أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/أهل البيت (عليهم السلام)/فضائل أهل البيت (عليهم السلام)/الإمام الصادق (عليه السلام)
الطالقاني ، عن
الجلودي ، عن الجوهري ، عن شعيب بن واقد ، عن القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد
، عن ابن عباس ، وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي
، عن الحسن بن مهران ، عن مسلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام
في قوله عزوجل : « يوفون بالنذر » قالا : مرض الحسن والحسين عليهما السلام وهما
صبيان صغيران فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه رجلان ، فقال أحدهما :
يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما ، فقال : أصوم ثلاثة أيام
شكرا لله عزوجل ، وكذلك قالت فاطمة عليها السلام
، وقال الصبيان : ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام ، وكذلك قالت جاريتم فضة ،
فألبسهما الله عافيته ، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام ، فانطلق علي عليه السلام
إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف ، فقال : هل لك أن تعطيني جزة من
صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف
والشعير وأخبر فاطمة عليها السلام فقبلت
وأطاعت ، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت
منه خمسة أقراص ، لكل واحد قرصا ، وصلى علي عليه السلام مع النبي صلى الله عليه
وآله المغرب؟ ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم ، فأول لقمة كسرها علي عليه
السلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، أنا مسكين
من مساكين المسلمين ، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة ، فوضع
اللقمة من يده ثم قال :
فاطم ذات المجد
واليقين يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس
المسكين جاء إلى الباب له حنين
يشكو إلى الله
ويستكين يشكو إلينا جائعاً حزين
كل امرئ بكسبه
رهين من يفعل الخير يقف سمين
موعده في جنة
دهين حرمها الله على الضنين
وصاحب البخل يقف
حزين تهوي به النار إلى سجين
شرابه الحميم والغسلين
فأقبلت فاطمة
عليها السلام تقول :
أمرك سمع يا ابن
عم وطاعة ما بي من لؤم ولا رضاعة
غديت باللب
وبالبراعة أرجو إذا أشبعت من مجاعة
أن ألحق الاخيار
والجماعة وأدخل الجنة في شفاعة
وعمدت إلى ما
كان على الخوان فدفعته إلى المسكين ، وباتوا جياعا وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا
الماء القراح.
ثم عمدت إلى
الثلث الثاني من الصوف فغزلته ، ثم أخذت صاعا من الشعير وطحنته وعجنته وخبزت منه
خمسة أقرصة لكل واحد قرصا ، وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليهما ثم أتى
منزله فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه السلام
إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد أنا
يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة ، فوضع
علي عليه السلام اللقمة من يده ثم قال :
فاطم بنت السيد
الكريم بنت نبي ليس بالزنيم
قد جاءنا الله
بذا اليتيم من يرحم اليوم هو الرحيم
موعده في جنة
النعيم حرمها الله على اللئيم
حرمها الله على
اللئيم تهوي به النار إلى الجحيم
شرابه الصديد
والحميم فأقبلت فاطمة عليها السلام وهي
تقول :
فسوف اعطيه ولا
ابالي واؤثر الله على عيالي
أمسوا جياعا وهم
أشبالي أصغرهم يقتل في القتال
بكربلا يقتل
باغتيال لقاتليه الويل مع وبال
يهودي به النار
إلى سفال كبوله زادت على الاكبال
ثم عمدت فأعطته
عليها السلام جميع ما على الخوان ،
وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح ، وأصبحوا صياما ، وعمدت فاطمة عليها السلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف ، وطحنت الصاع
الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا ، وصلى علي عليه السلام المغرب
مع النبي صلى الله عليه وآله ثم أتى منزله ، فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم فأول
لقمة كسرها علي عليه السلام إذا أسير من اسراء المشركين قد وقف بالباب فقال : السلام
عليكم يا أهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا؟ فوضع علي عليه السلام اللقمة
من يده ثم قال :
فاطم يا بنت
النبي أحمد بنت نبي سيد مسود
قد جاءك الاسير
ليس يهتدي مكبلا في غله مقيد
يشكو إلينا
الجوع قد تقدد من يطعم اليوم يجده في
غد
عند العلي
الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصد
فأعطيه لا تجعليه ينكد
فأقبلت فاطمة
عليها السلام وهي تقول :
لم يبق مما كان
غير صاع قد دبرت كفي مع الذراع
شبلاي والله هما
جياع يا رب لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو
اصطناع عبل الذراعين طويل الباع
وما على رأسي من
قناع إلا عبا نسجتها بصاع
وعمدوا إلى ما
كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا ، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء.
قال شعيب في
حديثه : وأقبل علي بالحسن والحسين عليهم السلام نحو رسول الله صلى الله عليه وآله
وهما يرتعشان كالفرخ من شدة الجوع ، فلما بصربهم النبي صلى الله عليه وآله قال
: يا أبا الحسن شد ما يسوؤني ما أرى بكم!؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة ، فانطلقوا إليها
وهي في محرابها ، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلما رآها رسول
الله صلى الله عليه وآله ضمها إليه وقال : واغوثاه بالله؟ أنتم منذ ثلاث فيما
أرى؟ فهبط جبرئيل فقال : يا محمد خذ ما هيا الله لك في أهل بيتك ، قال : وما آخذ
يا جبرئيل؟ قال : « هل أتى على الانسان حين من الدهر » حتى إذا بلغ « إن هذا كان
لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ».
وقال الحسن بن
مهران في حديثه : فوثب النبي صلى الله عليه وآله حتى دخل منزل فاطمة عليها السلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي ويقول :
أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم؟ فهبط عليه جبرئيل بهذه الآيات : « إن
الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها
تفجيرا » قال : هي عين في دار النبي صلى الله عليه وآله يفجر إلى دور الانبياء
والمؤمنين « يوفون بالنذر » يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام
وجاريتهم « ويخافون يوما كان شره مستطيرا » يكون عابسا كلوحا « ويطعمون الطعام علي
حبه » يقول : على شهوتهم للطعام وإيثارهم له « مسكينا » من مساكين المسلمين «
ويتيما » من يتامى المسلمين « وأسيرا » من اسارى المشركين ويقولون إذا أطعموهم : «
إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا » قال :والله ما قولوا هذا لهم
ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم ، يقولون : لا نريد جزاء تكافوننا به
ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكن إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله
تعالى ذكره « فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة » في الوجوه « وسرورا » في القلوب
« وجزاهم بما صبروا جنة » يسكنونها « وحريرا » يفترشونه ويلبسونه « متكئين فيها
على الارائك » والاريكة : السرير عليه الحجلة « لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا » قال
ابن عباس : فبينا أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان ، فيقول
أهل الجنة : يا رب إنك قلت في كتابك : « لا يرون فيها شمسا »؟! فيرسل الله جل اسمه
إليهم جبرئيل فيقول : ليس هذه بشمس ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور
ضحكهما ، ونزلت « هل أتى » فيهم إلى قوله تعالى : « وكان سعيكم مشكورا ».
ـ روى أبو صالح
ومجاهد والضحاك والحسن وعطاء وقتادة ومقاتل والليث وابن عباس وابن مسعود وابن جبير
وعمرو بن شعيب والحسن بن مهران والنقاش والقشيري والثعلبي والواحدي في تفاسيرهم ،
وصاحب أسباب النزول والخطيب المكي في الأربعين وأبو بكر الشيرازي في نزول القرآن
في أمير المؤمنين ، والاشنهي في اعتقاد أهل السنة ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن
الفضل النحوي في العروس في الزهد ، وروى أهل البيت عن لأصبغ بن نباتة وغيره عن
الباقر عليه السلام واللفظ له ، ثم ساق الحديث إلى قوله : وأصبحوا مفطرين ليس
عندهم شيء ، ثم قال : فرآهم النبي صلى الله عليه وآله جياعا فنزل جبرئيل ومعه
صحفة من الذهب ، مرصعة بالدر والياقوت ، مملوءة من الثريد وعراق يفوح منه رائحة
المسك والكافور فجلسوا وأكلوا حتى شبعوا ، ولم تنقص منها لقمة واحدة ، وخرج الحسين
عليه السلام ومعه قطعة عراق ، فنادته امرأة يهودية : يا أهل بيت الجوع من أين لكم
هذا؟ أطعمنيها ، فمد يده الحسين ليطعمها فهبط جبرئيل وأخذها من يده ، ورفع الصحفة
إلى السماء ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : لولا ما أراد الحسين من إطعام
الجارية تلك القصعة لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة لا
تنقص لقمة ، ونزل « يوفون بالنذر » وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ،
ونزل هل أتى في يوم الخامس والعشرين منه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 382 ]
تاريخ النشر : 2025-11-12