أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/الإمام علي (عليه السلام)
أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد
الله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا هشام، قال:
حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن عاصم، قال: حدثنا جبر بن نوف،
قال: لما أراد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) المسير إلى الشام، اجتمع إليه وجوه
أصحابه فقالوا: لو كتبت يا أمير المؤمنين إلى معاوية وأصحابه قبل مسيرنا إليهم
كتابا تدعوهم إلى الحق، وتأمرهم بما لهم فيه الحظ، كانت الحجة تزداد عليهم قوة.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لعبيد
الله بن أبي رافع كاتبه: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير
المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ومن قبله من الناس، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم
الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد، فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل،
وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وأنت يا
معاوية وأبوك وأهلك في ذلك الزمان أعداء الرسول، مكذبون بالكتاب، مجمعون على حرب
المسلمين، من لقيتم منهم حبستموه وعذبتموه وقتلتموه، حتى إذا أراد الله (تعالى)
إعزاز دينه وإظهار رسوله، دخلت العرب في دينه أفواجا، وأسلمت هذه الأمة طوعا
وكرها، وكنتم ممن دخل في هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، فليس ينبني لكم أن تنازعوا
أهل السبق ومن فاز بالفضل، فإنه من نازعه منكم فبحوب وظلم، فلا ينبغي لمن كان له قلب
أن يجهل قدره، ولا يعدو طوره، ولا يشقي نفسه بالتماس ما ليس له.
إن أولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا
أقربهم برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأعلمهم بالكتاب، وأقدمهم في الدين،
وأفضلهم جهادا، وأولهم إيمانا، وأشدهم اضطلاعا بما تجهله الرعية من أمرها. فاتقوا الله
الذي إليه ترجعون ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا به الحق.
واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون
بما يعلمون، وأن شرهم الجهلاء الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، ألا وإني أدعوكم
إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وحقن دماء هذه الأمة، فإن قبلتم أصبتم
رشدكم وهديتم لحظكم، وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الأمة لم تزدادوا من الله
إلا بعدا، ولم يزدد عليكم إلا سخطا، والسلام. قال: فكتب إليه معاوية: أما بعد، إنه
ليس بيني وبين قيس عتاب، غير طعن الكلى وجز الرقاب.
فلما وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) على
جوابه بذلك قال: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 183
تاريخ النشر : 2024-09-04