أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/صفات الله تعالى/الإمام الرضا عليه السلام
الدقاق، عن الاسدي، عن البرمكي،
عن علي بن عباس، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن فتح بن يزيد الجرجاني قال: كتبت
إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن شئ من التوحيد، فكتب إلي بخطه: - قال
جعفر: وإن فتحا أخرج إلى الكتاب فقرأته بخط أبي الحسن عليه السلام:
بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله الملهم عباده الحمد، وفاطرهم
على معرفة ربوبيته، الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزليته، وباشتباههم
على أن لا شبه له، المستشهد بآياته على قدرته، الممتنع من الصفات ذاته،
ومن الابصار رؤيته، ومن الاوهام الإحاطة به،
لا أمد لكونه، ولا غاية لبقائه، لا تشمله المشاعر، ولا تحجبه الحجاب، فالحجاب بينه
وبين خلقه، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، ولا مكان ذواتهم مما
يمتنع منه ذاته، ولافتراق الصانع والمصنوع، والرب والمربوب، والحاد والمحدود،
أحد لا بتأويل عدد، الخالق لا بمنى حركة، السميع لا بأداة، البصير لا بتفريق
آلة، الشاهد لا بمماسة، البائن لا ببراح مسافة، الباطن لا باجتنان، الظاهر لا بمحاذ،
الذي قد حسرت دون كنهه نوافذ الابصار، وأقمح وجوده جوائل الاوهام، أول الديانة معرفته،
وكمال المعرفة توحيده، وكمال التوحيد نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة
أنها غير الموصوف، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة، وشهادتهما جميعا على أنفسهما
بالبينة، الممتنع منها الازل، فمن وصف الله فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن
عده فقد أبطل أزله، ومن قال: كيف فقد استوصفه، ومن قال: علام فقد حمله، ومن قال:
أين فقد أخلي منه، ومن قال: إلام فقد وقته، عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق،
ورب إذ لا مربوب، وإله إذ لا مألوه، وكذلك يوصف ربنا وهو فوق ما يصفه الواصفون.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 4 / صفحة [ 284 ]
تاريخ النشر : 2023-12-12