المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16337 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لا عبادة كل تفكر
2024-04-27
معنى التدليس
2024-04-27
معنى زحزحه
2024-04-27
شر البخل
2024-04-27
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


شبهة : انحصار فهم القرآن بالمعصومين عليهم السلام  
  
1428   06:16 مساءً   التاريخ: 2023-04-01
المؤلف : الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الكتاب أو المصدر : تسنيم في تفسير القرآن
الجزء والصفحة : ج1،ص121-133.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / شبهات وردود /

شبهة : انحصار فهم القرآن بالمعصومين عليهم السلام

 

يعتقد جماعة من الاخباريين - واستنادا إلى بعض الروايات غير المعتبرة - أن آيات القرآن والأحاديث النبوية كالرموز والألغاز ولا يفهمها أحد سوى المخاطبين الأصليين بها (وهم المعصومون (عليهم السلام)) وهي ليست من قبيل المحاورات العرفية كي يكون مقصود قائلها منها تفهيم عامة الناس. ولذلك فلا يجوز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر آيات القرآن والروايات النبوية من دون الاعتماد على روايات الأئمة(عليهم السلام). فالمحدث الاسترابادي الذي هو من مؤسسي الطريقة الاخبارية يقول:

" ... وإن القرآن في الأكثر ورد على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعية، وكذلك كثير من السنن النبوية و إنه لا سبيل لنا فيما لا نعلمه من الأحكام النظرية الشرعية، أصلية كانت أو فرعية إلا السماع من الصادقين(عليهم السلام) وإنه لا يجوز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كتاب الله ولا ظواهر السنن النبوية ما لم يعلم أحوالهما من جهة أهل الذكر(عليه السلام) بل يجب التوقف والاحتياط فيهما ....."(1).

هؤلاء حصروا فهم القرآن بالمعصومين(عليه السلام) واعتبروا باب إدراكه مغلقة في وجه الآخرين، وبعض أدلتهم هي عبارة عن

أ. الأخبار التي تذم التفسير بالرأي.

ب. رواية: "ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن"(2) حيث تعد العقل البشري غير قادر على تفسير القرآن، ولذا يجب الرجوع ا في تفسير القرآن إلى المعصوم فقط.

ج. كلام الإمام الصادق(عليه السلام) الموجه إلى أبي حنيفة الذي كان يدعي مقام الإفتاء والمعرفة الحقيقية للقرآن: "يا أبا حنيفة! لقد ادعيت علما، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا محمد(صلى الله عليه واله وسلم) وما ورثك الله من كتابه حرفاه".(3)

د. كلام الإمام الباقر(عليه السلام) حيث يخاطب قتادة فقيه أهل البصرة: "بلغني أنك تفسر القرآن؟" قال له قتادة: نعم. فقال له الإمام(عليه السلام): " يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنست قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت. ويحك يا قتادة! إنما يعرف القرآن من خوطب به".(4)

وفي بعض الجوامع الروائية ادعي بأن مثل هذه الروايات متواترة ودلالتها قطعية(5).

جواب الشبهة:

وقد أجيب بالتفصيل على شبهات الاخباريين حول حجية ظواهر القرآن   الكريم بواسطة علماء كبار كالمرحوم الوحيد البهبهاني، والميرزا القمي والشيخ الأنصاري. فالمرحوم المحقق القمي يقول:

هذه الروايات التي فهم الاخباريون منها انحصار فهم القرآن بالمعصومين(عليهم السلام) ظاهرة أو صريحة في أن المراد بها هو العلم بجميع القرآن (ظاهره وباطنه و تنزيله وتأويله) وهذا أمر مسلم ومقبول. وإذا ورد مثل هذا المدعى في أخبار صريحة وصحيحة أيضا فيجب توجيهه أو إرجاع العلم به إلى أهله ولكن لا وجود لمثل هذه الأخبار"(6).

وفي جواب الشبهة الأولى ثبت أنت مستند حجية روايات المعصومين(عليهم السلام) هو القرآن الكريم. إذن فتوقف حجية ظواهر ألفاظ القرآن الكريم على الروايات مستلزم للدور، واستحالة الدور بديهية. وكذا إذا كان أساس القرآن هو التعمية والرمز بين الله والنبي(صلى الله عليه واله وسلم)، بحيث لا ينال معانيه الآخرون، فإنه - عندئذ – لا يمكن أن يصبح ميزانا لعرض الأحاديث ومعيارا لتقييمها لأن اللغز ليس فيه أي نحو من الإيضاح والحكم، حتى يجعل ميزانا لقياس وتقييم الأحاديث. إذا فما ورد في هذا المجال من الروايات إما أن يلزم منه الدور أو محذور ضرورة العرض على الألغاز، وكلاهما محال. فمن خلال التحليل العقلي المذكور بالنسبة إلى الروايات يظهر أن المعصومين(عليه السلام) لم ينفردوا أبدأ بأصل فهم القرآن ولم يغلقوا باب فهمه في وجه الناس، ولم يرد في أحاديثهم أنت الناس الا نصيب لهم من القرآن سوى تلاوته، وحتى لو جاء هذا المعنى في بعض الروايات، فحيث إنها مخالفة للخطوط العامة للقرآن وللسنة القطعية نفسها أيضا فيجب أن يوكل فهمها إلى أهلها.

والصفات التي هي من قبيل: "كتاب مبين"، "نور" و "تبيان كل شيء" والتي وردت في حق القرآن لا هي مختصة بالمعصوم(عليه السلام)، حتى يكون القرآن فاقدة لتلك الصفات بالنسبة إلى الآخرين، ولا هي ناظرة إلى مقام الثبوت حتى يكون القرآن فاقدة لهذه الصفات في مقام الإثبات، لأن الصفات المذكورة تتعلق بالكتاب الذي هو للهداية، وكتاب الهداية في مقام القيادة والدلالة والإرشاد له تلك الصفات، ومقام الدلالة والإرشاد يتميز بأنه أولا: عام ولا اختصاص له بالمعصوم، وثانية: هو ناظر إلى مقام الإثبات لا الثبوت.

وظاهر الآية: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15] ، انه أيضا خطاب إلى جميع الناس، دون أن يختص بالمعصوم وهو كذلك في مقام الهداية، لا مقام الثبوت، وكذا الآية (174) من سورة النساء والآية (8) من سورة التغابن والآية (107) من سورة الأعراف، فهذه الآيات هي في مقام الإرشاد وناظرة إلى مقام الإثبات. نعم "كتاب مكنون" الذي لا يمسه ولا يناله إلا المطهرون" هو درجة الكمال والمرحلة النهائية ج العالية لفهم القرآن، كما مر سابقة... وهي مختصة بأهل البيت الطاهرين(عليهم السلام)، كما أن قوله تعالى: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] أيضا مثلها من بعض الجهات.

ومن الممكن أن يستظهر من بعض الروايات اختصاص فهم القرآن بالمعصوم(عليه السلام) مثل ما جاء عن الإمام الباقر(عليه السلام): "إنما يعرف القرآن من . خوطب به"(7) لكن مثل هذا الاستظهار مخالف لظاهر القرآن الكريم نفسه، حيث يدعوا الجميع إلى أمور كالتدبر والتحدي والتعقل، والحديث المخالف للقرآن لا اعتبار له. فالمراد من مثل هذه الأحاديث - وكما مر - هو الإحاطة التامة بجميع أبعاد القرآن التي هي أعم من الظاهر والباطن، والمطلق والمقيد، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ وأمثال ذلك.

كما أن خطابات القرآن أيضا ليست على مستوى واحد، بل إن مفاد ومضمون بعض الخطابات لا يحيط بكنهه إلا المخاطبون الأصليون بها. فالله سبحانه ينزل الآية تارة بعنوان: {يا أيها الناس}، وأحيانا بعنوان: {يا أهل الكتاب}، وتارة بعنوان {يا أيها الذين آمنوا} وأحيانا بعنوان {يا أولي الأبصار} و{ يا أولي الألباب}وتارة: {يا أيها الرسل} وأخيرا فهو أحيانا يخاطب تحت عنوان: {يا أيها الرسول} وهذا الخطاب مختص بالرسول الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) والعناوين المذكورة ليست في مستوى واحد والاستنباطات أيضا سوف لن تكون متساوية. فالاستنباط الجامع الكامل المحتوي على أسرار وكنه معارف وأحكام القرآن منحصر في أهل البيت المعصومين الأطهار(عليه السلام) الذين يتمتعون بحق مس الكتاب المكنون.

تم بناء على هذا فإن ما ندعيه هو أن فهم القرآن في حدود التفسير "لا في التأويل" وفهم ظواهر ألفاظه ميسر للجميع وليس للمعصومين وحدهم، وانت المعصومين لم يخصوا أنفسهم به بل حثوا الناس ورغبوهم إليه.

وبعض الشواهد التي تثبت أو تؤيد هذا المدعى هي كما يأتي:

1. الأدلة التي ذكرت في الفصل الأول وهي تتضمن إثبات كون لغة القرآن عامة، مثل كون القرآن نورة وتبيانا، ودعوة الجميع وترغيبهم ما بالتدبر في القرآن، ودعوة العالمين إلى الإتيان بكتاب مثله: "التحدي".

2. حديث الثقلين الشريف الذي يدعو الناس بصراحة للتمسك بالقرآن مثل تمسكهم بالعترة ويقول: "ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا".(8)

3. الروايات التي تدعو إلى عرض الأخبار المتعارضة - بل مطلق الأخبار وإن لم تكن متعارضة - على القرآن الكريم.

4. الروايات التي تعتبر نفوذ وصحة الشروط المختلفة في المعاملات مرهونة بعدم مخالفتها للقرآن، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه يقول: " من اشترط شرطا مخالفة لكتاب الله فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترط عليه. والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عز وجل"(9).

كذلك يقول(عليه السلام): "كل شيء خالف كتاب الله باطل".(10)

يظهر من مثل هذه الروايات أن القرآن يجب أن يحكم في المجتمع الإنساني بعنوان أنه الأصل والمرجع المستقل، وفهمه أيضا ميسر لجميع أصحاب النظر وسالكي طريق الفكر والتدبر بمنهج معقول.

ولو كان القرآن لا يفهم إلا عن طريق الروايات، لأصبح الرجوع إلى  القرآن لأجل تقييم صحة الروايات أو شروط المعاملات أمرا لغوة. ولو كان القرآن للتلاوة فقط، لم يرجع الأئمة في المجتمع البشري إليه بهذا ال النحو أبدا.

ومن الجدير بالذكر أن الرجوع إلى القرآن لأجل تشخيص موافقة أو مخالفة شروط المعاملات يتم للفقيه بغير واسطة، وأما بالنسبة لمقلديه فهو مع الواسطة، وإن وساطة الفقيه في تشخيص مخالفة أو موافقة الشرط مع القرآن لا منافاة لها مع حجة ظواهر القرآن للجميع، لأن المقصود من الحجية العامة للظواهر هو أن المطلعين على قواعد الأدب العربي وكذلك العلوم الأساسية الأخرى الدخيلة في فهم القرآن لهم حق التدبر في مفاهيم القرآن والاحتجاج بنتيجة استنباطهم.

5. إن الأئمة المعصومين(عليه السلام) كانوا يرجعون تلامذتهم وأصحابهم ومخاطبيهم إلى القرآن الكريم في المجالات المختلفة، كالعقائد والمعارف، والمسائل الحقوقية والاجتماعية، والأحكام الفقهية وأدب تلاوة القرآن الكريم، ويشار فيما يلي إلى نموذج من كل مورد منها:

أ. العقائد والمعارف: كما روي عن الإمام السجاد(عليه السلام) في جواب سؤال حول التوحيد حيث قال: " إن الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى: قل هو الله أحد والآيات من سورة الحديد إلى قوله: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الحديد: 6] من رام وراء ذلك فقد هلك"(11). إن أعلى درجات السير الفكري للبشر في التوحيد قد توفرت و في هذين الموضعين من القرآن الكريم، بحيث إن الإدبار عنهما بعد عاملا للهلاك، والتقدم عليهما أيضا يصبح عامة للحيرة والضلال، لأنه الا يتصور أمر فوق ما ذكرته هذه الآيات. إذ إن فوق الصمدية وفوق الوجود اللامتناهي المطلق هو فرض محال وموقع في التيه والضلال.

فإذا كان نصيب الناس من القرآن الكريم هو صرف التلاوة ليس غير، لم يكن هناك مجال للتعمق واستخراج المعارف التوحيدية السامية. في حين وطبقا للحديث المذكور فإن المتعمقين بالمعرفة مأذونون بل مأمورون بأن يغوصوا في القرآن ويستخرجوا منه الكنوز. ولذلك فإن الحكماء الإلهيين قد استنبطوا معارف توحيدية كثيرة من سورة الإخلاص المباركة. يقول الإمام الرضا(عليه السلام): "كل من قرأ: {قل هو الله أحد} وآمن بها فقد عرف التوحيد".(12)

ب. المسائل الحقوقية: كما في استشهاد السيدة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بآيات كثيرة من القرآن الكريم في خطابها لأجل استعادة فدك. فإنها(عليها السلام)، وبعد أن نطقت بالحمد والشكر والثناء للذات المقدسة الإلهية وبعد الشهادة بالتوحيد للحق سبحانه وتبيين الكثير من معارف الدين قالت: "كتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة وزواجه لائحة وأوامره واضحة. قد خلفتموه وراء ظهوركم. أرغبة عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } [الكهف: 50] ، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].

ثم قالت حول غصب فدك

"... وأنتم الآن تزعمون ألا إرث لنا { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [المائدة: 50] أفلا تعلمون؟ بلى تجلى لكم كالشمس الضاحية اني ابنته أيها المسلمون... يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا } [مريم: 27] ؛ فعلى عمد و تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] و... أفحصكم الله بأية أخرج منها أبي(عليه السلام) أم هل تقولون أهل ملتين لا يتوارثان أولست أنا وأبي من أهل مكة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي"(13).

إن هذا النحو من الاستدلال بالقرآن الكريم يدل على أن المسلمين في صدر الإسلام لم يكن قد ألقي في روعهم أنهم لا حظ لهم من القرآن إلا التلاوة و انت فهمه منحصر ومختص بالمعصومين(عليه السلام)، وذلك لأن استنباط المعصوم والإفتاء على أساس الاستظهار، غير الاحتجاج ففي مقام الاحتجاج يجب أن يتمكن طرفا الخصام من امتلاك قوة سند و الاحتجاج. إذا فإن الأفراد العاديين وغير المعصومين الذين كانوا طرفة: في الاحتجاج كانوا يفهمون ظاهر القرآن، وفهمهم يعتبر حجة أيضا.

ج. المسائل الفقهية، كجواب الإمام الباقر(عليه السلام) على سؤال زرارة حول كفاية مسح مقدار من الرأس والقدم: "ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إن المسح بعض الرأس وبعض الرجلين. ثم قال: يا زرارة.. إن المسح لها بعض الرأس لمكان الباء..."(14)، حيث إن الإمام قد علم زرارة كيفية ماي استفادة الحكم الفقهي من ظاهر القرآن. أو كلام الإمام الباقر(عليه السلام) في مقام نهي الدوانيقي عن قبول خبر النمام: ".. فإن النمام شاهد زور.. وقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } [الحجرات: 6] (15).

واستدلال الإمام على مسؤولية حاسة سمع الإنسان بقوله: "أما سمعت الله يقول: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] (16). وكذلك جوابه(عليه السلام) على سؤال عبد الأعلى حول كيفية وضوء الجبيرة بقوله: "بعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] امسح عليه"(17)، حيث إن الإمام(عليه السلام) واستنادا إلى نفي الحرج في القرآن وكون فتح الجبيرة أمرة حرجية قال: امسح على الجبيرة.

كذلك كلام الإمام الباقر(عليه السلام) إلى زرارة ومحمد بن مسلم حول صلاة , المسافر: " إن الله عز وجل يقول: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] فصار التقصير واجبة كوجوب  التمام في الحضر. قالا: قلنا له: إنما قال الله عز وجل: {فليس عليكم  جناح} ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ فقال: أوليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].... (18) وتقريب دلالة الآية على وجوب الطواف بحاجة لبعض المبادئ المطوية التي لعلها تحل بالتأمل.

فالاستدلال بالقرآن وتوجيه الناس إلى آياته، يعتبر دعوة إلى فهم القرآن، لأن فهم القرآن الكريم لو أنتزع من الناس لم يقم المعصومون أبدأ بإرجاع تلامذتهم ومخاطبيهم إلى القرآن، بل لقالوا لهم: نحن أئمة وحجة الله عليكم، وكل ما قلناه من القرآن (حتى في حدود الظواهر والتفسير) فعليكم قبوله ولا يحق لكم السؤال عنه أيضا.

وتعتبر جملة "إن هذا وشبهه يعرف من كتاب الله" دليلا على أن المسلمين يجب أن يحيطوا بما في القرآن، وفي الأمور التي أمر القرآن الكريم الناس فيها للرجوع إلى النبي وخلفائه المعصومين فإنه يجب عليهم أن يرجعوا إليهم.

د. أدب التلاوة والتدبر؛ كالذي ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه يقول: عند تلاوة الآيات المتعلقة بالجنة فاسأل الله الجنة، وعند تلاوة آيات وعيد العذاب، فاستعذ بالله من العذاب: "إذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسأل الله الجنة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوذ بالله من النار".

والإمام السجاد(عليه السلام) أيضا يقول: " آيات القرآن خزائن العلم فكلما فتحت  خزانة فينبغي لك أن تنظر فيها ".(19) 

والإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) أيضا يقول في وصف المتقين:

" أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن، يرتلونها ترتيلا، يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت نفوسهم إليها شوق وظنوا أنها نصب أعينهم وإذا مروا بآية فيها تخويف" أصغوا إليها مسامع قلوبهم و.."(20). فمثل هذه التوصيات والنصائح والمواعظ دليل على أن باب فهم القرآن الكريم كان مفتوحة أمامهم.

وعليه فإن الإسلام - وخلافا لما هو معروف عند المسيحيين في فهم الإنجيل (وليس الإنجيل نفسه) إذ جعلوه منحصرة بالكنيسة - قد دعا وشجع عامة أتباعه على فهم القرآن والاستفادة منه.

ومن الجدير بالذكر أن معنى عمومية فهم القرآن شبيه بعمومية فهم أسرار الطبيعة وكتاب التكوين الذي له شروطه ومقدماته الخاصة. وهناك جماعة مالت إلى الإفراط في قبال جماعة التفريط الاخبارية، فاعتبرت أن فهم القرآن متيسر لمن اطلع على اللغة العربية، وزعموا أنها تغنيهم عن الإحاطة بعلم التفسير. في حين أن القرآن هو من أعمق الكتب و العلمية، ومعرفة اللغة العربية وحدها غير كافية لفهمه. إذن فتفريط  الاخباريين وإفراط هذه الجماعة أيضا، كلاهما باطل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. الفوائد المدنية، ص47 - 48

2. البحار، ج 89 ص 91

3. وسائل الشيعة، ج18، ص 30.

4. نفس المصدر، ص136.

5. وسائل الشيعة، ج18، ص152.

6. قوانين الأصول، ج 1، ص397، بتصرف.

7. وسائل الشيعة، ج18، ص136.

8. البحار، ج2، ص 100 و ج23، ص108.

9. وسائل الشيعة، ج 12، ص353.

10. نفس المصدر السابق.

11. أصول الكافي، ج 1، ص91

12. نفس المصدر السابق.

13. الاحتجاج للطبرسي، ص97، 108؛ البحار، ج29، ص 220.

14. أصول الكافي، ج 3، ص 30.

15. البحار، ج 10، ص 218، (سورة الحجرات، الآية 6).

16. وسائل الشيعة، ج 2، ص957 (سورة الإسراء، الآية 36).

17. وسائل الشيعة، ج 1، ص 327.

18. وسائل الشيعة، ج 5، ص538.

19. بحار الأنوار، ج89، ص216.

20. نهج البلاغة، الخطبة 193، المقطع 8

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف