وزلفى بوزن قربى ، فالزلف بالسكون نحو بسرة وبسر ، وبضمّتين نحو بسر في بسر ، والزلفى بمعنى الزلفة كما أنّ القربى بمعنى القربة ، وهو ما يقرب من آخر النهار من الليل ، وقيل {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] أي وأقم طاعات وصلوات تتقرّب بها إلى الله عزوجل في بعض الليل ، فيمكن أن يكون إشارة إلى صلاة الليل المشهورة ، وحينئذ ينبغي إدخال العشائين في صلاة طرفي النهار لكن في التوجيه تأمل.

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ} [هود: 114] قيل أى الصلوات الخمس لتقدم ذكرها {يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فيه وجهان تكفير الذنوب بالطاعات أي العفو عن الذنوب بها ، وهو ظاهرها ، وظاهر غيرها من الآيات والاخبار في هذا الباب.

روى عن أبي حمزة [20] عن أحدهما (عليهما‌ السلام) في حديث طويل عن عليّ (عليه‌ السلام) قال : سمعت حبيبي رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) يقول : أرجى آية في كتاب الله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] إلخ والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا انّ أحدكم ليقوم في وضوئه فيتساقط عن جوارحه الذنوب ، وإذا استقبل الله عزوجل بوجهه وقلبه لم ينفتل وعليه من ذنوبه شيء كما ولدته امه ، فان أصابه شيء بين الصلاتين كان له مثل ذلك حتّى عدّ الصلوات الخمس.

ثمّ قال يا على إنّما منزلة الصلوات الخمس لأمتي كنهر جار على باب أحدكم فما يظنّ أحدكم لو كان في جسده درن ثمّ اغتسل في ذلك النهر خمس مرّات؟ أكان يبقى في جسده درن؟ فكذلك والله الصلوات الخمس لأمتي.

وفي الكشاف : تكفر الصغائر بالطاعات ، وفي الحديث [21] إنّ الصلاة إلى الصلاة كفّارة ما بينهما ما اجتنب من الكبائر.

والثاني اللطف أي الطاعات موجبة لترك المعاصي بالخاصيّة أو بسبب لطفه تعالى كقوله {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45].

في الكشاف : [22] قيل نزلت في أبي اليسر عمرو بن غزيّة الأنصاري كان يبيع التمر فأتته امرأة فأعجبته فقال لها إنّ في البيت أجود من هذا التمر ، فذهب بها إلى بيته فضمّها إلى نفسه وقبّلها ، فقالت : اتّق الله فتركها وندم ، فأتى رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فأخبره بما فعل ، فقال أنتظر أمر ربّي ، فلمّا صلّى صلاة العصر نزلت ، فقال نعم اذهب فإنّها كفّارة لما عملت.

وروي أنّ رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) قال له : توضّأ وضوءا حسنا وصلّ ركعتين ، إنّ الحسنات يذهبن السيئات.

{ذَلِكَ} [هود: 114] إشارة إلى قوله {فَاسْتَقِمْ} [هود: 112] وما بعده ، وقيل : إلى القرآن.

{ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] عظة للمتّعظين ، وقيل «ذلك» إشارة إلى إقامة الصلاة فإنّه سبب لذكر الله ، بل هو ذكر الله على أحسن وجه ، فيوجب ذكر الله له كما قال {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] فيفوز بفيض فضله وإحسانه ، وموجب لذهاب السيئات ، فينجى من أليم عذابه وشديد عقابه ، فهو أولى ما يذكره الذاكرون.

{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 17-18] قيل أخبار في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى والثناء عليه في هذه الأوقات ، وقيل سبحان الله مصدر بمعنى الأمر أي سبّحوا وربّما جعلا وجها واحدا وفي كلّ نظر ، والأظهر أنه تنزيه قصد به التنبيه والدلالة على أنّ ما يحدث فيها من الشواهد الناطقة بتنزيهه واستحقاقه الحمد ممّن له تميز من أهل السموات والأرض ، فينبغي العمل بمقتضاه ، وعدم التقصير فيه.

وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لانّ آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر ، وتخصيص الحمد بالعشيّ الذي هو آخر النهار من عشي العين إذا نقص نورها ، والظهيرة الّتي هي وسطه لانّ تجدد النعم فيها أكثر ، فعشيا عطف على السموات محلّا للقرب والأظهر أن يكون قوله {وَعَشِيًّا} [الروم: 18] متصلا بقوله {حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] وقوله {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الروم: 18] اعتراضا بينهما.

وقيل: أريد بالتسبيح الصلاة ، وقيل لابن عباس [23] هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ فقال نعم ، وتلا هذه الآية ، فالتسبيح حين تمسون صلاتا المغرب والعشاء ، وتصبحون صلاة الصبح وعشيّا صلاة العصر ، وتظهرون صلاة الظهر ، ولذلك زعم الحسن أنّ الآية مدنيّة ، لأنه كان يقول : كان الواجب بمكّة ركعتين في أي وقت اتّفقت وإنما فرضت الخمس بالمدينة ، والأكثر على أنّ الخمس إنّما فرضت بمكّة.

ويحتمل أن يراد بتسبيح المساء المغرب وبعشيّا العشاء ، وبتظهرون الظهرين ، وأن يراد بعشيّا المغرب والعشاء ، وبتمسون العصر ، وبتظهرون الظهر كالصبح بتصبحون.

قيل : ولم يأت بحين في عشيّا لعدم مجيء الفعل منه فليتأمل.

واعلم أنّه يقال : أمسى إذ دخل في المساء وكذا أصبح وأظهر ، فتقييد ذلك بحين يقتضي نوع اختصاص بأوّل الوقت ، فلا يبعد حمل الطلب فيه على الاستحباب كما نبّهنا في قولنا الأظهر.

وقيل يمكن أن يحتجّ بها من يجعل الوجوب مختصا بأوّل الوقت ، وفيه نظر من وجوه تظهر ممّا قدّمناه.

ثمّ لا يخفى أنّ الحمد كالتسبيح جاز أن يراد به الصلاة ، فيحتمل كون كليهما جميعا تنبيها على الصلوات الخمس ، وكون كل منفردا أيضا ، مع احتمال أن يجعل الأول إشارة إلى الفرائض والآخر إلى النوافل ووجه كل لا يخفى مع ما روى عن الصادق فيما قدمناه.

وعنه (عليه‌ السلام) : من [24] سرّه أن يكال له بالقفيز الأوفى ، فليقل {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17].

وعنه (عليه‌ السلام) [25] : من قال حين يصبح {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 17-19] أدرك ، ما فاته في يومه ، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليله ، وقرئ [26] «حينا تمسون وحينا تصبحون» أي تمسون فيه وتصبحون فيه.

طه {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [طه: 130] اى الكفار من انك ساحر أو شاعر أو غير ذلك ، في المعالم نسختها آية القتال وفيه تأمل ـ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130]

والمراد بالتسبيح إمّا ظاهره ، فيراد المداومة على التسبيح والتحميد في عموم الأوقات ، كما في الجوامع أو الأوقات المعيّنة أو الصلاة كما هو المشهور ، و {بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: 130] في موضع الحال أي وأنت حامد لربّك على أن وفّقك للتسبيح ، وأعانك عليه كما في الكشاف والجوامع أو على أعمّ من ذلك وهو الأظهر.

ثمّ الأشهر أنّ تسبيح قبل طلوع الشمس صلاة الفجر ، وقبل غروبها الظهر والعصر ، لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار ، قبل غروبها.

{وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} [طه: 130] أي وتعمد من ساعاته جمع إنى بالكسر والقصر وإناء بالفتح والمدّ يعني المغرب والعشاء وأطراف النهار تكرير لصلاتي الصبح والمغرب على إرادة الاختصاص كما في قوله {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } [البقرة: 238] ومجيئه بلفظ الجمع لأمن الإلباس كقوله {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وقول الشاعر «ظهراهما مثل ظهور الترسين» [27]

ففيها دلالة على وجوب الصلوات الخمس وسعة أوقاتها وعدم اختصاصها بأوائل أوقاتها كما لا يخفى ، لكن مع نوع ضعف في المغرب باعتبار أطراف النهار لا في الصبح لتنصيص قبل على اعتبار قبليّة الطلوع ، مع أن كون مجموع ما قبل الطلوع طرفا واضح.

وقيل أطراف النهار إشارة إلى العصر تخصيصا لها ، لأنها الصلاة الوسطى. وربما كان جمع الأطراف باعتبار أن كل جزء من أوقاتها كأنه طرف ، وقد يؤيّده قراءة {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] بالكسر عطفا على آناء الليل فان الظاهر أنّ من للتبعيض لا بمعنى في ، ولا للابتداء ، وقيل إنه للابتداء وفيه تنبيه على أنّ ابتداء وقت العشائين من أوّل الليل ، وفيه نظر فان ذلك ليس لكون من للابتداء بل لشمول آناء اللّيل أوله مع ظاهر السياق.

ثمّ اعلم أنّ ظاهر اتّساع الوقت المفهوم اشتراك الصلاتين في جميع الوقت ، وأنّ وقت العشائين جميع الليل إلا أن يراد بمن آناء الليل بعض معين منه حملا على أنه كالإضافة للعهد.

وقيل قبل غروبها صلاة العصر وأطراف النهار هو الظهر ، لأن وقته الزوال ، وهو آخر النصف الأوّل من النهار ، وأوّل النصف الثاني ، وقيل المراد بآناء الليل صلاة العشاء ومن أطراف النهار صلاة الظهر والمغرب لأنّ الظهر في آخر الطرف الأوّل من النهار ، وأوّل الطرف الأخر فهو طرفان منه ، والطرف الثالث غروب الشمس فيها صلاة المغرب.

وقد يفهم من الكشاف [28] قول آخر : أن يكون آناء الليل العشاء ، وأطراف النهار المغرب والصبح أيضا ، لكن على طريق الاختصاص ، وكأنه بناء على كونها الوسطى ويحتمل آخر : أن يكون أطراف النهار كآناء الليل شاملا للمغرب والعشاء أيضا على طريق الاختصاص فتأمل هذا.

وقد احتمل أن يكون أطراف النهار باعتبار التطوّع في أجزائه فاما من دون فريضة أو معها ، كما نقل الطبرسيّ عن ابن عباس في آناء الليل أنها صلاة الليل كلّه فركعتي سنّة الفجر فيه وجهان ، ويحمل الأمر على معنييه أو الرجحان المطلق أو الاستحباب باعتبار جواز الترك بالاقتصار على الفريضة أو باختصاص الأمر بالنوافل فإنّ إطلاق السبحة وإرادة النافلة في رواياتنا شائعة.

وربما احتمل نحو ذلك في قوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب أيضا فتأمل.

و «لعلّ» للمخاطب [29] أي أفعل ما أمرت به في هذه الأوقات طمعا ورجاء أن تنال عند الله ما به ترضى نفسك ويسرّ قلبك ، وقرئ ترضى على بناء المفعول أي يرضيك ربّك ، وقيل أي يرضاك الله كما قال تعالى {وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 55]

{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 39-40]

فاصبر على ما يقول اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه ، وقيل : واصبر على ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فان من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم ، وقيل هي منسوخة بآية السيف ، وقيل : الصبر مأمور به في كلّ حال.

{بِحَمْدِ رَبِّكَ} [ق: 39] حامدا ربك ، والتسبيح محمول على ظاهره أو على الصلاة أو عليهما ، فالصلاة قبل طلوع الشمس الفجر وقبل الغروب الظهر والعصر ، وقيل العصر {وَمِنَ اللَّيْلِ} [ق: 40] العشاءان ، وقيل : التهجّد وأدبار السجود التسبيح في آثار الصلوات والسجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة ، وقيل النوافل بعد المكتوبات.

وعن علي (عليه‌ السلام) [30] الركعتان بعد المغرب ، وفي الصحيح [31] عن أبى جعفر (عليه‌ السلام) أيضا وروي عن النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) من صلّى بعد المغرب قبل أن يتكلّم كتبت صلاته في علّيين ، ونحوه عن أبى عبد الله (عليه‌ السلام) والظاهر أنّ المراد قبل أن يتكلّم بكلام أجنبيّ لا التعقيب كما فسّر في الصحيح [32] عن أبى عبد الله (عليه‌ السلام).

والأدبار جمع دبر وقرئ إدبار بكسر الهمزة [33] من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمّت ، ومعناه وقت انقضاء السجود كقولهم أتيتك خفوق النجم ، ويقرب من الآية ما في الطور :

{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 48-49]

(اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) بإمهالهم وما يلحقك فيه من المشقّة والكلفة (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) مثل أي بحيث نراك ونكلأك وجمع العين لأنّ الضمير بلفظ الجماعة ألا ترى إلى قوله (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) وللدلالة على شدّة الحفظ بكثرة أسبابه ، وقرئ بأعينّا [34] بالإدغام (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) قيل من أيّ مكان قمت ، وقيل : من منامك ، وقيل حين تقوم إلى الصلاة المفروضة ، فقل سبحانك اللهمّ وبحمدك ، وقيل حين تقوم من المجلس ، فقل سبحانك اللهمّ وبحمدك لا إله إلا أنت اغفر لي وتب علىّ. وقد روي [35] مرفوعا أنّه كفارة المجلس ، وروى عن عليّ (عليه‌ السلام) [36] من أحبّ أن يكتال بالمكيال الأوفى فليكن آخر كلامه من مجلسه {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 180-181] وقيل اذكر الله بلسانك حين تقوم إلى الصلاة إلى أن تدخل في الصلاة وقيل وصلّ بأمر ربّك حين تقوم من منامك ، وقيل الركعتان قبل صلاة الفجر.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) وقرئ أدبار النجوم [37] بفتح الهمزة أيضا أي أعقابها فقيل المراد الأمر بقول سبحان الله وبحمدك في هذه الأوقات وقيل يعني صلاة الليل ، وروى زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم [38] عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما‌ السلام) في هذه الآية قالا : إنّ رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) كان يقوم من الليل ثلاث مرّات فينظر في آفاق السماء فيقرء خمس آيات من آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194] ثمّ يفتتح صلاة الليل الخبر.

وقيل يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة ، وإدبار النجوم يعني الركعتين ، قبل صلاة الفجر ، وهو قول الأكثر وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما‌ السلام) [39] وذلك حين تدبر النجوم إلى حين يغيب بضوء الصبح ، وقيل يعني فريضة الصبح ، وقيل معنى الآية لا تغفل عن ذكر ربّك صباحا ومساء ، ونزّهه في جميع أحوالك ليلا ونهارا ، فإنه لا يغفل عنك وعن حفظك.

ويتصوّر في معنى الآية وجوه أخر منها : وصلّ حامدا ربّك شاكرا له على ما هداك ، أو حفظك ، أو عليهما ، أو مطلقا ، حين تقوم بأمر ربك لك بالصلوات المفروضات وتمتثله ، فيكون مخصوصا بالفرائض ، وقوله (وَمِنَ اللَّيْلِ) إشارة إلى النوافل اللّيليّة (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) إشارة إلى النوافل النهاريّة أو (حِينَ تَقُومُ) في خدمة ربك ، أو أمر ربك بالصلاة المفروضة ونوافلها ، ومن الليل لصلاة الليل وادبار النجوم لركعتي سنة الفجر ، باعتبار أنها قد تقع في الليل فتتبع صلاة الليل ، وقد تقع مرتبطا بفريضة الفجر بعده قبلها فلا بأس بالإشارة إليها بخصوصها ، وبيان وقتها.

وربما احتمل أن يكون (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) إشارة إلى صلاة اللّيل مع ركعتي سنّة الفجر ، وإدبار النجوم إشارة إلى آخر وقت الجميع ، أو صلّ حامدا ربك على ما تقدم حين تقوم من منامك ، يعني بالنهار من الفرائض والسنن (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) يكون صلاة اللّيل من الفرائض وغيرها ، وإدبار النجوم مجموع ركعات الفجر من السنّة والفريضة.

أو حين تقوم من منامك يعني بالنهار إلى أن تنام باللّيل ، فيشمل جميع الفرائض وسننها والباقي لا يخفى ، وعلى كلّ تقدير يمكن استفادة شيء من الأحكام ، والله أعلم بحقيقة الحال.

وعلى نسق هذه الآيات قوله تعالى في سورة المؤمن: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55]

واستغفر لذنبك ، تعبّد من الله تعالى له (عليه‌ السلام) ليزيد في درجاته ، وتصير سنّة لأمّته ، وسبّح شاكرا ربّك بالعشيّ والأبكار ، قال الحسن : يعني صلاة العصر وصلاة الفجر ، وقال ابن عباس الصلوات الخمس كذا في المعالم.

وفي تفسير القاضي [40] واستغفر لذنبك ، وأقبل على أمر دينك ، وتدارك فرطاتك بترك الأولى ، والاهتمام بأمر العدى بالاستغفار ، فإنّه تعالى كافيك في النصر وإظهار الأمر (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) ودم على التسبيح والتحميد لربك وقيل صلّ لهذين الوقتين أو كان الواجب بمكّة ركعتان بكرة وركعتان عشيّة.

وفي الكشاف [41] وأقبل على التقوى واستدراك الفرطات بالاستغفار ، ودم على عبادة ربّك ، والثناء عليه بالعشيّ والأبكار ، وقيل هي صلاتا العصر والفجر فليتأمل.

(سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ.) (الحديد : 21)

قيل : يدلّ على أنّ المراد بالأمر الفور ، وذلك غير ظاهر ، فان إرادة استحباب المسارعة قريب كما هو ظاهر سياقه ، ويؤيّده دخول المستحبّات فيه ، فيدلّ على استحباب فعل العبادات أوّل وقتها كما هو المقرّر.


[1] الكشاف ج 3 ص 177.

[2] البيضاوي ج 3 ص 216 ط مصطفى محمد.

[3] انظر نور الثقلين ج 3 ص 530 والبرهان ج 3 ص 109.

[4] انظر زبدة البيان ص 54.

[5] المجمع ج 4 ص 99 وزبدة البيان ص 54 ومسالك الافهام ج 1 ص 140 وقريب منه في اللسان كلمة فردس وقريب منه في الدر المنثور ج 5 ص 6 عن سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث.

[6] الكشاف ج 3 ص 178 ولم يذكر في الشاف الكاف في ذيله تخريج الحديث ولم أظفر عليه في غيره.

[7] البيت استشهد به في المجمع ج 1 ص 38 والكشاف ج 1 ص 40 وكنز العرفان ج 1 ص 66 والبيت لا يمن بن خريم وترى ترجمته في تعاليقنا على مسالك الافهام ج 2 ص 131 وترى الشرح الكامل للبيت في شواهد المجمع ج 1 ص 80 الى 83 وغزالة بفتح الغين وتخفيف الزاي المعجمتين اسم أمرية شبيب الخارجي كذا في شواهد المجمع عن الكشف وفيه في تاريخ ابن خلكان شبيب بن يزيد بن نعيم الحروري قتل الحجاج زوجها فحاربته لذلك سنة كاملة وهرب منها الحجاج فعيره عمر ابن حطان السدوسي لعنه الله «أسد على وفي الحروب نعامة».

والضراب مضاربة السيف أى أقامت سوق المضاربة بالسيوف على التخييل والتشبيه أو المبالغة وهذا كقولك أنا ابن الطعن ، والمراد بالعراقين كوفة وبصرة وقيل كوفة والحجاز على التغليب ، والحول القميط كأمير التام ، والشاهد في قوله أقامت ، فإنه أراد لم تعطل ، يقال قامت السوق إذا نفقت وأقامها أي لم يعطلها من البيع والشراء.

[8] انظر الطبري ج 15 ص 137 وفتح القدير ج 3 ص 245 والكشاف ج 2 ص 686 وفي الشاف الكاف ذيله تخريجه.

[9] انظر جامع أحاديث الشيعة ج 2 ص 46 الرقم 347 رواه في التهذيب والاستبصار والعياشي وانظر البحار ج 18 ص 42 ورواه في منتقى الجمان أيضا ج 1 ص 314 وانظر مسالك الافهام وتعاليقنا ج 1 ص 143 وانظر الوسائل أيضا ج 3 ص 115 المسلسل 4794 ط الإسلامية.

[10] ما حكاه المصنف شطر من الحديث وهو في جامع أحاديث الشيعة ج 2 ص 13 الرقم 94 رواه عن التهذيب والكافي والفقيه والعلل وتراه في البحار ج 18 الباب الثالث من كتاب الصلاة وترى شرح الحديث في المرآت ج 3 ص 110 وأوضح مواضع اختلاف الألفاظ في المنتقى ج 1 ص 289 وص 290 وأوضحنا البحث في تعاليقنا على مسالك الافهام ج 1 ص 121 وص 122 فراجع.

[11] انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج 1 ص 67 الى ص 70.

[12] الوسائل ج 3 ص 154 الباب 28 من أبواب المواقيت المسلسل 4945 ط الإسلامية.

[13] قد بسطنا الكلام في كون إسحاق بن عمار موثوقا والحديث الذي هو في طريقه معتبر وان لم يوصف بالصحة في اصطلاح أهل الدراية في تعاليقنا على مسالك الافهام ج 2 من 245 الى 248 فراجع نعم الراوي عنه هذا الحديث عبد الرحمن بن سالم ضعفه ابن الغضائري وسكت عن تضعيفه النجاشي فكونه في طريق الحديث يوهنه.

[14] هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي أبو العباس المعروف بالمبرد نزيل بغداد صاحب كتاب الكامل وعدة كتب تنوف على أربعين امام العربية ببغداد في زمنه واحد أئمة الأدب والاخبار وكان بينه وبين ثعلب ما يكون بين المعاصرين من المنافرة فلذلك انشدوا.

نروح ونغدو لا تزاور بيننا

                        وليس بمضروب لنا عنه موعد

فأبداننا في بلدة والتقاؤنا

                        عسير كأنا ثعلب والمبرد

ثم المبرد كما قدمنا بكسر الراء لقب به لما سأله شيخه أبو عثمان المازني عن عويصة فأجاب بأحسن جواب برد غليله فقال له قم فأنت المبرد فحرفه الكوفيون ففتحوا الراء تهكما به والثمالي نسبة الى ثمالة وهو ثمالة بن أسلم بن كعب الأزدي قال عبد الصمد بن معدل :

سألنا عن ثمالة كل حي

                        فقال القائلون ومن ثمالة

فقلت محمد بن يزيد منهم

                        فقالوا زدتنا بهم جهالة

فقال له المبرد خل قومي

                        فقومي معشر فيهم نذالة

والأكثرون على أن التهجد بمعنى الأضداد بمعنى النوم والسهر انظر ص 50 من كتاب الأضداد لابن الأنباري ومسالك الافهام ج 1 ص 146.

وانظر ترجمة المبرد في بغية الوعاة ج 1 ص 269 الرقم 503 والأنساب ج 3 ص 146 الرقم 780 ونزهة الألباء ط بغداد ص 164 وآداب اللفة ج 2 ص 186 والأعلام ج 8 ص 15 وسمط اللئالى ص 340 ولسان الميزان ج 3 ص 430 ووفيات الأعيان ط إيران ج 1 ص 495 وتاريخ بغداد ج 3 ص 380 وأنبأه الرواة ج 3 ص 241 الرقم 735 وروضات الجنات ص 670 وريحانة الأدب ج 3 ص 436 الرقم 694 وطبقات القراء ج 2 ص 280 الرقم 3539 والفهرست لابن النديم ص 93 واللباب ج 1 ص 197 والمزهر ج 2 ص 408 وص 419 والنجوم الزاهرة ج 3 ص 117 ومعجم الادباء ج 19 ص 111 الى ص 122 مات سنة 285 أو 286 وكان له تسع وسبعون سنه وقيل نيف على تسعين.

[15] انظر نور الثقلين ج 3 ص 204 الرقم 382 والبرهان ج 2 ص 438 الرقم 4 رويا الحديث عن ابى عبد الله من التهذيب.

[16] أخرجه الترمذي في باب الاجتهاد في الصلاة عن المغيرة بهذا اللفظ انظر تحفة الاحوذى ج 1 ص 318 مع شرحه الألفاظ المختلفة بطرق مختلفة أخرى ففي بعضها تورمت وفي بعض ترم بفتح المثناة وكسر الراء وفي بعضها تزلع بزاى وعين مهملة وفي بعض تفطر وفي بعض انشقت والمعنى واحد وانظر أيضا فتح الباري ج 3 ص 256 وص 257 كتاب التهجد ففيه الألفاظ المختلفة بطرق مختلفة مع شرح كل.

[17] الكشاف ج 2 ص 286 وفي الشاف الكاف تخريجه ومثله في الدر المنثور ج 4 ص 197 عن أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن ابى حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وانظر أيضا فتح القدير ج 3 ص 246 أخرجه عن أحمد والترمذي وابن جرير وابن ابى حاتم والبيهقي.

[18] في المقاييس ج 3 ص 21 الزاء واللام والفاء يدل على اندفاع وتقدم في القرب إلى شيء الى ان قال وسميت مزدلفة بمكة لاقتراب الناس الى منى بعد الإفاضة من عرفات الى ان قال واما الزلف من الليل فهي طوائف منه لان كل طائفة تقرب من الأخرى.

[19] انظر المجمع ج 3 ص 198 وفتح القريب ج 2 ص 507 وشواذ القرآن لابن خالويه ص 61 وروح المعاني ج 12 ص 140.

[20] انظر المجمع ج 3 ص 201 والعياشي ج 2 ص 161 والبرهان ج 2 ص 239 وكنز العرفان ج 1 ص 150.

[21] انظر أبواب فضل الصلاة وانتظار الصلاة وتفسير هذه الآية من كتب الشيعة وأهل السنة ترى الأحاديث بهذا المضمون كثيرة.

[22] الكشاف ج 2 ص 435 وفي الشاف الكاف تخريجه وفيه ان الصحيح أبو اليسر كعب ابن عمرو وما في الكشاف : عمرو بن غزية غلط وصاحب الكشاف تبع في ذلك الغلط الثعلبي وانظر ترجمة ابى اليسر كعب بن عمرو في تعاليقنا على مسالك الافهام ج 2 من ص 261 الى ص 263.

[23] الدر المنثور ج 5 ص 154 والكشاف ج 3 ص 471 وفتح القدير ج 3 ص 214 وروح المعاني ج 21 ص 2.

[24] انظر قلائد الدرر ج 1 ص 104 نقله عن جوامع الجامع والكشاف.

[25] رواه في قلائد الدرر ج 1 ص 104 عن غوالي اللئالى ورواه في فتح القدير أيضا ج 4 ص 215.

[26] انظر ص 116 من شواذ القرآن لابن خالويه وروح المعاني للالوسى ج 21 ص 26.

[27] أنشده في الكشاف ج 3 ص 97 والترس حيوان نأتي الظهر.

[28] الكشاف ج 3 ص 96 وفي كنز العرفان 1 ص 77 مباحث مفيدة أطراف هذه الآية فراجع.

[29] انظر تعاليقنا على هذا الكتاب ص 35 أواخر آية الوضوء.

[30] انظر نيل الأوطار ج 3 ص 59 أخرجه عن الديلمي في الفردوس وكذا في فيض القدير ج 6 ص 167.

[31] انظر الوسائل الباب 30 من أبواب التعقيب ج 4 ص 1057 ط الإسلامية.

[32] التعبير في الحديث الثاني من الباب السابق ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلّى.

[33] المجمع ج 5 ص 148.

[34] نقله الالوسى في روح المعاني ج 27 ص 34 عن ابى السمال.

[35] انظر المجمع ج 5 ص 170 وقلائد الدرر ج 1 ص 109 وزبدة البيان ص 61 وكنز العرفان ج 1 ص 87 والدر المنثور ج 6 ص 30.

[36] البحار ج 18 ص 35 وقلائد الدرر ج 1 ص 109 ومثله في المجمع ج 4 ص 463 عن النبي (ص) مع تفاوت يسير في اللفظ.

[37] شواذ القرآن لابن خالويه ص 146 ونقله الالوسى في روح المعاني عن سالم ابن ابى الجعد والمنهال وابن عمرو ويعقوب وفي المجمع نقله عن زيد عن يعقوب.

[38] المجمع ج 5 ص 170.

[39] المجمع ج 5 ص 170.

[40] البيضاوي ج 4 ص 111 ط مصطفى محمد.

[41] الكشاف ج 4 ص 173.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .