أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري
قال الله
تعالى في قصة يحيى: " يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا
" قال: لم يخلق أحدا قبله اسمه يحيى، فحكى الله قصته إلى قوله: " يا
يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا "
قال: ومن ذلك الحكم أنه كان صبيا فقال له الصبيان:
هلم نلعب، فقال: أوه والله ما للعب خلقنا، وإنما خلقنا للجد
لأمر عظيم، ثم قال: " وحنانا من لدنا " يعني تحننا ورحمة على والديه
وسائر عبادنا " وزكاة " يعني طهارة
لمن آمن به وصدقه " وكان تقيا " يتقي الشرور والمعاصي "
وبرا بوالديه " محسنا إليهما، مطيعا لهما " ولم يكن جبارا عصيا "
يقتل على الغضب ويضرب على الغضب، لكنه ما من عبد لله
عزوجل إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ماخلا يحيى
بن زكريا عليه السلام، فإنه لم يذنب ولم يهم بذنب، ثم قال الله عزوجل: "
وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
". وقال أيضا في قصة يحيى: " هنالك دعا زكريا
ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " يعني لما رأى زكريا عليه
السلام عند مريم فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء وقال لها: "
يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " وأيقن زكريا أنه
من عند الله إذ كان لا يدخل عليها أحد غيره قال عند ذلك في نفسه: إن الذي يقدر أن
يأتي مريم بفاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء لقادر أن يهب لي ولدا وإن
كنت شيخا وكانت امرأتي عاقرا، فهنالك دعا زكريا ربه فقال: " رب هب لي من لدنك ذرية
طيبة إنك سميع الدعاء " قال الله عزوجل: " فنادته الملائكة " يعني
نادت زكريا " وهو قائم يصلي في المحراب أن
الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله " قال: مصدقا بعيسى،
يصدق يحيى بعيسى " وسيدا " يعني رئيسا في طاعة الله على أهل طاعته
" وحصورا " وهو الذي لا يأتي النساء
" ونبيا من الصالحين " قال: وكان أول تصديق يحيى بعيسى
أن زكريا كان لا يصعد إلى مريم في تلك الصومعة غيره يصعد إليها بسلم، فإذا نزل
أقفل عليها ثم فتح لها من فوق الباب كوة صغيرة يدخل عليها منها الريح، فلما وجد مريم
وقد حبلت ساءه ذلك وقال في نفسه: ما كان يصعد إلى هذه أحد غيري وقد حبلت، والآن
أفتضح في بني إسرائيل لا يشكون أني أحبلتها، فجاء إلى امرأته فقال لها ذلك، فقالت:
يا زكريا لا تخف فإن الله لن يصنع بك إلا خيرا، وايتني
بمريم أنظر إليها وأسألها عن حالها، فجاء بها زكريا
عليه السلام إلى امرأته، فكفى الله مريم مؤونة الجواب عن السؤال، فلما دخلت إلى
أختها - هي الكبرى، ومريم الصغرى - لم تقم إليها امرأة زكريا، فأذن الله ليحيى وهو
في بطن أمه فنخس في بطنها وأزعجها ونادى أمه: تدخل إليك سيدة نساء العالمين مشتملة
على سيد رجال العالمين فلا تقومين إليها ؟ ! فانزعجت وقامت إليها، وسجد يحيى وهو
في بطن أمه لعيسى بن مريم، فذلك أول تصديقه، فكذلك قول رسول الله صلى الله عليه
وآله في الحسن والحسين عليهما السلام: إنهما سيدا شباب أهل الجنة إلا ما كان
من ابني الخالة يحيى وعيسى.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [185]
تاريخ النشر : 2024-07-28