أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/مواضيع متفرقة/شخصيات/ابو طالب (عليه السلام)
أخبرني الشيخ
عبد الرحمن بن محمد بن الجوزي وكان ممن يرى كفر أبي طالب ويعتقده بإسناده إلى
الواقدي قال : كان أبو طالب بن عبد المطلب لا يغيب صباح النبي صلى الله عليه وآله
ومساءه ، ويحرسه من أعدائه ، ويخاف أن يغتالوه ، فلما كان ذات يوم فقده ولم يره ،
وجاء المساء فلم يره ، وأصبح فطلبه في مظانه فلم يجده ، فجمع ولدانه وعبيده ومن
يلزمه في نفسه فقال لهم : إن محمدا قد فقدته في أمسنا ويومنا هذا ، ولا أظن إلا أن
قريشا قد اغتالته وكادته ، وقد بقى هذا الوجه ما جئته ، وبعيد أن يكون فيه ، واختار
من عبيده عشرين رجلا فقال : امضوا وأعدوا سكاكين ، وليمض كل رجل منكم وليجلس إلى
جنب سيد من سادات قريش ، فإن أتيت ومحمد معي فلا تحدثن أمرا وكونوا على رسلكم حتى
أقف عليكم ، وإن جئت وما محمد معي فليضرب كل رجل منكم الرجل الذي إلى جانبه من
سادات قريش ، فمضوا وشحذوا سكاكينهم ، ومضى أبو طالب في الوجه الذي أراده ومعه وهط
من قومه ، فوجده في أسفل مكة قائما يصلي إلى جانب صخرة فوقع عليه وقبله وأخذ بيده
وقال : يا ابن أخ قد كدت أن تأتي على قومك ، سر معي.
فأخذ بيده وجاء
إلى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عند الكعبة ، فلما رأوه قد جاء ويده في يد النبي
صلى الله عليه وآله قالوا : هذا أبو طالب قد جاءكم بمحمد ، إن له لشأنا ، فلما وقف
عليهم والغضب يعرف وجهه قال لعبيده : أبرزوا ما في أيديكم ، فأبرز كل واحد منهم ما
في يده ، فلما رأوا السكاكين قالوا : ما هذا يا أبا طالب؟ قال : ما ترون إني طلبت محمدا
فأراه منذ يومين ، فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم ، فأمرت هؤلاء أن يجلسوا إلى
حيث ترون ، وقلت لهم : إن جئت وما محمد معي فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه
ولا يستأذنني فيه ولوكان هاشميا ، قالوا : وهل كنت فاعلا؟
فقال : إي ورب
هذه وأومأ إلى الكعبة فقال له مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان من أحلافه لقد
كدت تأتي على قومك ، قال : هو ذاك ، ومضى به وهو يرتجز :
اذهب بني فما
عليك غضاضة إذهب وقر بذاك منك عيونا
والله لن يصلوا
إليك بجمعهم حتى اوسد في التراب دفينا
ودعوتني وعلمت
أنك ناصحي ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
وذكرت دينا لا
محالة أنه من خير أديان البرية دينا
قال : فرجعت
قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت إليهم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 189 ]
تاريخ النشر : 2025-11-09