جعفر بن محمد
الفزاري معنعنا عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال : خرج رسول الله (ص) ذات
يوم وهو راكب ، وخرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يمشي ، فقال
النبي صلى الله عليه وآله : يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف ، فإن الله
أمرني أن تركب إذا ركبت ، وتمشي إذا مشيت ، وتجلس إذا جلست ، إلا أن يكون حد من
حدود الله لابد لك من القيام والقعود فيه ، وما أكرمني الله بكرامة إلا وقد أكرمك بمثلها
، خصني بالنبوة والرسالة ، وجعلك لي ذلك ، تقوم في صعب اموره ، والذي بعثني بالحق
نبيا ما آمن بي من كفر بك ، ولا أقر بي من جحدك ، ولا آمن بالله من أنكرك ، وإن
فضلك من فضلي ، وفضلي لك فضل ، وهو قول ربي : « قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا
هو خير مما يجمعون » والله يا علي ما خلقت إلا ليعرف بك معالم الدين ودارس السبيل
، ولقد ضل عنك ، ولم يهتد إلى الله من لم يهتد إليك ، وهو قول ربي : « وإني لغفار
لمن تاب وآمن عمل صالحا ثم اهتدى » إلى ولايتك ، ولقد أمرني أن أفترض من حقك ما
أمرني أن أفترضه من حقي ، فحقك مفروض على من آمن بي كافتراض حقي عليه ، ولولاك لم
يعرف حزب الله ، وبك يعرف عدو الله ، ولو لم يلقوه بولايتك مالقوه بشئ وإن مكاني
لأعظم من مكان من تبعني ، ولقد أنزل الله فيك « يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك
من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته » فلو لم ابلغ ما امرت به لحبط عملي ، ما أقول
لك إلا ما يقول ربي ، وإن الذي أقول لك لمن الله نزل فيك ، فإلى الله أشكو تظاهر
امتي عليك بعدي ، أما إنه يا علي ما ترك قتالي من قاتلك ، ولا سلم لي من نصب لك ،
وإنك لصحاب الاكواب وصاحب المواقف المحمودة في ظل العرش أينما أوقف ، فتدعى إذا
دعيت ، وتحيى إذا حييت ، وتكسى إذا كسيت ، حقت كلمة العذاب على من لم يصدق قولي
فيك ، وحقت كلمة الرحمة لمن صدقني ، وما اغتابك مغتاب ولا أعان عليك إلا هو في حزب
إبليس ، ومن والاك ووالى من هو منك من بعدك كان من حزب الله ، وحزب الله هم
المفلحون.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 36 / صفحة [ 208 ]
تاريخ النشر : 2025-12-14