أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
" وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها
بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة " فإن الله عزوجل أوحى إلى موسى: إني انزل
عليك التوراة التي فيها الاحكام إلى أربعين يوما، وهو ذو القعدة وعشرة من ذي الحجة،
فقال موسى عليه السلام لأصحابه: إن الله تبارك وتعالى قد وعدني أن ينزل علي التوراة
والالواح إلى ثلاثين يوما، وأمره الله أن لا يقول: إلى أربعين يوما، فتضيق صدورهم،
فذهب موسى إلى الميقات، واستخلف هارون على بني إسرائيل، فلما جاوز ثلاثين
يوما ولم يرجع موسى غضبوا فأرادوا أن يقتلوا هارون وقالوا: إن موسى كذبنا وهرب
منا، واتخذوا العجل وعبدوه، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله على موسى الالواح
وما يحتاجون إليه من الاحكام والاخبار والسنن والقصص، فلما أنزل الله عليه التوراة
وكلمه قال: " رب أرني أنظر إليك " فأوحى الله
إليه: " لن تراني " أي لا تقدر على ذلك " ولكن انظر إلى الجبل فإن
استقر مكانه فسوف تراني " قال: فرفع الله
الحجاب ونظر إلى الجبل فساخ الجبل في البحر فهو يهوي
حتى الساعة، ونزلت الملائكة وفتحت أبواب السماء، فأوحى الله إلى الملائكة: أدركوا
موسى لا يهرب، فنزلت الملائكة وأحاطت بموسى وقالوا: اثبت يا ابن عمران فقد سألت
عظيما، فلما نزل موسى إلى الجبل قد ساخ والملائكة قد نزلت وقع على وجهه فمات من
خشية الله وهول ما رأى فرد الله عليه روحه فرفع رأسه وأفاق وقال: " سبحانك تبت
إليك وأنا أول المؤمنين " أي أول من صدق أنك لا ترى، فقال الله له: " يا
موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي
وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " فناداه جبرئيل:
يا موسى أنا أخوك جبرئيل. وقوله: " وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا
" أي كل شئ موعظة أنه مخلوق. وقوله: " فخذها بقوة " أي قوة القلب
" وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " أي بأحسن
ما فيها من الاحكام. وقوله: " ساريكم دار الفاسقين "
أي يجيئكم قوم فساق تكون الدولة لهم. قوله: " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في
الارض بغير الحق " يعني أصرف القرآن عن الذين يتكبرون في الارض بغير الحق
" وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا
سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا " قال: إذا رأوا الايمان
والصدق والوفاء والعمل الصالح لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا الشرك والزنا والمعاصي
يأخذوا بها ويعملوا بها. وقوله: " والذين كذبوا بآياتنا " الآية، فإنه محكم.
قوله: " هذا إلهكم وإله موسى فنسي " أي ترك. وقوله: "
أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا " يعني لا يتكلم العجل وليس له
منطق. وأما قوله: " ولما سقط في أيديهم " يعني لما جاءهم موسى وأحرق
العجل " قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا
لنكونن من الخاسرين ". قوله: " ولما رجع موسى إلى
قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الالواح وأخذ
برأس أخيه يجره إليه " إلى قوله: " لغفور رحيم " فإنه محكم، وقوله:
" واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما
أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي
" فإن موسى عليه السلام لما قال لبني إسرائيل: إن الله يكلمني ويناجيني لم يصدقوه،
فقال لهم: اختاروا منكم من يجئ معي حتى يسمع كلامه، فاختاروا سبعين رجلا من خيارهم
وذهبوا مع موسى إلى الميقات، فدنا موسى وناجى ربه وكلمه الله تبارك وتعالى، فقال
موسى لأصحابه: اسمعوا واشهدوا عند بني إسرائيل بذلك، فقالوا له: " لن نؤمن لك حتى
نرى الله جهرة " فاسأله أن يظهر لنا، فأنزل الله عليهم صاعقة فاحترقوا وهو قوله:
" وإذ فلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنت تنظرون
* ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " فهذه الآية في سورة البقرة وهي مع هذه
الآية في سورة الاعراف، قوله: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا "
فنصف الآية في سورة البقرة ونصف الآية ههنا،
فلما نظر موسى إلى أصحابه قد هلكوا حزن عليهم
فقال: " رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا "
وذلك أن موسى ظن أن هؤلاء هلكوا بذنوب بني
إسرائيل فقال: " إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء
وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين * واكتب لنا في هذه
الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك " فقال الله تبارك وتعالى: "
عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت
كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكوة والذين هم بآياتنا يؤمنون ".
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 13 / صفحة [213]
تاريخ النشر : 2024-08-11