أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/وصايا ومواعظ/الإمام علي (عليه السلام)
حدثنا أبو عبد الله
محمد بن محمد بن النعمان في شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن
محمد بن علي الصيرفي، المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي،
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي، قال: حدثنا محمد
بن الحسين العامري، قال: حدثنا أبو معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي، قال
: حدثني الحسن بن
علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي، فقال: هذا
ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمه وصاحبه،
أول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسوله وخيرته اختاره بعلمه وارتضاه
لخيرته، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور.
ثم إني أوصيك -
يا حسن - وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإذا كان ذلك
يا بني الزم بيتك، وابك على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك، وأوصيك يا بني بالصلاة
عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محالها، والصمت عند الشبهة والاقتصاد، والعدل في الرضا
والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحب
المساكين ومجالستهم، والتواضع فإنه من أفضل العبادة، وقصر الامل، واذكر الموت، وازهد
في الدنيا، فإنك رهين موت، وغرض بلاء، وصريع سقم.
وأوصيك بخشية الله
في سر أمرك وعلانيتك ، وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل، له إذا عرض شئ من أمر الآخرة
فابدأ به، وإذا عرض شي من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه، وإياك ومواطن التهمة
والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغر جليسه.
وكن لله يا بني
عاملا، وعن الخنا زخورا، وبالمعروف أمرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الاخوان في الله،
وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وابغضه بقلبك، وزايله بأعمالك، كي لا تكون
مثله، وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة ، ومجاراة من لا عقل له ولا علم.
واقتصد يا بني في
معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه، والزم الصمت تسلم،
وقدم لنفسك تغنم، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير،
ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حثى تتصدق منه قبل أكله، وعليك بالصوم فإنه زكاة
البدن وجنة لأهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر، وأكثر
من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وبينك.
وأوصيك بأخيك محمد
خيرا، فإنه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبي له، فأما أخوك الحسين فهو ابن أمك، ولا أزيد
الوصاة بذلك، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم، وأن يكف الطغاة البغاة عنكم،
والصبر الصبر حثى ينزل الله الامر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 7
تاريخ النشر : 2024-05-05