أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الخلق والخليقة/الإمام الصادق (عليه السلام)
ابن الوليد، عن
الصفار، عن اليقطيني، عن زياد القندي، عن عبد الله ابن سنان قال: بينا
نحن في الطواف إذ مر رجل من آل عمر فأخذ بيده رجل فاستلم الحجر فانتهره
وأغلظ له، وقال له: بطل حجك إن الذي تستلمه حجر لا يضر ولا ينفع فقلت لابي عبد
الله عليه السلام: جعلت فداك أما سمعت قول العمري لهذا الذي استلم الحجر فأصابه
ما أصابه ؟ فقال: وما الذي قال ؟ قلت له: قال: يا عبد الله بطل
حجك إنما هو حجر لا يضر ولا ينفع ! فقال أبو عبد الله عليه السلام: كذب، ثم كذب
ثم كذب إن للحجر لسانا ذلقا يوم القيامة، يشهد لمن وافاه بالموافاة، ثم قال: إن
الله تبارك وتعالى لما خلق السماوات والارض خلق بحرين: بحرا عذبا، وبحرا اجاجا، فخلق
تربة آدم من البحر العذب، وشن عليها من البحر الاجاج، ثم جبل آدم فعرك عرك الاديم
فتركه ما شاء الله فلما أراد أن ينفخ فيه الروح أقامه شبحا فقبض قبضة من كتفه
الايمن فخرجوا كالذر فقال: هؤلاء إلى الجنة ; وقبض قبضة من كتفه الايسر وقال: هؤلاء
إلى النار ; فأنطق الله عزوجل أصحاب اليمين وأصحاب اليسار، فقال أهل اليسار: يا رب
لما خلقت لنا النار ولم تبين لنا ولم تبعث إلينا رسولا ؟ فقال الله عزوجل لهم:
ذلك لعلمي بما أنتم صائرون إليه، وإني سأبتليكم، فأمر الله عزوجل النار فاسعرت، ثم
قال لهم: تقحموا جميعا في النار فإني أجعلها عليكم بردا وسلاما، فقالوا: يا
رب إنما سألناك لأي شيء جعلتها لنا هربا منها، ولو أمرت أصحاب اليمين
ما دخلوا ; فأمر الله عزوجل النار فأسعرت ثم قال لأصحاب اليمين: تقحموا جميعا في
النار، فتقحموا جميعا فكانت عليهم بردا وسلاما فقال لهم: ألست بربكم ؟ قال أصحاب
اليمين : بلى طوعا، وقال أصحاب الشمال بلى كرها ; فأخذ منهم جميعا ميثاقهم،
وأشهدهم على أنفسهم ; قال: وكان الحجر في الجنة فأخرجه الله عزوجل
فالتقم الميثاق من الخلق كلهم، فذلك قوله عز وجل: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [آل عمران: 83] فلما أسكن
الله عزوجل آدم الجنة وعصى أهبط الله عزوجل الحجر وجعله في ركن بيته وأهبط
آدم عليه السلام على الصفا فمكث ما شاء الله، ثم رآه في البيت فعرفه وعرف ميثاقه
و ذكره فجاء إليه مسرعا فأكب عليه وبكى عليه أربعين صباحا تائبا من خطيئته،
ونادما على نقضه ميثاقه ; قال: فمن أجل ذلك أمرتم أن تقولوا إذا استلمتم الحجر:
أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة يوم القيامة.
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 5 / صفحة [ 245 ]