التفسير بالمأثور/النبوة/الإمام الصادق (عليه السلام)
بالإسناد عن الصدوق، عن أبيه، عن
الصفار، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن
سالم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف ؟ قال: حزن
سبعين ثكلى، قال: ولما كان يوسف عليه السلام في السجن دخل عليه جبرئيل فقال: إن الله
ابتلاك وابتلى أباك، وإن الله ينجيك من هذا السجن فاسأل الله بحق محمد وأهل بيته
أن يخلصك مما أنت فيه، فقال يوسف: " اللهم إني أسألك بحق محمد وأهل بيته إلا عجلت
فرجي وأرحتني مما أنا فيه " قال جبرئيل عليه السلام: فابشر أيها الصديق فإن الله
تعالى أرسلني إليك بالبشارة بأنه يخرجك من السجن إلى ثلاثة أيام، ويملكك مصر وأهلها،
يخدمك أشرافها، ويجمع إليك إخوتك وأباك، فابشر أيها الصديق إنك صفي الله وابن
صفيه، فلم يلبث يوسف عليه السلام إلا تلك الليلة حتى رأى الملك رؤيا أفزعته فقصها
على أعوانه فلم يدروا ما تأويلها، فذكر الغلام الذي نجا من السجن يوسف فقال له:
أيها الملك أرسلني إلى السجن فإن فيه رجلا لم ير مثله حلما وعلما وتفسيرا، وقد كنت
أنا وفلان غضبت علينا وأمرت بحبسنا رأينا رؤيا فعبرها لنا وكان كما قال، ففلان صلب،
وأما أنا فنجوت. فقال له الملك: انطلق إليه، فدخل وقال: يوسف ! أفتنا في سبع بقرات،
فلما بلغ رسالة يوسف الملك قال: " ائتوني به أستخلصه لنفسي " فلما بلغ
يوسف رسالة الملك
قال: كيف أرجو كرامته وقد عرف براءتي وحبسني سنين ؟ ! فلما سمع الملك أرسل إلى
النسوة فقال: ما خطبكن ؟ فقلن: حاش لله ما علمنا عليه من سوء، فأرسل إليه وأخرجه
من السجن، فلما كلمه أعجبه كما له وعقله، فقال له: اقصص رؤياي فإني اريد أن أسمعها
منك، فذكره يوسف كما رأى وفسره، قال الملك: صدقت، فمن لي بجمع ذلك وحفظه ؟ فقال
يوسف: إن الله تعالى أوحى إلي أني مدبره والقيم به في تلك السنين، فقال له الملك:
صدقت دونك خاتمي وسريري وتاجي، فأقبل يوسف على جمع الطعام في السنين السبع
الخصيبة يكبسه في الخزائن في سنبله، ثم أقبلت السنون الجدبة أقبل يوسف عليه
السلام على بيع الطعام فباعهم في السنة الاولى بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر
وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في مملكة يوسف عليه السلام وباعهم في السنة الثانية
بالحلي والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جواهر إلا صار في مملكته،
وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى لم يبق بمصر وما حولها دابة ولا
ماشية إلا صارت في مملكة يوسف، وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والاماء حتى لم يبق
بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلا صارت في مملكة يوسف، وباعهم في السنة الخامسة بالدور
والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في مملكة يوسف، وباعهم
في السنة السادسة بالمزارع والانهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة
إلا صار في مملكة يوسف عليه السلام وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق
بمصر وما حولها عبد ولا حر إلا صار في مملكة يوسف وصاروا عبيدا له، فقال يوسف للملك:
ما ترى فيما خولني ربي ؟ قال: الرأي رأيك. قال: إني اشهد الله واشهد أيها الملك
أني أعتقت أهل مصر كلهم، ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم، ورددت عليك خاتمك وسريرك
وتاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي، ولا تحكم إلا بحكمي، فالله أنجاهم علي، فقال
الملك: إن ذلك لديني وفخري، وأنا أشهد أن لا إله إلا
الله. وحده لا شريك له وأنك رسوله ; وكان من إخوة يوسف وأبيه عليه السلام ما
ذكرته.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 12 / صفحة [291]
تاريخ النشر : 2024-06-02