أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/مواضيع متفرقة/شخصيات/ابو طالب (عليه السلام)
قال أبو عبد
الله عليه السلام : لما حضر أبا طالب الوفاة جمع وجوه قريش فأوصاهم فقال : يا
معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه ، وقلب العرب ، وأنتم خزنة الله في أرضه وأهل
حرمه ، فيكم السيد المطاع ، الطويل الذراع ، وفيكم المقدم الشجاع الواسع الباع ،
اعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المفاخر نصيبا إلا حزتموه ولا شرفا إلا أدركتموه ،
فلكم على الناس بذلك الفضيلة ، ولهم به إليكم الوسيلة ، والناس لكم حرب وعلى حربكم
ألب ، وإني موصيكم بوصية فاحفظوها ، أوصيكم بتعظىيم هذه البنية فإن فيها مرضاة
الرب وقواما للمعاش وثبوتا للوطأة ، وصلوا أرحامكم ففي صلتها منسأة في الاجل وزيادة
في العدد ، واتركوا العقوق والبغي ففيهما هلكت القرون قبلكم ، أجيبوا الداعي وأعطوا
السائل فإن فيها شرفا للحياة والممات ، عليكم بصدق الحديث وأداء الامانة فإن فيهما
نفيا للتهمة وجلالة في الاعين ، واجتنبوا الخلاف على الناس وتفضلوا عليهم فإن
فيهما محبة للخاصة ومكرمة للعامة وقوة لأهل البيت.
وإني أوصيكم
بمحمد خيرا فإنه الامين في قريش والصديق في العرب ، وهو جامع لهذه الخصال التي
أوصيكم بها ، قد جاء كم بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن ، وايم الله
لكأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل العز في الاطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا
دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره ، فخاض بهم غمرات الموت ، فصارت رؤساء قريش
وصناديدها أذنابا ، ودورها خرابا ، وضعفاؤها أربابا ، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم
إليه ، وأبعدهم منه أخطأهم لديه ، قد محضته العرب ودادها ، وصفت له بلادها ،
وأعطته قيادها ، فدونكم يا معشر قريش ابن أبيكم وأمكم ، كونوا له ولاة ولحربه حماة
، والله لا يسلك أحدمنكم سبيله إلا رشد ، ولا يأخذ أحد بهداه إلا سعد ، ولو كان
لنفسي مدة وفي أجلي تأخير لكفيته الكوافي ولدافعت عنه الدواهي ، غير أني أشهد
بشهادته وأعظم مقالته.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 161 ]
تاريخ النشر : 2025-11-08