أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/النبي صالح عليه السلام/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن محمد، عن علي بن عباس، عن الحسن
بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قلت له: " كذبت ثمود بالنذر * فقالوا
أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * أَأُلْقِيَ الذكر عليه من بيننا
بل هو كذاب أشر " قال: هذا كان بما كذبوا صالحا "، وما أهلك الله عزوجل
قوما حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل فيحتجوا
عليهم، فبعث الله إليهم صالحا " فدعاهم إلى الله
فلم يجيبوه وعتوا عليه عتوا وقالوا: لن نؤمن لك حتى تخرج إلينا من هذه الصخرة
ناقة عشراء، وكانت الصخرة يعظمونها ويعبدونها ويذبحون عندها في رأس كل سنة ويجتمعون
عندها، فقالوا له: إن كنت كما تزعم نبيا " رسولا " فادع لنا إلهك حتى
يخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء،
فأخرجها الله كما طلبوا منه، ثم أوحى الله تبارك وتعالى إليه:
أن يا صالح قل لهم: إن الله قد جعل لهذه الناقة
شرب يوم ولكم شرب يوم، فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم فيحلبونها
فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك، فإذا كان الليل وأصبحوا
غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم ولم تشرب الناقة ذلك اليوم، فمكثوا بذلك
ما شاء الله، ثم إنهم عتوا على الله ومشى بعضهم إلى بعض وقالوا: اعقروا هذه الناقة
واستريحوا منها، لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم ولها شرب يوم. ثم قالوا: من الذي
يلي قتلها ونجعل له جعلا ما أحب ؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق ولد زنا لا يعرف
له أب يقال له قدار، شقي من الأشقياء، مشؤوم عليهم، فجعلوا له جعلا، فلما توجهت
الناقة إلى الماء الذي كانت ترده تركها حتى شربت الماء وأقبلت راجعة فقعد لها في
طريقها فضربها بالسيف ضربة فلم تعمل شيئا "، فضربها ضربة اخرى فقتلها، وخرت
إلى الأرض على جنبها، وهرب فصيلها حتى صعد
على الجبل فرغا " ثلاث مرات إلى السماء، وأقبل
قوم صالح فلم يبق أحد إلا شركه في ضربته، واقتسموا لحمها فيما بينهم فلم يبق منهم
صغير ولا كبير إلا أكل منها، فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم فقال: يا قوم ما دعاكم
إلى ما صنعتم ؟ أعصيتم ربكم ؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إلى صالح عليه السلام أن
قومك قد طغوا وبغوا وقتلوا ناقة بعثتها إليهم حجة عليهم، ولم يكن عليهم فيها ضرر،
وكان لهم أعظم المنفعة، فقل لهم: إني مرسل عليكم عذابي إلى ثلاثة أيام، فإن
هم تابوا ورجعوا قبلت توبتهم وصددت عنهم، وإن هم لم يتوبوا ولم يرجعوا بعث عليهم
عذابي في اليوم الثالث. فأتاهم صالح عليه السلام فقال لهم: يا قوم إني رسول ربكم
إليكم وهو يقول لكم: إن أنتم تبتم ورجعتم واستغفرتم غفرت لكم وتبت عليكم. فلما
قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا وأخبث وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت
من الصادقين، قال: يا قوم إنكم تصبحون غدا " ووجوهكم مصفرة، واليوم الثاني وجوهكم
محمرة، واليوم الثالث وجوهكم مسودة، فلما أن كان أول يوم أصبحوا ووجوههم مصفرة،
فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: قد جاءكم ما قال
لكم صالح، فقال العتاة منهم: لا نسمع قوم صالح ولا نقبل قوله وإن كان عظيما
"، فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم
محمرة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم قد جاءكم
ما قال لكم صالح، فقال العتاة منهم: لو اهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ولا تركنا
آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها، ولم يتوبوا ولم يرجعوا، فلما كان اليوم الثالث
أصبحوا ووجوههم مسودة يمشي بعضهم لم بعض فقالوا: يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح،
فقال العتاة منهم: قد أتانا ما قال لنا صالح، فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل
عليه السلام فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم، وفلقت قلوبهم، وصدعت أكبادهم،
وقد كانوا في تلك الثلاثة أيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا أن العذاب نازل بهم
فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية ولا شئ إلا
أهلكه الله، فأصبحوا في ديارهم ومضاجهم موتى أجمعين، ثم أرسل الله عليهم مع
الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين وكانت هذه قصتهم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [388]
تاريخ النشر : 2024-07-15