المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تقييم اتجاهات إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي  
  
911   11:11 صباحاً   التاريخ: 18/11/2022
المؤلف : خليل ابراهيم محمد خليل
الكتاب أو المصدر : تكامل مناهج تنازع القوانين
الجزء والصفحة : ص282-292
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

يتبين من الاتجاه الأول الذي يقول بقاعدة إسناد خاصة في إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري انه ينكر على المنهج الأخير خصوصيته واستقلاله عن منهج قاعدة الإسناد، من خلال استناده في المقام الأول إلى معيار للاتصال بين النزاع ودولة القاضي، فهو ينكر على القواعد ذات التطبيق الضروري القدرة على تشكيل منهج مستقل و متميز عن منهج الإسناد التقليدي، استنادا إلى فشل الفقه في التوصل إلى معيار محدد ومرض لتشخيص وتحديد هذه القوانين (1) التي تبدو مفتقدة إلى الانسجام فيما بينها، والتي تتوزع في مجالات شتى، وان تطبيقها ليس مستقلا عن منهج الإسناد، إذ لابد من وجود رابطة بين العلاقة التي يثار بشأنها النزاع وبين القاعدة ذات التطبيق الضروري في دولة القاضي، وهذه الصلة ما هي إلا علاقة إسناد تعد تعبيرا عن منهج قواعد الإسناد، وضرورية في كل الأحوال لتطبيق مثل هذه القاعدة، سواء كانت هذه الرابطة ذات طابع إقليمي أم ذات طابع شخصي، ومن ثم فلا خصوصية لهذه القواعد إلا إذا كانت ضوابط الإسناد المستخدمة لتحديد نطاق تطبيقها تختلف اختلافا جذرية عن تلك الضوابط المستخدمة في منهج الإسناد التقليدي، لا مجرد إقامة لضوابط موجودة مسبقا، أو محاولة استخدامها بشكل جماعي أو اختياري، ولا شك أن استخدام ضوابط جديدة للإسناد يظل أمرأ بعيد المنال (2)، وان القواعد ذات التطبيق الضروري لا يمكن إعمالها أو تحديد حالات ونطاق تطبيقها من حيث المكان بغير الاستعانة بقاعدة إسناد خاصة أو استثنائية، تستعد خصوصيتها من كونها تعمل فقط لمصلحة قانون القاضي، فلا تحدد إلا النطاق المكاني لقانون القاضي دون غيره من القوانين التي على صلة بالنزاع (3).

وحتى مع استناد هذا الاتجاه إلى قواعد إسناد خاصة مفردة الجانب فانه اعملها إعمالا مزدوجا (4) أي تم تفسيرها على أنها مزدوجة أو ذات شقين، بمعنى أنه إذا كانت قاعدة الإسناد الخاصة هذه تقضي بتطبيق القواعد ضرورية التطبيق الوطنية على كل مسؤولية ناشئة عن عمل ضار وقع في إقليم دولة القاضي، فان القواعد الآمرة أو الضرورية الأجنبية يمكن أن يطبقها القاضي الوطني على كل دعوى مرفوعة أمامه بشأن مسؤولية ناشئة عن عمل ضار وقع في إقليم الدولة الأجنبية التي أصدرت تلك القواعد، وبمقتضى الإعمال المزدوج لقاعدة الإسناد الخاصة بالقواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من قانون القاضي، يمكن استخدام ضوابط الإسناد التي تشير إلى تطبيق قانون القاضي، في عقد الاختصاص التشريعي للقواعد الأجنبية ضرورية التطبيق، وهذه الضوابط تقوم أساسا على وجود رابطة جدية بين المسألة محل النزاع والقاعدة ذات التطبيق الضروري سواء في قانون القاضي أم في قانون أجنبي. وهذه الطريقة لا تختلف في رأينا عن منهج قاعدة الإسناد، بل أن منهج القواعد ذات التطبيق الضروري يتبع ذات الآلية وذات الأسلوب المتبع في منهج الإسناد. أو أنه أعتبرها أحادية جزئية تعمل جنبا إلى جنب مع قاعدة الإسناد التقليدية في إطار تكاملي بين المنهجين.

في حين أن الرأي الثاني يعطي استقلالية وذاتية لهذا المنهج من خلال المضمون الذاتي و الجوهري القواعد هذا المنهج، التي تعكس الصفة الآمرة لبعض قواعد قانون القاضي، ومن ثم يكون تطبيقها أمرا لازمة وضرورية ولا تعرض مطلقا أمام القاضي مشكلة الاختيار التي هي من خصائص قاعدة الإسناد ووظيفتها، فلا يوجد أمام القاضي سوى تطبيق تلك القواعد الآمرة في قانونه، مع أن هذا الرأي قد وقع في تناقض وذلك من خلال الاستعانة بقاعدة إسناد مفردة جزئية تحدد حالات تطبيق قانون القاضي، وهو ما يتنافى مع خاصية مهمة من خصائصها وهي التطبيق المباشر لهذه القواعد، هذا من جانب، ومن جانب ثان فليس كل القواعد ذات التطبيق الضروري يحدد المشرع نطاق تطبيقها المكاني، بل أن هناك الكثير منها لا تتحدد في ضوء هذا المعيار الذي بحثه الفقه تحت مسمى المعيار الشكلي (5)، وهو ما عكس فشل الفقه في إيجاد معیار منضبط لتحديد ماهية هذه القواعد، فلجأ أخيرة إلى الهدف منها، فكلما وجدت قواعد تهدف إلى حماية النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أطلق عليها الفقه اصطلاح القواعد ذات التطبيق الضروري (6).

ونعتقد أن قواعد هذا المنهج التي تكون جزءا من قانون القاضي لا تنطبق استقلالا عن منهج قاعدة الإسناد و استخدام آلياته في حل التنازع لذلك نجد أن جانبا من الفقه (7) قد ذهب إلى عدم استقلال منهج القواعد ذات التطبيق الضروري عن منهج قاعدة الإسناد بالقول: "يمكننا أن نقرر بمليء الفيء بان هذه القواعد ... لا يجري تطبيقها استقلال عن قواعد توزيع الاختصاص التشريعي" أي قواعد الإسناد. وقد توصل هذا الجانب من الفقه (8) إلى هذه النتيجة من خلال استخلاصه بان إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري يتم من خلال ضوابط الإسناد، هذا من جانب، وان إعمال هذه الضوابط يتم عن طريق مقتضيات التركيز المكاني الموضوعية المتبعة في منهج الإسناد، من جانب آخر. وسنتناول كلا منهما فيما يلي:

أولا: إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري من خلال ضوابط الإسناد: من خلال الرجوع إلى القواعد ذات التطبيق الضروري نجدها تتطلب لغرض إعمالها على العلاقات ذات الطابع الدولي، أن يكون موضوعها القانوني مركزأ بواسطة ضابط الإسناد الاختصاص التشريعي في إقليم الدولة الصادرة عنها، والأمثلة على ذلك كثيرة

فالقواعد المتعلقة بحماية الأطفال يرتهن تطبيقها حسب ما هو مقرر في قضاء بعض الدول بإقامة الطفل المراد حمايته في إقليم الدولة الصادرة عنها(9)، والقواعد المقررة لما للمصاب في حادث سيارة من الحق في مقاضاة المؤمن مباشرة يفترض تطبيقها تحقق الضرر أو وقوع الحادثة المؤمن من المسؤولية المدنية الناشئة عنها في إقليم الدولة المقررة لهذه القواعد (10)، وإعمال القواعد المقررة لما للمصاب في حادث من حوادث العمل من الحق في اقتطاع التعويض من قبل مصلحة التأمين الاجتماعي أن يتحقق الحادث في إقليم الدولة المقررة لهذه القواعد، أو أن يكون العامل المصاب مقيمة في هذا الإقليم ويعمل لحساب مشروع يتخذ فيه مركز إدارته الرئيسي (11)

لذلك وأمام هذا الأمر الواقع نجد أن أنصار منهج القواعد ذات التطبيق الضروري و القائلين بذاتية هذا المنهج و استقلاله(12) يقررون أن هذه القواعد تخضع في تطبيقها على المراكز القانونية ذات الطابع الدولي لحكم بعض قواعد الإسناد، وان تطبيقها لا يكون فورية إلا بالنظر إلى تطبيق هذه القواعد التي يتحدد مجال تطبيقها من حيث المكان بموجب قواعد الإسناد مصاغة صياغة مزدوجة الجانب، كما يقررون بعدم كفاية تطبيق هذه القواعد التي تشكل جزءا من قانون القاضي بان يكون المركز القانوني موضوع النزاع داخلا في مجال ولاية القاضي الوطني بالفصل في المنازعات ذات الطابع الدولي، بل يلزم كذلك أن يكون هذا المركز القانوني متصلا على نحو كاف بالدولة الوطنية (13)

ولما كانت القواعد ذات التطبيق الضروري تتقيد في تطبيقها على الصعيد الدولي بحكم بعض قواعد الإسناد الخاصة بها، وان وصفها بأنها ذات تطبيق فوري أو مباشر عند من يصفها بهذا الوصف أو وضعها موضع التطبيق لا يقتضي الرجوع إلى قواعد الإسناد التقليدية التي كانت ستطبق أو لا تقرير هذه القواعد، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان التطبيق المباشر أو الفوري يعني تطبيقها استقلالا عن أية قاعدة من قواعد الإسناد، فان تقرير وصف تلك القواعد بأنها ذات تطبيق فوري أو مباشر من شأنه أن يفضي إلى الليس.

وإذا كان أنصار المنهج يعدون المعايير التي يرتهن بتحققها انطباق هذه القواعد لا تتقرر کونها ضوابط للإسناد تسند الاختصاص إليها، بل أنها تشكل "أوجه صلة بين المراكز القانونية وبين الدولة الصادرة عنها تلك القواعد، وهذه الصلة هي التي تبرر تطبيقها وتحدد مجال تطبيقها، فهم يأخذون وجه الصلة على أنه غير مرادف لضوابط الإسناد بل يفرقون بينهما من خلال الاختلاف في الوظيفة التي يقوم بأدائها كل من ضابط الإسناد" و أوجه الصلة" ففي حين يستخدم ضابط الإسناد لتعيين القانون واجب التطبيق، فأن وجه الصلة يقوم بتحديد المجال المكاني لانطباق قانون معين سلفا، ومثل هذه التفرقة لا تقوم على أساس سليم ذلك أن ضابط الإسناد يقوم بوظيفة مزدوجة فهو من ناحية يقوم بتعيين القانون وأجب التطبيق سواء كان وطنية أم أجنبية، وهو من ناحية أخرى يقوم بتعيين المجال المكاني لهذا القانون.

ووظيفة ضابط الإسناد هنا تختلف حسب صياغة قاعدة الإسناد فإذا كانت صياغتها مزدوجة الجانب تكون وظيفتها أداة لتعيين القانون واجب التطبيق، وعندما تصاغ القاعدة صياغة مفردة الجانب تكون وظيفتها أداة لتحديد مجال تطبيق القانون واجب التطبيق من حيث المكان، فضابط الإسناد ووجه الصلة تعبيران مترادفان ويقومان بالوظيفة نفسها، فوجه الصلة يستخدم في تعريف ضابط الإسناد، إذ أن وجه الصلة يعتد به في إدخال مركز قانوني ما في نطاق تطبيق قانون ما هو ما يشكل ضابط الإسناد، كما أن من شأن تحديد المراكز القانونية التي يسري عليها نظام قانوني ما عن طريق ضوابط الإسناد أو أوجه الصلة تحديد نطاق تطبيق هذا النظام من حيث المكان. ولذلك فان ضوابط الإسناد التي يرتهن بتحققها تطبيق هذه القواعد لا تندمج فيها ولا تؤدي وظيفة تختلف عن تلك التي تؤديها ضوابط الإسناد التي يتوقف على تحققها تطبيق غيرها من القواعد القانونية (14).

وإذا كان ثم ذاتية أو خصوصية لضوابط الإسناد التي يتوقف عليها إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري حسب وجهة نظر هذا الجانب من الفقه فانه يتمثل في أن هذه الضوابط ذات طبيعة إقليمية(15)، كما أنها تتعلق بإقليم الدولة الصادرة عنها هذه القواعد، لأنها ترمي إلى كفالة السلام والأمن الاجتماعي في إقليم الدولة الصادرة عنها وتجنب وقوع الاضطرابات العامة فيه، وان هذه الغاية المبتغاة من وراء تقريرها تقتضي أن تكون ضوابط الإسناد التي يتحدد بموجبها مجال تطبيقها على الصعيد الدولي ذات طبيعة إقليمية، وهذا الرأي يخالف من يقول بان هناك ضوابط شخصية يرتهن بتحققها أعمال القواعد ذات التطبيق الضروري كما هو مقرر في القانون البلجيكي الذي يتخذ من انتماء احد طرفي الزواج المختلط إلى بلجيكا الغرض ثبوت الاختصاص لقانون هذه الدولة (16) في شأن قابلية العلاقة الزوجية للانحلال بالتطليق، فهذا الجانب من الفقه لا يعد مثل هذا النص من قبيل القواعد ذات التطبيق الضروري، ذلك أن ثبوت هذا الوصف لنص ما يفترض أن هذا النص يقرر حكمأ موضوعيا على خلاف الأحكام السارية في هذه الدولة للحفاظ على السلام الاجتماعي في الدولة الصادرة عنها، في حين أن نص القانون البلجيكي لا يقرر حكم موضوعية، وإنما يقرر حكما يتعلق بتحديد مجال انطباق بعض القواعد المقررة في هذا القانون في بعض الفروض وذلك على سبيل الاستثناء من الحكم المقرر في ذلك القانون في شأن مجال سريانها من حيث المكان بصفة عامة، وحتى مع التسليم بان هذه الضوابط ذات طبيعة شخصية و أن هذه القاعدة المقررة في القانون البلجيكي تعد من القواعد ذات التطبيق الضروري، فهي ليست من طبيعة شخصية خالصة ذلك أنه إذا كان تطبيق مثل نص القانون البلجيكي يفترض قيام الصفة الوطنية ببعض أطراف النزاع ذي الطابع الدولي فانه يفترض كذلك أن تكون جهة القضاء المطروحة عليها أمر الفصل في هذا النزاع هي جهة القضاء الوطني، ومؤدى ذلك أن هذا الضابط الذي يرتهن بتحققه إعمال مثل هذه القواعد ليست من طبيعة شخصية خالصة إنما هو من طبيعة مزدوجة فتطبيق مثل هذه القواعد المذكورة يرتهن فضلا عن تحقق ضابط من طبيعة شخصية قيام الصفة الوطنية لبعض أطراف النزاع بتحقق ضابط آخر من طبيعة إقليمية هو اتخاذ القضاء المطروح عليه أمر الفصل في النزاع في الدولة الصادرة عنها.

على أن كون الضوابط التي يتحدد بموجبها مجال تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري على الصعيد الدولي يلاحظ في تقريرها اعتبار إقليم الدولة الصادرة عنها هذه القواعد لا يلزم منه بالضرورة أن يتحدد مجال اختصاصها في أنطباقها على المراكز القانونية ذات الطابع الدولي بحدود إقليم الدولة الصادرة عنها، فإذا كانت رهينة ما هو مقرر في دولة القاضي مثلا من قواعد في شأن التأمين الإجباري من حوادث العمل أن يكون العامل المصاب مقيما فيها وهو ما يفترض انه يعمل لحساب مشروع يباشرنشاطه في إقليمها، فان وقوع حادث العمل خارج حدودها لا ينبغي أن يحول دون إعمال تلك القواعد ما دام العامل المصاب ينطبق في شأنه هذا الضابط في ضوابط الإسناد الاختصاص التشريعي الذي يرتهن بتحققه إعمالها (17).

وتعقيبا على هذا الرأي وان كانت اغلب ضوابط الارتباط ذات طبيعة إقليمية فهذا لا ينفي أن تكون هناك ضوابط ارتباط شخصية لتطبيق هذه القواعد، ففي مجال التأمينات الاجتماعية نص المشرع الفرنسي على حالة الانتداب المؤقت في الخارج لحساب أحد المؤسسات التي يقع مركز إدارتها على الإقليم الفرنسي و المنظم بواسطة القانون الصادر في 31 كانون الأول 1979 والذي أدمجت مواده في قانون التأمينات الاجتماعية الحالي في المادتين (ل 762/1- ل 762/4) إذ يظل هؤلاء العمال خاضعين لنظام التأمينات الاجتماعية الفرنسي كما لو كانوا مقيمين في فرنسا ويباشرون نشاطهم على الإقليم الفرنسي وكذلك نص القانون الفرنسي على نظام التأمين الاختياري للعمال الفرنسيين العاملين في الخارج، ضد المرض والعجز و حوادث العمل والأمراض المهنية والشيخوخة وذلك في المادة (ل762/1) وهكذا يطبق قانون التأمينات الاجتماعية الفرنسي خارج حدود الإقليم الوطني بموجب ضابط شخصي هو الجنسية الفرنسية (18).

ونجد مثل هذا الحكم في التشريع المصري إذ نص المشرع المصري في القانون رقم (50) لسنة 1978 في المادة الأولى منه على أن يكون العاملين المصريين في الخارج من غير الخاضعين لأحكام القانونين رقمي (79) لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي و (108) لسنة 1976 بالتأمين على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم حق طلب الانتفاع بأحكام القانون المرافق طالما توافرت في شأنهم الشروط التي يحددها (19). ونجد أن المشرع العراقي في مجال التأمينات الاجتماعية قد تجاوز حدود الإقليم العراقي لتسري بعض أحكامه على العمال العراقيين خارج القطر، إذ أن كل عراقي يعمل خارج القطر يكون مشمولا بفرع التقاعد المنصوص عليه في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (39) لسنة 1971 وفق شروط معينة(20).

ثانيا: مقتضيات التركيز المكاني الموضوعية: يتبين من خلال ما سبق أن القواعد ذات التطبيق الضروري لا تستطيع بذاتها تحديد مجال تطبيقها من حيث المكان، وان تحديد هذا المجال لا يأتي بغير تقرير بعض المعايير التي تشكل ضوابط لإسناد الاختصاص إلى تلك القواعد، ومؤدى هذه النتيجة أن تحديد مجال تطبيق هذه القواعد ينتج عن إعمال الأسلوب نفسه الذي يستعان به في تحديد مجال تطبيق غيرها من القواعد القانونية على الصعيد الدولي، ألا وهو أسلوب التركيز المكاني الموضوعي للمراكز القانونية ذات الطابع الدولي، إذ أنه وبالنظر في المجال المحدد لتطبيق هذه القواعد التي تشكل جزءا من القانون الوطني نجد أن هذا المجال قد رسمت حدوده بمراعاة مقتضيات التركيز المكاني الموضوعية للمراكز القانونية ذات الطابع الدولي (21)، فهي ولغرض تطبيقها على الصعيد الدولي يفترض أن تكون المراكز القانونية موضوعها مركزة في إقليم الدولة الصادرة عنها، ذلك أنه لما كانت هذه القواعد مقررة بقصد تجنب المجتمع الوطني من الاستهداف لبعض الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، كان لابد وان تكفل لهذا التطبيق اتصال المراكز القانونية على نحو معين بإقليم دولة هذا المجتمع، ومن هنا كان يتعين اقتطاع المراكز القانونية موضوع تلك القواعد من الفكرة المسندة التي كانت تشكل قبل تقريرها جزءا منها. ونتيجة لذلك فانه حيث لا يتوافر المعيار الذي يرتهن بتحققه تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري الوطنية ذات المضمون الاستثنائي فإنه لا يكون هنالك محل لتطبيق هذه القواعد مهما بلغت درجة وثاقة الصلة للمركز القانوني موضوع النزاع بالدولة الصادرة عنها (22) .

ويستطرد هذا الجانب من الفقه بالقول: إذا كانت هناك بعض الأمثلة تثبت مجال تطبيق بعض القواعد ذات التطبيق الضروري الذي قد يتحدد بالخروج على مقتضيات التركيز المكاني الموضوعية للمراكز القانونية ذات الطابع الدولي، كالقانون الفرنسي الصادر في سنة 1966 في شأن استئجار السفن والنقل البحري الذي ينص في ما يتعلق بتحديد مجال تطبيقه أن ينطبق على كل نقل يتم من أحد الموانئ الفرنسية و انتهائه إليها شريطة أن لا يكون هذا النقل خاضعا لاتفاقية دولية تكون فرنسا طرفا فيها ذلك أن مقتضيات التركيز المكاني كانت تستلزم هنا بمعيار الشحن من أحد الموانئ الفرنسية (23).

وإذا كانت مقتضيات التركيز المكاني الموضوعية للمراكز القانونية ذات الطابع الدولي تستلزم أن يقتصر نطاق تطبيق القانون الفرنسي الذي يتعلق بالنظام المالي للزوجين (24) على الأزواج المتوطنين في فرنسا فان هذا الحكم يمتد نطاق تطبيقه إلى كل زوجين يحملان الرعوية الفرنسية أيما كانت الدولة التي يتوطنان أو يقيمان فيها ومن قبيل ذلك أيضا اتفاقية لاهاي 1972 بشأن حوادث السيارات (25) التي أجازت للمصاب في حادث من حوادث السيارات وخروجا على قاعدة إخضاع حقه في مقاضاة المؤمن مباشرة لقانون البلد الذي وقع فيه الحادث، وهي القاعدة التي تستلزم تقريرها مقتضيات التركيز المكاني ذات الطابع الدولي، أن يتمسك بشأن قبول دعواه المباشرة التي يقيمها على المؤمن، أو في شأن توافر الصفة في رفع هذه الدعوى لديه، بالقانون الذي يحكم عقد التأمين الذي جرى بين المدعى عليه في هذه الدعوى وبين صاحب السيارة الذي تسبب في إلحاق الأذى به.

إلا أن الخروج عن مقتضيات التركيز في هذه الأمثلة من وجهة نظر هذا الجانب من الفقه - كان نتيجة الحرص من الاستفادة من أحكام هذه القواعد في الحالات التي لا يتقرر حكمها في الدول الأخرى، هذا من جانب، ومن جانب آخر فهي تشكل استثناء من الأصل وهو الالتزام بتحديد مجال تطبيق هذه القواعد تطبيق يراعي مقتضيات التركيز المكاني فهي أمثلة محدودة قياسا بالأمثلة التي تضرب بشأن إتباع مقتضيات التركيز المكاني، كما أنه لو صح للمشرع الوطني أنه لا يراعي مقتضيات التركيز المكاني للمراكز القانونية ذات الطابع الدولي لحدد لكل ما يقرره من هذه القواعد مجالا للتطبيق على الصعيد الدولي، إلا أنه لم يفعل ذلك إلا في حالات قليلة أن لم تكن نادرة، لذلك يمكن استخلاص عدم رغبته بالخروج عن مقتضيات التركيز المكاني الموضوعية للمراكز القانونية ذات الطابع الدولي لدي تحديد مجال تطبيقها من حيث المكان لاسيما وانه في معظم الحالات التي قام فيها بتحديد مجال تطبيق تلك القواعد على الصعيد الدولي تقيدت بهذه المقتضيات (26)

ولهذا نجد أن الرأي الراجح في الفقه المصري (27) وفي الفقه الغربي(28) يستند إلى قانون مكان مباشرة العمل في مجال التعويض عن إصابات العمال، الان مباشرة العمل على الإقليم الوطني يشكل الرابطة الضرورية التي تفتح الباب أمام إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري لقواعد التأمينات الاجتماعية الوطنية، فمكان تنفيذ العمل هو ضابط الإسناد في قاعدة الإسناد الانفرادية لمصلحة القانون الوطني الخاص بالتأمينات الاجتماعية وتجعله وحده مختصا بحكم المسؤولية عن التعويض عن إصابات العمل (29).

وإذا كان الرأي السابق قد خلع عن هذا المنهج ذاتيته واستقلاله عن منهج قاعدة الإسناد، فهناك جانب آخر من الفقه(30) انتقد الانفرادية التي بموجبها يتم إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري كونها توصف بالتعقيد والغموض نتيجة جعل مذهب الانفرادية مدخلا أساسيا في بنائها الهيكلي، ويذهب هذا الجانب من الفقه إلى أن الأمر إذا كان يخول امتیازة للقانون الوطني أو ارجحية في التطبيق على كل قانون أجنبي، فان منهجية قاعدة الإسناد المزدوجة يمكن أن تصل إلى هذه النتيجة في تحقيق مثل هذا الامتياز والارجحية للقانون الوطني دون الاستناد إلى الانفرادية

فلو نظرنا إلى التشريع العراقي على سبيل المثال تبرز هذه القدرة في ظل منهج قاعدة الإسناد المزدوجة، فقواعد الإسناد التي تبناها هذا التشريع قد صيغت على أساس مزدوج(31). أي بما يسمح بحسب الأحوال إما بتطبيق القانون العراقي أو القانون الأجنبي إلا أن المشرع العراقي لم يتردد في ظل هذه الازدواجية من تقرير أرجحية في التطبيق للقانون العراقي على القانون الأجنبي في بعض الحالات التي قدر فيها أن الصلة بين العلاقة القانونية وبين النظام القانوني العراقي قد بلغت حدا من التميز الذي لا يحتمل معه تطبيق قانون أجنبي في شأن تلك العلاقة. |

فعلى سبيل المثال إذا كانت الحالة المدنية للأشخاص و أهليتهم تخضع من حيث المبدأ لقانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم (32)، فان استثناء من ذلك إذا كان الأمر يتعلق بتصرف مالي عقد في العراق وترتبت آثاره فيه وكان أحد الطرفين أجنبيا ناقص الأهلية ويرجع نقص أهليته إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الأخر تبينه فأن هذا السبب لا يؤثر في أهليته(33)، ففي هذا الاستثناء على قاعدة الإسناد المزدوجة تقوم المصلحة الوطنية وحماية التعامل سندأ بمقتضى النص الصريح في تعطيل حكم القانون الأجنبي الذي من شأنه لو كان قد طبق بواسطة القاضي الوطني إيطال التصرف بسبب نقص أهلية الطرف الأجنبية (34).

وإذا كان النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات و غيرها تخضع كمبدأ عام بموجب قاعدة الإسناد المزدوجة لقانون الدولة التي يوجد فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي(35) ، فاستثناء من ذلك إذا باشرت تلك الأشخاص نشاطها الرئيسي في العراق فان القانون العراقي هو الذي يسري (36). فهذا الاستثناء يعطي الأرجحية في التطبيق للقانون العراقي نتيجة للصلة الوثيقة بين الشخص الاعتباري الأجنبي والدولة العراقية بسبب مباشرة هذا الشخص الأجنبي نشاطه في العراق.

وإذا كانت الشروط الموضوعية الصحة الزواج تخضع كقاعدة عامة لقانون جنسية كل من الزوجين (37) فاستثناء من ذلك إذا كان أحد الزوجين عراقية وقت انعقاد الزواج فان القانون العراقي هو الذي يسري (38). باستثناء الأهلية التي تبقى خاضعة للقانون الشخصي بموجب المادة  (18/1) من القانون المدني العراقي الذي يعد نصة خاصة يقيد النص العام الوارد في المادة (19/5)  من القانون المدني العراقي (39). وإذا كانت الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من اثر بالنسبة إلى المال يسري عليه قانون جنسية الزوج وقت الزواج (40)وكذلك الطلاق والتطليق والانفصال تخضع لقانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى (41)  فان احد الزوجين إذا كان عراقيا فان القانون العراقي هو الذي يسري(42) فهنا جاء تدخل المشرع العراقي لترجيح القانون العراقي كلما كان أحد الزوجين عراقيا رعاية القواعد القانون العراقي في شأن الزواج.

وإذا كانت القاعدة العامة في القانون العراقي تقرر خضوع الالتزامات غير التعاقدية لقانون الدولة التي وقع فيها الفعل المنشئ للالتزام (43) فانه و استثناء من ذلك فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن الفعل الضار فان تلك القاعدة العامة لا تسري على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في العراق وان كانت غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه(44). فالاستثناء هنا مقرر لصالح القانون العراقي بحيث يمتنع التعويض في العراق عن الفعل الضار إذا كان ميناه واقعة حدثت في الخارج يعدها القانون الأجنبي المختص أصلا غير مشروعة بينما يعتبرها القانون العراقي مشروعة، على اعتبار أن إلحاق وصف المشروعية بواقعة من الوقائع أو نفي هذا الوصف عنها أمر يتعلق بالنظام العام، ومن ثم يتعين في هذا المقام عدم إفساح المجال للقانون الأجنبي للبت في هذه النقطة على حساب القانون العراقي (45)  .

فهذه الأمثلة في القانون العراقي، وغيرها من القوانين، تبين بوضوح أن منهجية الإسناد القائمة على أسلوب قاعدة الإسناد المزدوجة يمكنها دون حرج أن تأخذ في الاعتبار، وفي إطار هذه المنهجية ذاتها ما قد يراه المشرع الوطني من استثناءات ملائمة تتقرر لمصلحة القانون الوطني تبنى على اعتبارات تقررها السياسة التشريعية وظروف النظام القانوني الوطني، أي أن منهجية قاعدة الإسناد المزدوجة لا تعجز عن تقرير أختصاص القانون الوطني بموجب أستثناءات تقوم على الاعتبارات المذكورة آنفا، ودون حاجة إلى قلب الأمور بما تفعله منهجية القواعد ذات التطبيق الضروري من جعل الاستثناء أصل، والأصل استثناء. فهذه الأمثلة تدلل على أن منهجية الإسناد و دون المساس بالأصل العام في ازدواجيتها تستطيع أن تستوعب في داخلها الحالات المختلفة التي قد تبدوا فيها المسألة القانونية على قدر من الصلة والارتباط بالنظام القانوني الوطني الذي يستوجب بالنسبة لها الاستثناء على هذا الأصل العام، أي على الوجه الذي يرجح تطبيق القانون الوطني عليها. وبتعبير آخر فان منهجية الإسناد تستطيع بإمكانيتها الذاتية أن تحجز للقانون الوطني مكانة راجحا في التطبيق بالنسبة لتلك الحالات الاستثنائية دون حاجة إلى إقامة نظرية عامة في الانفرادية تجعل من القانون الوطني أساسا في الانطلاق داخل هياكل غامضة غير محددة المعالم سواء سميت بالقواعد ذات التطبيق الضروري، أم الأمن المدني، أم ذات التطبيق المباشر، أم غيرها من المسميات، بل أن منهجية قاعدة الإسناد المزدوجة تستطيع أن تحتضن في داخلها الأسلوب الانفرادي الذي يراد التوصل بموجبه إلى تحقيق ما تستهدفه السياسة التشريعية للنظام القانوني الوطني من تقرير ارجحية في تطبيق القانون الوطني، بل أن منهجية قاعدة الإسناد يمكنها أيضا في إطار تلك السياسة التشريعية أن توجه هذه الارجحية لمصلحة القانون الأجنبي في بعض الحالات أو المسائل وذلك استثناءا على خضوعها بحسب الأصل لقانون وطني(46).

ومن الأمثلة على ذلك ما ينص عليه القانون المدني العراقي (47) من أن أقواعد الاختصاص وجميع الإجراءات يسري عليها قانون الدولة التي تقام فيها الدعوى أو تباشر فيها الإجراءات". فهذه القاعدة راسخة لدى الفقه والقضاء و منصوص عليها في التشريعات (48) بخضوع إجراءات المنازعة ذات الطابع الدولي القانون الدولة المرفوع أمامها محاكمها الدعوى، وسند هذه القاعدة في المفهوم الغالب هو أن قواعد المرافعات والإجراءات وثيقة الصلة بالنظام القانوني الوطني، إذ تتعلق بتنظيم وتيسير مرفق عام في الدولة وهو مرفق القضاء، ومن ثم وجب تطبيق قانون القاضي المرفوع أمامه الدعوى بشأن هذه الإجراءات بل أن بعض الفقه (49) عدها من قواعد البوليس أو القواعد ذات التطبيق الضروري فلا تحتمل تنازع بین القوانين، إذ تطبق مباشرة على سائر الدعاوي المرفوعة أمام محاكم الدولة دون تصور الإمكان أمتثال القاضي الوطني لإجراءات يقررها قانون أجنبي كونها تحمل الطابع المرفقي لقواعد المرافعات و اتصالها العميق بكيان الدولة وتنظيم مرفقاتها.

إلا أن ذلك لم يمنع من استخدام قاعدة الإسناد المزدوجة لهذه القاعدة، فقاعدة الإسناد هذه تسمح بالتطبيق الانفرادي للقانون العراقي على إجراءات المرافعات كلما كانت هذه الإجراءات تباشر في العراق، كما أنها تسمح بالوقت نفسه بالاعتداد بالقانون الأجنبي المتعلق بالإجراءات كلما تطلب الأمر في إطار النظام القانوني الوطني مراقبة سلامة الإجراءات التي تمت أو بوشرت في الخارج، وهذا ما يحدث علی وجه الخصوص في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية في العراق إذ يتطلب القانون العراقي (50) لغرض تنفيذ الحكم الأجنبي في العراق أن يكون الحكم قد صدر طبقا لقواعد الاختصاص الدولي المقرر في قانون الدولة الأجنبية وأن يكون الحكم قد حاز درجة البتات وفق قانون الدولة التي أصدرتها (51) .

ويتضح مما سبق أن الآراء السابقة قد توصلت إلى أن القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من النظام القانوني القانون القاضي لا تنطبق إلا بمقتضى منهج الإسناد، أو أن منهج قاعدة الإسناد يكفي لإعمال قواعد قانون القاضي وإعطائه الأرجحية من دون حاجة إلى منهج القواعد ذات التطبيق الضروري

ومع ذلك فإننا نعتقد كفاية إعمال منهج قواعد الإسناد المزدوجة وبعض آلياته کالدفع بالنظام العام في إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من النظام القانوني لقانون القاضي، فلو كان القانون واجب التطبيق قانونا أجنبية بمقتضى منهج قاعدة الإسناد وكان هذا القانون يتعارض مع قاعدة من القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي فان بإمكان القاضي الدفع بالنظام العام بخصوص هذه القواعد ومن ثم تطبيق قواعد قانونه على النزاع، مع بقاء القانون واجب التطبيق بموجب قواعد الإسناد ليحكم بقية جوانب النزاع (52)، وهذا ما قررته أحكام القضاء.

ذلك أن قصور الدفع بالنظام العام والذي كان أحد أسباب ظهور منهج القواعد ذات التطبيق الضروري لم يكن بصدد القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من قانون القاضي، بل كان قصوره يتمثل بعدم قدرته على جلب الاختصاص للقواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية التي لا تشكل جزءا من القانون واجب التطبيق بمقتضى قاعدة الإسناد، ومن ثم فان الدفع بالنظام العام لا يكون قاصرا في إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي أما ما ذهب إليه أنصار هذا المنهج أمثال الفقيه فرانسيسكاكيس "Francescakis' من أن تخويل القاضي سلطة التطبيق المباشر للقواعد الآمرة الوطنية ومن بينها القواعد ذات التطبيق الضروري يرجع إلى مبرر عملي هو الاقتصاد في الإمكانيات والوسائل المتاحة، على أساس أن التطبيق المباشر لقاعدة آمرة في قانون القاضي يجنبها مزاحمة قانون أجنبي، فبدلا من رجوع القاضي الوطني للقانون الأجنبي بموجب منهج قاعدة الإسناد، واستبعاده بعد ذلك بأسم النظام العام، فيما لو تضمن حكمة مخالفة للحكم المقرر في القانون الوطني، فالأولى بالقاضي أن يلجأ إلى إعمال القاعدة الوطنية منذ البداية بخصوص المسائل التي تدخل في نطاق سريانها، ثم يلجا بعد ذلك إلى إعمال القانون واجب التطبيق بموجب قاعدة الإسناد، على جوانب النزاع الأخرى التي لا تدخل في هذا النطاق، ومن ثم فان هذا الأمر يوفر جهد ووقتا للقضاء  (53)

إلا أننا نرى أن مسألة اختلاف آلية إعمال كلا المنهجين وفقا للرأي المذكور آنفا على اعتبار أن القواعد ذات التطبيق الضروري تنطبق بغض النظر عن القانون واجب التطبيق بمقتضى منهج الإسناد، ليست ذات أهمية في هذا الخصوص، ذلك أن بإمكان القاضي وعن طريق الدفع بالنظام العام التوصل إلی ذات النتيجة، بل قد لا يلجأ إلى الدفع بالنظام العام إذا كان القانون الأجنبي و أجب التطبيق بموجب قواعد الإسناد المزدوجة قد تضمن القواعد ذات التطبيق الضروري نفسها الموجودة في قانون القاضي، هذا من جانب. ومن جانب آخر يمكن طرح التساؤل الآتي: ماذا لو تضمن القانون الأجنبي قاعدة من قواعد التطبيق الضروري وكانت أكثر حماية و أكثر ملاءمة من تلك الموجودة في قانون القاضي؟. كالحماية التي تتقرر في مجال الالتزامات التعاقدية للمتعاقد الضعيف على سبيل المثال؟ إلا يكون التطبيق المباشر لقانون القاضي حرمانا لهذا المتعاقد من الحماية الأكبر المقررة في القانون الأجنبي؟. نعتقد أن تطبيق القانون الأجنبي سيكون أفضل لهذا المتعاقد من تطبيق القانون الوطني بما يتضمنه من قواعد آمرة ذات تطبيق ضروري (54) .

وملخص القول لو كانت التشريعات لا تقر تطبيق القواعد الضرورية في القانون الأجنبي غير المختص بموجب منهج الإسناد، وكذلك القضاء كما سنرى، لما كنا بحاجة إلى هذا المنهج أصلا لكفاية الدفع بالنظام العام في هذا المجال بل انه يكون أفضل من منهج القواعد ذات التطبيق الضروري فيما لو تضمن هذا القانون حماية أفضل للمتعاقد الضعيف (55) .

وفي هذا الصدد ذهب جانب من الفقه(56) إلى القول: "لطالما أن منطق هذه النظرية يستبعد كلية إمكانية التزاحم بين قانون القاضي والقانون الأجنبي الذي كان يمكن تطبيقه باعتباره قانون العقد، فان هذا القانون الأجنبي سوف يستبعد حتى بالنسبة لما قد يتضمنه من أحكام أكثر رعاية للعامل من تلك المقررة في القانون الوطني، وهكذا يبدوا واضحا من هذا المثال أن منطق التطبيق الضروري والتدخل الوقائي والحلول المسبقة يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية قد تتعارض مع الهدف الأصلي الذي يبتغيه النظام القانوني الوطني". ولهذا نجد أن جانبا من الفقه (57) يذهب إلى القول: لو نظرنا إلى القواعد ذات التطبيق الضروري التي تنتمي إلى قانون القاضي المعروض عليه النزاع، أو تلك التي تنتمي إلى القانون المختص بمقتضی قاعدة الإسناد، فانه لا يبدو لنا أن هناك ذاتية مؤكدة لهذه القواعد في هذا الصدد، إذ أن هذه القواعد تختلط وتتساوى مع غيرها من القواعد الآمرة التي تقوم في المقام الأول على مبدأ الإقليمية، نظرا لان القاضي يكون متعينا عليه إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تنتمي إلى نظامه القانوني الوطني، متى كانت هذه القواعد الازمة الفصل في النزاع، ولو لم تكن على صلة وثيقة به، كما أن عليه أيضا إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري إذا كانت تنتمي إلى القانون المختص بموجب منهج قاعدة الإسناد، طبقا لفكرة الإسناد الإجمالي، دون أهمية التفرقة بين ما إذا كانت القاعدة الآمرة التي يلتزم بتطبيقها من القواعد ذات التطبيق الضروري التي يربط بين مضمونها وأهدافها وبين نطاق تطبيقها صلة وثيقة أم أنها ليست كذلك.

والذي يؤيد وجهة النظر هذه ما ذهب إليه جانب آخر من الفقه(58) من أن القاضي عندما يطبق قاعدة آمرة في قانونه الوطني أو في القانون المختص بموجب منهج قاعدة الإسناد، فإنما يطبق قاعدة آمرة عادية ليس لها أي خصوصية حتى ولو كانت هناك صلة عقلانية وثيقة تربط بين مضمونها وأهدافها وبين نطاق تطبيقها، إذ أن هذه القاعدة الآمرة ليست في حاجة إلى أي وصف يلحق بها وذلك بوصفها قاعدة بوليس أو قاعدة ذات تطبيق ضروري إلى آخر هذه الأوصاف، إذ لا يهم القاضي أن تكون هذه القاعدة الآمرة التي يلتزم بتطبيقها على النزاع، من قواعد البوليس أو ليست كذلك متى كانت هذه القاعدة تنتمي إلى قانونه الوطني أو إلى القانون المختص بمقتضى قاعدة الإسناد، فالذي يهمه هو أنه أمام قاعدة آمرة ملزم بتطبيقها تنفيذا لأمر مشرعه. ولهذا يذهب جانب من الفقه (59) إلى أن قواعد البوليس

____________

1- ينظر في الاختلاف حول هذه المعايير ص 144 من هذه المصدر.

2- د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص283 وما بعدها.

3- ينظر في عرض هذا الاتجاه د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص 284

4- د. حفيظة العميد الحداد، مقارنة بين القانون المدني الفرنسي والقانون المدني المصري بشأن نصوص تنازع القوانين من حيث المكان، دراسة تحليلية وانقادية ، مجلة الدراسات القانونية ، تصدر عن كلية الحقوق في جامعة بيروت العربية العدد ، 2005  ، ص 170؛ د. هشام علي صادق، تنازع القوانين، الطبعة الثالثة منشأة المعارف الاسكندرية 1974 ، ص 12.

5- ينظر في المعيار الشكلي د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990 ، ص 636 د. محمود محمد ياقوت، قانون الإرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق، دراسة تحليلية وتطبيقية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003 ، ص 71؛ وينظر: محمود محمد ياقوت، حرية المتعاقدين في اختيار قانون العقد الدولي بين النظرية والتطبيق دراسة تحليلية ومقارنة في ضوء الاتجاهات الحديثة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000 ، ص200؛ د. أ أحمد عبد الكريم سلامة، القواعد ذات التطبيق الضروري، وقواعد القانون العام في القانون الدولي الخاص ، دراسة تحليلية مقارنة ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1985 ، ص 51؛ وينظر كذلك:

Yvon Loussouam et Pierre Bourel, Op., Cit. P124-125.                 

6- د. عكاشة محمد عبد العال، قانون العمليات المصرفية الدولية، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية 1994    ، ص 198-199.

7-  د. عنایت عبد الحميد ثابت، ذاتية أو عدم ذاتية قواعد تأمين المجتمع في نطاق فض تداخل مجالات انطباق القوانين ذي الطابع الدولي ، بحث منشور في المجلة المصرية للقانون الدولي تصدرها الجمعية المصرية للقانون الدولي المجلدالثامن والاربعون القاهرة 1992 ، ص 111,

8-  المرجع نفسه، ص 10 وص121؛ مع الإشارة إلى أنه يستخدم مصطلح قواعد تأمين المجتمع ذات المضمون الاستثنائي" بدلا من مصطلح القواعد ذات التطبيق الضروري.

9- و هو القضاء الفرنسي و ينظر بخصوصه المرجع نفسه، ص 119. وقد أشار إلى القرار بن الآتيين:

Cour Intern. Justice, La Haye, 28 nov. 1958 (affaire Boll), Rev. crit. Dip., 1958, p. 713 ets., surt. P 714. Cass. Civ. (france), 27 oct. 1964, (affaire Moro), Rev. crit dip., 1965, P119 ets.

10- ينظر المادة (9) من اتفاقية لاهاي للقانون واجب التطبيق على حوادث السيارات لعام 1972 والاتفاقية منشورة على الموقع الأتي:

Convention of 4 May 1971 on the Law Applicable to Traffic Accidents. http://www.hoch.net/index_en.php?act=conventions.text&cid=81

تاریخ زيارة الموقع 5/ 12/ 2011

11- من قبيل قوانين البوليس ذات الارتباط الإقليمي القانون الفرنسي المتعلق بحوادث العمل الصادر في 9 نيسان 1898 فهو قانون بوليس و أمن ومن ثم فانه يكون ملزمة لكل القاطنين في الإقليم الفرنسي من عمال وأرباب عمل بغض النظر عن جنسيتهم، ومن ثم إذا وقع الحادث على الأراضي الفرنسية فانه يخضع بصفة تلقائية للقانون الفرنسي، وفي المقابل لا يمكن لهذا القانون الامتداد خارج الإقليم  الفرنسي فهو لا يطبق على حوادث العمل التي تقع خارج فرنسا لعمال فرنسيين إذ في هذه الحالة تخضع هذه الحوادث القانون الأجنبي بصفته قانون مكان وقوع الحادث. ينظر: د. جابر جاد عبد الرحمن، القانون الدولي الخاص العربي، تنازع القوانين، الجزء الثالث، معهد الدراسات العربية العالية، جامعة الدول العربية، من دون مكان نشر، 1960 ، ص110 و 115. ونعتقد أننا لا نحتاج هذا الوصف هذا القانون بقانون بوليس حتى نطبق القانون الفرنسي إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار قاعدة الإسناد التقليدية التي تقضي بتطبيق قانون مكان الحادث فهذا أيضا يطبق القانون الفرنسي إذا وقع الحادث في فرنسا .

12- من أمثال فرانسيسكاكيس "Francescakis ودي نوفا R De Nova وكرانيش P Graulich" وكاركيلو J. P. Karaqllo نقلا عن د. عنايت عبد الحميد ثابت، ذاتية أو عدم ذاتية قواعد تأمين المجتمع، المرجع السابق، ص111

13- و على العكس من هذا الرأي يذهب الدكتور هشام علي صادق إلى القول بان إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تنتمي القانون القاضي لا يتوقف على وجود صلة عقلانية بين مضمون القاعدة وأهدافها، من ناحية ونطاق تطبيقها من ناحية أخرى، فالقاضي ملزم بإعمال كافة القواعد ذات التعليق المباشر في قانونه بغض النظر عن هذه الصلة. ينظر: د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990 ، ص 672.

14-  د. عنایت عبد الحميد ثابت، ذاتية أو عدم ذاتية قواعد تأمين المجتمع، المرجع السابق، ص108-115.

15- يقول الفقيهان لوسوروان وبوريل أن (15%) من معايير الارتباط التي جرى الاستناد عليها لتحديد القوانين الضرورية هي معايير من طبيعة إقليمية، مثل محل إقامة الشخص في دولة ما، أو وجود المال فيها، أو إبرام التصرف فيها، أو حدوث الفعل على إقليمها. ينظر:

Yvon Loussouarn et Pierre Bourel, Op. cit., P133.                         

وينظر كذلك د. أحمد قسمت الجد أوي، نظرية القوانين ذات التطبيق الضروري، المرجع السابق، ص 24 إلا أن هذا لا ينفي وجود معايير شخصية كالجنسية إذ يجري الاستعانة بها للكشف عن الارتباط المقصود في مجال القواعد ضرورية التطبيق، ومثال ذلك القانون البلجيكي الصادر في 27 حزيران 1960 والذي بموجبه يحكم القانون البلجيكي كل طلاق يقع بين زوجين أحدهما متمتعة بالجنسية البلجيكية.

16-  ومن الأمثلة على هذا النص في القانون العراقي المادة (19/5)  من القانون المدني العراقي؛ والمادة الثانية من مدونة الأسرة المغربية المذكورة آنفا في ص 280 من هذه الأطروحة.

17- د. عنایت عبد الحميد ثابت، ذاتية أو عدم ذاتية قواعد تأمين المجتمع، المرجع السابق، ص119-120

18- نقلا عن د. جابر جاد عبد الرحمن، القانون الدولي الخاص العربي، تنازع القوانين، الجزء الثالث، معهد الدراسات العربية العالية، جامعة الدول العربية، من دون مكان نشر، 1960 ، ص 330.

19- وقد حددت اللائحة التنفيذية لهذا القانون الفئات التي تخضع لإحكامه، وهم العاملون المرتبطون بعقود عمل شخصية، والعاملون الحساب أنفسهم، والعاملون بوحدات المنظمات الدولية والإقليمية داخل جمهورية مصر العربية، المرتبطون معهم بعقود عمل شخصية ، وأخيرا بعض فئات المهاجرين المحتفظين بالجنسية المصرية، فمتى انظم هؤلاء العمال إلى نظام التأمين الاختياري فأنهم يخضعون القانون التأمينات الاجتماعية المصري على الرغم من قيامهم بأعمالهم خارج الإقليم المصري، ومن ثم لم يعد قانون التأمينات الاجتماعية قاصرة على الإقليم الوطني، و إنما يعد تطبيقه إلى خارج الإقليم، مما يؤكد غياب الإقليمية المطلقة. ينظر: د. جابر جاد عبد الرحمن، القانون الدولي الخاص العربي، تنازع القوانين، الجزء الثالث، معهد الدراسات العربية العالية، جامعة الدول العربية، من دون مكان نشر، 1960 ، ص  329

20- الأول: أن لا يتقاضى أو يستحق رائعة تقاعدية بموجب أي قانون من قوانين التقاعد أو الضمان الاجتماعي العراقية. والثاني: أن يكون حاصلا على جواز سفر ثالث المفعول أو أي مستند رسمي يقوم مقامه. والثالث: أن لا يكون في البلد الذي يعمل فيه العراقي أوانين للتقاعد والضمان الاجتماعي يحصل بمقتضاه على راتب تقاعدي عند انتهاء خدمته بسبب العجز أو الشيخوخة أو الوفاة. ينظر: قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (294) في 1974/3/17

21- ينسب غالبية الفقه نظرية التركيز في ثوبها الحالي إلى الفقيه الفرنسي باتيفول Batifol' وأن كانت جذورها تعود إلى الفقيه الألماني ساقيني Savigny" ويطلق

عليها الفقه النظرية الموضوعية أو ما يمكن تسميته بالإسناد الموضوعي لاعتمادها في إسناد العقد إلى قانون معين على ظروف موضوعية، وتقوم هذه النظرية على إهدار كل دور للارادة في اختيار القانون واجب التطبيق على العقد فالدور الحقيقي لإرادة المتعاقدين وفقا لمفهوم تلك النظرية هو تركيز العقد في دولة معينة في ضوء عناصر العلاقة والظروف المحيطة بها، إذ أن الأطراف يقومون بتركيز العقد في مكان ما وذلك عن طريق مجموعة من العناصر يستخدمها القاضي التركيز العلاقة القانونية محل البحث كمكان إبرام العقد ومكان تنفيذه وجنسية الأطراف ولغة العقد إذ يجب البحث في كل العناصر لمعرفة أين يتركز العقد و بيان مرکز تقله ليطبق قانون ذلك المكان، و أختيار الأطراف لا يكون سوى عامل من عوامل التركيز إذ لا يستطيع وحده اختيار هذا القانون. ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص 199–197. و أن كانت هذه النظرية قد ظهرت في المجال العقدي فقد تم استعارتها للبحث عن القانون واجب التطبيق لمختلف العلاقات.

22- د. عنایت عبد الحميد ثابت، ذاتية أو عدم ذاتية قواعد تأمين المجتمع، المرجع السابق، ص 122.

23- ينظر بخصوص هذه المادة:

Yvon Loussouarn et Pierre Bourel, Op., Cit., P125-126.                

24- تنص المادة (1397) من القانون المدني الفرنسي على حق الزوجين بتعديل نظامهم المشترك وفق شروط معينة، إذ يمكن للزوجين بالتفافهم المشترك تعديل نظامهم المالي وذلك بإثبات التعديل أمام الموثق و اعتماده من المحكمة التابعين لها بحكم موطنهم، والتي تقدر ما إذا كان التعديل يتفق مع مصلحة العائلة من عدمه، بعد أن كان المبدا التقليدي يقضي بثبات المشارطة المالية للأزواج وعدم قدرتهم على تعديله، وقد جرى القضاء الفرنسي على أن مسألة ثبات المشارطات المالية يحكمها القانون المطبق على النظام المالي للزوجين، وهو في حالة انعدام الإرادة الصريحة قانون موطن الزوجية الأول، فلو تزوج فرنسيان في ايطاليا وكان لهم فيها أول موطن للزوجية، ثم تركاه بعد فترة وأقاما في فرنسا، فان اللجوء القاعدة الإسناد يؤدي إلى عدم تطبيق نص المادة (1397) من القانون المدني الفرنسي، ذلك أن الضابط المؤسس على الموطن الأول للزوجية يقضي بتطبيق القانون الإيطالي، الذي يقضي بثبات المشارطات المالية وعدم قدرة الزوجين على تعديلها، وبطبيعة الحال تتسم النتيجة المترتبة على تطبيق قاعدة الإسناد بعدم واقعيتها، ومن ثم فقد أصدرت وزارة العدل الفرنسية في 29 تشرين الثاني 1997 لائحة تجيز تطبيق القانون الفرنسي حتى وان كان القانون الأجنبي بوصفه قانون الموطن الأول للزوجين لا يسمح بذلك، إذ يتعلق نص المادة (1397) بمصلحة العائلة وبذلك يمكن تفسير لائحة وزارة العدل الفرنسية بأنها تنظر لنص المادة (1397) مدني فرنسي بأنها من قوانين البوليس ومن ثم توسع في نطاق تطبيقها. ينظر: د. احمد عبد الحميد عشوش، تنازع مناهج تنازع القوانين، المرجع السابق، ص 81؛ وللمزيد من التفصيل في موقف القانون الفرنسي من تحديد القانون واجب التطبيق على التنظيم الاتفاقي للنظام المالي للزوجين د. رعد مقداد محمود الحمداني، تنازع القوانين في النظام المالي للزوجين، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون في جامعة الموصل، 2009، ص 112-113.

25- ينظر المادة (9) من اتفاقية لاهاي القانون واجب التطبيق على حوادث السيارات لعام 1972.

26- د. عنايت عبد الحميد ثابت، ذاتية او عدم ذاتية قواعد تأمين المجتمع، المرجع السابق، ص123-129.

27- د. هشام علي صادق، تنازع القوانين، الطبعة الثالثة منشأة المعارف الاسكندرية 1974   ، ص 01-4702 د. منير عبد المجيد، تنازع القوانين في علاقات العمل الفردية، المرجع السابق، ص 121؛ وينظر في تطبيق قانون مكان تنفيذ العمل على عقد العمل د. عز الدين عبد الله، تنازع القوانين في عقد العمل الفردي، بحث منشور في المجلة المصرية القانون الدولي، تصدرها الجمعية المصرية للقانون الدولي، المجلد السابع و العشرون، 1979، ص9-10

28- ينظر في رأي هذا الجانب من الفقه د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص303.

29- وفي تبريرات تطبيق قانون مكان التنفيذ نجد أن قسم منها يستند إلى إقليمية قواعد قانون العمل مما يترتب عليه تطبيق قانون محل تنفيذ العمل على عقد العمل، ومنهم من يستند إلى تعلق قواعد قانون العمل بالنظام العام أو كونها من قوانين الأمن المدني أني من قواعد البوليس  ، مما يترتب عليه أن يكون قانون القاضي حتمي التطبيق، ومنهم من يستند إلى الصلة الوثيقة بين ما يعتبر من قواعد قانون العمل من القانون العام وما يعتبر منها من القانون الخاص، تؤدي إلى أن تطبيق قواعد القانون العام في محل تنفيذ العمل يستوجب تطبيق قواعد القانون الخاص المقررة في قانون هذا المحل، مما يترتب عليه خضوع عقد العمل بمختلف جوانبه لقانون محل تنفيذ العمل. ينظر في هذه التبريرات د. عز الدين عبد الله، تنازع القوانين في عقد العمل الفردي، بحث منشور في المجلة المصرية القانون الدولي، تصدرها الجمعية المصرية للقانون الدولي، المجلد السابع و العشرون، 1979 ، ص 11 .

30- د. أحمد قسمت الجداوي، نظرية القوانين ذات التطبيق الضروري ومنهجية تنازع القوانين ، بجث منشور في مجلة العلوم القانونية والاقتصادية ، تصدر عن كلية الحقوق بجامعة عين شمس ، العدد الاول والثاني ، السنة الرابعة والعشرون 1982  ، ص 31 وما بعدها.

31- ينظر المواد (18-28 و 49) من القانون المدني العراقي .

32- ينظر المادة  (18/1) من القانون المدني العراقي؛ يقابلها الشق الأول من المادة (11/1) مدني مصري؛ والشق الأول من المادة (12/1) مدني سورية و الشق الأول من المادة (11/1) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي.

33- ينظر المادة ( 18/2) من القانون المدني العراقي؛ يقابلها الشق الثاني من المادة  (11/1) مدني مصري؛ و الشق الثاني من المادة (112) مدني سورية و الشق الثاني من المادة (11/1) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي

34- هذا الاستثناء قرره القضاء الفرنسي في قضية ليزاردي عام 1861 ينظر بخصوصها د. محمد وليد المصري، المرجع السابقة ص 129.

35- ينظر المادة1/49) )من القانون المدني العراقي؛ يقابلها الشق الأول من المادة (11/2) مدني مصري؛ والشق الأول من المادة (212) مدني سوريا و الشق الأول من المادة  (11/2) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي

36- ينظر المادة  (49/2)  من القانون المدني العراقي؛ يقابلها الشق الثاني من المادة (11/2) مدني مصري؛ و الشق الثاني من المادة (12/2) مدني سورية و الشق الثاني من المادة (11/2)  من قانون المعاملات المدنية الإماراتي

37- ينظر المادة (19/1) من القانون المدني العراقي: تقابلها المادة (12) مدني مصرية والمادة (13) مدني سورية والمادة  (12/1)  من قانون المعاملات المدنية الإماراتي.

38- ينظر المادة (19/5) من القانون المدني العراقي: تقابلها المادة (14) مدني مصرية والمادة (15) متني سوري؛ و المادة (14) من قانون المعاملات المعدنية الإماراتي .

39- د. حسن الهداوي ود. غالب على الداودي، القانون الدولي الخاص، القسم الثاني في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1982 ، ص107.

40- بنظر المادة (19/2) من القانون المدني العراقي؛ تقابلها المادة  (13/1)  مدني مصرية و المادة (14/1) مدني سوريا و المادة (13/1)  من قانون المعاملات المدنية الإماراتي

41- ينظر المادة (19/3) من القانون المدني العراقي: تقابلها المادة (13/2)  مدني مصرية والمادة (14/1)  مدني سوري؛ والمادة (13/2)  من قانون المعاملات المدنية الإماراتي .

42- ينظر هامش (2) من الصفحة نفسها.

43- ينظر المادة (27/2) من القانون المدني العراقي؛ تقابلها المادة  (21/1)  مدني مصرية والمادة  (22/1)  مدني سورية و المادة (20/1)  من قانون المعاملات المدنية الإماراتي

44- ينظر المادة ( 2/27) من القانون المدني العراقي؛ تقابلها المادة  (21/2)  مدني مصري؛ والمادة  (22/2)  مدني سورية والمادة ( 2/20) من قانون المعاملات المائية الإماراتي.

45- ينظر في هذا المعني د. احمد قسمت الجداوي، نظرية القوانين ذات التطبيق الضروري ومنهجية تنازع القوانين، المرجع السابق، ص 39 إذ ذكر الأمثلة الآنفة الذكر في القانون المصري وهي لا تختلف عن القانون العراقي.

46- د. أحمد قسمت الجد أوي، نظرية القوانين ذات التطبيق الضروري ومنهجية تنازع القوانين، المرجع السابق، ص 35-139 .

47-  المادة (28) من القانون المدني العراقي.

48- المادة (22) مدني مصرية والمادة (23) مدني سورية والمادة (21) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي

49- د. هشام علي صادق، تنازع الاختصاص القضائي الدولي، من دون دار نشر ومكان نشر، 1969، ص168.

50- ينظر المادة (6 و 7) من قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية في العراق رقم (30) لسنة 1928.

51- ينظر بهذا المعني د. أحمد قسمت الجداوي، نظرية القوانين ذات التطبيق الضروري ومنهجية تنازع القوانين، المرجع السابق ،ص 38.

52- وذلك استنادا للطابع التسبي للدفع بالنظام العام الذي لا يستبعد سوى القاعدة الأجنبية المخالفة للنظام العام دون بقية قواعد القانون الأجنبي إذ تبقى تحكم المسألة محل النزاع، وقد نص الفصل (34) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية على هذا الطابع النسبي إذ ورد فيه لا يثير القاضي الدفع بالنظام العام إلا إذا كانت أحكام القانون الأجنبي المعين تتعارض مع الاختيارات الأساسية للنظام القانوني التونسي. ويشير القاضي الدفع بالنظام العام، مهما كانت جنسية أطراف النزاع. ولا يخضع الدفع بالنظام العام لمدى قوة ارتباط النزاع بالنظام القانوني التونسي. ولا يستبعد من القانون الأجنبي عند العمل بالنظام العام سوى أحكامه المخالفة للنظام العام في مفهوم القانون الدولي الخاص التونسي، ويطبق القاضي أحكام القانون التونسي بدلا عن أحكام القانون الأجنبي التي أستبعد تطبيقها", فهذه المادة تشير إلى استبعاد الأحكام المخالفة للنظام العام دون غيرها.

53- نقلا عن د. صفوت أحمد عبد الحفيظ أحمد، دور الاستثمار الاجنبي في تطوير احكام القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2006   ، ص300.

54- في حكم المحكمة النقض الأيطالية رقم 5159 ومنشور في مجلة القانون الدولي الخاص وقانون المرافعات RDIPP، سنة 1981، ص 923 قد وضح بجلاء هذه الفكرة وكان الحكم بصدد نزاع يخص عقد عمل ابرم من رب عمل ألماني و عامل يحمل الجنسية نفسها، وكان العقد يخضع للقانون الألماني، بوصفه قانون الجنسية المشتركة استنادا للمادة (20) من القانون المدني الإيطالي، إلا أن المحكمة استبعدت القانون الألماني وطبقت القانون الايطالي الذي تندمج فيه أحكام أتفاقية جماعية للعمل توفر للعامل حماية اكبر من تلك التي يوفرها له القانون الألماني- إعمالا للدفع بالنظام العام. واستثنت المحكمة إلى مبدأ جوهري في النظام القانوني الايطالي يقضي بتوفير حماية إلى أقصى حد ممكن. ثقلا عن د. احمد محمد الهواري، حماية العاقد الضعيف في القانون الدولي الخاص ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1995، ص188-190.

55- يذهب د. أحمد محمد الهواري، وفي مجال علاقات العمل إلى القول: بان القواعد الأسرة في قانون القاضي لا تطبق بوصفها قواعد ذات تطبيق مباشر في بعض الفروض- أي كقيد على منهج الإسناد لان هذا التطبيق لا يتم إلا في مرحلة لاحقة على تطبيق قاعدة الإسناد وتحديد القانون المختص ومعرفة مضمونه و إنما بوصفها قيدا لاحقا على تطبيق القانون الأجنبي، وبعبارة أخرى تعبر هذه القواعد الآمرة لقانون القاضي من خلال درجة الحماية التي تمنحها للعاق الضعيف عن أحد مبادئ النظام العام في دولة القاضي، فإذا لم يكن القانون الأجنبي محققا لهذه الدرجة من الحماية، عن متعارض مع النظام العام، وتعين أستبعاده إعمالا للأثر الإيجابي للدفع بالنظام العام. ينظر د. احمد محمد الهواري، المرجع السابق، ص 210-211. وهذا يعني أن القانون الأجنبي إذا تضمن حماية أفضل للعامل تعين تطبيقه على الرغم من وجود قواعد ذات تطبيق ضروري ومباشر في قانون القاضي التي توفر حماية العامل لكنها أقل من الحماية التي يوفرها القانون الأجنبي، بمعنى أننا أتبعنا منهج قاعدة الإسناد على الرغم من وجود هذه القواعد في قانون القاضي .

56- د. أحمد قسمت الجداوي، نظرية القوانين ذات التطبيق الضرورية المرجع السابق، ص 59, وهو ينتقد هذا المنهج ويقول في خاتمه بحثه "إذا كان من محل في خاتمة الدراسة لكلمة ... فهي كلمة تحذير من الانسياق وراء المفاهيم الانغلاقية ونزعات التطرف الوطني التي أحاطت من كل جانب بالبنيان الهيكلي و الفلسفي للنظرية التي كانت موضع هذه الدراسة القواعد ذات التطبيق الضروري-. وإذا كان كل من الفقه والقضاء في مصر وتبعهما في ذلك المشرع المصري، قد حافظوا منذ أوقات غير قصيرة على منهجية تنازع القوانين، فمن المأمول أن لا يفسحوا المجال للهجمة التي تتعرض لها هذه المنهجية من جانب تلك المفاهيم والنزعات المتطرفة"، ينظر المرجع نفسه، ص .

57- د. صفوت أحمد عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص306.

58-Claude Ferry, Contrat int. d' agent commercial et Lois de police, P300.

نقلا عن د. صفوت أحمد عبد الحفيظ، المرجع السابق، ص317

59- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص397.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






قبل افتتاحها بايام.. شاهد بالصور اكاديمية الثقلين للتوحد واضطرابات النمو في البصرة
قبل ايام من افتتاحه.. لقطات حصرية توثق اللمسات الاخيرة لإنجاز أحدث مستشفى لعلاج السرطان في البصرة تابع للعتبة الحسينية (صور)
بالصور: طلبة وطالبات الجامعات التابعة للعتبة الحسينية يؤدون الامتحانات النهائية
الأمين العام للعتبة الحسينية: تبني مشروع تأسيس هيئة التعليم التقني يأتي لحاجة العراق الماسة إلى الربط بين الجانبين النظري والعملي