أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
في الروضة ، علي
بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ويعقوب السراج ، عن أبي عبد
الله عليه السلام : أن أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد
المنبر فقال : الحمد لله الذي علا فاستعلى ، ودنا فتعالى ، وارتفع فوق كل منظر ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم
النبيين ، وحجة الله على العالمين ، مصدقا للرسل الأولين ، ( وَكانَ
بِالْمُؤْمِنِينَ ) رءوفا ( رَحِيماً ) ، فصلى الله وملائكته عليه وعلى آله.
أما بعد ، أيها
الناس! فإن البغي يقود أصحابه إلى النار ، وإن أول من بغى على الله جل ذكره عناق
بنت آدم ، وأول قتيل قتله الله عناق ، وكان مجلسها جريبا من الأرض في جريب ، وكان
لها عشرون إصبعا في كل إصبع ظفران مثل المنجلين ، فسلط الله عز وجل عليها أسدا
كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا مثل البغل فقتلوها ، وقد قتل الله الجبابرة على أفضل
أحوالهم ، وآمن ما كانوا ، وأمات هامان ، وأهلك فرعون ، وقد قتل عثمان ، ألا وإن
بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله ، والذي بعثه
بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ، ولتساطن سوطة القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم
وأعلاكم أسفلكم ، وليسبقن سابقون كانوا قصروا ، وليقصرن سابقون كانوا سبقوا ،
والله ما كتمت وشمة ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم ، ألا وإن
الخطايا خيل شمس حمل أهلها عليها ، وخلعت لجمها فتقحمت بهم في النار ، ألا وإن
التقوى مطايا ذلل حمل عليها
أهلها وأعطوا أزمتها ، فأوردتهم الجنة ، وفتحت لهم أبوابها ، وجدوا ريحها وطيبها ،
وقيل لهم : ( ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ) ، ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم
أشركه فيه ، ومن لم أهبه له ، ومن ليست له منه نوبة إلا نبي يبعث ، ألا ولا نبي
بعد محمد صلى الله عليه وآله ، أشرف منه ( عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ
بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ ) حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن أمر الباطل لقديما ما فعل ،
ولئن قل الحق فلربما ولعل ولقلما أدبر شيء فأقبل ، ولئن رد عليكم أمركم إنكم سعداء
، وما علي إلا الجهد ، وإني لأخشى أن تكونوا على فترة ملتم عني ميلة كنتم فيها
عندي غير محمودي الرأي ، ولو أشاء لقلت : ( عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ ) ، سبق فيه
الرجلان وقام الثالث كالغراب همه بطنه ، ويله! لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له
، شغل عن الجنة والنار أمامه ، ثلاثة واثنان ، خمسة ليس لهم سادس ، ملك يطير
بجناحيه ، ونبي أخذ الله بضبعيه ، وساع مجتهد ، وطالب يرجو ، ومقصر في النار ،
اليمين والشمال مضلة والطريق الوسطى هي الجادة ، عليها يأتي الكتاب (6) وآثار
النبوة ، هلك من ادعى ، و ( خابَ مَنِ افْتَرى ) ، إن الله أدب هذه الأمة بالسيف
والسوط وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة ، فاستتروا في بيوتكم ( وَأَصْلِحُوا
ذاتَ بَيْنِكُمْ ) ، والتوبة من ورائكم ، من أبدى صفحته للحق هلك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 29 / صفحة [ 599 ]
تاريخ النشر : 2025-08-07