أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/العدل/البداء والنسخ/الإمام الرضا (عليه السلام)
جعفر بن علي بن أحمد الفقيه، عن حسن
بن محمد بن علي بن صدقة، عن محمد بن عمر بن عبد العزيز، عمن سمع الحسن بن محمد النوفلي
يقول: قال الرضا عليه السلام لسليمان المروزي ما أنكرت من البداء يا سليمان
والله عز وجل يقول : " أولم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا "
ويقول عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ
ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27] ويقول: " بديع السموات والارض " ويقول عزوجل:
" يزيد في الخلق ما يشاء " ويقول: وبدء خلق الانسان من طين " ويقول
عزوجل: " وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما
يتوب عليهم " ويقول عزوجل: " وما يعمر من معمر
ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ".
قال سليمان: هل رويت فيه عن آبائك شيئا
؟ قال: نعم رويت عن أبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام أنه قال: إن لله عزوجل علمين: علما
مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البدا، وعلما علمه ملائكته ورسله فالعلماء
من أهل بيت نبيك يعلمونه قال سليمان: احب أن تنزعه لي من كتاب الله عزوجل.
قال: قول الله عزوجل لنبيه: " فتول
عنهم فما أنت بملوم " أراد إهلاكهم ثم بدا فقال: "
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " قال سليمان: زدني جعلت فداك.
قال الرضا عليه السلام:
لقد أخبرني أبي، عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: إن الله عزوجل
أوحى إلى نبي من أنبيائه أن أخبر فلان الملك أني متوفيه إلى كذا وكذا، فأتاه ذلك
النبي فأخبره فدعا الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير، وقال: يا رب أجلني
حتى يشب طفلي وأقضي أمري، فأوحى الله عزوجل إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك فأعلمه
أني قد أنسيت أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة، فقال ذلك النبي: يا رب
إنك لتعلم أني لم أكذب قط فأوحي الله عزوجل إليه إنما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك
والله لا يسأل عما يفعل. ثم التفت إلى سليمان فقال له: أحسبك ضاهيت اليهود في هذا
الباب، قال أعوذ بالله من ذلك، وما قالت اليهود ؟ قال: قالت اليهود: {يَدُ اللَّهِ
مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] يعنون أن الله قد فرغ من الامر فليس يحدث شيئا فقال الله
عز وجل: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: 64] ولقد سمعت قوما
سألو أبي موسى بن جعفر عليه السلام عن البداء فقال: وما ينكر الناس من البداء
وأن يقف الله قوما يرجئهم لأمره. قال سليمان:
ألا تخبرني عن إنا أنزلناه في ليلة القدر في أي شئ أنزلت ؟ قال: يا سليمان ليلة
القدر يقدر الله عزوجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت، أو خير
أو شر، أو رزق فما قدره في تلك اللية فهو من المحتوم.
قال سليمان: الآن قد فهمت جعلت
فداك فزدني. قال: يا سليمان إن من الامور امورا موقوفة عند الله تبارك وتعالى يقدم
منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء، يا سليمان إن عليا عليه السلام كان يقول: العلم علمان:
فعلم علمه الله ملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسله فإنه يكون ولا يكذب نفسه
ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء
ويؤخر ما يشاء، ويمحو ويثبت ما يشاء. قال سليمان للمأمون: يا أمير المؤمنين لا أنكر
بعد يومي هذا البداء ولا اكذب به إن شاء الله.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 4 / صفحة [ 95 ]
تاريخ النشر : 2023-04-17