أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
روي أن عمر بن
الخطاب كان يخطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر في خطبته
أنه ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) فقال له الحسين عليه السلام
من ناحية المسجد : انزل أيها الكذاب عن منبر أبي رسول الله صلى الله عليه وآله
، لا منبر أبيك. فقال له عمر : فمنبر أبيك لعمري يا حسين! لا منبر أبي ، من علمك
هذا؟ أبوك علي بن أبي طالب؟.
فقال له الحسين
: إن أطع أبي فيما أمرني فلعمري إنه لهاد وأنا مهتد به ، وله في رقاب الناس البيعة
على عهد رسول الله (ص) نزل بها جبرئيل عليه السلام من عند الله تعالى لا ينكرها
أحد إلا جاحد بالكتاب ، قد عرفها الناس بقلوبهم وأنكروها بألسنتهم ، وويل للمنكرين
حقنا أهل البيت (ع) ، ما ذا يلقاهم به محمد رسول الله صلى الله عليه وآله من
إدامة الغضب وشدة العذاب؟!.
فقال عمر : يا
حسين! من أنكر حق أبيك فعليه لعنة الله! أمرنا الناس فتأمرنا ، ولو أمروا أباك
لأطعنا. فقال له الحسين (ع) : يا ابن الخطاب! فأي الناس أمرك على نفسه قبل أن تؤمر
أبا بكر على نفسك ليؤمرك على الناس بلا حجة من نبي ولا رضى من آل محمد؟! فرضاكم
كان لمحمد عليه وآله السلام رضى ، أو رضى أهله كان له سخطا؟! أما والله لو أن
للسان مقالا يطول تصديقه ، وفعلا يعينه المؤمنون لما تخطيت رقاب آل محمد (ص) ،
ترقى منبرهم وصرت الحاكم عليهم بكتاب نزل فيهم ، لا تعرف معجمه ، ولا تدري تأويله
إلا سماع الآذان ، المخطئ والمصيب عندك سواء ، فجزاك الله جزاك ، وسألك عما أحدثت
سؤالا حفيا.
قال : فنزل عمر
مغضبا ومشى معه أناس من أصحابه حتى أتى باب أمير المؤمنين صلوات الله عليه ،
فاستأذن عليه فأذن له ، فدخل فقال : يا أبا الحسن! ما لقيت من ابنك الحسين؟!
يجهرنا بصوت في مسجد رسول الله (ص) ويحرض علي الطغام وأهل المدينة؟!.
فقال له الحسن
عليه السلام : مثل الحسين ابن النبي صلى الله عليه وآله يستحث بمن لا حكم له ،
أو يقول بالطغام على أهل دينه ، أما والله ما نلت ما نلت إلا بالطغام ، فلعن الله
من حرض الطغام!.
فقال له أمير
المؤمنين عليه السلام : مهلا يا أبا محمد! فإنك لن تكون قريب الغضب ، ولا لئيم
الحسب ، ولا فيك عروق من السودان ، اسمع كلامي ، ولا تعجل بالكلام. فقال له عمر :
يا أبا الحسن! إنهما ليهمان في أنفسهما بما لا يرى بغير الخلافة.
فقال له أمير
المؤمنين عليه السلام : هما أقرب نسبا برسول الله صلى الله عليه وآله من
أبيهما أما فأرضهما ـ يا ابن الخطاب ـ بحقهما يرض عنك من بعدهما. قال : وما رضاهما
يا أبا الحسن؟ قال : رضاهما الرجعة عن الخطيئة ، والتقية عن المعصية بالتوبة. فقال
له عمر : أدب ـ يا أبا الحسن ـ ابنك أن لا يتعاطى السلاطين الذين هم الحكماء في
الأرض. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : أنا أؤدب أهل المعاصي على معاصيهم ،
ومن أخاف عليه الزلة والهلكة ، فأما من ولده رسول الله (ص) لا يحل أدبه ، فإنه
ينتقل إلى أدب خير له منه ، أما فأرضهما يا ابن الخطاب!.
قال : فخرج عمر
فاستقبله عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ، فقال له عبد الرحمن : يا أبا حفص! ما
صنعت وقد طالت بكما الحجة؟. فقال له عمر : وهل حجة مع ابن أبي طالب وشبليه؟!. فقال
له عثمان : يا ابن الخطاب! هم بنو عبد مناف الأسمنون والناس عجاف. فقال له عمر :
ما أعد ما صرت إليه فخرا فخرت به ، أبحمقك؟. فقبض عثمان على مجامع ثيابه ثم جذبه
ورده ، ثم قال : يا ابن الخطاب! كأنك تنكر ما أقول. فدخل بينهما عبد الرحمن بن عوف وفرق بينهما ،
وافترق القوم.
ـ عن زيد بن علي
، عن أبيه ، أن الحسين بن علي عليهما السلام أتى عمر بن الخطاب ـ وهو على المنبر
يوم الجمعة ـ فقال له : انزل عن منبر أبي. فبكى عمر ، ثم قال : صدقت يا بني ، منبر
أبيك لا منبر أبي! فقال علي عليه السلام : ما هو والله عن رأيي. فقال : صدقت!
والله ما اتهمتك يا أبا الحسن ، ثم نزل عن المنبر فأخذه فأجلسه إلى جانبه على
المنبر فخطب الناس ـ وهو جالس على المنبر معه ـ ، ثم قال : أيها الناس! سمعت نبيكم
صلى الله عليه وآله يقول : احفظوني في عترتي وذريتي ، فمن حفظني فيهم حفظه الله
، ألا لعنة الله على من آذاني فيهم. ثلاثا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 30 / صفحة [ 47 ]
تاريخ النشر : 2025-08-09