- الأنفاق: عندما تعترض عملية مد الطرق البرية المختلفة سلاسل جبلية أو مسطحات مائية محدودة المساحة ، تتجه الدول إلى حفر الأنفاق عبر هذه الجبال أو تحت المسطحات المائية، وهذا ما اتجهت إليه كثير من الدول ذات الأرض المضرسة أو التي تغطي أجزاء منها أذرع مائية, إن عملية شق الأنفاق هي الأخرى عملية قديمة بدأت مع الرومان الذين استخدموا هذه الأنفاق في جر المياه أو تصريفها ومن أقدم الأقنية التي عرفها العالم عنهم النفق الذي أنشئ في منتصف القرن الأول الميلادي بطول 5.6كم ليصرف مياه بحيرة فوسنيوا, كما ظهرت هذه النوعية من الأنفاق التي تشتغل في نقل المياه في بعض الأماكن في الشمال الأفريقي، منها ما هو موجود في الأرض الليبية والذي يطلق عليه فقارات . وخير مثال على هذه الفقارات ما یوجد آثاره حتى الآن في منطقة حميرة وأم الأرانب والفقهاء.

مما سبق يتضح أن الأنفاق أول ما ظهرت لم تستخدم في تسير وسائل النقل بالدرجة الأولى، بل استخدمت في أغراض أخرى أهمها جر المياه وتصريفها بالإضافة إلى الأغراض العسكرية والدفاعية ولكن بعد تطور وسائل النقل بدأ استغلالها في هذه الغاية على نطاق واسع، وأول وسائل النقل الحديثة التي استخدمت الأنفاق السكك الحديدية ثم تلتها السيارات فيما بعد, إن شق الأنفاق على نطاق واسع بدأ بعد أن عرف الإنسان المسحوق الأسود الذي ساعده كثير في إنجاز العمل في أقصر مدة ممكنة، وزاد التوسع فيها لتسهيل حركة النقل والمواصلات بعد أن انتشر استعمال الديناميت والحفارات وبخاصة التي تعمل بواسطة الهواء المضغوط . وبواسطة هذه الوسائل تمكنت الدول من اختراق السلاسل الجبلية لاسيما في سويسرا واليابان، وتجاوز المسطحات المائية، مما أدى إلى انتشارها على نطاق واسع في كثير من دول العالم، والجدول (6) يبين أهم الانفاق المستخدمة في العالم لمرور السكك الحديدية ووسائل النقل البري الأخرى وبالذات السيارات . هذا وقد صادفت عملية شق الأنفاق العديد من المصاعب أهمها: -

صعوبة التهوية والرطوبة العالية في بعض المناطق والمياه المتدفقة وارتفاع درجات الحرارة، وأخيرا الظلام وصعوبة الرقية إلا أن هذه الصعوبات أمكن التغلب عليها في هذا العصر بالعلم والتقنية ومن أهم الأنفاق التي يقوم الإنسان بحفرها الآن على نطاق واسع في العالم من أجل النقل والمواصلات، هي أنفاق المترو في الكثير من مدن العالم، كأنفاق مترو ومدينة موسكو ومدينة برلين ومدينة القاهرة وغيرها . ومن الأنفاق المهمة التي تم إنجازها في الفترة القريبة الماضية هو نفق بحر المانش الذي يربط بين فرنسا وانجلترا ويمتد تحت المسطح المائي من البر الفرنسي إلى البر الانجليزي بطول 55 كم منها 36 تحت قاع البحر ويستخدم لتسير السكك الحديدية، ويمتد فيه خطان حديديان كل واحد في شق عرضه 6.3 متر (ذهاب واياب) وتسير عليها قطارات بسرعة 140 كم/ساعة تستخدم في نقل الركاب والسيارات وإلى جانب هذا النفق هناك نفق آخر مهم طوله 34 ميلا ليصل جزر اليابان بعضها ببعض ، وتستخدمه كذلك السكك الحديدية هذه الأنفاق أصبحت تهدد عمل كثير من موانئ العبور في كل من اليابان وبين فرنسا وانجلترا .

في ختام هذا الموضوع يجدر بنا أن نشير إلى أنه في بعض الأحيان وفي بعض الأماكن، تتصل الأنفاق مباشرة بالجسور، وهذا واضح في البول أو المدن ذات الأرض المضرسة، والتي تتعاقب فيها الوديان والسلاسل الجبلية ، وخير مثال على ذلك ما هو موجود في أحد مداخل مدينة بتسبرج الأمريكية حيث يبدأ هذا المدخل بجسر على أحد الفروع النهرية التي تخترق المدينة ويرتبط مباشرة بنفق يشق سلسلة جبلية مطلة على الرافد النهري، وعن طريقهما (الجسر والنفق) ترتبط المدينة بظهيرها وبالمدن الأخرى في ذلك الجانب .