أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
" واذكر في
الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا " قال: خرجت إلى النخلة اليابسة
" فاتخذت من دونهم حجابا " قال: في
محرابها " فأرسلنا إليها روحنا " يعني جبرئيل عليه السلام
" فتمثل لها بشرا سويا * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا " فقال لها
جبرئيل: " إنما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا " فأنكرت ذلك لأنه لم
يكن في العادة أن تحمل المرأة من غير فحل،
فقالت: " أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك
بغيا " ولم يعلم جبرئيل أيضا كيفية القدرة فقال لها: " كذلك قال ربك هو
علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا
مقضيا " قال: فنفخ في جيبها فحملت بعيسى عليه
السلام بالليل فوضعته بالغداة، وكان حملها تسع ساعات جعل
الله الشهور لها ساعات، ثم ناداها جبرئيل: " وهزي إليك بجذع النخلة " أي
هزي النخلة اليابسة، فهزت وكان ذلك اليوم
سوقا فاستقبلها الحاكة وكانت الحياكة أنبل صناعة
في ذلك الزمان، فأقبلوا على بغال شهب، فقالت لهم مريم: أين النخلة اليابسة ؟ فاستهزأوا
بها وزجروها، فقالت لهم: جعل الله كسبكم نزرا، وجعلكم في الناس عارا، ثم
استقبلها قوم من التجار فدلوها على النخلة اليابسة فقالت لهم: جعل الله البركة في
كسبكم، وأحوج الناس إليكم، فلما بلغت النخلة أخذها المخاض فوضعت بعيسى، فلما نظرت
إليه قالت: " ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " ماذا أقول لخالي ؟
وماذا أقول لبني إسرائيل ؟ فناداها عيسى من
تحتها: " ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " أي نهرا
" وهزي إليك بجذع النخلة " أي حركي النخلة " تساقط عليك رطبا جنيا
" أي طيبا، وكانت النخلة قد يبست منذ دهر طويل
فمدت يدها إلى النخلة فأورقت وأثمرت وسقط عليها الرطب
الطري وطابت نفسها، فقال لها عيسى: قمطيني وسويني ثم افعلي كذا وكذا، فقمطته وسوته،
وقال لها عيسى: " فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت
للرحمن صوما " وصمتا كذا نزلت " فلن أكلم اليوم إنسيا " ففقدوها في
المحراب فخرجوا في طلبها، وخرج خالها زكريا
عليه السلام فأقبلت وهو في صدرها وأقبلن مؤمنات بني
إسرائيل يبزقن في وجهها، فلم تكلمهن حتى دخلت في محرابها، فجاء إليها بنو إسرائيل
وزكريا فقالوا لها: " يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما كان أبوك
امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " ومعنى قولهم: يا أخت هارون أن هارون كان رجلا فاسقا
زانيا فشبهوها به، من أين هذا البلاء الذي جئت به والعار الذي ألزمته بني إسرائيل
؟ فأشارت إلى عيسى في المهد فقالوا لها: " كيف نكلم من كان في المهد صبيا
" فأنطق الله عيسى عليه السلام فقال:
" إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني
مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلوة والزكوة مادمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني
جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت
ويوم أبعث حيا * ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون " أي يتخاصمون،
فقال الصادق عليه السلام في قوله: " وأوصاني بالصلوة
والزكوة " قال: زكاة الرؤوس، لان كل الناس ليست لهم أموال، وإنما الفطرة على
الغني والفقير والصغير والكبير.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [208]
تاريخ النشر : 2024-08-10