الأنهار:

إن أهمية النهر بالنسبة للدولة تعتمد على طبيعة هذا النهر من حيث انحداره وطوله، ومقدار ما يحمله من مياه، وما ينتهى إليه هذا النهر، إذا كان سينتهى إلى بحار مغلقة كبحر قزوين، أو بحار مفتوحة كالبحر الأبيض المتوسط، أو ينتهى إلى محيط، وهذه أيضا تختلف من محيط لآخر. كما أن لطبيعة وادى النهر والظروف الطبيعية التى يمر بها مجراه أثرها الهام.

وللأنهار جوانب متناقضة، منها السلبى كالفيضانات المدمرة، ومنها الإيجابي الذى يتمثل فى إرساباتها الغنية ومياه الري المستمدة منها للزراعة، وكوسيلة للنقل والمواصلات، وقد كان لها الفضل فى نشأة الحضارات القديمة كتلك التى نشأت على ضفاف نهر النيل فى مصر، وعلى نهرى دجلة والفرات فى العراق؛ وكما كان لها الفضل فى نشأة بعض الوحدات السياسية التى قامت على ضفافها. كما أنها لعبت دورا هاما كحدود سياسية تفصل بين الدول. ومعظم الحدود السياسية التى ظهرت قديما بين بعض دول أوربا كانت حدودا نهرية، كما كانت سببا فى كثير من المشكلات بين الدول المتنازع عليها أو بسببها.

وللأنهار أهمية أخرى فهي تستخدم فى التخلص من المواد غير المرغوب فيها كصرف المجارى، وصرف المياه الزائدة عن حاجة الري، أو مياه الأمطار التى تزيد عن حاجة الزراعة، وقد تستخدم فى الحصول على الطاقة الكهربائية المائية التى تعد من أرخص مصادر الطاقة.

وقد كانت وسيلة للتقدم البشرى باعتبارها طرقا للمواصلات، كما كانت تتبعها الهجرات فى كثير من الأحيان، فقد كان نهرى سنت لورنس والمسيسبي فى الولايات المتحدة الأمريكية من المحاور التى امتدت على امتدادهما الممتلكات الفرنسية فى أمريكا الشمالية، فقد توغل المكتشفون الفرنسيون إلى داخل القارة عن طريقهما.

وكما تكون الأنهار عامل وصل، فإنها أحيانا تكون عامل فصل، بل تصبح من العوامل التى تساعد على وحدة الدولة، وذلك عندما تكون ذات اتساع كبير بحيث لا يمكن إقامة الكبارى عليها، أو تكون شديدة الانحدار بحيث لا تسمح بالملاحة، أو أن تعترضها الجنادل والشلالات، أو أن يكون المجرى بشكل خانق.

وبعض الأنهار يجرى فى دولة واحدة، وهذا النوع يعد من الأنهار الداخلية أو الوطنية، ومنها ما يجرى فى أكثر من دولة وهو ما يسمى بالأنهار الدولية، وهذا ما ينال اهتمام الجغرافية السياسية لما يترتب عليه من ضرورة الاتفاق بين الدول المطلة على هذه الأنهار على طرق استغلالها حتى لا تضار إحداها. والاتفاق يركز أساسا على الاستخدام الملاحي لهذه الأنهار، كما يركز على أسلوب توزيع مياه الأنهار المشتركة وطرق استغلالها.