التفسير بالمأثور/تأويل الآيات والروايات/الإمام الباقر (عليه السلام)
أبي عن حماد بن
عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عليه السلام قال : جاء
رجل إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال له إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت
في القرآن في أي يوم نزلت وفيمن نزلت فقال أبي عليه السلام سله فيمن نزلت ( وَمَنْ
كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) وفيمن نزلت ( وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ
أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) وفيمن
نزلت ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) فأتاه
الرجل فسأله فقال وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به فأسأله عن العرش مم خلقه الله
ومتى خلق وكم هو وكيف هو فانصرف الرجل إلى أبي عليه السلام فقال أبي عليه السلام
فهل أجابك بالآيات قال لا قال أبي لكن أجيبك فيها بعلم ونور غير المدعى ولا
المنتحل أما قوله (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى
وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ففيه نزل وفي أبيه وأما قوله ( وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي
إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ) ففي أبيه نزلت وأما الأخرى ففي بنيه نزلت
وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا به وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط
وأما ما سأل عنه من العرش مم خلقه الله فإن الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله إلا
ثلاثة أشياء الهواء والقلم والنور ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور نور
أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أحمر منه احمرت الحمرة
ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول
العرش إلى أسفل السافلين ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة
وألسنة غير مشتبهة لو أذن للسان واحد فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون
وكشف البحار ولهلك ما دونه له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا
يحصي عددهم إلا الله يسبحون بالليل والنهار (لا يَفْتُرُونَ) ولو أحس حس شيء مما
فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه وبين الإحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس
والرحمة والعلم وليس وراء هذا مقال فقال لقد طمع الحائر في غير مطمع أما إن في
صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم فيخرجون أقواما من دين الله وستصبغ الأرض بدماء
أفراخ من أفراخ آل محمد تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير مدرك ويرابط الذين
آمنوا ويصبرون ويصابرون ( حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ
).
ـ عن أبي الطفيل
عامر بن واثلة عن أبي جعفر عليه السلام قال : جاء رجل إلى أبي فقال ابن عباس يزعم
أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيمن نزلت قال فسله فيمن نزلت (
وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً )
وفيمن نزلت ( وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ
كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) وفيمن نزلت ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) فأتاه الرجل فغضب وقال وددت أن الذي
أمرك بهذا واجهني فأسائله ولكن سله عن العرش مم خلق وكيف هو فانصرف الرجل إلى أبي
فقال ما قيل له فقال هل أجابك في الآيات قال لا قال لكني أجيبك فيها بنور وعلم غير
المدعى ولا المنتحل أما الأوليان فنزلتا فيه وفي أبيه وأما الأخرى فنزلت في أبي
وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد وسيكون من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 24 / صفحة [ 374 و 378 ]
تاريخ النشر : 2025-03-11