كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام)/الامامة
بعث رسول الله
عشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة فيها ذكر نبذ العهد إلى الكافرين
وتجريم قرب مكة على المشركين، وأمر أبا بكر على الحج ليحج بمن ضمه الموسم ويقرأ
عليهم الآيات فلما صدر عنه أبو بكر جاءه المطوق بالنور جبرئيل عليه السلام فقال :
يا محمد إن العلي الأعلى يقرء عليك السلام ويقول لك يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت
أو رجل منك فابعث عليا ليتناول الآيات ، فيكون هو الذب ينبذ العهود ويقرأ الآيات.
وقال جبرئيل : يا محمد ما أمرك ربك بدفعها إلى علي ونزعها من أبي بكر سهوا ولا شكا
ولا استدراكا على نفسه غلطا ولكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين أن المقام الذي
يقومه أخوك علي عليه السلام لن يقومه غيره سواك يا محمد وإن جلت في عيون هؤلاء
الضعفاء من امتك مرتبته وشرفت عندهم منزلته ، فلما انتزع علي عليه السلام الآيات
من يده لقي أبو بكر بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : بأبي أنت وامي
لموجدة كان نزع هذه الآيات مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا ولكن
العلي العظيم أمرني أن لا ينوب عني إلا من هو مني وأما أنت فقد عوضك الله بما حملك
من آياته وكلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة أما إنك إن دمت على
موالاتنا ووافيتنا في عرصات القيامة وفيا بما أخذنا به عليك من العهود والمواثيق
فأنت من خيار شيعتنا وكرام أهل مود تنا فسري بذلك عن أبي بكر.
قال : فمضى علي
عليه السلام لأمر الله ، ونبذ العهود إلى أعداء الله ، وأيس المشركون من الدخول
بعد عامهم ذلك إلى حرم الله ، وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا ، غشاهم الله نوره ،
وكساه فيهم هيبة وجلالا لم يجسروا معها على إظهار خلاف ولا قصد بسوء قال وذلك قوله
« ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه » في مساجد خيار المؤمنين بمكة
لما منعوهم من التعبد فيه بأن ألجؤوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الخروج
عن مكة « وسعى في خرابها » خراب تلك المساجد لئلا يقام فيها بطاعة الله ، قال الله
تعالى : « اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين » أن يدخلوا بقاع تلك المساجد
في الحرم إلا خائفين من عذابه وحكمه النافذ عليهم ، أن يدخلوها كافرين بسيوفه
وسياطه « لهم » لهؤلاء المشركين « في الدنيا خزي » وهو طرده إياهم عن الحرم ومنعم
أن يعودوا إليه « ولهم في الآخرة عذاب عظيم ».
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 488 ]
تاريخ النشر : 2025-11-15