التفسير بالمأثور/أهل البيت (عليهم السلام)/الإمام علي (عليه السلام)
القطان والدقاق معا، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبيد الله، عن علي بن الحكم،
عن عبد الرحمن بن أسود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام
قال :
كان لرسول الله صلى الله عليه وآله صديقان يهوديان قد آمنا بموسى رسول الله وأتيا محمدا صلى
الله عليه وآله وسمعا منه، وقد كانا قرءا التورية وصحف إبراهيم
عليه السلام، وعلما علم الكتب الاولى فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله
صلى الله عليه وآله أقبلا يسألان عن صاحب الامر بعده
وقالا: إنه لم يمت نبي قط إلا وله خليفة يقوم بالأمر في امته من بعده، قريب القرابة إليه من أهل بيته، عظيم القدر، جليل الشأن.
فقال أحدهما لصاحبه: هل تعرف صاحب الامر من بعد هذا النبي ؟ قال الآخر: لا أعلمه إلا بالصفة التي أجدها في التورية هو الاصلع المصفر فإنه كان أقرب القوم من رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة ارشد إلى أبي بكر، فلما
نظرا إليه قالا: ليس هذا صاحبنا، ثم قالا له: ما قرابتك من رسول
الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: إني رجل من عشيرته، وهو زوج ابنتي عائشة
قالا: هل غير هذا ؟ قال: لا، قالا: ليست هذه بقرابة فأخبرنا أين ربك ؟ قال: فوق سبع
سماوات ! قالا: هل غير هذا ؟ قال: لا. قالا: دلنا على من هو أعلم منك، فإنك أنت
لست بالرجل الذي نجد في التورية أنه وصي هذا النبي وخليفته.
قال: فتغيظ من قولهما، وهم بهما، ثم أرشدهما إلى عمر، وذلك أنه عرف من عمر أنهما إن استقبلاه بشئ بطش
بهما، فلما أتياه قالا: ما قرابتك من هذا النبي، قال: أنا من عشيرته، وهو زوج ابنتي حفصة. قالا: هل غير هذا ؟ قال: لا. قالا: ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة التي نجدها في التورية، ثم قالا له: فأين ربك ؟ قال: فوق سبع سماوات ! قالا: هل غير هذا ؟ قال: لا. قالا: دلنا على من هو أعلم منك فأرشدهما
إلى علي عليه السلام فلما جاءاه فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه:
إنه الرجل الذي صفته في التورية، إنه وصي هذا النبي، وخليفته وزوج ابنته،
وأبو السبطين والقائم بالحق من بعده. ثم قالا لعلي عليه السلام: أيها الرجل ما
قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: هو أخي وأنا وارثه ووصيه، وأول من
آمن به، وأنا زوج ابنته. قالا: هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة، وهذه الصفة
التي نجدها في التورية فأين ربك عزوجل ؟. قال لهما علي عليه السلام: إن شئتما
أنبأتكما بالذي كان على عهد نبيكما موسى عليه السلام، وإن شئتما أبنأتكما بالذي كان
على عهد نبينا محمد صلى الله عليه وآله. قالا: أنبئنا بالذي كان على عهد نبينا موسى
عليه السلام.
قال علي عليه السلام: أقبل أربعة أملاك : ملك من المشرق، وملك من المغرب، وملك من السماء،
وملك من الارض، فقال صاحب المشرق لصاحب المغرب: من أين أقبلت ؟ قال:
أقبلت من عند ربي ، وقال صاحب المغرب لصاحب المشرق : من أين أقبلت ؟ قال:
أقبلت من عند ربي، وقال النازل من السماء للخارج من الارض: من أين أقبلت ؟ قال:
أقبلت من عند ربي، وقال الخارج من الارض للنازل من السماء: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت
من عند ربي فهذا ما كان على عهد نبيكما موسى عليه السلام. وأما ما كان على عهد
نبينا فذلك قوله في محكم كتابه: " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا
أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ". الآية.
قال اليهوديان: فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك
في موضعك الذي أنت أهله ؟ فوا الذي أنزل التورية على موسى إنك لانت الخليفة حقا،
نجد صفتك في كتبنا ونقرؤه في كنائسنا، وإنك لانت أحق بهذا
الامر وأولى به ممن قد غلبك عليه.
فقال علي عليه السلام: قدما وأخرا وحسابهما على الله عز وجل يوقفان ويسألان.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 3 / صفحة [ 324 ]
تاريخ النشر : 2024-06-04