التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الباقر (عليه السلام)
الكافي علي بن
محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه
السلام في قول الله عز وجل : ( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها
حُسْناً ) قال من تولى الأوصياء من آل محمد
صلى الله عليه وآله واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين
والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليه السلام وهو قول الله عز وجل : (
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) تدخله الجنة وهو قول الله عز وجل
: ( قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) يقول أجر المودة الذي لم
أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة وقال لأعداء الله
أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار ( قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ
وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) يقول متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله فقال
المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن
يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا ما أنزل الله هذا وما هو إلا شيء يتقوله يريد أن
يرفع أهل بيته على رقابنا ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها
فيهم أبدا وأراد الله أن يعلم نبيه الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به فقال في كتابه
عز وجل ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ
يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ ) يقول لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا
بمودتهم وقد قال الله عز وجل ( وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ
بِكَلِماتِهِ ) يقول الحق لأهل بيتك الولاية ( إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
) ويقول بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك وهو قول الله عز
وجل : ( وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) وفي قول الله عز وجل
: ( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) قال أقسم بقبر محمد
صلى الله عليه وآله إذا قبض ( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ ) بتفضيله أهل بيته (
وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) يقول ما يتكلم لفضل أهل بيته بهواه وهو قول
الله عز وجل : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) وقال الله عز وجل لمحمد (قُلْ
لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي
وَبَيْنَكُمْ) قال لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم
بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي فكان مثلكم كما قال الله عز وجل ( كَمَثَلِ
الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ) يقول أضاءت الأرض بنور
محمد صلى الله عليه وآله كما تضيء الشمس
فضرب مثل محمد صلى الله عليه وآله الشمس
ومثل الوصي القمر وهو قوله عز وجل : ( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً
) وقوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ
مُظْلِمُونَ) وقوله عز وجل : ( ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي
ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) يعني قبض محمد
صلى الله عليه وآله فظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عز وجل
: ( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ
إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع العلم الذي كان عنده
عند الوصي وهو قول الله عز وجل : ( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) يقول
أنا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يهتدى به مثل المشكاة
فيها المصباح فالمشكاة قلب محمد صلى الله
عليه وآله والمصباح النور الذي فيه العلم وقوله (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) يقول
إني أريد أن أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة (
كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ ) فأعلمهم فضل الوصي ( يُوقَدُ ) من شجرة مباركة فأصل
الشجرة المباركة إبراهيم عليه السلام وهو قول الله عز وجل : ( رَحْمَتُ اللهِ
وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) وهو قول الله
عز وجل : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ
عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (
لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) يقول لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ولا نصارى
فتصلوا قبل المشرق وأنتم على ملة إبراهيم عليه السلام وقد قال الله عز وجل ( ما
كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً
وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) وقوله عز وجل : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ
لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يقول
مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون ( يَكادُ زَيْتُها
يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ
مَنْ يَشاءُ ) يقول يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 24 / صفحة [ 367 ]
تاريخ النشر : 2025-03-11