أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
وجدت في بعض
مؤلفات قدماء أصحابنا في الاخبار ما هذا لفظه : مناظرة الحروري والباقر عليه السلام
: قال الحروري : إن في أبي بكر أربع خصال استحق بها الامامة ، قال الباقر عليه السلام
: ماهن؟ قال : فانه أول الصديقين ولا نعرفه حتى يقال : الصديق ، والثانية : صاحب
رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار ، والثالثة : المتولي أمر الصلاة ،
والرابعة : ضجيعه في قبره.
قال أبو جعفر
عليه السلام : أخبرني عن هذه الخصال هن لصاحبك بان بها من الناس أجمعين؟ قال :
نعم.
قال أبو جعفر
عليه السلام : ويحك هذه الخصال تظن أنهن مناقب لصاحبك وهي مثالب له ، أما قوله :
كان صديقا ، فاسألوه من سماه بهذا الاسم ، قال الحروري : الله ورسوله، قال أبو
جعفر عليه السلام : اسأل الفقهاء هل أجمعوا على هذا من رواياتهم أن أبا بكر أول
من آمن برسول الله؟ قالت الجماعة : اللهم لا ، وقد روينا أن ذلك علي بن أبي طالب.
قال الحروري :
أوليس قد زعمتم أن علي بن أبي طالب لم يشرك بالله في وقت من الاوقات؟ فان كان ما
رويتم حقا فأحرى أن يستحق هذا الاسم ، قالت الجماعة : أجل ، قال أبو جعفر عليه السلام
: يا حروري إن كان سمي صاحبك صديقا بهذه الخصلة فقد استحقها غيره قبله ، فيكون
المخصوص بهذا الاسم دون أبي بكر إذ كان أول المؤمنين من جاء بالصدق وهو رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وكان علي عليه السلام هو المصدق. فانقطع الحروري.
قال أبو جعفر
عليه السلام : وأما ما ذكرت أنه صاحب رسول الله (ص) في الغار فذلك رذيلة لا فضيلة
من وجوه : الاول أنا لا نجد له في الآية مدحا أكثر من خروجه معه وصحبته له وقد
أخبر الله في كتابه أن الصحبة قد يكون للكافر مع المؤمن حيث يقول : « قال له صاحبه
وهو يحاوره أكفرت » وقوله : « أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من
جنة » ولا مدح له في صحبته إذ لم يدفع عنه ضيما ولم يحارب عنه عدوا.
الثاني قوله
تعالى : « لا تحزن إن الله معنا » وذلك يدل على قلقه وضرعه وقلة صبره وخوفه على
نفسه وعدم وثوقه بما وعده الله ورسوله من السلامة والظفر ولم يرض بمساواته للنبي
صلى الله عليه وآله حتى نهاه عن حاله.
ثم إني أسألك عن
حزنه هل كان رضا لله تعالى أو سخطا له؟ فان قلت : إنه رضا لله تعالى خصمت لان
النبي صلى الله عليه وآله لا ينهى عن شيء لله فيه رضا ، وإن قلت: إنه سخط فما
فضل من نهاه رسول الله (ص) عن سخط الله؟ وذلك أنه إن كان أصاب في حزنه فقد أخطأ من
نهاه ، وحاشا النبي (ص) أن يكون قد أخطأ ، فلم يبق إلا أن حزنه كان خطأ ، فنهاه
رسول الله صلى الله عليه وآله عن خطائه.
الثالث قوله
تعالى : « إن الله معنا » تعريف لجاهل لم يعرف حقيقة ما يهم فيه ، ولو لم يعرف
النبي صلى الله عليه وآله فساد اعتقاده لم يحسن منه القول : « إن الله معنا »
وأيضا فان الله تعالى مع الخلق كلهم حيث خلقهم ورزقهم وهم في علمه كما قال الله
تعالى : « ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم » فلا فضل لصاحبك في هذا الوجه.
والرابع قوله
تعالى : « فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها » فيمن نزلت؟ قال : على
رسول الله ، قال له أبو جعفر عليه السلام : فهل شاركه أبو بكر في السكينة؟ قال
الحروري : نعم ، قال له أبو جعفر عليه السلام : كذبت لأنه لو كان شريكا فيها لقال
تعالى : « عليهما » فلما قال : « عليه » دل على اختصاصها بالنبي صلى الله عليه
وآله لما خصه بالتأييد بالملائكة ، لان التأييد بالملائكة لا يكون لغير النبي صلى الله
عليه وآله بالإجماع ولو كان أبو بكر ممن يستحق المشاركة هنا لأشركه الله فيها كما
أشرك فيها المؤمنين يوم حنين حيث يقول : « ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته
على رسوله وعلى المؤمنين » ممن يستحق المشاركة لأنه لم يصبر مع النبي صلى الله
عليه وآله غير تسعة نفر : علي عليه السلام وستة من بني هاشم وأبو دجانة الانصاري
وأيمن بن أم أيمن ، فبان بهذا أن أبا بكر لم يكن من المؤمنين ، ولو كان مؤمنا
لأشركه مع النبي صلى الله عليه وآله في السكينة هنا ، كما أشرك فيها المؤمنين
يوم حنين.
فقال الحروري :
قوموا فقد أخرجه من الايمان.
فقال أبو جعفر
عليه السلام : ما أنا قلته وإنما قاله الله تعالى في محكم كتابه.
قالت الجماعة :
خصمت يا حروري.
قال أبو جعفر
عليه السلام : وأما قولك في الصلاة بالناس فان أبا بكر قد خرج تحت يد اسامة بن
زيد بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بإجماع الامة ، وكان اسامة قد عسكر على
أميال من المدينة فكيف يتقدر أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا قد
أخرجه تحت يد اسامة وجعل اسامة أميرا عليه أن يصلي بالناس بالمدينة ، ولم يأمر
النبي صلى الله عليه وآله برد ذلك الجيش ، بل كان يقول : «نفذوا جيش اسامة لعن
الله من تأخر عنه».
ثم أنتم تقولون
: إن أبا بكر لما تقدم بالناس وكبر وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله التكبير
خرج مسرعا يتهادى بين علي والفضل بن العباس وهو معصب الرأس ورجلاه يخطان الارض من
الضعف قبل أن يركع بهم أبو بكر حتى جاء رسول الله (ص) ونحاه عن المحراب ، فلو كان
النبي أمره بالصلاة لم يخرج إليه مسرعا على ضعفه ذلك أن لا يتم له ركوع ولا سجود ،
فيكون ذلك حجة له ، فدل على أنه لم يكن أمره.
والحديث الصحيح
أن رسول الله (ص) في حال مرضه كان إذا حضر وقت الصلاة أتاه بلال فيقول : الصلاة
يارسول الله ، فان قدر على الصلاة بنفسه تحامل وخرج وإلا أمر عليا عليه السلام
يصلي بالناس.
قال أبو جعفر
عليه السلام : الرابعة زعمت أنه ضجيعه في قبره.
قال : نعم. قال
أبو جعفر عليه السلام : وأين قبر رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال الحروري
في بيته.
قال أبو جعفر :
أوليس قال الله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن
لكم » فهل استأذنه في ذلك؟
قال الحروري :
نعم. قال أبو جعفر عليه السلام : كذبت ،لان رسول الله صلى الله عليه وآله سد
بابه عن المسجد وباب صاحبه عمر ، فقال عمر : يارسول الله اترك لي كوة أنظرك منها ،
قال له : « ولا مثل قلامة ظفر » فأخرجهما وسد أبوابهما ، فأقم البينة على أنه أذن
لهما في ذلك.
فقال أبو جعفر
عليه السلام : بأي وحي وبأي نص؟ قال : بما لا يدفع بميراث ابنتيهما قال أبو جعفر
عليه السلام : أصبت أصبت يا حروري استحقا بذلك تسعا من ثمن ، وهو جزء من اثنين
وسبعين جزءا لان رسول الله (ص) مات عن ابنته فاطمة عليها السلام وعن تسع نسوة
وأنتم رويتم أن الأنبياء لا تورث. فانقطع الحروري.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 27 / صفحة [ 321 ]
تاريخ النشر : 2025-07-14