أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الأخلاق والآداب/محاسن الأخلاق والآداب/العفو والصفح/الإمام الباقر (عليه السلام)
روى زرارة بن
أعين عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال : كان علي عليه السلام إذا
صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس ، فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء
والمساكين وغيرهم من الناس ، فيعلمهم الفقه والقرآن . وكان له وقت يقوم فيه من
مجلسه ذلك ، فقام يوما فمر برجل فرماه بكلمة هجر - قال ولم يسمه محمد بن علي -
فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر ، وأمر فنودي الصلاة جامعة ، فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال : أيها الناس إنه ليس شئ أحب إلى الله ولا أعم نفعا من حلم إمام وفقهه
، ولا شيء أبغض إلى الله ولا أعم ضررا من جهل إمام وخرقه .
ألا وإنه من لم
يكن له من نفسه واعظ ، لم يكن له من الله حافظ .
ألا وإنه من
أنصف من نفسه ، لم يزده الله إلا عزا .
ألا وإن الذل في
طاعة الله أقرب إلى الله من التعزز في معصيته .
ثم قال : أين
المتكلم آنفا . فلم يستطع الإنكار فقال : ها أنا ذا يا أمير المؤمنين . فقال : أما
إني لو أشاء لقلت . فقال : أو تعفو وتصفح فأنت أهل لذلك .
فقال : عفوت
وصفحت .
فقيل لمحمد بن
علي عليه السلام : ما أراد أن يقول ؟ . قال : أراد أن ينسبه .
وروى زرارة أيضا
قال : قيل لجعفر بن محمد عليه السلام : إن قوما هاهنا ينتقصون عليا عليه السلام .
فقال : بم ينتقصونه لا أبا لهم ؟ ! وهل فيه موضع نقيصة ؟ والله ما عرض لعلي عليه
السلام أمران قط كلاهما لله طاعة إلا عمل بأشدهما وأشقهما عليه !
ولقد كان يعمل
العمل كأنه قائم بين الجنة والنار ، ينظر إلى ثواب هؤلاء فيعمل له ، وينظر إلى
عقاب هؤلاء فينتهي له ، وإن كان ليقوم إلى الصلاة فإذا قال ( وجهت وجهي ) تغير
لونه حتى [ كان ] يعرف ذلك في لونه .
ولقد أعتق ألف
عبد من كد يده ، يعرق فيه جبينه ويحفى فيه كفه . ولقد بشر بعين نبعت في ماله مثل
عنق الجزور فقال : بشر الوارث ، ثم جعلها صدقة على الفقراء والمساكين وابن السبيل
إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ليصرف الله النار عن وجهه .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 34 / صفحة [ 335 ]
تاريخ النشر : 2025-10-29