الأقاليم الصناعية في روسيا:

تشارك روسيا الولايات المتحدة في صدارة الدول الصناعية. وقد تطورت الصناعة تطوراً سريعاً في السنوات الأخيرة بصفة خاصة حيث استطاع الروس الاستفادة من مواردهم الطبيعية ومواردهم الخام إلى حد كبير، ورغم وجود الصناعة في روسيا القيصرية قبل قيام الثورة الشيوعية في عام 1917 فإنَّ الصناعة كانت بسيطة وعبارة عن مجموعة من الصناعات المحدودة المركزة حول موسكو وفى منطقة أوكرانيا وكانت الصناعة متأخرة إلى حد كبير بالقياس بدول غرب أوربا والولايات المتحدة في ذلك الوقت.

وعندما بدأ الروس يعتمدون على التخطيط لمشروعاته الصناعية والسعي للاستفادة من موارده الوفيرة المتعددة على أساس عدم تركيز الصناعات في منطقة واحدة لأسباب استراتيجية بالإضافة إلى العوامل الأخرى المساعدة على قيام الصناعة. كما أن قطع العلاقات التجارية بين الدول الرأسمالية و الاتحاد السوفيتي قديماً نظراً لفكره الشيوعي قد أجبر الاتحاد السوفيتي على العمل بهدف الاكتفاء الذاتي وتطوير صناعاته القديمة وإيجاد صناعات جديدة معتمداً على توفر موارده وكثرة سكانه، وبذلك تحولت مناطق الصناعة القديمة إلى مراكز صناعية ضخمة ومتقدمة، ونشأت الصناعات الجديدة كصناعة الآلات والأدوات الكهربائية والصناعات الكيميائية. وقد كان معظم الصناعات الجديدة في جبال الأورال وحوض كتزنتسك لصناعة الحديد والصلب، وكذلك في منطقة خباروفسك وسيبيريا، وفي مناطق البترول  كما في سخالين، وأمكن الاستفادة من موارد الطاقة الكهربائية من نهر أنجارا  في تصنيع المواد الخام حول بحيرة بيكال. 

وقد ساعد التطور الصناعي السريع على إيجاد شبكة نقل كبيرة عن طريق السكك الحديدية أو القنوات والأنهار، كما أنشئت قناة لربط بحر البلطيق بالبحر الأبيض الروسي، وقناة أخرى بين نهر الفولجا وموسكو، وثالثة بين الفولجا والدون. كما اهتمت بإنشاء الطرق وتطوير النقل البرى عبر هذه الطرق . وتوزيع الأقاليم الصناعية في روسيا يرتبط بتوزيع الفحم والحديد والموارد المعدنية الأخرى. ونظراً لاتساع  المساحة  وانتشار توزيع الموارد في روسيا فقد تبع ذلك انتشار الأقاليم الصناعية على الوجه التالي:

الإقليم الأوسط الصناعي (موسكو–  ليننجراد):

يُعد الإقليم الأوسط من أقدم المناطق الصناعية الروسية، وهو يقع في وسط الجزء الروسي الأوربي ومركزه مدينة موسكو، وكانت الصناعة منذ العهد القيصري تشمل عدداً كبيراً من المراكز الصناعية المتفرقة في هذا المكان وتضم مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.

ومما ساعد على قيام الصناعة في هذه المنطقة كونها مركز القيادة في الدولة وتوفر وسائل النقل رغم قلة الخامات كالفحم والحديد، لكن تقدمها كان محدوداً بالقياس بالمناطق الأخرى، لكنها خطت خطوات كبيرة عندما اكتشفت حقول الحديد الغنية في أوكرانيا القريبة منها، كما كانت تستورد الحديد من إقليم كريفوى روج والقطن من التركستان، والخامات المعدنية الأخرى من إقليم جبال أورال والبترول من القوقاز، كما استغلت القوى المائية في توليد الكهرباء.

وعندما هددت الجيوش الألمانية هذا الإقليم في أثناء الحرب العالمية نقلت بعض مصانعه إلى جبال الأورال وإلى الشرق منه تفادياً لتخريبه من قبل ألمانيا. وأهم الصناعات في هذا الإقليم  الآلات الزراعية والمطاط والنسيج والورق ومنتجات الأخشاب والمواد الكيميائية. ويتميز هذا الإقليم بالتنوع الكبير في صناعاته وبأن بعض صناعاته من النوع الخفيف مما جعل نقلها إلى الأسواق سهلاً قليل التكاليف.

وتعد مدينة موسكو وتولا وكالينين وايفانوفو أهم مدن هذا الإقليم في صناعة النسيج والجلود والورق والأدوات الكهربائية، أما مدينة ليننجراد فنظراً لموقعها ولكونها ميناء هاماً على بحر البلطيق  فقد تميزت بصناعة السفن و المولدات الكهربائية. وتعتمد هذه المنطقة على وقودها من القوى الكهربائية المولدة  من نهر نيفا Niva، وأما جوركى Gorky التي تقع جنوب شرق ايفانوفو Ivanovo حيث يلتقي نهر الفولجا بنهر أوكا فتعد من أهم  مراكز الصناعة الهندسية في غرب روسيا.