المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ربنا وآتنا ما وعدتنا على‏ رسلك}
2024-04-28
ان الذي يؤمن بالله يغفر له ويكفر عنه
2024-04-28
معنى الخزي
2024-04-28
شروط المعجزة
2024-04-28
أنواع المعجزة
2024-04-28
شطب العلامة التجارية لعدم الاستعمال
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


طبيعة العلاقة بين منهج القواعد الموضوعية ومنهج قاعدة الإسناد  
  
1534   01:38 صباحاً   التاريخ: 10/11/2022
المؤلف : خليل ابراهيم محمد خليل
الكتاب أو المصدر : تكامل مناهج تنازع القوانين
الجزء والصفحة : ص 133-140
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

لاشك أن الاختلاف الفقهي بشأن مدى تمتع منهج القواعد الموضوعية بالنظام القانوني من عدمه ومدى اكتمال قواعد، انعكس على طبيعة العلاقة بينه وبين منهج قاعدة الإسناد، إذ أن أنصار القواعد الموضوعية قد اعتبروه منهجا مستقلا ومنافسة المنهج قاعدة الإسناد، في حين أن هناك من يذهب إلى إمكانية التكامل والتعايش بين المنهجين، وعلى الرغم من أن هذه الأطروحة قد تبنت مبدأ التكامل بين المنهجين، فلابد كذلك من التطرق إلى الرأي الذي يذهب إلى وجود تنافس بينهما. وسنبين هذين الرأيين فيما يأتي:

أولا: علاقة التنافس بين المنهجين: يذهب أصحاب هذا الاتجاه(1) إلى أن هناك عداء قائمة بين المنهجين إلى درجة أن منهج القواعد الموضوعية يؤدي إلى استبعاد منهج قاعدة الإسناد ذاته في حل مشکلات العلاقات ذات الطابع الدولي الخاص، خصوصا في مجال العقود، ويصور هذا الاتجاه علاقة منهج القواعد الموضوعية بمنهج قاعدة الإسناد بأنها علاقة عداء وتنافس، وذلك بغية تغليب القواعد الموضوعية على حساب منهج قاعدة الإسناد ومن ثم الحلول محله. و السبب في ذلك قصور منهج قاعدة الإسناد وتعقيده وكون قواعد القانون الذي تشير إليه ذات مصدر داخلي يضعها المشرع الوطني لحكم العلاقات الداخلية، بينما القواعد الموضوعية هي قواعد دولية تلائم هذه الروابط وتستجيب لها، إذ أنها شرعت أصلا من اجلها لتحل مباشرة مشكلاتها، لذا ولاختلاف طبيعة قواعد كل منهما لابد أن تكون العلاقة علاقة تنافس وعداء، فمضمون القواعد الموضوعية والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه يقتضي تطبيقها تطبيق مباشرة مادامت تنتمي إلى النظام القانوني للقاضي أو المحكم وبصرف النظر عما يقضي به منهج قاعدة الإسناد (2). والشرط الوحيد الذي يكفي لإعمال المنهج الموضوعي وإقصاء منهج قاعدة الإسناد هو دولية الرابطة التي تتحقق بمجرد ارتباط هذه العلاقة بمصالح التجارة الدولية (3)

كما تظهر علاقة التنافس عند تحديد نطاق تطبيق كل منهما، إذ أن من المستحيل أن يعمل أحدهما في مجال الآخر، وهذا ما جعل للقواعد الموضوعية ومنهجها نوعا من الشمولية في الاختصاص في المجال الذي تنطبق فيه، وهو ما يعني إنكار تطبيق قانون وضع أصلا للعلاقات الداخلية على علاقات ذات طابع دولي مما يؤدي إلى استبعاد قاعدة الإسناد في هذا المجال، وهذه الشمولية تؤسس على خصوصية الأنشطة الخاصة الدولية التي تستلزم تنظيمة ذاتية يتناسب وخصوصية العلاقة الخاصة الدولية وهي خصوصية يمكن أن تبرر استبعاد منهج قاعدة الإسناد، لان القاعدة الموضوعية تجيب عن كل التساؤلات وتحل محل القانون واجب التطبيق لاسيما تحت صعوبة إعمال منهج قاعدة الإسناد، وصعوبة تحديد القانون واجب التطبيق في ضوء تعارض مصالح ذوي الشأن في اختيار قانون وطني معين  (4).

فالقواعد الموضوعية وعلى وجه الخصوص المستمدة من الاتفاقيات الدولية التي تنطبق مباشرة على العلاقة لم تأت من فراغ، بل كانت حصيلة دراسات ومقارنات متعمقة بالنظم الوطنية والدولية المختلفة، ومحاولات موفقة للتقريب بينهما، واختيار حل ملائم لتلك العلاقات وتستجيب لها، ومهاجمة التنازع في مهده واقتلاع جذوره (5). والهدف الحقيقي من الاتفاقيات الدولية هو القضاء على ظاهرة التنازع بصدد العلاقات الخاصة الدولية التي تدخل في نطاق تطبيق هذه الاتفاقيات، ولا يمكن إدراك هذا الهدف إلا بالتطبيق المباشر للقواعد الموضوعية الموحدة، دون الرجوع إلى منهج قاعدة الإسناد لان القاضي برجوعه إلى القواعد الأخيرة يفترض التنازع بين القوانين التي حرصت دولته تداركها بانضمامها إلى الاتفاقية (6).

ولعل التطبيق المباشر للقواعد الموضوعية يعد من أهم الأسباب التي أعطت هذا المنهج ذاتيته و استقلاله وجعلت منه منهجا منافسا لمنهج قاعدة الإسناد ويؤدي من ثم إلى استبعاده، و التطبيق المباشر للقواعد الموضوعية يستند إلى مجموعة من الأفكار القانونية أهمها:  

1. إن من يختار القاضي، يختار قانونه: تطبق هذه القاعدة على قضاء التحكيم، فهذا القضاء ليس له قانون اختصاص "Lex Fori" على عكس القضاء الوطني (7) ، لذلك تعد مجموعة القواعد الموضوعية بمثابة قانون اختصاص للمحكم ومن ثم يقوم بتطبيق هذه القواعد تطبيقا مباشرا عملا بالمبادئ العامة في القانون الدولي الخاص، ولما كانت هذه القواعد هي قانون اختصاص بالنسبة للمحكم، فهذا يعني أن اختيار المحكم يؤدي إلى اختيار هذه القواعد، إذ أن تطبيقها يكون مفترضا في كل عقد يتضمن اتفاقا للتحكيم وبغض النظر عن كون التحكيم خاصة أو مؤسسية وسواء كان تحكيم بالقانون أم بالصلح (8).

2. فكرة الاستقبال: هذه الفكرة ظهرت في القضاء الفرنسي بخصوص تطبيق بعض القواعد الموضوعية التي وضعها القضاء نفسه (9)، كصلاحية شرط الذهب الضمان النقدي، و استقلال شرط التحكيم أو اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، وصحة ارتباط الدولة في اتفاق التحكيم، وذلك دون الاستعانة بمنهج قاعدة الإسناد، كون هذه القواعد قد تم استقبالها وإدماجها في النظام القانوني الفرنسي، ومن ثم صارت جزءا من القانون الفرنسي، وواجبة التطبيق بالأفضلية عن أي قانون آخر(10). وهذه الأفضلية تأتي في ظل غياب القضاء الدولي للقانون الدولي الخاص، إذ لا يأتي تطبيق القواعد الموضوعية من عادات التجارة الدولية وأعرافها إلا عن طريق استقبال وطني تعود كيفيته ومبدأه إلى سيادة الدولة و أحترامها واحترام قوانينها ورقابتها، ومن ثم تساعد هذه الفكرة في تطبيق القواعد الموضوعية للقانون التجاري الدولي استقلالا عن قاعدة الإسناد (11) .

 3. التطبيق المباشر للقواعد الموضوعية: في سبيل تبرير تطبيق القواعد الموضوعية بمعزل عن منهج قاعدة الإسناد، استعار هذا الاتجاه فكرة التطبيق المباشر لهذه القواعد من المناهج الأخرى كمنهج القواعد ذات التطبيق الضروري، مضيعين في ذلك معالم الحدود بين مناهج تنظيم الروابط الخاصة الدولية.

لذلك يذهب الرأي الراجح في الفقه (12) إلى أن القواعد الموضوعية تطبق دون حاجة إلى إعمال منهج الإسناد لأنها تندرج في نظام قانوني يشكل في عناصره الجوهرية قانونا ذا تطبيق مباشر أو فوري ومن ثم فهي لا تحتاج إلى سند أو مبرر لتطبيقها، إذ أنها وبمجرد دخول المنازعة في إطار نطاق تطبيقها تكون واجبة التطبيق وان هجر قواعد الإسناد لا يكون إلا بالتطبيق المباشر أو الفوري للقواعد الموضوعية.

ويستند هذا الرأي إلى القوانين الداخلية، والاتفاقيات الدولية، وهيئات التحكيم وتطبيقات القضاء الداخلي والدولي (13) على اعتبار أنها تنص على التطبيق المباشر لهذه القواعد. فعلى مستوى القوانين الوطنية نجد أن قانون التحكيم المصري ينص (14) على أنه "يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف التجارية في نوع المعاملة  . كما تنص المادة (1496) من قانون المرافعات المدنية الفرنسي المعدلة (15) عند غياب الاختيار على أن "المحكم سوف يحسم النزاع وفقا للقواعد القانونية التي يراها مناسبة، وفي كل الأحوال تأخذ هيئة التحكيم العادات التجارية في الاعتبار". وإذا جئنا إلى الاتفاقيات الدولية نجد أن اتفاقية فيينا للبيع الدولي للبضائع المبرمة عام 1980 نصت على أن يلتزم الطرفان بالأعراف التي اتفقا عليها وبالعادات التي أستقر عليها التعامل بينهما"(16). ونجد في مجال اتفاقيات التحكيم، أن أتفاقية الأوربية السنة 1961 بشأن التحكيم التجاري الدولي، أخذت بالمبدأ نفسه فعلى المحكمين أن يأخذوا بنظر الاعتبار ما هو مشروط في العقد وما هو متبع من العادات التجارية  (17)  وكذلك اتفاقية عمان للتحكيم التجاري الدولي المبرمة لسنة 1987 إذ نصت على أن تراعي هيئة التحكيم قواعد الأعراف التجارية الدولية المستقرة(18). وإذا جئنا إلى القوانين النموذجية، وقواعد التحكيم التي وضعتها هيئات التحكيم، نجد أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته الأمم المتحدة لعام 1985 ينص على أنه في جميع الأحوال، تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقا لشروط العقد وتأخذ في اعتبارها العادات المتبعة في ذلك النوع من النشاط التجاري المنطبقة على المعاملة (19). ونجد أن نظام المصالحة و التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس ينص على أنه في كل الأحوال تأخذ محكمة التحكيم بعين الاعتبار أحكام العقد والممارسات التجارية ذات الصلة" (20)

ولكن التطبيق المباشر للقواعد الموضوعية هذا لا يعني تشبيهها بالقواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي، إذ أن الإعمال المباشر للقواعد الأخيرة يرجع إلى تعلقها بالنظام العام لكونها تحدد بذاتها نطاق سريانها المكاني وهو ما يختلف تماما عن التطبيق المباشر للقواعد العرفية العابرة للحدود والتي نشأت خصيصا لحكم عقود التجارة الدولية، وهي عقود تتميز على العكس بطابعها التكميلي الذي يخول المتعاقدين القدرة على استبعادها إن أرادوا، فالتطبيق المباشر لقواعد القانون التجاري الدولي أمام المحكمين لا يستند إلى كونها من القواعد الآمرة ذات التطبيق الضروري، وهي قواعد وضعت أصلا لمواجهة علاقات القانون الداخلي وان كان تعلقها بالنظام العام قد يقتضي امتداد تطبيقها إلى مجال العلاقات الخاصة الدولية وإنما إلى اعتبارها من قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعي للتحكيم التجاري الدولي والتي لا تنطبق إلا على الروابط العابرة للحدود ولا يحتاج تطبيقها هي الأخرى إلى إعمال منهج قاعدة الإسناد(21) .

 4. إرادة الأطراف: لتبرير تطبيق القواعد الموضوعية بشكل مباشر ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى الاستناد إلى إرادة الأطرف التي تؤيدها الأنظمة القانونية المعاصرة، التي تعطي الحرية الإرادة الأطراف في اختيار القانون الذي ينظم علاقاتهم على اعتبار أن هذا الاختيار ووفقا لأنصار النظرية الشخصية هي قاعدة مادية من قواعد القانون الدولي الخاص تستند إلى مبدأ حرية التعاقد، وهي تختلف عن قاعدة الإسناد التي تقضي بإخضاع العقد الدولي لقانون الإرادة، التي تتخذ من أرادة المتعاقدين ضابطا لإسناد العقد لقانون معين لا يملك المتعاقدين الخروج عن أحكامه الآمرة، بينما القواعد المادية محل البحث تخول الإرادة حرية اختيار القواعد الموضوعية التي تحكم الرابطة العقدية وهي قواعد تندمج في العقد وتصبح جزءا من الشروط التعاقدية دون أن ترتفع لمصاف القواعد الآمرة في القانون الذي تخضع الرابطة العقدية لإحكامه، مما يخرجها وفقا لهذا الاختيار المادي عن سلطان القوانين الوطنية (22).

وفضلا عن أن قاعدة الإسناد التي تعطي الحرية الإرادة الطرفين في اختيار القانون واجب التطبيق تعتمد على التنازع وآلياته، وتتخذ من إرادة المتعاقدين ضابطا لإسناد العقد لقانون معين لا يملك المتعاقدون الخروج عن أحكامه، فان القاضي وبموجب الإعمال التنازعي سوف يجهل مضمون القوانين الداخلية طوال مرحلة تحديد القانون واجب التطبيق، فيكون من العسير اختيار هذا القانون وفقا لمضمونه، وعندما يصل القاضي إلى مرحلة إعمال القانون المسند إليه فانه سوف يعرف مضمونه ومن ثم لا يستطيع هجره إذا تبين عدم ملاءمته لتنظيم العقد بالنظر إلى الصفة الملزمة لقاعدة الإسناد و احترام القانون الذي أراد المشرع أن يكون مختصا بحكم النزاع، بينما القواعد الموضوعية محل البحث تخول الإرادة حرية اختيار القواعد الموضوعية المعدة سلفا و المعلومة إبتداء من قبل المحكم والقاضي، وهي قاعدة تندمج في العقد وتصبح جزءا من الشروط العقدية دون أن ترتفع لمصاف القواعد الآمرة في القانون الذي تخضع الرابطة العقدية الأحكامه(23). وتجد إرادة الأطراف سندها في القوانين والاتفاقيات الدولية ولوائح هيئات التحكيم (24).

هذه هي أهم المبررات التي استند إليها أنصار المنهج الموضوعي للقول بالتطبيق المباشر للقواعد الموضوعية، ومن ثم إعطاء هذا المنهج استقلالية عن منهج قاعدة الإسناد، ومن ثم يكون في تنافس معه الحكم العلاقات ذات العنصر الأجنبي، ومع ذلك فان هناك رأي راجحا في فقه القانون الدولي الخاص يقول بوجود تكامل بين هذه المناهج.

ثانيا: علاقة التكامل بين المنهجين: يرى جانب آخر من الفقه(25) أن العلاقة بين منهج القواعد الموضوعية ومنهج قاعدة الإسناد هي علاقة تجاور وتعايش وليست علاقة عداء وتنافس، فهي علاقة اقرب ما تكون إلى التكامل، فإدخال منهج القواعد الموضوعية في منافسة مع منهج قاعدة الإسناد سيؤدي إلى أن تكون هذه المنافسة غير عادلة لانعدام التكافؤ بين المنهجين، إذ إن منهج القواعد الموضوعية هو منهج غير كامل يعجز في وضعه الراهن عن التصدي لتنظيم العقود الخاصة الدولية بمفرده.

هذا الأمر هو ما عبر عنه أنصار المنهج الموضوعي لقانون التجارة الدولية أمثال فوشار "Fouchard وجولدمان 'Goldman" مقررين أن النقص الذي يشوب قانون التجارة الدولية يدعو إلى تكملته بالرجوع إلى القوانين الوطنية (26). وهذا التكامل من شأنه تجسيد التجاور والتعايش بين المنهجين، وهو تكامل سيظل لمدة طويلة، إذ إن منهج القواعد الموضوعية لا يستأثر بحكم العلاقة محل النزاع، ولا يمكن أن يطبق وحده بل يستعين ويطلب مساندة منهج قاعدة الإسناد، إذ يبقى منهج القواعد الموضوعية بمختلف مصادره بحاجة إلى قاعدة الإسناد، وهذا لا يعني سوى التكامل بين المنهجين من أجل تقديم أفضل الحلول العلاقات التجارة الدولية (27).

فالقائلون بضرورة منهج قاعدة الإسناد (28). لإعمال القواعد الموضوعية يرون أن الأخيرة لا تكون واجبة التطبيق إلا بأعمال منهج قاعدة الإسناد، فهي لا تطبق مباشرة بل لابد من قاعدة إسناد تعينها. ويؤيد وجهة نظر هذا الجانب من الفقه ما صرحت به بعض قوانين التجارة الدولية ذات المصدر الداخلي كالقانون التشيكي في المادة (1) منه، والقانون الألماني في المادة (1/1) (29) ، فهما لا يطبقان إلا بمقتضى قاعدة الإسناد. كما أن الاتفاقيات الدولية تنص كذلك على الاعتماد على منهج قاعدة الإسناد كاتفاقية فيينا لعام 1980 للبيع الدولي للبضائع (30). لذلك نجد أن الفقيه باتيفول "Batiffol' يؤكد أن القواعد الموضوعية لا تستبعد اللجوء إلى قاعدة الإسناد إلا نادرة، فهناك مسائل لا تنظمها هذه القواعد (31) .

 ويمكن الرد على حجج أصحاب الرأي الأول بما يأتي:

فالحجة القائلة بان من يختار القاضي، يختار قانونه، تعد حجة واهية إذ إن تطبيق المحكم للقواعد الموضوعية بمجرد انعقاد الاختصاص له لا يؤيده الواقع ولا القانون، فالمحكم نفسه لم يتلق اختصاصه ولم يوجد إلا باتفاق الإطراف، فإرادة الأطراف تكون ماثلة في كل ما يقوم به المحكم، فهي الأساس في تطبيق القواعد الموضوعية للقانون التجاري الدولي، ولا يخفى على أحد أنها تعد من قواعد الإسناد. وفي هذا يقول أحد المتخصصين في تحليل أحكام غرفة التجارة الدولية (32)، أن الغرفة لم تقم بتطبيق عادات التجارة الدولية وأعرافها بطريقة آلية ومباشرة بل كانت تلجأ في أغلب الحالات إلى أختيار نظام تنازع القوانين قاعدة الإسناد - التقدير ملاءمته وتختار من خلاله القانون المناسب لحكم النزاع. كما أن في الحالات التي يسكت فيها المتعاقدون عن اختيار قانون مأ، فان المحكم غالبا ما يلجأ إلى قواعد الإسناد الإسناد الرابطة إلى قانون داخلي لسد النقص في عادات التجارة الدولية وأعرافها.

أما بالنسبة لفكرة الاستقبال فهي فكرة خيالية أكثر منها واقعية، ولا توجد إلا في ذهن الفقهاء الذين يدعون إليها(33). إذ أن فكرة الاستقبال تعني أن نظام قانونية معينة يتلقی نظام قانونية آخر، وهذه الفكرة لا يمكن أن تتحقق، لأنه إن كان النظام القانوني للدولة موجودة فان النظام القانوني للقواعد الموضوعية مازال غير كامل بل يعتمد على النظم القانونية الوطنية في إعماله و فعاليته، وحتي على فرض اعتبار منهج القواعد الموضوعية نظاما قانونيا، فان استقبالها في النظام القانوني الوطني الذي يلتزم به القاضي أو المحكم يكون بموجب وسيلة فنية يتم بموجها إدخالها في ذلك النظام القانوني للقاضي أو المحكم وتلك الوسيلة هي قاعدة الإسناد (34).

أما بالنسبة للتطبيق المباشر للقواعد الموضوعية و دون الاستعانة بمنهج قاعدة الإسناد، وعلى الرغم من أنها من أهم أسباب خصوصية هذا المنهج واستقلاله في حل مشكلات العلاقات الخاصة الدولية، فيمكن الرد عليه بأن تطبيق القواعد الموضوعية بشكل مباشر لا يجعل من هذه القواعد بعيدة عن منهج قاعدة الإسناد، إذ أن هذه الصفة في القواعد الموضوعية لا تنفي اعتماد الأخيرة على قواعد الإسناد، فالكثير من النقص والقصور يعتري القواعد الموضوعية في مختلف مصادرها، وهي أن لم تطبق بمقتضى منهج قاعدة الإسناد، فإنها سوف تحتاج إلى هذه القاعدة في إيجاد قانون وطني لحكم ما نقص من مسائل في العلاقات الخاصة الدولية أو في تفسير بعضها. وفضلا عن ذلك فان صياغة النصوص التي تم الاستناد إليها في تبرير التطبيق المباشر، لا تدل على ذلك، بل تدل على الصفة الاحتياطية والتكاملية لعادات التجارة الدولية وأعرافها إلى جانب القانون واجب التطبيق بموجب قاعدة الإسناد.

أما بالنسبة لإرادة الأطراف والاستناد عليها باعتبارها قاعدة مادية من قواعد القانون الدولي الخاص التبرير التطبيق المباشر للقواعد الموضوعية فيمكن الرد عليه بأن هذه الفكرة تجعل من هذه القاعدة المادية تختلط بالقواعد المادية في القانون الدولي الخاص كمنهج وهو منهج القواعد الموضوعية فضلا عن إرادة الأطراف وحريتها في اختيار القانون واجب التطبيق إنما هي قاعدة إسناد، وقد استقرت عليها مختلف النظم القانونية و أدخلتها في تشريعاتها، ولا تخلو القوانين المعاصرة منها كما تنص عليها الاتفاقيات الدولية، مما يعني أن منهج القواعد الموضوعية يعتمد على قاعدة الإسناد في الانطباق وهو ما يعكس التكامل بين المنهجين. |

وبخصوص التشريعات التي أوجبت على المحكم أو القاضي أن يأخذ بنظر الاعتبار عادات التجارة الدولية وأعرافها، فالمتأمل فيها يجد أنها تطبق جنبا إلى جنب مع القوانين الوطنية المعينة بموجب منهج قاعدة الإسناد. لذلك فان علاقة التكامل بين المنهجين هي الأقرب إلى الواقع وتؤيدها النصوص التشريعية والأحكام القضائية وحتى الاتفاقيات الدولية.

___________

1-  ينظر في أصحاب هذا الاتجاه د. محمد عبد الله محمد المؤيد، منهج القواعد الموضوعية في تنظيم العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي ، دار النهضة العربية القاهرة 1998  ، ص 434-431

2- د. محمود محمد ياقوت، حرية المتعاقدين في اختيار قانون العقد الدولي بين النظرية والتطبيق دراسة تحليلية ومقارنة في ضوء الاتجاهات الحديثة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000 ، ص337.

3- . هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990 ، ص228

4- د. محمد عبد الله محمد المؤيد، المرجع السابق، ص 432.

5- د. محسن شفيق، اتفاقية الأمم المتحدة بشأن البيع الدولي للبضائع، دراسة في قانون التجارة الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، من دون منة نشر، ص 29

6- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص 502.

7- إن المبدا أمام القضاء الداخلي الوطني أن قانون القاضي يشكل قانونا أصلية و أحتياطيا ينطبق في حالات كثيرة بدلا من القانون الأجنبي، ينظر في ذلك د. حسام الدين فتحي ناصف، المرجع السابق، ص 37 وما بعدها وص209 وما بعدها

8- د. محمد عبد الله محمد المؤيد، المرجع السابق، ص 37 4-438.  

9- ينظر ص 185-193 من هذه الأطروحة

10- ينظر في فكرة الاستقبال د احمد عبد الكريم سلامة، نظرية العقد الدولي الطليق، الجزء الثاني، المرجع السابق، ص 413.

11- د. محمد عبد الله محمد المؤيد، المرجع السابق، ص 438-434.

12- ومنهم الفقيه " Ph, Kahn ' و 'JM Jacquet و آخرین نقلا عن المرجع نفسه، ص 439.

13- ينظر في تطبيقات الفضاء بخصوص تطبيق عادات التجارة الدولية وأعرافها د. أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، المرجع السابق، ص 166 وما بعدها

14- المادة  (39/3)  من قانون التحكيم المصري رقم (27) لسنة 1994.

15- Decree n°81-500 of 12 May 1981, Official Journal of 14 May 1981, amendment JORF of 21 May 1981 The arbitrator determines the dispute according to rules of law that the parties have chosen; in default of such a choice, in accordance with rules he deems appropriate. He takes into account all customs in commercial activities. These provisions apply only to arbitration agreements entered into as of the 14th May of 1981, D.n%81-500, 12 May 1981.

16-  المادة (9/1) من اتفاقية فينا للبيع الدولي للبضائع لعام 1980.

17- المادة (7/1) من الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي العام 1961،

18-  المادة (21) من اتفاقية عمان للتحكيم التجاري الدولي لعام 1987 .

19- المادة (28/4)  من القانون النموذجي لعام 1985.

20- المادة (17/2) من نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس لعام 1998.

21- إلا أن المحكم الدولي قد يلتزم بإعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تتضمنها بعض القوانين الداخلية المرتبطة أسوة بما يفعله القاضي الداخلى حين يطبق القواعد السائلة في بعض القوانين الأجنبية التي تتصل بالعلاقة العقدية المطروحة. ينظر: د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص205-209 .

22- إلا أن التطور الفقهي الحديث في الاختيار الإرادي لقانون العقد أمام المحكمين هو أن هذا الاختيار لم يعد يستند إلى مطلق إرادة المتعاقدين التي تعلو على هذا التحو فوق القانون، كما كان الحال الذي أنتصار النظرية الشخصية التقليدية في الماضي، وإنما يقوم على قاعدة من قواعد القانون التجاري الدولي ترخص للمتعاقدين أختيار القواعد التي يرونها مناسبة لتنظيم روابطهم العقدية. ينظر: المرجع نفسه، ص 134-135. ونعتقد أن المقصود هنا قاعدة من قواعد القانون الدولي الخاص التي تعطي الحرية للأفراد في اختيار القانون الواجب تطبيقه على النزاع وليس قاعدة من قواعد القانون التجاري الدولي .

23- د. هشام على صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص205-209 .

24- ينظر ص 239-241 من هذه الأطروحة .

25- وهذا هو رأي د. أحمد عبد الكريم سلامة، نظرية العقد الدولي الطليق، الجزء الثاني، المرجع السابق، ص 39.

26- نقلا عن د. محمود محمد یاقوت، حرية المتعاقدين في أختيار قانون العقد الدولي، المرجع السابق، ص338.

27- المرجع نفسه، ص 338.

28- أمثال Oppetit" في مقالة بعنوان تطور القواعد المادية، ص125 و Holleaux et Foyer في مؤلفه القانون الدولي الخاصة ص 340. نقلا عن د. محمد عبد الله محمد المؤيد، المرجع السابق، ص446.

29-  ينظر ص 179 من هذه الأطروحة.

30- المادة (1 ب) من اتفاقية فيينا للبيع الدولي لبضائع لعام 1980.

31- نقلا عن د. محمد عبد الله محمد المؤيد، المرجع السابق، ص 449

32-   Derains' في مقالة بعنوان وضع عادات التجارة الدولية، ص 129. نقلا عن المرجع نفسه، ص : 45

33- د. أحمد عبد الكريم سلامة، نظرية العقد الدولي الطليق، الجزء الثاني، دار النهضة العربية القاهرة 1989، ص 430

34- د. محمد عبد الله محمد المؤيد، منهج القواعد الموضوعية في تنظيم العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي ، دار النهضة العربية القاهرة 1998   ، ص 45.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم