أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الموت والقبر والبرزخ/سكرات الموت ونزع الروح/الإمام علي (عليه السلام)
قال أمير المؤمنين
عليه السلام: لا ينزجر من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ، وهو يرى المأخوذين على الغرة حيث لا إقالة
ولا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون،
وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون، فغير موصوف ما نزل بهم، اجتمعت عليهم
سكرة الموت وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم، وتغيرت لها ألوانهم، ثم ازداد الموت
فيهم ولوجا فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع باذنه
على صحة من عقله وبقاء من لبه، ويفكر فيم أفنى عمره ؟ وفيم أذهب دهره ؟ ويتذكر أموالا
جمعها أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها، وأشرف
على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره،
والمرء قد غلقت رهونه بها، يعض يده ندامة على ما اصحر له عند الموت من أمره،
ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره، ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها
قد حازها دونه، فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط سمعه، فصار بين
أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه، يردد طرفه بالنظر في وجوههم، يرى حركات
ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم، ثم ازداد الموت التياطا فقبض بصره كما قبض سمعه،
وخرجت الروح من جسده فصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا من جانبه، وتباعدوا من قربه،
لا يسعد باكيا ولا يجيب داعيا، ثم حملوه إلى مخط من الارض، وأسلموه فيه إلى عمله،
وانقطعوا عن زورته حتى إذا بلغ الكتاب أجله.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 6 / صفحة [ 164 ]
تاريخ النشر : 2024-04-03