كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام)/الامامة
قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : من أدى الزكاة إلى مستحقها وقضى الصلاة على حدودها ولم
يلحق بهما من الموبقات ما يبطلهما جاء يوم القيامة يغبطه كل من في تلك العرصات حتى
يرفعه نسيم الجنة إلى أعلى غرفها وعلاليها بحضرة من كان يواليه من محمد وآله
الطيبين ، ومن بخل بزكاته وأدى صلاته فصلوته محبوسة دون السماء إلى أن يجيئ حين
زكاته فان أداها جعلت كأحسن الافراس مطية لصلاته فحملتها إلى ساق العرش فيقول الله
عزوجل : سر إلى الجنان فاركض فيها إلى يوم القيامة فما انتهى إلى ركضك ، فهو كله
بسائر ما تمسه لباعثك.
فيركض فيها على
أن كل ركضة مسيرة سنة في قدر لمحة بصره من يومه إلى يوم القيامة حتى ينتهى به يوم
القيامة إلى حيث ما شاء الله تعالى ،
فيكون ذلك كله له ومثله عن
يمينه وشماله وأمامه وخلفه وفوقه وتحته ، فان بخل بزكاته ولم يؤدها امر بالصلاة
فردت إليه ولفت كما يلف الثوب الخلق ثم يضرب بها وجهه ويقال له : يا عبد الله ما
تصنع بهذا دون هذا؟
قال : فقال له
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : ما أسوأ حال هذا والله قال رسول الله صلى
الله عليه وآله : أولا انبئكم بأسوأ حالا من هذا؟ قالوا : بلى يارسول الله قال
: رجل حضر الجهاد في سبيل الله فقتل مقبلا غير مدبر والحور العين يطلعن إليه وخزان
الجنان يتطلعون ورود روحه عليهم ، وأملاك الارض يتطلعون نزول حور العين إليه ،
والملائكة وخزان الجنان فلا يأتونه.
فتقول ملائكة
الارض حوالي ذلك المقتول : ما بال الحور العين لا ينزلن إليه؟ وما بال خزان الجنان
لا يردون عليه ، فينادون من فوق السماء السابعة : يا أيتها الملائكة انطروا إلى
آفاق السماء ودوينها ، فينطرون فاذا توحيد هذا العبد وإيمانه برسول الله صلى الله
عليه وآله وصلاته وزكاته وصدقته وأعمال بره كلها محبوسات دوين السماء قد طبقت
آفاق السماء كلها كالقافلة العظيمة قد ملات ما بين أقصى المشارق والمغارب ومهاب
الشمال والجنوب ، تنادي أملاك تلك الاثقال الحاملون لها الواردون بها : ما بالنا لا تفتح لنا أبواب السماء لندخل إليها
بأعمال هذا الشهيد.
فيأمر الله بفتح
أبواب السماء فتفتح ، ثم ينادي : يا هؤلاء الملائكة أدخلوها إن قدرتم، فلا تقلهم
أجنحتهم ولا يقدرون على الارتفاع بتلك الاعمال فيقولون : يا ربنا لا نقدر على
الارتفاع بهذه الاعمال فيناديهم منادي ربنا عزوجل : يا أيها الملائكة لستم حمال
هذه الاثقال الصاعدين بها إن حملتها الصاعدين بها مطاياها التي ترفعها إلى دوين
العرش ، ثم تقرها في درجات الجنان.
فيقول الملائكة
: يا ربنا ما مطاياها؟ فيقول الله تعالى : وما الذي حملتم من عنده؟ فيقولون :
توحيده لك وإيمانه بنبيك ، فيقول الله تعالى : فمطاياها موالاة علي أخي نبيي،
وموالاة الائمة الطاهرين ، فان أتت فهي الحاملة الرافعة الواضعة لها في الجنان ،
فينظرون فاذا الرجل مع ماله من هذه الاشياء ليس له موالاة علي والطيبين من آله
ومعاداة أعدائهم ، فيقول الله تبارك وتعالى للأملاك الذين كانوا حامليها :
اعتزلوها والحقوا بمراكزكم من ملكوتي ليأتيها من هو أحق بحملها ووضعها في موضع
استحقاقها ، فتلحق تلك الاملاك بمراكزها المجعولة لها.
ثم ينادي منادي
ربنا عزوجل : يا أيتها الزبانية تناوليها وحطيها إلى سواء الجحيم لان صاحبها لم يجعل لها مطايا
من موالاة علي عليه السلام والطيبين من آله ، قال : فتنادي تلك الاملاك ويقلب
الله تلك الاثقال أوزارا وبلايا على باعثها لما فارقها عن مطاياها من موالاة أمير
المؤمنين عليه السلام ، ونادت تلك الملائكة إلى مخالفته لعلي عليه السلام
وموالاته لأعدائه فيسلطها الله عزوجل وهي في صورة الاسود على تلك الاعمال وهي
كالغربان والقرقس ، فيخرج من أفواه تلك الاسود نيران تحرقها ولا يبقى له عمل إلا
احبط ، ويبقى عليه موالاته لأعداء علي عليه السلام وجحده ولايته فيقر ذلك في سواء
الجحيم ، فاذا هو قد حبطت أعماله وعظمت أوزاره وأثقاله فهذا أسوأ حالا من مانع
الزكاة الذي يحفظ الصلاة.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 27 / صفحة [ 187 ]
تاريخ النشر : 2025-06-22