التفسير بالمأثور/النبوة/الإمام الباقر (عليه السلام)
عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أهبط ظللا من الملائكة على آدم وهو بواد
يقال له الروحاء وهو واد بين الطائف ومكة، ثم صرخ بذريته وهم ذر قال فخرجوا
كما يخرج النحل من كورها فاجتمعوا على شفير الوادي، فقال الله لآدم: انظر
ماذا ترى ؟ فقال آدم: ذرا كثيرا على شفير الوادي، فقال الله: يا آدم هؤلاء ذريتك،
أخرجتهم من ظهرك لآخذ عليهم الميثاق لي بالربوبية، ولمحمد بالنبوة، كما أخذته
عليهم في السماء، قال آدم: يا رب وكيف وسعتهم ظهري ؟ قال الله: يا آدم بلطف صنيعي
ونافذ قدري، قال آدم: يا رب فما تريد منهم في الميثاق ؟ قال الله: أن لا يشركوا
بي شيئا، قال آدم: فمن أطاعك منهم يا رب فما جزاؤه ؟ قال الله: أسكنه جنتي، قال
آدم: فمن عصاك فما جزاؤه ؟ قال: أسكنه ناري،
قال آدم: يا رب لقد عدلت فيهم وليعصينك أكثرهم إن لم تعصمهم. قال أبو جعفر عليه
السلام: ثم عرض الله على آدم أسماء الانبياء وأعمارهم، قال: فمر آدم باسم داود النبي
عليه السلام فإذا عمره أربعون سنة، فقال: يا رب ما أقل عمر داود وأكثر عمري ! يا
رب إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أينفذ ذلك له ؟ قال: نعم يا آدم، قال: فإني
قد زدته من عمري ثلاثين سنة، فأنفذ ذلك له وأثبتها له عندك واطرحها من عمري، قال:
فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة، ولم يكن له عند الله مثبتا، ومحا من عمر آدم
ثلاثين سنة وكانت له عند الله مثبتا. فقال أبو جعفر عليه السلام: فذلك قول الله:
" يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " قال: فمحا الله ما كان
عنده مثبتا لآدم، وأثبت لداود ما لم يكن
عنده مثبتا. قال: فلما دنا عمر آدم هبط عليه ملك الموت
عليه السلام ليقبض روحه، فقال له آدم عليه السلام: يا ملك الموت قد بقي من عمري
ثلاثين سنة، فقال له ملك الموت: ألم تجعلها لابنك داود النبي عليه السلام، وطرحتها
من عمرك حيث عرض الله عليك أسماء الانبياء من ذريتك، وعرض عليك أعمارهم وأنت
بوادي الروحاء ؟ فقال آدم: يا ملك الموت ما أذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم
لا تجهل، ألم تسأل الله أن يثبتها لداود ويمحوها من عمرك ؟ فأثبتها لداود في الزبور
ومحاها من عمرك من الذكر، قال: فقال آدم: احضر الكتاب حتى أعلم ذلك، قال أبو جعفر
عليه السلام: وكان آدم صادقا لم يذكر، قال أبو جعفر عليه السلام: فمن ذلك اليوم
أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل مسمى لنسيان آدم
وجحود ما جعل على نفسه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [9]
تاريخ النشر : 2024-05-16